لكني نبت على جوانبها كلاما...
قال الكلام كلامه، ومضيت
كامرأة مطلقةٍ مضيت كزوجها المكسور،
لم أحفظ سوى الإيقاع
أسمعه
وأتبعه
وأرفعه يماما
في الطريق إلى السماء,
سماء أغنيتي،
أنا ابن الساحل السوري،
أسكنه رحيلاً أو مقاما
بين أهل البحر،
لكن السراب يشدني شرفاً
إلى البدو القدامى،
أورد الخيل الجميلة ماءها،
وأجس نبض الأبجدية في الصدى،
وأعود نافذة على جهتين...
أنسى من أكون لكي أكون
جماعة في واحدٍ، ومعاصراً
لمدائح البحارة الغرباء تحت نوافذي،
ورسالة المتحاربين إلى ذويهم:
لن نعود كما ذهبنا
لن نعود ... ولو لماما!
لا أعرف الصحراء،
مهما زرت هاجسها،
وفى الصحراء قال الغيب لي:
أكتب!
فقلت: على السراب كتابة أخرى
فقال: أكتب ليخضر السراب
فقلت: ينقصني الغياب
وقلت: لم أتعلم الكلمات بعد
فقال لي: أكتب لتعرفها
وتعرف أين كنت، وأين أنت
وكيف جئت، ومن تكون غداً،
ضع اسمك في يدي واكتب
لتعرف من أنا، واذهب غماما
في المدى ...
فكتبت: من يكتب حكايته يرث
أرض الكلام، ويملك المعنى تماما!
لا أعرف الصحراء،
لكني أودعها: سلاما
للقبيلة شرق أغنيتي: سلاما
للسلالة في تعددها على سيفٍ: سلاما
لابن أمي تحت نخلته: سلاما
للمعلقة التي حفظت كواكبنا: سلاما
للشعوب تمر ذاكرة لذاكرتي: سلاما
للسلام علي بين قصيدتين:
قصيدة كتبت
وأخرى مات شاعرها غراما!
أأنا أنا؟
أأنا هنالك ... أنا هنا؟
في كل "أنت" أنا,
أنا أنت المخاطب, ليس منفى
أن أكونك. ليس منفى
أن تكون أناي أنت. وليس منفى
أن يكون البحر والصحراء
أغنية المسافر للمسافر:
لن أعود, كما ذهبت,
ولن أعود ... ولو لماما!
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...