الديوان » العصر العباسي » أبو حية النميري » ألا حي من أجل الحبيب المغانيا

عدد الابيات : 68

طباعة

ألا حيِّ من أجلِ الحبيبِ المَغانيا

لبِسنَ البلى مما لبسْنَ اللياليا

وبُدِّلنَ أُدْماناً وبدِّلْنَ باقراً

كبِيضِ الثيابِ المَرْوَزِيّةِ جازِيا

كأنَّ بها البَردَيْنِ أبلاقَ شِيمةٍ

بُنِينَ إذا أشرفْنَ تلكَ الروابيا

تطايرُ أُلاّفٌ تَشِيعُ وتلتقي

كما لاقتِ الزُّهْرُ العذارى العَذاريا

كما خَرَّ في أيدي التلاميذ بينَهمْ

حصى جوهرٍ لاقَيْنَ بالأمسِ جالِيا

خبأنَ بها الغُنَّ الغِضاضَ فأصبحَتْ

لهنَّ مَراداً والسِّخالَ مَخابيا

وما بدَلٌ من ساكنِ الدارِ أن ترى

بأرجائِها القصوى النعاجَ الجوازيا

تحمَّلَ منها الحيُّ وانصرفَتْ بهمْ

نوىً لم يكنْ منْ قادَها لكَ آوِيا

فإنْ أكُ ودّعتُ الشبابَ فلمْ أكنْ

على عهدِ إذْ ذاكَ الأخلاء زاريا

حَناكَ الليالي بعدَ ما كنتَ مرّةً

سَوِيَّ العصا لو كنَّ يُبقينَ باقيا

فلما أبت إلا اطراقاً بودها

وتكديرها الشرب الذي كان صافيا

شربت برنقٍ من هواها مكدرٍ

وكيف يعاف الرنقُ من كان صاديا

إذا ما تقاضى المرءَ يومٌ وليلةٌ

تقاضاهُ شيءٌ لا يمَلُّ التَّقاضيا

وإنّي لَمِمّا أنْ أُجَشِّمَ صُحبَتي

ونفسيَ والعيسَ الهمومَ الأقاصيا

وإني لَينْهاني عنِ الجهلِ إنّني

أرى واضحاً منْ لِمَّتي كانَ داجيا

وطُولِ تَجاريبِ الأمورِ ولا أرى

لذي نُهيَةٍ مثلَ التَّجاريبِ ناهيا

وهَمٍّ طرى من بعدِ ليلٍ ولا ترى

لهَمٍّ طَرا مثلَ الصَّريمةِ قاضيا

وجَدّاءَ مِجْرازٍ تَخالُ سرابَها

إذا اطَّردَ البيدُ السِّباعُ العواديا

عميقةِ بينَ المنهلَيْنِ دليلُنا

بها أن نؤمَّ الفرقدَ المُتصابيا

إذا الليلُ غشّاها كسوراً عريضةً

تغنَّتْ بها جِنُّ الخلاءِ الأغانيا

قطعتُ إلى مجهولِ أخرى أنيسَها

بخُوصٍ يُقلِّبْنَ النِّطافِ الهَواميا

نَشُجُّ بهنَّ البِيدَ أمّاً وتارةً

على شرَكٍ نرمي بهنَّ المَراميا

إذا قالَ عاجٍ راكبٌ زلجَتْ بهِ

زَليجاً يُداني البرزخَ المُتماديا

فداءٌ لركْبٍ من نُميرٍ تداركوا

حنيفةَ بالنِّشّاشِ أهلي ومالِيا

أصابوا رجالاً آمنينَ وربّما

أصابَ بريئاً حُرْمُ منْ كانَ جانيا

فلمّا سعى فينا الصريخُ وربّما

بلبَّيْكَ أنجدْنا الصريخَ المُناديا

ركِبْنا وقدْ جدَّتْ جَدادِ ولا ترى

منَ القومِ إلاّ مُحْمِشَ الجَرْدِ حامِيا

نَزائعَ من أولادِ أعوجَ قلّما

تَزالُ إلى الهَيجا صباحاً غواديا

بأُسدٍ على أكتافِهنَّ إذا عصوا

بأسيافِهمْ كانوا حتوفاً قواضيا

وما يأتلي منْ كانَ منّا وراءَنا

لحاقاً وما نحنو لمنْ كانَ تاليا

فلمّا لحقْناهمْ شددْنا ولمْ يكنْ

كِلامٌ وجرَّدْنا الصَّفيحَ اليَمانيا

هوى بينَنا رِشْقانِ ثُمّتَ لمْ يكنْ

رِماءٌ وألقى القوسَ من كانَ راميا

وكانَ امتِصاعاً تحسِبُ الهامَ تحتَهُ

جنى الشَّرْيِ تُهويهِ السيوفُ المهاويا

فدُرْنا عليهم ساعةً ثمَّ خبَّبوا

عباديدَ يعدُونَ الفِجاجَ الأقاصيا

وأسيافُنا يُسْقِطْنَ من كلِّ مَنكِبٍ

وحبلٍ ويُذْرِينَ الفَراشَ المَذاريا

فلمّا تركْناهمْ بكلِّ قَرارةٍ

جُثىً لمْ يُوارِ اللهُ منها المَعاريا

رجعْنا كأنَّ الأسْدَ في ظلِّ غابِها

ضرَجْنا دماً منها الكُعوبَ الأعاليا

شكَكْنا بها في صدرِ كلِّ منافقٍ

نَوافذَ يَنْشَحْنَ العروقَ العواصيا

ترى الأزرقِيَّ الحشْرَ في الصَّعدةِ التي

وفى الدِّرعُ منها أربعاً وثمانيا

تصيدُ بكفَّيْ كلِّ أروَعَ ماجدٍ

قلوبَ رجالٍ مُشْرِعينَ العواليا

وكنّا إذا قيلَ اظْعَنوا قد أُتيتُمُ

أقمنا ولم يُصبِحْ بنا الظعنُ غاديا

بِحَيِّ حِلالٍ يَرْكزونَ رماحَهمْ

على الظلْمِ حتى يصبحَ الأمنُ داجيا

جديرونَ يومَ الروعِ أنْ نخضِبَ القَنا

وأن نتركَ الكبشَ المُدَجَّجَ ثاويا

وإنْ نِيلَ منّا لمْ نلعْ أن يُصيبَنا

نوائبُ يلقَيْنَ الكريمَ المُحاميا

ونحنُ كفَيْنا قومَنا يومَ ناعتٍ

وجُمْرانَ جَمعاً بالقنابلِ بارِيا

حنيفةَ إذْ لم يجعلِ اللهُ فيهمِ

رشيداً ولا منهمْ عنِ الغيِّ ناهيا

أتَوْنا وهمْ عَرْضٌ وجئنا عصابةً

فذاقوا الذي كنّا نُذيقُ الأعاديا

ضربْناهمُ ضربَ الجنابى على جِبىً

غرائبَ تغشاهُ حِراراً صَواديا

بأسيافِ صدقٍ في أكُفِّ عصابةٍ

كرامٍ أبَوا في الحربِ إلاّ تأسِيا

ترى المَشْرَفِيَّ العَضْبَ ضُرِّجَ مَتنُهُ

دماً صارَ جَوناً بعدما كانَ صافيا

كأنَّ اليدَ استَلَّتْ لنا في عَجاجةٍ

لنا ولهم قرناً من الشمسِ ضاحيا

إذا ما ضربْنا البَيضَ والبَيضُ مُطبَقٌ

على الهامِ أدركْنَ الفِراخَ اللَّواطيا

ورأسٍ غزانا كيْ يصيبَ غنيمةً

أتانا فلاقى غيرَ ما كانَ راجيا

هذَذْنا القفا منهُ وقدْ كانَ عاتياً

بهِ الكِبْرُ يُلوي أخدَعَيْهِ الملاوِيا

ضربْناهُ أمَّ الرأسِ أو عَضَّ عندَنا

بساقَيْهِ حِجْلٌ يتركُ العظمَ باديا

وإنّا لنُنْضي الحربُ منّا جماعةً

وكعْباً لنا والحمدُ للهِ عاليا

وإنّي لا أخشى وراءَ عشيرَتي

عدوّاً ولا يخشوْنَهُ من ورائيا

أبى ذاكَ أنّي دونَ أحسابِ عامرٍ

مِذَبٌّ وإنّي كنتُ للضَّيمِ آبيا

وإنّي من القومِ الذين ترى لهمْ

سِجالاً وأبواباً تُفيضُ المقاريا

إذا الناسُ ماجُوا أو وزنْتَ حُلومَهمْ

بأحلامِنا كنّا الجبالَ الرواسيا

وبالشِّعْبِ أسْهَلْنا الحضيضَ ولمْ نكنْ

بشِعبِ الصَّفا ممّنْ أرادَ المخابيا

أتيْنا معَ ابنِ الجَونِ وابنَيْ مُحرِّقٍ

مَعَدٌّ يسوقونَ الكِباشَ المَذاكيا

بنو عُدَسٍ فيهمْ وأفناءُ خالدٍ

قُرومٌ تَسامى عزّةً وتَباغيا

لَقُونا بدُفّاعٍ كأنَّ أتِيَّهُ

أتِيُّ فُراتيٍّ يدُقُّ الصواريا

فلمّا رمَيْناهمْ بكلِّ مؤزَّرٍ

بغُضْفٍ تَخيَّرْنَ الظُّهارَ الخوافيا

على كلِّ عِجزٍ من رَكوضٍ ترى لها

هِجاراً يُقاسي طائفاً مُتعاديا

مشَيْنا إليهمْ في الحديدِ كأنّنا

قياسِرُ لاقَتْ بالعَنِيّةِ طالِيا

إذا نحنُ لافَفْناهمُ أخذتْهمُ

مَخاريقُ لا تُبقي منَ الروحِ باقيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حية النميري

avatar

أبو حية النميري حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Hayya-al-Numeiri@

78

قصيدة

65

متابعين

الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، أبو حية. شاعر مجيد، فصيح راجز، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح خلفاء عصره فيهما. قيل في ...

المزيد عن أبو حية النميري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة