الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » ما لي بكسب سوى المعالي مطمع

عدد الابيات : 87

طباعة

ما لي بِكَسبِ سِوى المَعالي مَطمعُ

وَأَخو السّيادَةِ بِالمَعالي يقنعُ

ما لي اِلتِفاتٌ غَيرَ نَحوِ مآثرٍ

ما لي إِلى غَيرِ المَفاخرِ مَسمَعُ

ما لي سِوى العَلياءِ حلّةُ مهنةٍ

وَتَزيُّني بِالمجدِ فينةَ أوضعُ

أَرِدُ المَكارِهَ لا أُطيقُ مذلّةً

وَاِبنُ الكرامِ مِنَ المَكارِهِ يكرَعُ

تَأبى الجِنانَ على المَذلَّةِ شيمَتي

بِالذُّلِّ في الجنّاتِ لا أَتَمتّعُ

لَو لَم تَكُن دارَ الكَرامَةِ لَم تَكُن

مَحمودَةً يَنحو إِلَيها المَطمعُ

يَحلو لَدَيَّ إِذا خلا عَن ذِلّةٍ

وَعَنِ الهَوانِ مِنَ القِفارِ البَلقعُ

لَستُ الأَغمَّ وَلا اللّئيمَ مِنَ الوَرى

بَل إِنّني الكُرمُ الصّبيحُ الأنزَعُ

وَإِذا خُدِعتُ خُدِعتُ طَوعاً عالِماً

لَولا الكَرامَةُ لَستُ مِمَّن يُخدَعُ

كَتبَ الجَمالَ بِوَجنَتَيَّ وَسامَةً

يَسري بِها ماءُ الحَياةِ وَيَلمَعُ

يَعلو عَلى وَجهي ضِياءُ نَباهَةٍ

مِنها الفِراسَةُ نورُها يَتَشعشَعُ

وَلَقَد وَضَعتُ مِنَ المَحاسِنِ ثَدْيَها

وَرَبيتُ في حجرِ العُلى أَتَرَعرَعُ

وُسِّدتُ فرشَ المَجدِ فَوقَ سَريرهِ

وَعَلى رِقابِ العِزِّ أُحمَلُ أُرفَعُ

ما في سَماءِ العِزِّ أنجم رتبةٍ

إِلّا إِلَيّ دَنا الرّفيعُ الأَرفَعُ

وَأَنا المَعالي ما عَشِقتُ جَمالَها

هَيهاتِ إنّي لِلمَعالي أَخضعُ

بَل كُنتُ مَعشوقاً لَها وَكَأَنّها

أَضحَت عَلى عِشقي وَحبّي تطبَعُ

وَلَقَد تَناوَلت الثريّا في يَدي

وَجَعلتُها نَعلي الّتي لا أَخلعَ

وَأَنا اِمرُؤٌ دِرعُ المَهابَةِ لأمُهُ

زردُ الشّجاعَةِ في الوغى يَتَدرَّعُ

يَمشي الهُوَينا وَالوقارُ يَزينُهُ

تَحجو الطريق مِنَ الوقارِ تزعزعُ

كَفّي وَسَيفي لِلكِرامِ وَلِلعِدى

وَأَخو السّيادَةِ مَن يَضُرُّ وَيَنفَعُ

أَحمي الأَكارِمَ وَاللّئامُ أذِلُّهم

وَاِبنُ النباهَةِ مَن يُذِلُّ ويَرفعُ

ما بِالمَثاني قَد طَربت وَلا الغِنا

طَرَبي بِصَوتِ البيضِ حتّى تَقَعقعُ

فَإِذا سَللت مِنَ العَواضِبِ صَيْقَلاً

أُردي الغَضَنفَرَ بِالحُسامِ وَأصرعُ

وَإِذا هَزَزت مِنَ المَواضي صارِماً

تَهوي الرّؤوسُ لَدى يَدَيَّ وتركعُ

وَإِذا اِعتَقَلت مِنَ الرِّماح بِأَسمَرٍ

تَبدو القُلوبُ مِنَ الصدورِ وتنزعُ

سُقتُ الضياغِمَ في مَيادينِ الوَغى

مِثلَ النِّعاج تَرى الذّئابَ فتجزعُ

ما بِالخِداعِ قَهرتُ آسادَ الشّرى

أَحكي قَصيراً أَنفَه إِذ يجدعُ

آتي وَجاهاً مُعلِماً بِتَبارُزٍ

وَأَخو الجَبانَةِ مَنْ يَغول ويخدعُ

خضت الكريهةَ فوقَ بحرٍ سابحٍ

يعدو على متنِ الرياح ويسرع

لَو شَمَّ آسادُ الوغى نَفساً له

لَتَمزَّقَت مِنها الحَشا وَالأضلعُ

لَو رمتُ ضَرباً لِلنُّجومِ بِصارمي

لَعَليه أَبلغُ ما أرومُ وأطمعُ

لَو كُنتُ شُهباً ما رَضيتُ مَنازلي

في رابِعِ الأَفلاكِ كانَت توضعُ

ما كُنتُ أَرضى بِالغروبِ بِمغربٍ

وَأَرى الغروبَ نَقيصَةً لا تتبعُ

لا أَرتَضي إِلّا لِمجدي قبّةً

مِن أَطلَسِ الأفلاكِ فيها أَطلعُ

لَو كُنت في زَمنِ الملوكِ مِنَ الأُلى

مَرّوا لَفي خَدمي اِنتَشوا وَتَرعَرعوا

بَل كانَ مِن بَعضِ العَبيدِ لِخِدمَتي

كِسرى وَقَيصرُ وَالرّبيع وَتبّعُ

لَكِنّني قنُّ الّذي سادَ الوَرى

وَلَهُ المُلوكُ مِنَ المَهابَة تضرعُ

مَولى هُمامٌ ماجِدٌ مُتقدّمٌ

شَهمٌ شَريفٌ سَيِّدٌ وسَمَيْدَعُ

نَجمٌ وَبَدرٌ شَمسُ هديٍ أَشرَقَت

نورٌ ضياءٌ في المعالي يطلُعُ

نُصِبَت لَه فَوقَ المَجرَّةِ خَيمَةٌ

لَكِن عَلى عَمدِ المَعالي ترفعُ

تَهوي النُّجومُ إِذا رَأَتها أَنّها

مِمّا بِهِ مثل اللآلِ ترصَّعُ

عَلّامَةٌ فَهّامَةٌ دَرّاكةٌ

نَسّابَةٌ وَهوَ الإِمامُ اللّوذَعُ

يَحوي الفَضائِلَ وَالفَواضِل كُلَّها

وَأَخو المَحاسنِ لِلمَحامِدِ يَجمَعُ

ما في الفَضائِلِ وَالعلومِ فَضيلةٌ

إِلّا وَمِنهُ بِها الحريُّ الأَنفَعُ

العُمدَةُ الثقةُ العَميدُ لِمَعشَرٍ

لَبِسوا السّيادَةَ حُلّةً وَتَدرَّعوا

مَن فَضلُ أَهلِ الفَضلِ مِنهُ فَضلة

مِثلُ البحارِ مِنَ المُحيط تُوزَّعُ

مَن أَطبَقَت أَهلُ الفَضائِلِ أَنَّهُ

فَردٌ وَحيدٌ في الزَّمانِ وَأَجمَعوا

حَبْرٌ فَما بِسِوى المَعارفِ والتُّقى

متعلِّقٌ منه الجنان ومولعُ

ما إِن بَدا مِن عارِفٍ مُتورّعٍ

إِلّا وَمِنهُ بَدا التَّقيُّ الأورعُ

ما بارِعٌ أَعياهُ يَوماً مُشكِلٌ

إِلّا غَدا مِنهُ إِلَيهِ المَرجِعُ

هوَ حجَّةٌ لِلدينِ غيرُ مُعارِض

وَكَأَنَّهُ لِلدّينِ سَيفٌ أَصمَعُ

يَنهى وَيَأمُرُ لا حَياءَ يَصدُّهُ

عَن قَولِ حَقٍّ في الأنامِ وَيَصدَعُ

لا يَختَشي غَيرَ الّذي خَلَقَ السّما

مَعَ كَونِهِ أَدَبَ الشّريعَةِ يَتبَعُ

حَسنُ الخَلائِقِ وَالصّفاتِ جَميعِها

أَكرِمْ بِهِ فَهوَ الكريمُ الأَروَعُ

قرمٌ وَفَحلٌ ضَيغَمٌ صمصامَةٌ

وَغَضنفَرٌ وَهوَ الهِزَبرُ الأَشجَعُ

ثَبتُ الفُؤادِ فَلا يُراعُ بمزعجٍ

لَيسَ اِمرَأً بِالمزعجاتِ يروَّعُ

يُبدي التجلُّدَ وَهوَ جَلدٌ ثابِتٌ

وَإِذا دَهَتهُ مُلِمَّةٌ لا يَجزَعُ

إِنَّ الفتى شبلُ الشّجاعَةِ مَنْ إِذا

وافاهُ رَيبُ الدَّهرِ لا يَتَضَعضَعُ

قِسٌّ وَسَحبانٌ وكَعب يَعرُب

ما البُحتُريْ وَهوَ البَليغُ المِصطَعُ

إِنْ قالَ أَمّا بَعدُ بَينَ مَصاقعٍ

قالوا لَهُ أَنتَ الخطيبُ المصقَعُ

صاغَت بَلاغَتُهُ البَيانَ جُمانةً

في حُسنِها ماءُ اللَّطافَةِ مودَعُ

مِن كُلِّ مُختَرِعٍ إِذا طَرَقَ الحِجى

سَحَرَ النُّهى وَهوَ البديعُ الأَبرعُ

فَالجَوهَرُ المَكنونُ مِن مَنظومِهِ

وَالدّرُّ وَالياقوتُ مِمّا يسجَعُ

وَهوَ الكرامُ وَإِنّهُ لَم يَستَحِلْ

أَنّ الكرامَ بِذا الكَريمِ تَجَمّعوا

يُعطي وَلَم يَمنَعْ وَلَو كثُرَ العَطا

ذو الجودِ مَن يُعطي وَلَم يَكُ يَمنَعُ

لَو كانَتِ الدّنيا بِقَبضَةِ كَفِّهِ

لَرَأَيتَها مِمّا بِهِ يَتبرَّعُ

فَالحِلمُ وَالآدابُ مِن أَخلاقِهِ

وَالخَيرُ وَالمَعروفُ مِمّا يصنَعُ

ما صيتُهُ إِلّا كَنَفحَةِ عَنبَرٍ

أَو طيبِ مِسكٍ عَرفُهُ يتضوَّعُ

قَد نالَ ما قَد نالَ فَرداً وحدَهُ

فَكَأَنّهُ الشَّمسُ الّتي لا تُشفَعُ

مَنْ مدَّ أَعناقَ التمنِّي نَحوَ ذا

فَهوَ الغبيُّ وَبِالتقاصُرِ يقمَعُ

يا أَيّها المَولَى أَبو النصرِ الَّذي

يَعلو فَخارَ الفتحِ فيهِ ويُرفَعُ

أَهدَيتَني بِقَصيدَةٍ كَخَريدَةٍ

كَالشَّمسِ بَل كانَت عَلَيها تَبرَعُ

حَسناءُ بِكرٌ مِن بَناتِ بَلاغَةٍ

تُكسى الجَمالَ وَبِالبَهاءِ تبرقَعُ

ضَيَّعتَها في غَيرِ مَنْ هوَ أَهلُها

وَمِنَ الفَرائِدِ ما أَراه يُضَيَّعُ

ما كانَ بي مِمّا اِبتَكرت بِمَدحِها

وَأَنا اِمرُؤٌ في ضدّ ما قَد تَسمَعُ

ما كانَ ذا إِلّا لِكَونِكَ مُبصِراً

فينا كَمالك إِذ يَلوحُ وَيَلمَعُ

أَو قَد سَلَكتَ بِمَسلَكِ التجريدِ إِذ

قَد صُغتَ فيها ما يَروقُ وَيبدَعُ

قَد خِلتُ إِذ كانَت جَوابَ قَصيدَةٍ

طَيراً تُغنِّي حينَ نَقَّ الضفدَعُ

وَلَقَد نَظمت مِنَ العقودِ قَصيدَةً

مِن نورِ مَدحك بِالثناءِ تَشعشَعُ

غرّاءَ ذاتِ صَباحَةٍ رعبوبَةً

ماءُ الجَمالِ بِوَجهِها يَتَميَّعُ

هَذَّبَتها تَهذيبَ خِدْنِ فَطانةٍ

لِمهذّبٍ هُوَ لِلمَحاسِنِ مَجمَعُ

وَجَمَعتُ فيها إِذ مَدحتُكُ شَذرَةً

مِمّا تَحوزُ مِنَ الصّفاتِ وَتَجمَعُ

وَرَأيتُ بَرّاً ما قطعتُ مَسافةً

إِلّا بَدا لي مِنهُ بَحرٌ أَوسَعُ

أَركَبتُها مَتنَ الرّجاءِ مَطيَّةً

تَبغي القبولَ وَدونَهُ لا تَهجَعُ

زُفَّت إِلَيكَ وَحُسنُها وَحياؤُها

أَسنى خِباءٍ في الخُدورِ وَأَرفَعُ

لَو عابَها حُسّادُها لَم تَمتَهِن

إِنَّ الحِسانَ مِنَ العَقارِبِ تُلسَعُ

وَاِسلَم وَدُم في كلِّ ما تَبغيهِ ما

تَشدو الحَمائِمُ في الغُصونِ وتَسجَعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة