الديوان » عمان » أبو مسلم البهلاني » تهد العمر رائعة المنون

عدد الابيات : 130

طباعة

تهد العمر رائعة المنون

وحد الحي اتيان اليقين

الهواً بالغرور ولا نبالي

ونؤخذ بالشمال وباليمين

إلا جزع لقاصفة وأخرى

تليها للمباين والقرين

ونركن والمهالك عاصفات

إلى تغرير كاذبة خؤون

على أن الحياة لها حدود

سنقطعها على رغم الركون

أليس على الغباوة ذو هناء

وظفر الحتف يفري في الوتين

يمر القارظان ونحن ندري

بأن مسيرنا نحو الكمين

ولو أن الكمين على خفاء

ولكن بطشه رأي العيون

يثبطنا من الآمال وهم

ويُجلى الوهم بالحق المبين

ودون مدارك الآمال رصد

من الآجال منقطع الظنون

تمر بنا جنائزنا بطاناً

حواصلها تزف إلى الوكون

وتغدو في مراعيها خماصاً

إلا عمداً من الخمص البطين

لقد ظعن الأحبة واغتبطنا

بما تركوه غبطة ذي جنون

ونحن نرى الحداة بنا ألحت

تطوحنا بعزمات شطون

نقضي ما قضوه وعن قليل

نصير لدى مناخات الظعون

وهل نقضي سوى عيش قصير

أجب الظهر مقبوب الوضين

نمنى فسحة قبضت عليه

على غصص كأوقات السجين

وعيش حشوه كدر وسوء

يلذ عل مداهنة الضنين

وإلا فالحقيقة كل بال

نصيبك منه زادك لليقين

تزود منه للعقبى ودعه

فليس الشأن في الفاني المهين

وطلق هذه الدنيا بتاتاً

طلاقك لا إليك ولا تليني

عرفتك حية ليناً وسوءاً

دعيني منك يا دنيا دعيني

خدعت بنيك ثم فتكت فيهم

وإنك لا محالة تخدعيني

يروعني ابتسامك فوق مكر

كذاك السيف براق المتون

أبنت محاسناً زانت فشاهدت

فبيني أيها الشوهاء بيني

هبلتك يا غدور خذي طريقاً

فإني آخذ ذات اليمين

تركتك مزجر الكلب المضري

سوى ما كان منك لأمر ديني

بلوتك يا مخبئة الدواهي

فكنت السم في الماء المعين

وحسبك يا فجار من المساوي

رحاك المستديرة في القرون

أريني أين هم فلديك خبر

جهينة خبرينا باليقين

دعي التدليس إن القوم صاروا

طحيناً يا مبددة المستبين

أسلمك أبتغي والفتك جار

ونحن لديك في حرب زبون

دهانك ما تشعث ليس يجدي

لأن القصد حلقوم الدهين

حبست الكأس عنا أم عمرو

وامني كأس برك في يميني

فما أمني فجورك أم عمرو

وقد خالفت خالصة الأمين

زبنتك لا أبوء إليك رغباً

مقام الذئب كالرجل اللعين

صحبت الناس صحبة غير صدق

وعاشوا منك في داء دفين

لحنت إليَّ لحنك فاصرفيه

وكل الشر في تلك اللحون

عرفتك بالخلابة منذ عهدي

بسهلك أنه صعب الحزون

أريني أين أصحابي وأهلي

ومن عمروك أحقاباً أريني

ألم تنزلهم نوب المنايا

عن الظهر الموطأ للبطون

كأن حياتهم لما تقضت

خيال طاف في نوم العيون

وأنت على الطريقة لن تبالي

بمن تفنين حيناً بعد حين

أبعد السادة الأطهار بشر

يباشر حبة القلب الحزين

أبعد الصيد من ثروات قومي

تزاموا في القبور وخلفوني

ألذ معيشة وسكون قلب

وهيهات السبيل إلى السكون

أبعد الطيبين يطيب أنس

وطيب القوم في خلق ودين

أبعد تهدم الأكناف منهم

تظل الناس كانفة بلين

أبعد أفول أقمار المعالي

ألام على النياحة والحنين

حييت بهم على علق ثمين

فمن لي اليوم بالعلق الثمين

هم ضمنوا بكشف الكرب عنا

فقد أخت شعوب على الضمين

هم كانوا لنا بلداً أميناً

فواحربا على البلد الأمين

هم كانوا السما سقياً ورعيا

فأقلعت السماء عن القطين

هم كانوا رياضاً سابغات

بما ترجوه ناضرة الغصون

طوى حضراتهم اعصار هلك

سوى الآثار كالورق اللجين

رميت بفقدهم فاذود عني

حريقاً ليس يطفى من شجوني

لواعج لا يهدئها التأسي

ولا يطفأن من سح الشئون

ولو رمحا شككت به ولكن

تواردت الأسنة كالشطون

فما بحرت هموم من فؤادي

ولم نرهق بمرتقب شفون

اكفكف عبرة في جنب أخرى

وذلك دينها أبداً وديني

وما هذي الصدور بثالجات

على مضض الفراق من الضنين

وما في الموت رائفة لوهن

ولا بقيا على طرف سخين

فما تبقى على حصن مشيد

ولا تنجو بناحية أمون

نصبر هذه الألباب حتى

تلاشت بالتأوه والأنين

وما كرم العزاء بمستطير

لهم الصدر أو همل العيون

ولكن حيث لا طمع لرد

فحسن الصبر مرتع الحزين

ألا يكفي المنون الجذ فينا

فما أبقت على حبل متين

لقد أزمت على طود مكين

فكانت نقلة الطود المكين

أبيّ الضيم مصباح الدياجي

كريم الخيم وهاب المئين

عرض الجاه مبيض الأيادي

رحيب الصدر وضاح الجبين

محيط العلم مفصال القضايا

عميد الفضل ذي الشرف الرصين

جسيم المكرمات لراحتيه

سخاء المزن بالوبل الهتون

عشية سالم أمسى دفيناً

وكل الخير في كفن الدفين

فديتك يا ابن أحمد قد رزئنا

بيوم نواك بالحصن الحصين

فلا تبعد وهيهات التداني

بمن شطت به ريب المنون

صحبتك أيها الدر المصفى

فكانت صحبة الحر الرزين

وكنت الركن لي إذ عز ركني

وقد قد السلا رأس الجنين

وكنت العوذ في خير وشر

نزيل حماك في عز مكين

وكنت العون في يسر وعسر

فديتك من أخي ثقة ودين

وداهية أخو حقد رماها

نصبت لها جبينك عن جبيني

وصرت إليك أنسب من نسيب

وصرت عليك أكرم من خدين

تهون عليك نفسك في احترامي

وأنت أعز من ليث العرين

وأعداء أرادوا حذف جاهي

كسرتهم بآلات السكون

فلم تحذر لهم برقاً ورعداً

وما شأن الذبابة والطنين

فكنت لي الحسام إذا اشرأبوا

وكنت الدرع للشبوات دوني

وكنت الحامل الثقل المعايي

إذا رست الفوادح كالرعون

خفضت لي الجناح وكنت ردءاً

ولم تحفل بغث أو سمين

فقد أمسيت في جدث مريع

وتضحى للمذعذعة الحنون

وإن ضريحة ضمتك فازت

ببحر ليس ينزف بالعيون

بقاؤك للمعارف والمعالي

بقاء البدر في سدف الدجون

وفقدك لاقتراب الحشر نوع

من الاشراط في أخرى القرون

وأرباب الكمال إذا تولوا

تولى الخير في دنيا ودين

أبعدكم رجال الدين يرجى

صلاح الأرض أو جبر الوهين

فلا تذهب فديتك من خليل

وإن أبقيت للحمد الثمين

أتمضي والزمان على شحوب

وكان لديك في خصب ولين

أتمضي والمشاكل ناصبات

أكنت قد اعتمدت على ضمين

فلا وابيك ما بالدار خل

وقد عصفت شعوب على القطين

متى اللقيا أبا الوضاح بيني

وبينك بعد رحلتك الحجون

وهيهات اللقاء وأنت رهن

لرمس همه حبس الرهين

لقد خلفت ذا قلب طعين

بفقدك هل رثيت لذا الطعين

أجالد بين جانحتيَّ ناراً

يؤوساً من هدوء أو هدون

وما جلد عليك بمستطاع

ولكن بعض رشد للحزين

إذا استبصرت عن جلد وصبر

تلاشى الصبر في وهج الشجون

متى ترجو الحياة رخاء بال

وقد زرعت لتحصد بالمنون

حميد الذكر هل غادرت نفساً

تطيق الصبر أبو بخل العيون

وما عن دعوة الرحمن واق

فديتك لا أقيك ولا تقيني

ولكن لوعة التذكار شبت

فطيرت التشبث في الرنين

وفرض الصبر مرجوع إليه

وحسب المرء من حيل متين

وما يقضى بايجاب وسلب

يكون ولا محيص لمستكين

صبرنا أم جزعنا سوف يجري

قضاء اللّه بالحق اليقين

أبا الوضاح هيض جناح صبري

وقللت الرزية من متوني

فبت من الهموم على المكاوي

أرادف عبرة الغرب الشنين

وكيف وبين أحشائي أوار

تصاعده عن الجمر الطبين

أرى صنعاء كاسفة النواحي

وكانت منك زاهرة الجبين

حدادك أيها الثكلى ملياً

ونوحك نوح ورقاء الغصون

فقد أضناك يا خنساء حزن

وعندي ما لديك فأسعديني

فما حرم الصدار عليك صنعاً

وصدرك قد تفضفض بالشجون

فكم قلدت يا صنعا البرايا

صنائع منه كالدر الكنين

ومسجدك المنور إذ تعرى

من التسبيح والذكر المبين

بكى محرابه القوام فيه

إذا جال الكرى بين الجفون

وحق له البكاء وقد تردى

بأردية عقيب النور جون

ويا أسفاره نوحي عليه

وقري للبلى وسط الخزين

بيان الشرع هل لك من بيان

بيان الشرع هل لك من قرين

ويا تمهيد سيدنا الخليلي

تمهد أن تعيش بلا خدين

فإن العالم المقباس أضحى

لحيداً بين أحجار وطين

لقد أضحت مرابعه يباباً

لنوح البوم من بعد القطين

كأن لم تغن بالأحكام يوماً

بشرع المصطفى البر الأمين

كأن لم تغن بالكافي الموفي

موازين الندى فوق الظنون

أبا الوضاح إن لاقيت حتفاً

فإن المرء مجراه لحين

عليك الرحمة العظمى استهلت

مسرمدة بصيِّبها الهتون

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو مسلم البهلاني

avatar

أبو مسلم البهلاني حساب موثق

عمان

poet-Abu-Muslim-Al-Bahlani@

248

قصيدة

1

الاقتباسات

143

متابعين

ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في ...

المزيد عن أبو مسلم البهلاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة