الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » ما قدم البغي إلا أخر الرشد

عدد الابيات : 56

طباعة

ما قُدِّمَ البَغيُ إِلّا أُخِّرَ الرَشَدُ

وَالناسُ يُلقونَ عُقبى كُلِّ ما اِعتَقَدُوا

مَن ساسَ خَيراً رَأى خَيراً وَمَن وَلَدَت

أَفعالُهُ الشَرَّ لاقى شَرَّ ما تَلِدُ

بَغى عَلَينا رِجالٌ عادَ بَغيُهُمُ

عَلَيهِمُ وَأَعانَ الواحِدُ الصَمَدُ

وافَوا وَقَد عَقَدُوا عَقداً فَما ظَفِرُوا

بِما أَرادُوا وَحَلَّ اللَهُ ما عَقَدُوا

ظَنُّوا السَلامَةَ حَتّى خابَ ظَنُّهُمُ

وَالخَيلُ عَن يَمنَةِ السَعدِيِّ تَطَّرِدُ

فَلَم تَجُل جَولَةً حَتّى رَأَيتَهُمُ

في جِيدِ كُلِّ كَمِيٍّ مِنهُمُ مَسَدُ

مُجَنَّبِينَ وَصَرعى تَحتَ أَرجُلِنا

كَما تُصَرَّعُ يَومَ الرِحلَةِ العَمَدُ

سالَت مَذانِبُ صَيدا مِن دِمائِهِمُ

وَطَرّحَت حائِرَ الراسُومَةِ العُدَدُ

وَعاوَدُوا نَحوَ دانِيث فَشَكَّهُمُ

صُمُّ الأَنابِيبِ ما في خَلقِها أَوَدُ

في كَفِّ كُلِّ كَمِيِّ مِن فَوارِسِنا

سَردُ الدِلاصِ عَلى أَكتافِهِ لِبَدُ

وَعاوَدُوا يَطلُبُونَ الشَرَّ ثانِيَةً

وَلِلمَنايا عَلى أَرواحِهِم رَصَدُ

وَلَم تَكُن يَومَ أَعزالٍ فَوارِسُنا

بِئسَ الفَوارِسُ وَالقَسطالُ مُنعَقِدُ

ثُمَّ استَقَلَّت إِلى السَعديِّ ظُعنُهُمُ

فَمُنذُ صارُوا إِلى السَعدِيِّ ما سُعِدوا

وَلَو وَمِن خَلفِهِم جَيشٌ فَوارِسُهُ

قَد أَبحَدَتنا بِها الجَوزاءُ وَالأَسَدُ

لَم يَعلَمُوا حينَ باتَ السَيلُ يَدهَمُهُم

أَنَّ المُدُودَ لَنا مِن خَلفِهِم مَدَدُ

تَرى الخِيامَ عَلى التَيّارِ طافِيَةً

كَأَنَّما هِيَ في حافاتِهِ زَبَدُ

وَالسَيلُ قَد جَرَّ ما ضَمَّت عِيابُهُمُ

حَتّى تَشابَهَتِ الأَمواجُ وَالزَرَدُ

يا أَيُّها الراكِبُ العادي يَخُبُّ بِهِ

عَبلُ الشَوى مُجفِرٌ أَو عَبلَةٌ أُجُدُ

بَلِّغ تَحِيَّتَنا طَيّاً وَقُل لَهُمُ

ما ضَرَّنا ذَلِكَ الحَشدُ الَّذي حَشَدُوا

عَققتُمُونا وَقَد قُمنا بِبِرِّكُمُ

كَما يَقومُ بِبِرِّ الوالِدِ الوَلَدُ

فَما رَعَت حَقَّنا كَلبٌ وَلا حَفِظَت

لَنا الصَنيعَةَ قَحطانٌ وَلا أُدَدُ

قَصَدتُمُ الشامَ إِذ غابَت فَوارِسُهُ

وَالذِئبُ يَرقُصُ حَتّى يَحضُرَ الأَسَدُ

وَأَطمَعَتكُم حَماةُ في مَمالِكِنا

وَالمَطمَعُ السُوءُ مَقرونٌ بِهِ الحَسَدُ

سَتُستَعادُ بِبيضِ الهِندِ ثانِيَةً

إِذا نَزَلنا وَمِن قَبليِّنا صَدَدُ

لَولا الإِمامُ وَلَولا فَرطُ خَشيَتِهِ

لَم يَقطَعِ الجِسرَ مِن فُرسانِكُم أَحَدُ

وَإِنَّما نَهنَهتَنا طاعَةٌ تَرَكَت

سُيُوفَكُم عَن أَذانا لَيسَ تَنغَمِدُ

فَحينَ أَحوَجتُمُونا لَم نُلَقِّكُمُ

غَيرَ السُيوفِ المَواضِي وَالقَنا القُصُدُ

وَمِن كِلابٍ رِجالٌ غابَ أَكثَرُهُم

عَنكُم وَوا أَسَفا لَو أَنَّهُم شَهِدُوا

حَتّى تَرَوا بِالمُصَلّى كَيفَ طَعنُهُم

بِالسَمهَرِيَّةِ وَالأَرواحُ تُفتَقَدُ

وَقَد عَرَفتُم وَجَرَّبتُم فَوارِسَنا

بِالمَشهَدَينِ وَنارُ الحَربِ تَتَّقِدُ

ذَادُوكُمُ بِالعَوالي عَن خِيامِهِم

فَما استُبيحَ لَها طُنبٌ وَلا وَتِدُ

كُنتُم ثَلاثَةَ آلافٍ فَرَدَّكُمُ

ثَلاثَةٌ وَأَبى أَن يَنفَعَ العَدَدُ

وَما القَليلُ قَليلاً حينَ تَخبُرُهُ

وَلا الكَثيرُ كَثيراً حينَ يَنتَقَدُ

لا واخَذَ اللَهُ قَوماً مِن عَشِيرَتِنا

تَأَلَّبوا في زَوالِ العِزِّ وَاِجتَهَدُوا

باعُوا العَشِيرَةَ بَيعَ البَخسِ وَاِنقَلَبُوا

بِالذُلِّ ما أَخلَفُوا العِزَّ الَّذي فَقَدُوا

وَدَرَّ دَرُّ رِجالٍ مِنهُمُ مَنَعُوا

أَعداءَهُم جانِبَ الوِردِ الَّذي وَرَدُوا

وَمانَعُوا دُونَ شامٍ لَو نَبا بِهِمُ

وَحاوَلوا عِوَضاً مِنهُ لَما وَجَدُوا

قَد ناصَحُونا فَلافَوا غِبَّ نُصحِهِمُ

وَعاهَدُونا وَأَوفَوا بالَّذي عَهِدُوا

يا عائِدينَ إِلى الأَوطانِ مِن حَلَبٍ

وَفي قُلوبِهِمُ مِن فَوتِها كَمَدُ

لَستُم بِأَوّلِ قَومٍ حاوَلُوا طَمَعاً

مِنها وَضَلُّوا عَنِ القَصدِ الَّذي قَصَدُوا

لَم تَنزِلوها بِأَمرٍ غَيرَ أَنَّكُمُ

رُمتُم فَسادَ أُمُورٍ لَيسَ تَنفَسِدُ

وَعُقتُمُ القَودَ أَن تَمضي وَلا عَجَباً

أَنَّ الخَليفَةَ يَدري ثُمَّ لا يَجِدُ

وَما اِعتَمَدنا عَلى قَودٍ تُقَرِّبُنا

مِنهُ وَلَكِن عَلى النِيّاتِ نَعتَمِدُ

حاشا الإِمامَ وَحاشا طِيبَ عُنصُرِهِ

أَن يَظهرَ الزُهدُ في قَومٍ وَما زَهِدُوا

لا تَطلُبُوا مَصعَداً في هَضبِ شاهِقَةٍ

زَلَّت بِأَقدامِ قَومٍ قَبلَكُم صَعِدُوا

فَالدِزبِرِيُّ حَطَطنا مَن عَصى مَعَهُ

عَلى الإِمامِ وَفي آنافِهِم عُبُدُ

مِن بَعدِ ما تَرَكَ المُرّانُ أَكثَرَهُم

صَرعى يُهالُ عَلى مَثواهُمُ السَنَدُ

خانُوا الإِمامَ وَما خُنّا وَأَفسَدَهُم

ضَعفُ اليَقينِ وَلَم نَفسُد كَما فَسَدوا

وَلا عَصَينا أَميرَ المُؤمِنينَ كَما

عَصى المُظَفَّرُ وَهوَ السَيفُ وَالعَضُدُ

لَكِن أَطَعنا وَناصَحنا وَما عَلِقَت

لآلِ مِرداسِ إِلّا بِالإِمامِ يَدُ

لَو كانَ يُعبَدُ غَيرُ اللَهِ ما اِمتَنَعُوا

أَن يَعبُدُوهُ مَعَ الرَبِّ الَّذي عَبَدُوا

أَمّا الإِمامُ فَما حالَت مَحَبَّتُهُ

وَإِنَّما في رِجالٍ حَولَهُ حَسَدُ

سامُوا لَنا عِندَهُ أَمراً لِيَحمَدَهُم

فَالحَمدُ لِلّهِ قَد لِيموا وَما حُمِدُوا

وَنَحنُ أَنفَعُ مِنهُم إِن أَلَمَّ بِهِ

خَطبٌ وَأَوجَدُ لِلهَمِّ الَّذي يَجِدُ

وَلِلخَليفَةِ مِنّا حينَ يَندُبُنا

أَموالُنا وَالقَنا وَالمالُ وَالوَلَدُ

لا نَرتَضي غَيرَهُ مَولىً نُعَزُّ بِهِ

وَلا يُغَيِّرُنا عَن حُبِّهِ الأَبَدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

19

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة