الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » ترنم حمام الدوح في أحسن الصدح

عدد الابيات : 70

طباعة

تَرنَّمْ حمامَ الدَّوح في أحسَنِ الصدْحِ

فَقَد هامَ بَينَ وَجْدي إِلى ساكِني السّفحِ

أَمَرّتْ نَسيمَ السّفحِ فيك مُلمَّةٌ

شَمَمت لَها نَفحاً فغَرّدْت لِلنَّفحِ

صَدَحت عَلى الأَغصانِ تَلهو عَنِ الهوى

وَيَنمو غَرامُ الصّبِّ مِن ذَلكَ الصّدْحِ

بِماذا عَرَفت العشقَ قُل لي أَخا الهوى

وَلَم يَدرِهِ غَيري بِجدٍّ وَلا مَزحِ

وَكَم مِن فَتىً إِن كانَ أَصبَحَ عاشِقاً

فَلَم يُمسِ ذا عِشقٍ وَإن يُمسِ لم يُضْحِ

فَغَرِّدْ رَعاكَ اللَّهُ تَغريدَ والِهٍ

تَولَّهَ لا يَدري بِحُسنٍ وَلا قُبحِ

يَهيمُ بِلا عَقلٍ وَيَصبو بِلا حِجىً

وَيَسري وَلا يَدري النّهارَ مِنَ الجنحِ

تَجَسّمَ مِن وَجدٍ تَربّى مِنَ الهوى

تَوَلَّد مِن عِشقٍ يَطولُ عَلى الشَّرحِ

فَلا لُبَّ يَنهاهُ وَلا لَوْمَ رادعٍ

وَلا نُصحَ قَد يُجدي فَلا نَفعَ لِلنّصحِ

وَذاكَ خَليٌّ عِندَ مِثلي مِنَ الهَوى

وَلا مِثلَ لي في العِشقِ في السرِّ وَالبدحِ

تَعَلّقتُ خَوْداً غادَةً خوْطَ بانَةٍ

تَرَبَّت بِأَزهى الحُسنِ في أَيمَنِ الصّفحِ

فَأَمّا مُحيَّاها فَشمسٌ مُنيرَةٌ

وَجَبهَتُها الغرّا حَكَتْ كوكبَ الصّبحِ

وَمَبسمُها برقٌ وميضٌ وجيدُها

فَذاكَ عَمودُ الصّبحِ يُزهِرُ في الجنحِ

وَحاجِبُها قَوسٌ وأَمّا عُيونُها

سُيوفٌ وَأَمّا القدُّ كَالغصنِ وَالرّمحِ

وَقَد جَرَحت في الشّرقِ قَلبي بِلَحظِها

فَذَا الشَّفَقُ المحمرُّ مِن ذَلكَ الجرحِ

وَوَجنتُها وَردٌ سَباني اِحمِرارُه

وَشامَتُها مِسكٌ غَدا طيِّبَ النّفحِ

فَبي وَردُ خدَّيها وَنضحُ مِياهِهِ

وَيا طيبَ عطرِ الوَردِ مِن ذَلكَ النّضحِ

وَريقَتُها خَمرٌ وَدَدت مَذاقَها

وَلَو كانَ فيه الحدُّ بِالسّيفِ وَالبدحِ

تَحَلَّت عُقود الدّرّ في حُسنِ نَحرِها

كَحُسنِ وِشاحَيها مِنَ الصّدرِ وَالكشحِ

فَإِن شِمتَ في يَومٍ أَيا طرفِ نَحرها

فَذَلك عيدُ النّحرِ في مُهجَتي ضحّي

وَرَقَّت حَواشيها عَلى شَرحِ حُسنِها

فَضاعَت عُقولُ النّاسِ مِن ذَلك الشَّرحِ

بَديعةُ حُسنٍ إِنّما الشّمسُ وَجهها

بِرُمحِ قَوامٍ أَثخَنَ القلبَ بالجرحِ

تَقولُ لِأهلِ العشقِ نِمتُم تَنبَّهوا

فَقَد طَلَعت شَمسُ النَّهار عَلى رُمحي

إِذا كَفَحت شَمسُ النَّهارِ بِوَجهِها

تَرى الشَّمسَ قَد غابَت لَدى ذَلك الكفحِ

تَعَشَّقتُها بِالسَّمعِ ثمّ لَمَحتُها

وَبِالسّمعِ يَبدو العِشق أَو يبدُ باللّمحِ

تَجلّتْ تُضيء الأفقَ شرقاً ومغرباً

تجلّيَ بِلقيسٍ مِنَ العَرشِ والصرْحِ

فَتَحتُ لَها قَلبي وَقلتُ لَها اِنظُري

إِلى قَلبِ فَتحِ اللَّه أَغضَت عَنِ الفتحِ

وَأَوحَت إِلى قَلبي وَعقلِيَ خاطِفاً

فَأَمضى وَما خلّى مَحلّاً إِلى الصّلحِ

وَبي قَد رَمى لِلبعدِ في مَهمهِ النّوى

وَقَد ذُقتُ مرَّ المَوتِ في ذَلِكَ الطّرحِ

فَيا مُهجَتي ذوبي أَسىً وَصَبابةً

وَيا دَمعَتي سيحي وَيا مُقلَتي سُحّي

وَإِن جَفَّ دَمعُ العينِ يا كَبدي اِصعَدي

إِلى الطَّرْف حتَّى تَخرجي منه بِالسحِّ

وَنوبي بِهِ عَن دَمعِ عَيني لِأَنّها

تَسيلُ بِلا رَشحٍ وَتَبقى مَعَ الرَّشحِ

أَجوبُ الفَلا سَهرانَ لا أَعرِف الكَرى

يُلازِمُني سُهْدي مِنَ الصّبحِ لِلصّبحِ

وَسرح الكَرى قَد سمت في رَوضِ مُقلتي

وَسَرح الكَرى في العَينِ مِن أَجملِ السّرحِ

فَصارَ الكَرى ذِبحاً سَميناً جَعَلتُه

فِداءَ سِهام العَينِ أَحسِنْ بِذا الذِّبْحِ

وَأَضجَعتهُ في العَينِ حينَ ذَبَحته

وَبَسمَلتُ بِالتّكبيرِ في ذَلكَ الذّبْحِ

فَيا وَيحَ قَلبي قَد أَضرَّ بِهِ النَّوى

وَآل بِهِ الإِبعادُ وَالهَجرُ لِلرَّزحِ

وَواحسرتي مِن حَيثُ كانَ وِصالهُ

مُحالاً فَماذا مَطمَعُ القَلبِ بِالنُّجحِ

عَذولي لَحاكَ اللَّهُ حَيثُ فَضَحتَني

بحُبِّ الّتي فاقَت على البدرِ والضَّحِّ

فَإِنْ كانَ وَجدي وَالغَرامُ وَصَبوتي

مَساوِئَ فاِفضَحني بِها غايَةَ الفضحِ

وَعِرضي بِهَذا الفضحِ فيها أَبحته

لِكلّ بَذيِّ القولِ في الجَرْحِ والقَدحِ

فشنِّفْ حَمامَ الدّوحِ حُيِّيتَ مَسمَعي

بِذِكرِ الَّتي أَهوى وَردِّدْه بِالصَّدْحِ

وَبالِغْ مَعي في حَمدِ أَحمَدَ جاهِداً

وَأَبْدِ مَعي في حمده أبلغَ المدحِ

أَبو المَجدِ طودُ العزِّ في كلِّ مَوطنٍ

وَركح العَلايا فَخرها فيهِ من ركحِ

يَميلُ إِلى كَسبِ المَعارِفِ وَالعلى

يَرى أَنّ هَذا الكسبَ مِن أَحسنِ الكدِّح

وَمَن كانَ في كَسبِ المَعارِفِ تاجِراً

يَكون لَهُ العِرفانُ مِن أَطيَبِ الرّبحِ

تَصدّى لِفَتحِ اللَّهِ يَبغيهِ طالِباً

بِجدٍّ وَعَزمٍ فَاِغتَدى مظهر الفَتحِ

أَخو العِلمِ ربّ الفَهمِ زندُ ذَكائِهِ

يُريكَ وَإِنْ لَم يورِهِ أَحسَنَ القدحِ

فَلَيسَ لَدَيهِ مُشكِلٌ غَيرُ واضِحٍ

وَلا غامِضٌ إِلّا وَيَكسوهُ بِالفضحِ

أَبو حَسنٍ في فَصلِ كلِّ قَضيّةٍ

إِياسُ الذّكا رَأياً يُصانُ عَنِ المَضحِ

تَدينُ القَضايا حيثُما رامَ فَصلَها

لِنصحٍ بِهِ أَلْفَتْهُ مِن أَعدَلِ النّصحِ

وَمِن عَدلِهِ تاهَ القضاءُ تَفاخُراً

وَأبعَدَ عَنهُ الجَوْرَ بِالزيحِ وَالزحِّ

يَصولُ بِقَول الحقِّ لَم يَخشَ لائماً

وَيَأمُر بِالمَعروفِ يَنهى عَنِ القبحِ

مُصيبٌ بِما يَقضي خَبيرٌ بِما قَضى

وَفي مَوضِعِ التّعديلِ مِن مَوضِعِ الجرحِ

أَبو البِرِّ وَالمَعروفِ في لِينِ جانبٍ

أَخو الحِلْمِ ربّ الصّدقِ في الجدّ وَالمزحِ

حَميدُ المَزايا وَالخصالِ وَقَد حَوى

كَريمَ السّجايا كَالسّخاوَةِ وَالصّفحِ

سَحابُ النّدى معنُ السّخاءِ فَحاتمٌ

لَدى جودِهِ الهطّالِ يوصَفُ بِالشحِّ

فَصيحٌ بليغٌ لا يُجارى بَلاغَةً

وَمَن ذا يُجاري الخَيل في العَدوِ وَالضبحِ

خَطيبٌ يُجيدُ النّثرَ أَمّا قَريضهُ

فَفي الغايَةِ القصوى مِنَ الجيّدِ القُحِّ

وَمَن خَطُّه أَنسى خُطوطَ اِبنِ مُقلَةٍ

فَعَنها لَدَيه النّاسُ تَضرِبُ عَن صَفحِ

حَباني قَصيداً مِن بَناتِ فَصاحَةٍ

تَجَلَّت عَنِ الأَشباهِ كَالبدرِ وَالوضْحِ

وَبالَغَ بِالإِطنابِ فيها بمِدْحتي

وَلَست بِنَفسِ الأَمرِ أَهلاً لذا المدحِ

فَلا فُضَّ فاها لا ولا خين فِكرة

وَلا عاشَ جافيهِ وَأَكبت بِالبَطحِ

فَهاكَ حَماكَ اللَّه بِنتَ فَصاحَةٍ

تَميلُ لِحُسنِ الدَّلِّ مُهتَزَّةَ الكشْحِ

مُضمَّخة مِن مِسكِ مَدحكَ بِالشّذى

فَعطّرَتِ الأرجاءَ بِالعَرْفِ وَالنّفْحِ

وَتي لاِبنِ فَتحِ اللَّه في النَّظمِ آية

وَيا ما أَجلَّ النَّظم في آيةِ الفتحِ

أَجبت بِها تِلكَ القصيدَ تَشبُّهاً

وَإِن لَم تشابهها إذِ الفرق كَالصّبحِ

فَهَبها قبولاً فَالقَبولُ مرادُها

وَعَنهُ فَلا تَعدل إِلى الطَّرد والطّرحِ

وَدُمْ في أَمانِ اللَّهِ ما هَبَّتِ الصَّبا

وَما جالَتِ الأَبصارُ بِالطَّرفِ وَاللّمْحِ

وَما قالَ إِذ يَشدو الحَمام أَخو الجَوى

تَرنّم حمام الدَّوْح في أَحسنِ الصَّدْحِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة