الديوان » العصر الاموي » أبو النجم العجلي » قالت بجيلة إذ قربت مرتحلا

عدد الابيات : 69

طباعة

قالت بجيلة إذ قربت مرتحلا

يا رب جنب أبي الأوصابَ والعطبا

وأنت يا ربِّ فارحمها ومد لنا

في عُمرِها وقها الفاقاتِ والوصبا

يا بجلُ إن لجنبِ المرءِ مضطجعاً

لا يستطيعُ له دفعاً إذا وجبا

فشاهِدُ الحيِّ فيهم مثلُ غائِبِهم

عندَ المنايا إذا ما يومُهُ اقترَبا

وما تدني وفاةَ المرءِ رحلتُهُ

عما قضى اللَه في الفُرقانِ إذ كتبا

لا يرجِعُ الهولُ مِثلي عند مِثلِكم

إذا تردَّى نِجادُ السيفِ واعتَصَبا

ولا الغُرابُ الذي لم يدرِ عائِفُكُم

لعلَّهُ كان بالبشر لنا نعبا

يا بجل قومي إلى أميك فاغتمضي

إن المصابات قد أنستني الطربا

وهل وجدتُ أبا سني لجاريةٍ

أبقى الزمانُ لها من والدين أبا

قد كنتُ ذا والدٍ حولي بيوتهم

ففارقُوا غير أني أعلمُ النسبا

إني سيدركني ما كان أدركهم

وكلهم عاشَ حيناً ثُمَّ قد ذهبا

وإن رجعت فإني سوف أكسبهم

ما لا بنيةُ إن ذو حيلةٍ كسبا

وإن أتاك نعيي فاندبن أباً

قد كانَ يضطلعُ الأعداءَ والخَطَبا

واستغفري اللَه لا تنسيهِ واحتسبي

فإنما يأجرُ اللَهُ الذي احتسبا

ولا يزينن لكِ الشيطانُ فتنَتَهُ

شقَّ الجيوبِ ولا في وجهكِ الندبا

إني اعتمدتُ أمامَ الناس إذ ذهبت

إبلي وخيلي وخفت الجوعَ والحربا

وصرتُ كالجدع مما كنت أملِكُهُ

أفنى المشذبُ عنهُ الليفَ والكَرَبا

ما أبقتِ السنةُ البيضاءُ إذ رجعت

ولا بناتٌ لها من عيشنا نشبا

فاخترت مهرية قد شق بازلها

من إبل تهنئ تبدي العتقَ والأدبا

جرداءَ ما جرها الراعي لربتها

ولا غذت ولداً يوماً فتحتلبا

كأنها قارحٌ يحدو ضرائره

جأب يعلمها الإصدار والقربا

إذا رأى مثله أو غيره شبحاً

مد السجيلَ على العلياء وانتحبا

كأنه وهو يجري غير مكترثٍ

من بغيه ظالعٌ أو يشتكي نكَبا

فرَّ المساحِلُ عنه واعترفنَ له

وقد تركن بليتي عنقه جلبا

أذاك أم لهقٌ سودٌ قوائمُهُ

فردٌ يخوضُ ندى الوسمي والعُشُبا

كأنه إذ أضاء البرقُ صورته

مسربلٌ قبطرياً يصطلي اللهبا

يرعى رياضاً يلهيه الذبابُ بها

منها مغن ومنها رافعٌ صخبا

حتى تأوبهُ غيثٌ بمحنيةٍ

جودٌ يرددُ في حافاته اللجبا

فبات يغسلُهُ في ريحِ باردةٍ

من الصبا الغيثُ حتى قَرَّ واكتأبا

يجذو إلى حفف أرطاة يلوذُ بها

للركبتين إذا شؤبوبه انسكبا

حتى إذا الشمس أبدت عن محاسنها

وجددتها شمالٌ أفجأ العجبا

غضفاً مقلدةَ الأنساع طاويةً

وقانصاً يتبغى الصيد قد شحبا

فانقض كالكوكب الدري وانصلتت

مناهباتٍ وما أتبعن منتهبا

يفرين بالقاع ما أفرت قوائمه

وقد يثبنَ من الوعثِ الذي وثبا

كالخورِ نور الخزامى بينها قطعٌ

مما جذبن ومما كان قد جذبا

مرا يكون بعيداً وهي جاهِدةٌ

عند الحضارِ ومرا دانيا كثبا

حتى إذا باعدت ميلين وانتكثت

ولو يشاءُ نأى منهن فانقضبا

كرت به نفصس كرار محافظة

من الشجاعة أو كرت به غضبا

ينحي بروقين ما ضلا فرائصها

حتى تجولن بالجبانِ واختضبا

لا حي فيهن إلا نازعاً رمقا

إذا تنفس دفا جوفه شخبا

ثم استمر صحيحاً غير مكترثٍ

كأن روقيهِ علا الورسَ والنجبا

فذاك شبهتها إذ جاءَ قائِدُها

عند الرحيل وجاءَت تعرِفُ الخَبَبا

جاءت تبين أين الرحل خاضِعةٌ

مهريةٌ لم تسق مهراً ولا جلبا

قد كنت أعفيتها حتى إذا نفجت

جنبي سنام تبد الرحل والقتبا

كسوتها الرحل من قصوان بادنة

تستطعم المشي بالموماة والخببا

ودُونَ دارِ أميرِ المؤمنينَ لنا

سِتونَ يوماً على هولٍ لمن دأبا

زوري هشاماً إمام الناس وارتغبي

كذاك من أنجحت حاجاته ارتغبا

تطوي الحزون إلى سهل تواعسه

والحزن قد بث في أخفافها النقبا

ولا تغور إلا تحت هاجرة

إذا الشقي ارتقى في العودِ وانتصبا

ثم تروحُ والعُصفورُ منحجرٌ

والظبيُ تبعثهُ قد أوطن السربا

ولا تعرسُ حتى يستبينَ لها

وردٌ ترى الليلَ منه ممعِناً هربا

ومن فليجٍ وفلجٍ ساورت بهما

ومن صحارِيهِما الصحراءَ والعَتَبا

وعارضتها من الأوداةِ أوديةٌ

قفرٌ تجرعُ منها الضخمَ والشعبا

تجتازُهنَّ وقد خفت ثميلتُها

وطالَ فضلُ قصيرِ النسعِ فاضطَرَبا

لا تطعمُ الماءَ إلا فوقَهُ عطَنٌ

يُلقي الحمامُ عليهِ الريشَ والزغبا

وبالسماوةِ لو باتَت تعارِضُها

جنيُّ يبرينَ أضحى وهو قد لغبا

حتى رأت من جبالِ الشامِ منتطقاً

بالآلِ تبدُو الذُرى منه وإن نضبا

تدنو إذا ما دنا في الآلِ طاوَلَهُ

وإن تقاصَرَ عنهُ آلهُ رَسَبا

لم تأتِهِ العيسُ حتى كدتُ أتركُها

ولا طم الضفرُ في أحقابها الحقبا

واقتصها الذيب في آثارها بدم

من الحفا ثم خشي السيف فانقلبا

لم يبق شهران عناها الصدى بهما

إلا العظام وإلا الجلدَ والعصبا

ما تنكر السوط إن ربٌّ أشارَ به

ولا تزيدُ ولا ترغو وإن ضربا

وما طلبتُ امامَ الناسِ من طلَبٍ

ناءٍ ولا كنتُ ممن يلعبُ اللعِبا

لكن أحاطَ فؤادي أنها خسفت

أرضي برجلي إن لم تعطني السببا

فدونك الكف إني قد مددت بها

فأعطها منك سجلاً كرم واحتسبا

كما تناولني من قعرِ مظلمةٍ

لم يترك الدهرُ لي في جوفها شذبا

ملكُ بن ملكٍ أغر شب نأملُهُ

أخا ملوكِ يقيم العجمَ والعَرَبا

إن الخلافةَ تبدو في وجوههم

كما ترى في بياض الفضةِ الذهبا

المدرِكونَ إذا أيديهم طلبت

والسابقون برأس الوترِ من طلبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو النجم العجلي

avatar

أبو النجم العجلي حساب موثق

العصر الاموي

poet-Abu-Al-Najm-Al-Ajli@

81

قصيدة

29

متابعين

الفضل بن قدامة العجلي، أبو النجم، من بني بكر بن وائل. من أكابر الرجّاز ومن أحسن الناس إنشاداً للشعر. نبغ في العصر الأموي، وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان ...

المزيد عن أبو النجم العجلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة