الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » وجه خيول العزم علك تسعد

عدد الابيات : 82

طباعة

وَجِّه خُيولَ العَزمِ علّكَ تسعدُ

وسُقِ المطايا حيث يافا المقصدُ

وَاِركَب على طِرفٍ أغرَّ مضمَّرٍ

مِثلَ الرّياحِ وَإنّه لا يجهَدُ

وَجُبِ الفيافيَ تَحتَ أَذيالِ الدّجى

فَالسّيرُ لَيلاً في الدّجى لا يُجهِدُ

وَلَئِن تَناءتْ فَهيَ مِنكَ قَريبَةٌ

إِذ كانَ فيها ما تَرومُ وَتَقصِدُ

وَمَحلّ قَصدِكَ حيثُ أَنتَ بِمَطلعٍ

للشّمس لَو كانَ في مَغربٍ لا يبعدُ

جُدَّ المسيرَ فإن تجدَّ تَجدْ وإِنْ

تَزرَع فَإنّك يا اِبنَ ودّي تَحصُدُ

كُن للنّجومِ مُسامِراً حينَ السُّرى

هاتيكَ خَيرُ مُسامِرٍ لَكَ يوجدُ

وَاُنظُر تَلامُعَ نورِها جنحَ الدّجى

فَهيَ السّيوفُ مِنَ الجُفونِ تجرّدُ

حَيثُ المَجرَّةُ خلتُها نَهراً بِهِ

يَجري ضِياء أَو يَسيلَ العَسجَدُ

حَيثُ الثريّا قارَنَت بَدرَ الدّجى

فَأَتى لِيَخدِمَها السّهى وَالفَرقَدُ

حَيثُ السّماءُ إِخالُها يَمّاً به

تَسري النّجومُ سَفائناً لا تركدُ

مِن كَوكَبٍ هاوٍ وآخرَ طالعٍ

هَذا يَجيء وَذاكَ مِنّا يبعُدُ

أَو أنّها فيهِ جَواهِرُ حُرِّكَت

مِن مائِهِ وَلَها المِهادُ زُمرّدُ

وَالغَربُ قُرصُ الشَّمسِ عِندَ غُروبِها

لا شكّ يَبلعهُ ولا يَتَردّدُ

فَيَكادُ يَخنُقُه اِبتِلاعاً قُرصُها

فَلِذا اِحمِراراً وَجهُهُ يَتورَّدُ

وَالشّرقُ يَقذِفُ لِلنُّجومِ طَوالِعاً

يُبدينَ رَقصاً لَم تطلهُ الخُرَّدُ

هوَ ضارِبٌ بِالصّولَجانِ كراته

لَكنَّها هيَ جَوهَرٌ أَو عسجَدُ

وَالفَجرُ مِنهُ إِذ تَبدّى طالِعاً

سَيفٌ صَقيلٌ سلُّه لا يغمَدُ

وَالشَّمسُ كَسُلطانِ الضّياءِ أَمامَهُ

جَيشُ الضّياءِ يكرُّ وَهوَ مؤيَّدُ

يَغزو الظَّلامَ يَفرُّ مِنهُ هارباً

فَإِذا بَدَت لا شَيءَ مِنهُ يوجَدُ

وَاُنظر رِياضَ الأَرضِ حين تَسيرُها

تَرَ ما بِهِ فَرحاً تَسرّ الأكبُدُ

مِن أَحمرٍ زاهٍ وَأَصفَرَ فاقِعٍ

مِن أَخضرٍ غَضٍّ وَأَبيَض يحمدُ

دُرٌّ وَياقوتٌ تَنوَّعَ جِنسُهُ

ذَهَبٌ يُفرِّحُ فضَّةً وَزَبَرجدُ

وَتَأمَّل الأَشجارَ مورِقَةً تَرى

مِنها قِباباً كُلُّهُنَّ زُمرّدُ

مِن ذاتِ زَهرٍ أَحمَرٍ فَكأنَّهُ

عِقدٌ مِنَ الياقوتِ وَهوَ مُنضَّدُ

مِن ذاتِ زَهرٍ أَبيَضٍ قَد خلتُهُ

مِثلَ الكَواكِبِ في الدّجى تَتَوقَّدُ

وَجَداوِلاً تَنسابُ مِثلَ أَراقِمٍ

ذا أَبيضٍ صافٍ وَذَلِكَ أَسودُ

لاسِيَّما العَرجاءُ وَهوَ كَبيرُها

عَذبٌ فُراتٌ ساغَ منه المورِدُ

يَجري عَلى حَصباء دُرٍّ تُربُها

مِسكٌ شَذيٌّ نَفحُه لا يُجحَدُ

بَحرٌ عَلى البحرِ الأُجاجِ مصبُّهُ

مُتبسِّماً يَسعى إِلَيهِ وَيحفدُ

فَكَأَنّه في لازَوَردٍ فضَّة

أَضحَت تَسيلُ وَإِنّها لا تجمدُ

فَإِذا وَصَلت إِلَيهِ فَاِهنَأ بِالمُنى

فَلَقَد ظَفِرتَ بِما تَرومُ وتقصِدُ

إِذ ثَمَّ يافاءُ الّتي قَد وَدَّها

فَلَكاً لَهُ بَدرُ الدُّجى والفرقَدُ

شِمْها أَمامكَ فَوقَها شمسُ الضُّحى

تَعلو عَليها لا تحوِّلها يدُ

فَكَأنَّما قَصرت عَلَيها الشَّمسُ في

إِشراقِها فَبِغَيرِها لا توجَدُ

وَتَزيّنت بِشعاعها فَكَأنّها

في حلّةٍ هيَ فضّةٌ أَو عَسجَدُ

حَتّى اِستَحالَ عمارُها ذا جانب

مُتفضِّضٌ مِنه وذا متعسجدُ

فإذا نظرت دُهِشتَ من أنوارها

عَقلاً وَحَيَّركَ المُقيمُ المُقعِدُ

وَظَنَنتَ أَنّكَ في السَّماء أوَ اِن شَم

س الأفق في الأراضي تقعدُ

وَاُنظُر حِماها كَم بِهِ مِن مكنسٍ

قد حلّه ظبيٌ أغَنُّ وأغيَدُ

وَربوعَها فَهيَ الجنانُ تَزَخرَفَت

يا لَيتَها فيها الحَياةُ تُخلَّدُ

وَمصالُ آسادٍ وغِيل غَضَنفَرٍ

يَعدو وَيَسطو حينَما يَستَأسِدُ

وَمَجالَ خَيلٍ كَالبخاتى ضَخمَةٍ

في غَمرَةِ الهَيجاءِ ظلَّت تَسعَدُ

يَعدو عَلَيها كلُّ لَيثٍ باسلٍ

خاضَ الكَريهَةَ لَيسَ عَنها يَشرُدُ

فَإِذا عَلاهُ خِلتهُ مُتناولاً

رَأسَ الثّريّا إِذ لها يتعمّدُ

وَبِبابِ يافا شِمتُ كلّاً خاضعاً

ولِغيلِ لَيثِ الغابِ كلٌّ يَسجُدُ

وَيَحِقُّ لِلأُسدِ الخضوعُ بِبابِها

إذ كان داخلَها الأمير محمّدُ

أَسدُ العَرين بِحسنِ خلقٍ كاملٍ

ووجاهةٍ ووسامةٍ لا تُجحَدُ

فَإِذا عَلا فَوقَ الجَوادِ رَأَيتَهُ

لَيثاً عَلى فَلَكِ الثريّا يَقعُدُ

وَرد على وَردٍ أَغرَّ محجَّلٍ

أَسد الشّرى حَوضَ المنيَّةِ يوردُ

قِرْمٌ فَلا يِعتَدّ آسادَ الشّرى

جَلدٌ عَلاهُ تثبُّتٌ وَتجلُّدُ

ما قابَلَ الأَعداءَ إِلّا أَصبَحوا

وَرُؤوسُهم فَوقَ المصارِعِ سُجَّدُ

فَكَأَنّه وَكَأنَّ كلّاً مِنهُمُ

بازٌ لَدَيهِ غَدا يَخِرُّ الهُدهُدُ

فَإِذا نَظَرت إِلى مَصارِعِهم تَرى

جُثَثاً هناكَ بِلا رُؤوسٍ أوجدوا

كَم قَد سَقى أَرضاً نَجيعُ دِمائِهِم

وَدَعا الطّيورَ بِلَحمِهِم تَتَزوَّدُ

