الديوان » العصر العثماني » علي الغراب الصفاقسي » تناؤوا فدمع العين مني في سكب

تناؤُوا فدمعُ العين منّي في سكب
وجسمي في محل وشوقي في حصب
ولمّا تولّى الرّكبُ عن أيمن الشّعب
تولّى فُؤادي حيثُ ولّوا مع الرّكب
فها أنا في أسر النّوى فاقد القلب
دُموعي فوق الخدّ من مُقلتي دمٌ
ونومي من جفني عليّ مُحرّمُ
وقلبي من فرط الأسى يتألّمُ
وصبري ناء والغرامُ مُخيّمُ
وسرّي فاش بعد ما كان في حجب
فؤادي بمن أهوى يزيدُ صبابة
وزدادُ منّي كلّ حين كآبة
وتُمطرُ عيني كلّ يوم سحابة
وجسمي أمسى يضمحلُّ إذابة
ونومي من نُكر الأحبّة في سلب
يهيمُ إلى ذكر العذيب وبارق
فُؤادي إذا ما شمتُ لائح بارق
وقد كان من أهواهُ غير مُفارق
قنعتُ بطيف في الكرى منه طارق
فضنّ ولم يسمح لي الطّيفُ بالقرب
لطرق سُلوّى عنهمُ رُمتُ أهتدي
فما تمّ لي منهم مرامي ومقصدي
ولا أسرُهُم منهُ افتداءٌ فأفتدي
فلذتُ بجاه الهاشميّ مُحمّد
ولازمتُ مدحي سيّد العجم والعرب
بدأتُ باسم الله في مانظمتهُ
وثنّيتُ حمد الله فيما ذكرتُهُ
لمدح رسُول الله قلبي صرفتهُ
نبيّ الهدى المبعوث مهما ذكرتُهُ
تجلّى به ضيمي وزال به كربي
هو المصطفى المختارُ من آل هاشم
رسُولُ البرايا خيرُ أولاد آدم
شفيعُ الورى الهادي نبيُّ الملاحم
أتانا بسيف للضّلالة حاسم
ونُور به يهدي لمعرفة الرّبّ
نبيٌّ جليلُ المكرُمات مُريدُها
جميلُ المزايا والخصال حميدُها
كريمُ المعالي والفعال سديدُها
أتانا بآيات يجلُّ عديدُها
وعلياؤُها والنّورُ منها على الشّهب
ألا قُل لمن إنكارُهُ من بلادة
لها مؤثرا سُوء الشّقا عن سعادة
أما في انشقاق البدر صدقُ شهادة
أما ردّ يوم الحرب عين قتادة
براحته لمّا أصيب من القرب
أما كان بالأبصار من خلف مُدركا
أما ساخ من في إثره جاء مُدركاّ
أما ضلّ بالأملاك من كان مُشركا
أما حنّ جذعٌ والبعيرُ لهُ اشتكى
أما بلسان الظّبي خُوطب والضّب
ألم يدعُ عام المحل رافع طرفه
لمولاهُ فانهلّت هواطلُ عطفه
ووقّاهُ من حرّ الغمام بلطفه
وسبّحت الحصباءُ في بطن كفّه
وجاءت لهُ الأشجارُ تسعى على التّرب
غرامي في حُبّ النّبيّ مُؤبّدُ
ومدحي لهُ فرضٌ علي مؤكد
لهُ كلُّ شيء بالرّسالة يشهد
ومن كفّه للقوم قد سال موردُ
فأروى جميع النّاس من مورد عذب
نبيّ عليه الذّكر أنزل مُحكما
وأرسل بالآيات للخلق مُعلما
به ختم الرّسل الإلاهُ وتمّما
وأسرى به الرحمانُ ليلا إلى السّما
فلاقتهُ أملاكُ السّموات بالرّحب
بنيٌّ إلى السّبع السّماوات قد سرى
وشاهد من لولاهُ ما بهر الورى
وزاد على الأملاك قُربا ومفخرا
وصلّى بهم والأنبياء مُكبّرا
ولبّاه إذ نداهُ ذُو العرش بالقرب
فلولاهُ ما فاض الحجيجُ إلى منى
ولا سارت الرّكبانُ يوما على الدّرب
ولا كلمة التّوحيد فاه بها فمُ
ولا ضاء نُورُ الدّين في الشّرق والغرب
عُرى دينه للخلق من واثق العرى
تمسّك بها فهي النّجاةُ من الخطب
إلا هي لمّا لم أجد لي مكسبا
من الخير حتّى رُحتُ مُستغرق الذّنب
جعلتُ مديحي فيك غاية مكسبي
لعلّي أن أحظى بربح من الكسب
فكن يارسول الله بالمدح شافعي
فإن مديحي فيك من شدّة الحبّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي الغراب الصفاقسي

avatar

علي الغراب الصفاقسي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ali-Ghorab-Sfaxien@

394

قصيدة

54

متابعين

علي الغراب الصفاقسي، أبو الحسن. شاعر خلاعي له علم بفقة المالكية من أهل صفاقس. انتقل إلى تونس واتصل بالأمير علي باشا بن محمد، وصار من خواصه ولما قتل علي باشا ...

المزيد عن علي الغراب الصفاقسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة