يا بني الدين اسمعوا ما أنشدُ
إنني فيكم أبر المنشدين
لم هذا النوم عن حفظ الحمى
وهو يدعوكم ويشكو الألما
ما رأى منكم مجيباً مقدما
فارتمى يضرع مما يجدُ
موجعاً في زفرات وأنين
يا بني الدين أما من سامعِ
مشتكَى هذا الأسير الضارعِ
يتمنى رأفة من شافعِ
أو غيورٍ عزمُهُ يَتَّقِدُ
يدرك العون به من يستعين
كلكم أصبح في غفلتِهِ
حائراً لم يدر من حيرتهِ
ما طريق الخير في عيشتهِ
ضلت النفس ونام المرشدُ
وشقاء الناس نوم المرشدين
ما أتى الدين بما أنتم عليهْ
من ضلال كلما ملتم إليهْ
صرتم من ضعفكم طوع يديهْ
تفقد الأنفس فيما تفقدُ
عنده كنز الهدى الغالي الثمين
آه من إعراضكم عن أمرهِ
آه من إحجامكم عن نصرهِ
آه من تشديدكم في هجرهِ
إنه أمسى بكم يستنجدُ
باكي العينين مكموداً حزين
ذهبت أوقاتكم في شرب راحْ
واشتغال بالرقيقات الملاحْ
والعدى بين غدوٍّ ورواحْ
يسلبون الملك حتى أفسدوا
أمره رغم الملوك المصلحين
لو بقيتم هكذا تغويكمُ
فتنة الشيطان أو تلهيكمُ
فاجأتكم شقوة ترميكمُ
بنكال ناره لا تخمدُ
فتصيرون حيارى نادمين
فاحذروا يا قوم خطباً أنذرا
بشقاء قد غدا منتظرا
واستعدوا لقتال أكبرا
بعديد في يديه عددُ
علَّها تدفع شر المعتدين
وكأني بالأعادي اجتمعوا
وأرادوا قهرنا واتبعوا
مبدأ الجور فماذا نصنعُ
أيرد الخصمَ سيفٌ مغمدُ
وسلاح الخصم مشحوذٌ متين
أين أسطولٌ عظيم يمخرُ
مشمخراً كلما يستعرُ
أصبحت ناراً لديه الأبحرُ
وهوى البر إليه يسجدُ
كل حصن ثابت الركن حصين
أين مجد شامخ كان لنا
وجلال واعتزاز وغنى
وحياة جمعت كل المنى
واقتداء برجال صعدوا
قبة الأفلاك بالعزم المكين
ورعوا الدين وساروا باسمهِ
رغبة في نشر سامي حكمهِ
أرشدوا الناس بزاهي نجمهِ
وسعوا في الأرض حتى جردوا
كل قطر من فساد المشركين
أي مفقود عليه أحزنُ
إنه عقد الوفاق الأثمنُ
وهو أولى ما ارتجاه المؤمنُ
عبث البغض به والحسدُ
واختلاف بينكم في كل حين
من لقومي بحكيم مستبدّْ
عادل يحكم فيهم ويعدّْ
قوة منهم وبأساً يستردّْ
ضائع العز الذي أفتقدُ
وإليه بيَ شوقٌ وحنين
يا بني الإسلام والنصح وجبْ
فيكم تركاً وفرساً وعربْ
إن للإفرنج فيكم مضطربْ
أصبح الشرق به يرتعدُ
مستجيراً مستكناً مستكين
قيدوكم بقيود من حديدْ
وسقوكم علقم البأس الشديدْ
وأهانوا كل مولى وعميدْ
بينكم واهتضموا ما استعبدوا
من بلاد كلما اشتدوا تلين
إنهم لو قدروا أن يحبسوا
عنكم غيث السماء التمسوا
موتكم ظمأى فراحت أنفسُ
ما لها غير المنايا موردُ
فاتقوا يا قوم كيد المبغضين
دونكم جسمي ففيه درِّبوا
ما لديكم من سلاح وادأبوا
واعلموا كيف الوغى والمضربُ
ودموع العين بحرٌ مزبدُ
فاصنعوا من بدني فيها سفين
لا تظنونيَ أشكو جزعا
إن يصب سهم بقلبي موقعا
فأنال الموت مني مصرعا
إن ذا أسهل مما أجدُ
من هموم الضعف والعجز المهين
يا بني الإسلام هذا أملُ
فيه للّه المقام الأولُ
فانهضوا واسعوا إليه تصلوا
ويكن منكم على الدين يدُ
يزدهي فيها على مر السنين
أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف.شاعر مصري ، من أهل القرشية (من الغربية بمصر)، مولده ووفاته فيها قوقازي الأصل. قال خليل مطران: الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجاء ومقرع أمم، ...