الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » عودوا إلى سلم المحب وصالحوا

عدد الابيات : 69

طباعة

عودوا إِلى سِلْمِ المُحبِّ وَصالِحوا

فَالصّلحُ خَيرٌ في الأَنامِ وَصالِحُ

ما ذا التّقاطُع وَالتدابُرُ وَالجفا

مَع أَنّهنَّ قبائِحٌ وَفَضائحُ

كَم في التّقاطُعِ إِن عَرَفتَ مَفاسِد

كَم في التّودُّدِ لَو عَلِمتَ مَصالِحُ

لَيسَ النّظامُ تَقاطُعاً وَتَدابُراً

إِنّ النّظامَ تَوافقٌ وَتَصالُحُ

يا أَهلَ وُدّي إِنّني بُذِلَتْ لَكُم

مِنّي مَواعِظُ في الهَوى وَنَصائِحُ

أَخلَصْتُكُم ودّي وَقَلبي حافِظٌ

لِودادِكم دَهري وَما هوَ طارِحُ

ما كُنتُ بِالغشّاشِ في ودّي لَكُم

وَبِخُبركم أَنّي الصّدوقُ النّاصِحُ

إِنّي المَشوقُ إِلى المَنازِلِ وَالحِمى

وُرْقُ الصّبابة في حشايَ صَوادِحُ

تِلكَ المَنازِلُ لِلأحَبِّةَ مشرقٌ

وَمَطالِعٌ في جِلَّقٍ وَمَطارحُ

إِذ كُنت في تِلكَ المَنازِلِ رائِياً

تِلكَ الأَحبَّة بِالحَديثِ أُطارحُ

إِذ كنت رَيعانَ الشَّبابِ وَإِنّني

مَملوءُ قَلبٍ بِالسّرورِ وَطافحُ

مُتَوطِّناً مِنها الرّبوعَ وَإِنّني

غادٍ إِلَيهِم في الصّباحِ وَرائِحُ

مُتَعطِّراً مِن مِسكِهِم مُتضَمِّخاً

مِن حَيثُ مِنهُم قَد تَفوحُ رَوايحُ

أَختالُ ما بَينَ الرّياضِ بِجلَّقٍ

وَتَجودُ منّي لِلسرورِ قَرائحُ

تُجلى عَلَيّ مِنَ السّرورِ عَرائِس

يَزهو بِهنّ الحسنُ وَهيَ صَبائِحُ

قَد مِسْنَ قدّاً بِالنَّسيمِ كَأَنّهُ

بِلَطافَةٍ قَد رَوَّحَته مَراوحُ

وَنَفَحْنَ طيباً كالعَبيرِ مُمسَّكاً

هَل في النوافِحِ كَالزّهورِ نَوافحُ

وَيَسرُّني شَدوُ الطّيورِ عَلى الرُّبى

مِنها الحَمائِمُ وَالهزارُ الصادحُ

تَأتي عَليَّ مِنَ الظِّباءِ شَوادنٌ

وَبِهِ تَلوحُ مِنَ المَهاةِ سَوانِحُ

تَأتي تُغازِلُني الحَديثَ لَطافةً

حَتّى تَسيلَ بِذا الحَديثِ أَباطِحُ

يَحيا بِها مِنّي وَينعش في الهَوا

روحٌ وَقلبٌ في الحَشا وَجَوارِحُ

فيها أُماسَى بِالغَبوقِ مِنَ الهَنا

وَمِنَ المَسرَّةِ بِالصّبوحِ أُصابحُ

وَبِها أعلَّلُ بِالنّسيمِ مِنَ الصَّبا

وَيَدُ النّسيمِ تَجسُّني وَتصافِحُ

إِذ كنتُ فيها لِلنّجومِ مشاهداً

وَضِياؤُهم بادٍ عَليَّ وَلائِحُ

إِذ كنتُ فيها وَالبدورُ طَوالِعٌ

بِذُرى العُلى وَالشّمس فيهم صالِحُ

العارِف النسّاك أَنورُ ناسِكٍ

وَالزّاهدُ الورعُ التّقيُّ الصالحُ

العالِمُ النحريرُ والعَلَمُ الّذي

ناداهُ بِالرّفعِ الحكيمُ الفاتِحُ

الجَهبَذُ الحبرُ الإِمامُ وَمَن لَهُ

بِتقدّم يَقضي الدّليلُ البادحُ

ربُّ العُلومِ أَبو الفهومِ أَخو الذّكا

خدنُ المَعارِفِ لَيسَ فيها قارِحُ

صِنوُ الشّريعَةِ وَالحقيقَةِ وَالهُدى

بِطَريقة تِلكَ الطّريق الواضحُ

هُوَ شافعيُّ زَمانِهِ إِذ مِنهُ قَد

جادَت بِتَخريجِ الفُروعِ قَرائِحُ

هُوَ سيبويهِ أَوانِهِ وَخليله

لَكنّه الزّجّاجُ وَهوَ الراجحُ

شَهِدَت لَهُ كلُّ العلومِ بِفَضلِهِ

وَهيَ العُدولُ وَلَيسَ فيها جارحُ

فَلَوِ اِمتَطى الفكرَ الصّحيحَ فَفكرهُ

طِرفُ الأدلَّةِ وَهوَ بَحرٌ سابِحُ

ما جالَ فيهِ لِلجِدالِ مُناظراً

إِلّا بَدا مِنهُ الهِزَبرُ السانِحُ

وَمِنَ الدّلائِلِ في يَديهِ إِذا سَطا

بيضٌ قَواطِع أُصلِتَت وَصَفائِحُ

كَم رَدَّ بِالإفحامِ فيها ضَيغَماً

وَكَساهُ بِالإِخراسِ وَهوَ الصائِحُ

المُعرِبُ اللَّسِنُ الغَريبُ بَلاغَةً

سِحر البيانِ خِلالها يَتَلامَحُ

بِسَلاسَةٍ وَجَزالةٍ وَمَحاسِنٍ

جَلَّت لَها مُقَلُ النّفوسِ طَوامِحُ

لَو قابَلَتهُ مَصاقِعُ الخطباءِ في

وَقتِ المَواسِمِ في عُكاظَ وَكافَحوا

لَرَأَيتَهم مِنهُ لَدَيهِ أُخرِسوا

لَم يَستَطيعوا أَنّهم يَتَفاصَحوا

الماجِدُ الجحجاحُ وَالفَخمُ الّذي

تَزدانُ فيهِ أَماجِدٌ وَجحاجِحُ

ربُّ المَعالي في ثُريّا مَجدِها

عَن مِثلِها قصر السّماك الرَّامِحُ

ربّ العوالِ وَإِنّها أَقلامُه

وَلعينها بِذُرى المَعالِ مَطامِحُ

بِمَلافظٍ فيها المَنافعُ لِلوَرى

فَفَوائِدٌ وَمَواعِظٌ وَنَصايحُ

إِنْ يَجرِ في صَدرِ الكَواغِدِ شَرحها

فَهيَ اللّواتي لِلصّدورِ شَوارحُ

تَعنو لِهَيبَتِها الأَسنَّة وَالظُّبى

وَيَهابُها العضبُ الصقيلُ الذابِحُ

وَتُجِلُّها كلُّ الأَكاسِرِ في الدُّنى

حتّى الأَبيّ مِنَ الرّجالِ الجامِحُ

حَسَنُ الخَلائِقِ وَالطبائِعِ كلّها

وَمَحاسنُ الأَخلاقِ فيهِ سَجائِحُ

بَحرُ المَكارِمِ وَالنّدى بِعَطائِهِ

نُسِيَ اِبنُ مَعنٍ ذو السّخاءِ المانحُ

يَسري الحَياءُ بِراحَتَيهِ وَإِنّهُ

في وَجهِهِ الحسنُ الصبيحُ لَسايحُ

بِطَلاقَةٍ وَبَشاشَةٍ وَتَبسُّمٍ

وَبِمثلِ ذا حُمِدَ الجوادُ السامِحُ

يا أَيّها المَولى الهمامُ وَمَن لَهُ

فَوقَ المَعالِ مَقاعِدٌ تَتَفاسَحُ

وَمَنِ اِكتَسى ثَوبَ الكَمالِ وَإِنّه

مِن غَيرِ رَيْبٍ بِالكمالِ الطافِحُ

إِنّي إِلَيك لَباعِثٌ بِخَريدَةٍ

مِنها عَلى شَمسِ النّهارِ مَلامِحُ

بِكرٌ رَداحٌ غادةٌ فَجَمالُها

إِن لَو تَبَدَّت لِلكَواكِبِ فاضحُ

مِن مَدحِكَ السامي بعِقدٍ قُلِّدت

وَبِمثلها أَغلى العقودِ مدايحُ

مِن مِسكِهِ العطرُ الذكيُّ تَضَمّخَت

وَلَكَم لَهُ مِنها تَفوحُ رَوايِحُ

يا فَخرَها إِذ كنت مَمدوحاً بِها

وَلِأنّني في نَظمِها لَكَ مادِحُ

جاءَتكَ تَمشي وَالحياءُ يُميلُها

مَيلَ النّشاوَى وَهيَ رود بادحُ

فَليَلقَها مِنكَ القَبولُ فَإِنّه

لَأَجلُّ شَيءٍ أَنتَ فيه راشحُ

وَاِغضُض أَخا السترِ الجَميلِ نَواظِراً

عَن عَيبِها إِنّ العُيوبَ فَواضِحُ

وَاِصفَح أَخا الصّفحِ الجَميلِ إِذا هَفَت

هَفواً فَمِثلُكَ في البريّةِ صافحُ

بَل كُن كَريماً جائِداً بِسَماحِهِ

وَبِعَفوِهِ إِنّ الكريمَ مسامِحُ

أَيُّ القَصايِدِ هُذِّبت ما إِن لَها

إِن لَو نَقَدْتَ مَثالِبٌ وَقبايِحُ

وَاِسلَم وَدُم رَحبَ الجَنابِ رَفيعَهُ

وَرَغيد عَيشٍ أَنتَ فيهِ سادحُ

ما الشَّمسُ تُشرِقُ ما النّجومُ طَوالِع

ما البرقُ بادٍ بِالوميضِ وَلامِحُ

ما مالَ غُصنٌ بِالنّسيمِ إِذا سَرَت

ما قَد غَدا الغادي وَراحَ الرائِحُ

أَو ما المحبّ رَجا الأَحِبَّة قائِلاً

عودوا إِلى سِلم المحبِّ وَصالِحوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة