الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » خليلي رعاك الله هذي المعاهد

عدد الابيات : 70

طباعة

خَليلي رَعاكَ اللَّهُ هَذي المَعاهِدُ

فَحِيِّ بِها قَوماً عَلى الحُبِّ عاهدوا

وَعَرِّج بِهم تَشهَدْ شُموساً وَأَنجُماً

كَواكبَ أَقماراً لَها الحسنُ شاهِدُ

وَشاهِد لَهم فيها رَفيعَ مَطالِعٍ

مَشاهِدها في النّاسِ نِعمَ المَشاهِدُ

مَطالعَ فيها لِلشّموسِ شَواهدٌ

عَلى حُسنِها الأَسمى عَياناً تشاهدُ

وَعُج نَحوَ أَرضِ الشّامِ وَاِقصُد دِمَشقها

فَفيها لِطيبِ الأنسِ تِلكَ المَعاهدُ

وَتِلكَ بِلا رَيبٍ عَلى الحسنِ جَنّةٌ

تَسامَت قُصوراً وَالقُصورُ شَواهِدُ

وَلَو كانَتِ الدّنيا جناناً فَجِلَّقٌ

لَفِردَوْسُها الأَعلى وما إِنْ معاندُ

وَمرَّ وَمِلْ بِمزَّتها الّتي

تَسيلُ صَفاءً بِالسّرورِ يعاضدُ

وَمِنها إِلى المنشارِ وَالرّبوَةِ الّتي

تُمَدُّ مِنَ الأَفراحِ فيها مَوائِدُ

تَرقّ نَسيماً مِنهُ يَشفي غَليلَه

عَليلُ هُمومِ الدّهرِ وَهيَ شَدائِدُ

وَتَحلو مَعيناً راقَ مجرىً وَمَنظراً

يَسيلُ لُجَيناً وَهوَ لا شكَّ بارِدُ

تَسلسلَ جَرياً لا وصَفَّق سَلسلاً

تَمَوَّجَ بِلَّوْراً وَما هوَ جامِدُ

يَسيلُ عَلى أَرضٍ تَمسَّك تُربُها

تَجوهَرَ منهُ إِذ يَسيلُ الجَلامِدُ

وَيَجري عَلى حَصباء درٍّ تودُّه

قَلائدَ مِن تَحتِ الثّغورِ الخَرائِدُ

وَأَنّى لِحورِ العِينِ مِنها قَلائِدٌ

تزينُ نُحورَ الحورِ تِلكَ القَلائِدُ

تَأَمَّل فَلِلأَنهارِ فيها مَقاسِمٌ

بِها لِاِنشِراحِ الصّدرِ تَحلو المَوارِدُ

هُنالِكَ لِلطّيرِ الغصونُ مَنابِرٌ

كَما أنّ بُسْطَ الزّهرِ فيها مَساجِدُ

إِذا قامَ بِالأَطيارِ فيها خَطيبُها

فَمُنتَصِبٌ زهرٌ وَآخَرُ ساجِدُ

هنالِكَ جَيشُ الغمِّ تُرمى رِقابهُ

وَأَسيافُ جَيشِ البسطِ فيهِ تُجاهِدُ

وَمِنها لِقيسونَ فَذلكَ ما لَهُ

عَلى فَضلِهِ المَشهورِ في الدَّهرِ جاحِدُ

إِلى سَفحِهِ المَيمونِ مَسكَنُ عصبةٍ

بِهِم وَهمُ الساداتُ تَسمو الأماجدُ

كَراماتُهم تَبدو عَياناً وَجَهرةً

وَأَنوارُهُم جنحَ الظّلامِ تُشاهدُ

وَمِنهُ لِأَرضِ الصالِحيَّةِ قاصداً

فَفي قُطبِها السّامي تُنالُ المَقاصِدُ

هِيَ الرّوضَةُ الحَسناءُ تَزهو بِحُسنِها

بِها الصّفوُ بَسّامٌ بِها الأُنسُ خالِدُ

وَزُر قَبرَ مُحيي الدّينِ قُدّسَ سِرُّهُ

فَمَن زارَهُ تَلقاهُ مِنهُ الفَوائِدُ

إِلى جَنّةِ الدّنيا وَجَبهَةِ حُسنِها

وَغُرَّتِها البيضاءِ وَالفَضل زائِدُ

وَمُقلَتُها الحَورا وَشامَتُها الّتي

عَلى حُسنِها تُجبى إِلَيها المَحامِدُ

هِيَ البَلدةُ الزّهراءُ جِلَّقٌ الّتي

بِها السّعدُ مَقرونٌ بِها الخَيرُ باجِدُ

وَقَد شَهِدَ الأمصار قطعاً بِفَضلِها

وَمِن تِلكَ بَغداد وَمِصر وَآمِدُ

وَسِرْ وَاِئتِ مِن بابِ السّلامِ تَفاؤُلاً

بِذلكَ فَالإِعجابُ بِالفالِ وارِدُ

إِلى بابِ جيرونَ تَرى فيهِ صاعِداً

مِنَ الماءِ يَعلو لَيسَ يَحكيهِ صاعِدُ

عَمودُ لُجينٍ بَعدَ حَدِّ صُعودِهِ

تَراهُ خُيوطاً وَهوَ لِلأَرضِ عائِدُ

وَمِنهُ لِدارِ الجودِ وَالمَجدِ وَالعُلى

بَناها عَلى العَلياءِ وَالعزِّ ماجِدُ

وَدار الهُدى وَالعِلم وَالفَضل وَالتّقى

بَناها عَلى العِرفانِ لِلحَمدِ حامِدُ

إِمامُ دِمَشق الشّام سُؤدُدُ أَهلِها

وَعالِمُها المَشهورُ وَالفَضلُ شاهِدُ

فَتَىً جامِعٌ كلَّ الفُنونِ فَفِكرُهُ

أَما اِعتَكَفت لِلحِفظِ فيهِ القَواعِدُ

أَلَستَ تَرى كلّ الأَفاضِلِ عِندَهُ

وَذا مُطرق صاغٍ وَآخرَ ساجِدُ

حَديثٌ وَتَفسيرٌ وَفِقهُ أُصولِهِ

وَعِلمُ كِتابِ اللَّهِ ثمّ العَقائِدُ

وَصَرفٌ وَنحوٌ وَالبَيانُ وَآلَة

لِذلكَ ثمَّ المُلحقاتُ الزّوائِدُ

إِمامٌ جَليلٌ حافِظٌ ثمّ مُتقِن

شَهيرٌ خَبيرٌ بَل بَصيرٌ وَناقِدُ

هُوَ الحَبرُ وَاِبنُ الحَبرِ وَالبَحر وَاِبنه

فَفي مِثلِهِ في الدّهرِ يَفخرُ والِدُ

هُوَ العالِمُ النّحريرُ وَالعارِفُ الّذي

نَحاهُ عَلى العِرفانِ ناحٍ وَقاصِدُ

هُوَ الوَرِعُ النَّسّاكُ وَالعابِدُ الّذي

خَلا أَنّه يَحكيهِ ذا الآنَ عابِدُ

لَئِن ضَنَّ هَذا الدّهر في بَذلِ مِثلِهِ

أَما هوَ في ذا الدَّهرِ لا شَكَّ واحِدُ

جَوادٌ كَريمٌ جَيْرِ وَالبحرُ كَفُّهُ

لَدى جُودِهِ في الدّهرِ تُنسى الأَجاوِدُ

حَوَى حُسنَ أَخلاقٍ عَلى حُسنِ خِلقَة

تَدَفَّق مِنها الحُسن إِذ يَتزايَدُ

تُلازِمُهُ التّقوى وَنعمَت مُلازِماً

يُعاضِدُها الإِخلاصُ نِعمَ المُعاضِدُ

فَلينٌ وَعَطفٌ ثمَّ عَطفٌ وَرَحمَةٌ

وَعَفوٌ وَحِلمٌ دونَ عَجزٍ يُعانِدُ

وَعَزمٌ وَحَزمٌ ثمَّ رأيٌ مُسدّد

وَما هُوَ عَن طرقِ الإِصابَةِ حائِدُ

وَصَدعٌ بِأَمرٍ ثمَّ إِزهاقُ باطِل

وَنَصرٌ لِحَقٍّ وهوَ في النَّصرِ جاهِدُ

وَحَملٌ عَلى حُسنِ التّجَمُّلِ لِلأَسى

وَصَبرٌ لِصرفِ الدّهرِ ثمّ تَجالُدُ

خِصالٌ حِسانٌ بَل طِباع غَرائِز

كَرائِم فيها قَد تَطيبُ المَحامِدُ

حَديثُ سَجاياهُ صَحيحٌ لِذاتِهِ

وَشاهِدُهُ المَعروفُ وَالحسنُ عاضِدُ

تَعَوَّدَ فِعلَ الخَيرِ مِن وَقتِ مَهدِهِ

فَمِنهُ عَلى ما اِعتادَ تَجري العَوائِدُ

وَقَد حَسنت مِنهُ المَقاصِدُ وَالهَنا

لِمَن حَسنت في الدّهرِ منهُ المَقاصِدُ

هوَ المُعرِبُ المنطيقُ سِحرُ بَيانِهِ

إِلى السّلبِ ثمَّ السّبيِ لِلعَقلِ قائِدُ

فَصيحٌ بَليغ لا يُضاهَى بَلاغَةً

وَلَو أَنّ كلّ النّاسِ فيها تَساعَدوا

تَجوهَر مِنهُ اللّفظُ أَحسنَ جَوهَرٍ

فَيا لَيتَهُ مِنهُ تَكونُ القَلائِدُ

وَقَد طابَ لِلأَسماعِ منهُ شنوفُها

وَقَد بَهَرَ الأَلباب منهُ الفَرائِدُ

فَيا أَيّها المَولى الفخيمُ وَمَن لَهُ

لَقَد بُنِيَتْ فَوقَ المَعالي المَقاعِدُ

وَيا طيِّباً صيتاً على حُسنِ سؤددٍ

لِأَدناهُ وَدَّت لَو تَطولُ الفَراقِدُ

فَلَو كانَ عِقداً زِينَ فيه عطارِدٌ

لَفاقَ عَلى شَمسِ النّهارِ عطارِدُ

لَكَ الفكرُ قَد أَهدى عَروساً جهازها

مِنَ الحبرِ مِسك جَيْرِ والورقِ كاغِدُ

وَأَلبَسَها مِن دُرِّ مَدحِكَ جَوهَراً

وَما غَيرُهُ فيهِ تُحلّى القَصائِدُ

فَيَرجو لَها مِنكَ القَبولَ تَفضُّلاً

وَإِنَّكَ لا يُثنيكَ عَنهُ الحَواسِدُ

وَيوصيكَ فيها وَهيَ لا شَكّ بِنتُهُ

وَفي بِنتِهِ يوصي ولا بِدْعَ والِدُ

وَدُمْ في ضَمانِ اللَّهِ يَرعاكَ حِفظُهُ

وَإِيّاك في كلّ الأُمورِ يُساعِدُ

جَليلاً مَهيباً في العُيونِ مُعظَّماً

يذلُّ لَديكَ الدّهرَ جافٍ وَحاسِدُ

مَدى الدّهر ما هبَّ النَّسيمُ مِنَ الصَّبا

وَما حَلَّ بِالأَغصانِ مِنهُ تمايِدُ

وَما الخِلُّ قَد نادى بِوَقتٍ خَليلَهُ

خَليلي رَعاكَ اللَّهُ هَذي المَعاهِدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة