الديوان » العصر العثماني » الورغي » طالع اليمنِ مقبل في ازدياد

عدد الابيات : 82

طباعة

طالِعُ اليمنِ مقبلٌ في ازدياد

سالم الكون من كمون الفساد

فتحَ الوقت منه للأنس بابا

ياّ باب عليه سعدٌ ينادي

فاطو عن جانب التوقي بساطا

وامض طلق العنان نحو المنادي

واطرح النصح من ثقيل تعنّى

ربّما كان واحدَ الحسّاد

ما صوابٌ قعود من قد هداه

لاغتنامِ النعيم والبسط هادي

إنّ من صدّ عن جميل أتاه

كان أحرى بهجره والبعادِ

هذه جنّة التهاني تجلّت

بين ممسٍ من الربابِ وغاد

في شباب الزمان والأرض حاكت

من غزيل السماء برد الوهاد

فانظر الزهر طالعا في بياض

وانظر الزهر صوبّت في سواد

يكشف الليل هذه عكس هذا

فالجديدان منهما في عناد

وانظر الودقَ كيف يقطب خطواً

بين خاف من الربوع وبادي

كلّما لاح في مواطيه خطّ

صوّرَ الوهمُ قبله شكل صاد

فالبطاح استبان منها مثالٌ

من قطيف موطّإ في مهاد

والربى هودجٌ تحمّل عرساً

أو كبيرٌ مزمّلٌ في بجاد

أطلع الوشيُ فيه للعين نوراً

يطلعُ النور في صميم الفؤاد

من بياض وزرقة واحمرارٍ

واصفرارٍ وشقرةٍ واسوداد

صبغةُ الحق لو تأمّلت فيها

كيف كانت من وحدة من مراد

واصغ للطّير واعجبن كيف عادت

تنشط النفس بالحديث المعاد

راقها الجو فهي في كل وجه

تسرع المرّ في النواحي براد

ما لها تملأ المسامع سجعا

وهي من عظم ما بها في طراد

تلك هي التي تعرّفت لكن

زاد ما عندها على المعتاد

أتراهُ لحادثٍ حلّ فيها

أم تنادت لحادث في العباد

بل تغنّت بابن الحسين علي

عندما سدّ باب كل الفساد

حيّهل بالحديث فيه وعبّر

عنه في كل قولة بسعاد

ذلك الفجر أجفل الدجن منه

واستوى فيه حاضرٌ والبادي

أم هو البدر بل له الفضل لمّا

كان في الأرض طالعاً في الرآدي

أعجزَ اللاحقين بعد فخافوا

وهو للسابقين أنف الهوادي

واقتنى الشكر والمثوبة لمّا

أبصر العيش صائراً للنفاد

صبّح الخلق بعد ضيق بعيش

لم يكن قبل عندهم في اعتياد

أشرك الكل فيه من غير فرق

بين عجمي وناطق والجماد

أصلهُ الغيث والذنوب عداه

وهو من أجل قطعها في جهاد

كم عيوب على الملوك تعايت

وهو يمحي عظيمها في اتّئاد

قال للخمرِ مرّة خبّريني

عنك حقّا في المنتهى والمبادي

قالت الخمر سترُ ما شان خيرٌ

لو سها عنه باحثٌ ذو انتقاد

أنا ما قد علمت قطرةُ ماء

طيّب الأصل جئت من أرض عاد

كنت في غربة بأرضك مالي

من مواليك غير خصم معادي

لا ليني من الأنام خليلٌ

غير رهط صحبتهم من بلادي

عشت فيهم على المذلة دهرا

في احتراسٍ من أمّة لي أعادي

ثمّ أجمعتُ بعد ذلك رأياً

أن أوالي جماعة الأوغاد

فاستملتُ النفوس منهم بلهو

يوهمُ الغرّ يقظة في الرقاد

واستحال القريب منّي بعيداً

هكذا كان أمرهم في تمادي

فإذا الهزل عندهم صار جدا

وإذا الناس كلهُم في قيادي

يداب المرء لي ويترك أهلاً

من وليداتهِ وذات الولاد

فأنا اليوم أكثرُ الخلق جيشا

مهطعين لدعوتي في احتشاد

أسلبُ المال حيثما كان منهم

بعد سلبي عقولهُم واقتيادي

لم يفتني سوى القليل وأني

لاحتواشي جميعهم في اجتهاد

عن قريب ترى الصريخ ينادي

باحتكام الكميت في كل نادي

قال أفصحت عن حديث ممض

يمنع العين من لذيذ السهاد

لا أرى العيش بعد ذلك يصفو

أو أبكّي عليك صمّ الصلادِ

إنّ من كان يحسمُ الشرّ مثلي

ثمّ أبقاهُ فهو بالشر بادي

لا وحَقّ البريّ من كلّ ذنبٍ

لا كوتني ذنوبهُم في معادس

لا ولا عقتُ أمّة لحبيب

هو في الخطب ملجأي واعتمادي

قالت الخمرُ أظهرَ الغيبُ عيباً

دون ما تبتغيه خرطُ القتاد

ليس في الوهم ما تظُنّ وأنّي

لا أهيّي لما توهّمت زادي

كم رآنيَ قبل كونكَ صيدٌ

من ملوك زحمتهم في البلاد

ما سمعنا بمثل ما قلت منهم

بل لنا عقد ذمّة من مراد

غير أنّ القليل قد همّ همّاً

فإذا هو نافخٌ في رمادِ

بل أبوك الجليل غيّر رسمي

ثمّ لو عاش كان أعدى العوادي

إنّ لي شيعةً من الإنس تبدو

ثم أخرى خميسها غير بادي

فإذا رام لطم وجهي زعيمٌ

أعملوا الجهدَ كلّهُ في مرادي

ثمّ إني حميتُ ثغري بوفري

فإذا ما استزدت خذ من تِلادي

ما تراه فإنّ أحمدَ رأي

أن تؤُمَّ طريقةَ الأجداد

قال أخطأت ما حديثُكِ هذا

غيرَ ضربٍ على حديد براد

لم يغادر من الحماقةِ شيئاً

من رأى العقل إسوةً في العباد

ومن الرد أن يقَلّدَ شخصٌ

ذو اجتهادٍ في حكمهٍ ذا اجتهاد

بل من الغيظ أن يخادع كيسٌ

بافتلاذ من كيسه مستفاد

وإذا ما دفعت للّه قرضا

ضاعفته يد الكريم الجواد

يا لكاع أئن خسفتك خسفا

ينتطح في الوجودِ قرنا جرادِ

فاندبي شيعتيك إن شئت حربا

يركبوا للهياج عوجَ الجياد

واكتبي لليسوعِ يبعَث شفيعاً

أو برقيا تقال عند الجلادِ

ما يميني كما سمعت بصدق

إن رأتك العيون من بعد ساد

فانتهى القول عند هذا وتاقت

كل أذن لصدمة الميعاد

وامتطى الناس متن عشوا وخاضوا

من زوال الكميت في كل وادي

جلّهم يمنع الوقوع ونزرٌ

قال يرجى والبعض في ترداد

ثم ما دار دائر السبع حتّى

عاينوا فلّها ببرك الغماد

تلك حاناتها أيامى كأن لم

تغن بالأمس أصبحت في حداد

ليت شعري أرنّ إبليس منها

مثل ما رنّ للدواهي الشداد

فاختبر بعدها اللياليَ تسمع

من حديث مع طوله مستعاد

عزمة من أتمّ أكمل حزما

علّمته الخطوب علم الطراد

يا أميراً أتى الزمان أخيراً

وهو في الفخر أوّل الأعداد

لا غضاضة إنما أنت سرّ

بيّنُ الصدق في حديث العهاد

إن يك البر يكسب البرّ عمرا

عشت كالخضر آخر الآباد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الورغي

avatar

الورغي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Al-Wargi@

95

قصيدة

19

متابعين

محمد بن أحمد الورغي أبو عبد الله. شاعر من أئمة البلاغة، والمعلق على كاهله سيف الفصاحة والبراعة وهو من تونس. وقد عاش في القرن الثاني عشر، حيث امتاز هذا القرن ...

المزيد عن الورغي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة