الديوان » العصر الاموي » بكر بن النطاح » وليلة جمع لم أبت ناسيا لكم

عدد الابيات : 101

طباعة

وَلَيلَة جَمعٍ لَم أَبِت ناسِياً لَكُم

وَحينَ أَفاضَ الناسُ مِن عَرَفاتِ

وَلَم تُنسِنيكَ البيضُ بِالخيفِ مِن مِنىً

وَقَد رُمنَ ارسالاً إِلى الجَمَراتِ

فَطَوَّفنَ بِالبَيتِ العَتيقِ لَيالِيا

وَزُرنَ فِناءَ البَيتِ وَالعَرَصاتِ

كَأَنَّ الدُمى أُشرِبنَ دِرعا أَوانِس

بدونَ لَنا في القَزِّ وَالحَبَراتِ

يَغيبُ الدُجى ما لَم يَغِبنَ وَيَختَفي

إِذا كُنَّ مِنهُ الدَهر مُختَفِياتِ

جَمَعنَ جَمالاً في كَمال مُبَرِّز

وَسَددنَ سُلطاناً عَلى النَظَراتِ

فَزَوَّدَني شَوقاً إِلَيك وَحَسرَةً

عَلَيك إِلى ما بي مِنَ الحَسَراتِ

ذَهَبت بِديباجِ الجَمالِ وَوَشيِهِ

وَصِرنَ بِما خَلَّفت مُحتَفِياتِ

تَطاوَلَ لَيلي بِالحِجازِ وَلَم أَزَل

وَلَيلي قَصيرٌ آمِنُ الغَدَواتِ

فَيا حَبَّذا بَرُّ العِراقِ وَبَحرها

وَما يُجتَنى فيهِ مِنَ الثَمَراتِ

كَفى حَزَناً ما تَحمِلُ الأَرضُ دونَها

لَنا مِن ذرى الأَجبالِ وَالفَلَواتِ

أَبا مَريَم قيلوا بِعسفانَ ساعَةً

وَروحوا عَلى اسمِ اللَهِ وَالبَرَكاتِ

وَمُرّوا عَلى قَبرِ النَبِيِّ وَأَكثِروا

عَلَيهِ مِنَ التَسليمِ وَالصَلواتِ

وَتِلقاء مجدٍ فَاِستَحِثّوا رِكابَكُم

وَلا تَغفلوا فَالحَبس في الغَفَلاتِ

إِذا الغَمَراتُ اِستَقبَلَتنا وَأَمعَنَت

فَفي خَوفِها المَنجى مِنَ الغَمَراتِ

تَجاهَلَ عَبدُ اللَهِ وَالعِلمُ ظَنهُ

عَلى عالمٍ بِالمَرءِ ذي الجَهَلاتِ

أَلَست الخَليعَ الجامِحَ الرَأس وَالَّذي

يَرُدُّ الصبا عوداً عَلى البَدَآتِ

وَمازالَ لي إِلفاً وَأُنساً وَصاحِباً

أَخاً دونَ إِخواني وَأَهل ثِقاتي

تَناجَت بِما في قَلبِهِ عَصَبِيَّةٌ

يَمُرُّ لَها حر عَلى اللهَواتِ

نَديمُ مُلوكٍ يَحمِلونَ تَذَلُّلي

حَنيناً إِلى الفِتيانِ وَالفَتَياتِ

مَتى تَشتَمِل بَكرٌ عَلَيَّ بدارها

أَبت واثِقاً بِالجودِ والنجداتِ

وَفي أسدٍ وَالنِّمر أَبناء قاسِطٍ

أَمانٌ مِنَ الأَيّامِ وَالغيَراتِ

وَإِنَّ ذَوي الإِقدامِ وَالصَبرِ وَالنُهى

لإخوانِنا ذُهلٌ عَلى اللزباتِ

وَإِن تَشتَمِل قَيسٌ عَلَيَّ وَتَغلِب

أَبِت واثِقاً بِالمالِ وَالثَرَواتِ

وَأَن أَدعُ عَبدَ القَيسِ أَدعُ قَبِيلَةً

مُلَبِّيَةً في الرَّوعِ بِالدَّعواتِ

وَإِن أَدعُ عَمراً أَلقَ كُلَّ كَتِيبَةٍ

مُحَرَّمَةٍ مَمنُوعَةِ الجَنَباتِ

وَكَم مِن مَقامٍ في ضَبيعَة مَعمَرٍ

يُضافُ إِلى الأَشرافِ وَالسَرَواتِ

وَفي أَكلُب عِزّ تِلادٌ وَطارِفٌ

بعيد مِنَ التَقصيرِ وَالتَبراتِ

وَما الفَتكُ إِلا في رَبيعَةَ وَالغِنى

وَذَبّ عَنِ الأَحسابِ وَالحُرُماتِ

وَقادَ زِمامَ الجاهِلِيَّةِ مِنهُمُ

مَناجيبُ سَباقون في الجلباتِ

وَقادوا جُيوشاً أَولاً بَعدَ أَوَّل

أَقَرَّ لَها عادٍ بِكُثرِ أَداةِ

إذا زَفَّتِ الرِّيحُ الشتاءَ وَزَفَّها

وَلَفَّحَتِ الأَرواحَ بالشَّتَواتِ

رَأَيتَ مَعَدّا واليَمانِينَ عُوَّذا

بِبَكرٍ مِنَ اللأواءِ وَاللزَبَاتِ

مَفاتيحُ أَبوابِ النَدى بِأَكُفِّنا

فَسُؤالُنا يَدعونَ بِالشَهَواتِ

إِذا هَلَكَ البَكرِيُّ كانَ تُراثُهُ

سنانٌ وَسَيفٌ قاضِبُ الشَفَراتِ

وَلَم يدعوا مِن مالِ كِسرى وَجُندِهِ

عَلَى الأَرضِ شَيئاً بَعدَ طولِ بَياتِ

إِذا لَم يُسَلِّطنا القَضاءُ عَلى العِدى

منوا وَاِبتلوا مِن خَوفِنا بِخفاتِ

وَإِنَّ وَعيدَ الحَيِّ بَكرِ بنِ وائِلِ

إِلى المَوتِ يَرمي الروحَ بِالسَكَراتِ

وَمَن لَم تَكُن بَكرٌ لَهُ فَهوَ ضائِعٌ

إِذا الرَوعُ أَبدى أَسوق الخَفراتِ

إِذا عَدَّتِ الأَيّامُ بَكرَ بنَ وائِلِ

رَأَيت مَعَدّاً تَحتَها دَرَجاتِ

وَكُلُّ قَتيلٍ مِن رَبيعَةَ يَنتَمي

إِلى حَسَبٍ صَعبِ المَناكِبِ عاتِ

وَيَومَ خَزارٍ أَقطَعُوا خَيلَ تُبَّعٍ

وَسَاقُوا إِلَيهِ الشّرَّ في الفَرَطاتِ

لَهُم خُططٌ مِنها العِراقُ بِأَسرِها

تَوارَثَها الآباءُ خَيرَ رِثاتِ

وَأَوَّلُ ما اِختَطوا اليَمامَةَ وَاِحتَوَوا

قُصوراً وَأَنهاراً خِلالَ نَباتِ

وَعاجَت عَلى البَحرَينِ مِنهُم عِصابَةٌ

حَمَتها بِأَعلامٍ لَها وَسِماتِ

وَهُم مَنَعوا ما بَينَ حُلوانَ غَيرَةً

إِلى الدَربِ دَربَ الرومِ ذي الشُرُفاتِ

وَأَما بَنو عيسى فَماه دِيارِهِم

إِلى ما حَوَت جَوٌّ مِنَ القَرَياتِ

بَنَوا شَرَفاً فيها وَمَرَّت عَلَيهِمُ

هَنَاتٌ مِنَ الأَيَّامِ بَعدَ هَناتِ

بَنو حرَّة أَدَّت أُسوداً ضَوارِياً

عَلى الحَربِ وَهابينَ لِلبَدَراتِ

عَلى أَعظم بِالرايحانِ وَدايهِ

مُقَدَّسَة تَحتَ التُرابِ رُفاتِ

قِفا وَاِسأَلاها إِن أَجابَت وَجَرِّبا

أَبا دُلَفٍ في شَأنِها الحَسَناتِ

فَتىً ما أَقَلَّ السَيف وَالرُمح مُخرج

عداهُ مِنَ الدُنيا بِغَيرِ بَياتِ

هُوَ الفاضِلُ المَنصورُ وَالرايَةُ الَّتي

أَدارَت عَلى الأَعداءِ كَأسَ مَماتِ

أَذاقَ الرَدى جَلوَيهِ في خَيلِ فارِسٍ

وَنَصراً فَصاروا أَعظُماً نَخِراتِ

وَما قُتِلَ النُّعمَانُ إِلا وَحَولَهُ

مِنَ القَومِ أُسدٌ تَطلُبُ النزواتِ

وَما اِعتَوَرَت فُرسانُ قَحطان قَبلَهُ

عَلى أَحَدٍ في السِرِّ وَالجَهَراتِ

لَقُوهُ وَفيهِم حِيلَةُ الكودِ فانطَوَوا

عَلَى قَتلِ أَحرارٍ لَهُم وَثِقَاتِ

عَدَت خَيلُهُ حُمر النُحورِ وَخَيلُهُم

مُخَضَّبَةَ الأَكفالِ وَالرَبَلاتِ

وَصَبَّحَ صُبحاً عَسقَلان بِعَسكَر

بَكى مِنهُ أَهلُ الرومِ بِالعَبَراتِ

سَعى غَير وانٍ عَن عَقيلٍ وَما سَلا

وَلَم يَعدُ عَن حِرمان فَالسَلَواتِ

فَبَيَّتَهُم بِالنارِ حَتّى تَفَرَقوا

عَلى الحِصنِ بِالقَتلى أَشَدَّ بَياتِ

وَجاسَ تُخومات البِلادِ مُصَمِّماً

عَلى أَهلِها بِالخَيلِ وَالغَزَواتِ

نَفى الكُرد عَن شَعبَي نَهاوَندَ بَعدَما

سَقى فَرض القُربان بِالرَفَقاتِ

وَأَورَدَ ماءُ البِئرِ بِالبيضِ فَاِرتَوَت

وَعَلَّ رِماحاً مِن دَم نَهِلاتِ

وَلَم يُثنِهِ عَن شَهرَزورَ مَصيفُها

وَوردُ أجاجِ الشربِ غَير فُراتِ

وَمِن هَمَذانَ قارَعَتهُ كَتيبَةٌ

فَآبَت بِطَيرِ النَحسِ وَالنَكَباتِ

وَبِالحرشانِ اِستَنزَلَ القَوم وَحدهُ

يخرونَ لِلأَذقانِ وَالجَبَهاتِ

وَلَم يَنج مِنهُ طالِبٌ قَبلَ طالِبِ

وَقَد أَوسَعا في الطَعنِ هاكٍ وَهاتِ

فَقالَ أَسِيرٌ خالِعٌ بَعد طَاعِنٍ

سَآسُرُهُ والأَسرُ مِن فَعَلاتي

بِدينِ أَميرِ المُؤمِنينَ وَرَأيُهُ

نُدينُ وَنَنفي الشَكَّ وَالشُبُهاتِ

فَكُلُّ قَبيلٍ مِن مَعَدٍّ وَغَيرها

يَرى قاسماً نوراً لَدى الظُلُماتِ

وَلَو لَم يَكُن مَوتٌ لَكانَ مَكانهُ

أَبو دُلَفٍ يَأتي عَلى النَسَماتِ

أَبا دُلَفٍ أوقعت عِشرينَ وَقعَةً

وَأَفنَيت أَهل الأَرضِ في السَنواتِ

تَرَكت طَريقَ المَوتِ بِالسَيفِ عامِراً

تحزقهُ القَتلى بِغَيرِ وفاةِ

صَبَرت لأَنَّ الصَبرَ مِنكَ سَجِيَّةٌ

عَلى غَدَراتِ الدَهرِ ذي الغَدَراتِ

إِلى أَن رَفَعت السَيفَ وَالرُمحَ بَعدَما

سَمَوت فَنِلت النَجمَ بِالسَمَواتِ

وَلَبَّيتَ هارونَ الخَليفَةَ إِذ دَعا

فَأَلفَيتهُ في اللَّهِ خَير مُواتِ

فَأَمَّنتَ سِرباً خائِفاً وَرَدَدتَهُ

وَأَلَّفتَ عِجلاً بَعدَ طولِ شَتاتِ

أَعَدتَ اللَحا فَوقَ العَصا فَجَمَعتَها

وَقَد صَيَّروا عُجمَ العَصا عَبَراتِ

وَأَلبَستَ نُعماكَ الفَقيرَ وَغَيرَهُ

وَأَتبَعتَ بِرّاً واصِلاً بِصِلاتِ

فَعِزُّكَ مَقرونٌ بِعِلمٍ وَسُؤددٍ

وُجودُكَ مَقرونٌ بِصدقِ عِداتِ

وَما اِفتَقَدَت مِنكَ القَبائِلُ ساعَةً

جَواداً يبدّ الريحَ حِلفَ هِباتِ

وَما لَكَ في الدُنيا نَظيرٌ إِذا جَرَوا

وَطالَ مَدى الغاياتِ وَالغَلَواتِ

إِذا ظَلَّلَتنا مِنكَ بِالخَيرِ نِعمَةٌ

جَعَلتَ لَها أَمثالَها أَخَواتِ

بَسَطتَ الغِنى وَالفَتكَ وَالخَيرَ وَالنَدى

بِشِدَّةِ إِقدامٍ وَحُسنِ أناةِ

أَبو دُلَفٍ أَفنى صِفاتي مَديحُهُ

وَإِنّي لَيَكفي الناسَ بَعضُ صِفاتي

وَأَروَعَ مَسبُوكٍ تردَّدَ في العُلا

وَفي الجَوهَرِ المَكنُونِ وَالصَّفَواتِ

بِهِ اِرتَدَّ مُلكٌ كادَ يودي وَأسبِغَت

عَلى آلِ عيسى أَفضَلُ النعَماتِ

بَنى قاسِم مَجداً رَفيعاً بيوته

وَشادَ بُيوتَ المَجدِ بِالعَزَماتِ

وَأَشبَهَ عيسى في نَداهُ وَبَأسِه

وَفي حُبِّهِ الأَفضالَ وَالصَدَقاتِ

وَأشبَهَ إِدريس الَّذي حَدُّ سَيفِهِ

تشبُّ بِهِ النيران في الفَلَواتِ

كَأَنَّ جِيادَ المَعقِلِيّينَ في الوَغى

جَهَنَّمُ ذات الغَيظِ وَالزَفَراتِ

أَبوهُ عُمَيرٌ قادَ أَبناءَ وائِلٍ

إِلى العِزِّ وَالكَشّاف لِلكُرُباتِ

بَنو دُلَفٍ بِالفَضلِ أَولى لِأَنَّهُم

مَعادِنُ أَيقان بِما هُوَ آتِ

كَأَنَّ غَمامَ العِزِّ حَشوُ أَكُفِّهِم

إِذا طَبقَ الآفاق بِالدِيماتِ

إِذا زُرتَهُم في كُلِّ عامٍ تَباشَروا

وَلَم يغفَلوا الأَلطافَ وَالنَغَماتِ

فَكَم أَصلَحوا حالي وَأَسنَوا جَوائِزي

وَأَجرَوا عَلَيَّ البَذلَ وَالنَفَقاتِ

وَإِنّي عَلى ما في يَدي مِن حِبائِهِم

كَمَعنٍ وَمِثلي طَلحَةُ الطَلحاتِ

فَمُنيَةُ قَومي أَن أُخَلَّدَ فيهِم

وَمُنيَةُ أَعدائي نَفادُ حَياتي

أَنا الشاعِرُ المُملي عَلى أَلفِ كاتِبٍ

وَيَسبِق إِملائِي سَريعَ فُراتِ

فَأُبدي وَلا أروي لِخَلقِ قَصيدَةٍ

وَأحسَبُ إِبليساً لِحُسنِ رواتي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بكر بن النطاح

avatar

بكر بن النطاح حساب موثق

العصر الاموي

poet-Bakr-bin-Al-Nattah@

85

قصيدة

1

الاقتباسات

35

متابعين

بكر بن النطاح الحنفي، أبو وائل. شاعر غَزِل، من فرسان بني حنيفة من أهل اليمامة. انتقل إلى بغداد في زمن الرشيد واتصل بأبي دُلَف العجلي فجعل له رزقاً سلطانياً عاش ...

المزيد عن بكر بن النطاح

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة