شمسٌ ورذاذٌ وربيعٌ حائر. والأشجار
عتيقة وعالية في حديقة " بيت الطلبة".
الممرات مرصوفة بحصى يجعل المشي عليه
أَقرب إلى تدريب ساخر على رقصة فلامنكو.
والظلال مثقوبة بضوء مترجرج. من على
هذه التل نطلُّ على مدريد الواسعة
المنخفضة كحوض أخضر. ونجلس، أَنا
والشاعر الكندي/ الأمريكي مارك ستراند،
على مقعد خشبي لالتقاط الصور مع
الطالبات والطلبة... وللتوقيع على كتبنا
المترجمة إلى الإسبانية، نتبارى في إخفاء
فرح الشاعر بقارئه المجهول، غير المتوقّع...
وبِسَفَرِ شعره الذي كتبه في غرفة مغلقة
إلى هذه الحديقة. اقتربتْ سيدة أَنيقة
مني وقالت: أنا حفيدة لوركا، فعانقْتها
لأشمّ ما تسرَّب من ذراعيه إليها. وسألتها:
ماذا تتذكرين منه؟ فأجابت بأنها وُلدت
بعد مصرعه. قلت لها : هل تعلمين كم نحبّه؟
قالت: كل الناس تقول ذلك، فأشعر
بالزهو. إنه أيقونة. وذكَّرني مدير البيت
بأن هذا المكان هو أحد معالم مدريد. مَنْ
لم يقرأ شعراً هنا فهو الخاسر. هنا عاش
لوركا وأَلبرتي وخيمينيث وسلفادور دالي.
في نهاية الندوة المشتركة طُلِب مني أن أوجِّه سؤالاً
إلى مارك ستراند. فسـألتـه: ما
هي الحدود الواضحة بين الشعر والنثر؟ تلعثم
كما يتلعثم الشعراء الحقيقيون أمام صعوبة
التحديد. ثم قال: ... وهو يكتب الشعر النثري:
الإيقاع الإيقاع. الشعر يُعَرُّفُ بالإيقاع.
وحين خرجنا إلى الحديقة نتمشَّى على ممرَّات
الحصى، لم نتكلم كثيراً لئلا نكسر إيقاع
الليل على الأشجار العالية. ولا أَعرف
لماذا تذكرت قول نيتشه الحاذق: " الحكمة
الحكمة هي الـمعنى محروماً من الغناء"!
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...