فَسَلِ الأَعادي عَن مَذاقِ حُروبِهِم

فَهُنالِكَ الخَبرُ الصَّحيحُ المسنَدُ

وَإِذا أَرَدتَ دَليلَ قَولي فَاِستَمِعْ

مِنّي الّذي أُملي عَلَيكَ وأُوردُ

فَالخَيلُ وَالأَسيافُ مَعَ سُمرِ القَنا

وَالعَقلُ قاضٍ وَالوَقائِعُ تَشهَدُ

وَكَذا أَعاديهِ كَما نَقَلوا لَنا

نَقلاً صَحيحاً شاعَ لَيسَ يفنَّدُ

وَشَهادَةُ الأَعدا لِمَن عاداهُمُ

حَقٌّ جَلِيٌّ صائِبٌ وَمُسدَّدُ

الفارِسُ البطَلُ الطويلُ نِجادُهُ

مَن فيهِ فَخرُ البيض إذ يتقلَّدُ

وَبِهِ اِفتِخارُ السُّمرِ مُعتَقِلاً لَها

وَلَمى المنونِ بِزَجِّها يَتَجعَّدُ

بَحرُ السَّماحَةِ وَالمَكارِمِ وَالنّدى

سَهلُ الورودِ وَمِنهُ يَحلو المورِدُ

لَو كانَ في زَمَنِ الأُلى لَم يَمدَحوا

فيهِ سَماحَةَ حاتَمٍ لَم يُحمدوا

وَلَئِن تَقدَّم قبله أَهلُ النّدى

فَبِبَذلِهِ وَبرِفْده لم يرفدوا

فَلَو أَحدٌ يَهَبُ الدُّنى وَيَظنّها

شَيئاً قَليلاً قَدر ما تَسع اليدُ

السيّدُ الصمصامُ أَكرَمُ ماجدٍ

سامي الذُّرى وهو العَزيزُ الأمجَدُ

قَد داسَ في قَدمٍ ثريّا المَجدِ في

شَرفِ العُلى وَبِشَمسِهِ يَتَوسَّدُ

فَسِواهُ عَن هَذا المَقامِ مقصِّرٌ

هَذا لَعَمرُكَ في الأنامِ السؤددُ

مَجدُ المَعالي لَيسَ فيها مَجدُهُ

وَسِواهُ أضحى بالمعالي يمجُدُ

شَتّانَ بَينَ فَتىً تَسوّده العُلى

وَفتىً غَدت فيه المعالِ تسوَّدُ

شادَ الإِمارةَ حين أَقوى رُكنَها

إِنّ الإِمارَةَ بِالأَميرِ تُشَيَّدُ

حَلَّت بِهِ في الدَّهرِ عاطِلَ جيدِها

وَبِهِ تجمّع شَملُها المتبدِّدُ

قد ساسها بالحِلم ثم بعدلِه

في حسن رأيٍ في الأنام يسدّدُ

يا ذا الأميرُ وكهفَ كلّ أخي لتِجا

يا كعبةً يسعى إليها المقصدُ

إِنّي إِلَيكَ موجِّهٌ ميّاسةً

بِنتَ اِفتِكارٍ مثلُها لا يولَدُ

غَيداءَ بِكراً غادَةً في حُسنِها

مِنها لَقَد خَجِل المَها والخُرَّدُ

أَقْبِلْ عَلَيها وَاِقبَلَنْها مِنّةً

فَالفَضلُ مِنكَ أَبا النَّدى مُتعوَّدُ

وَاِغضُضْ شَريفَ الطّرفِ عَمّا شانَها

فالغضُّ يحسُنُ في الكرام ويُحمدُ

وَاِسلَمْ وَدُم بِالعِزِّ في أَوجِ العُلى

وَلَكَ الزّمانُ يَدومُ عَيشٌ أَرغَدُ

ما لاحَ صُبحٌ ما سَرَت ريح الصَّبا

ما قام طيرٌ في الغصون يغرِّدُ

أَو ما اِبنُ فَتحِ اللَّهِ أَصبحَ أَلسناً

تَشدو بِمَدحِكَ في الأنامِ وَتنشِدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة