الديوان » د. عمرو فرج لطيف » المدائن الحمراء * من ديوان المدائن الحمراء

حَاوَلتُ بَعدَكَ أَن أَعِيشَ تَحَرُّرِي،

وَأُمَارِسَ الشَّغَبَ الْمُثِيرَ،

بِكُلِّ أَجوَاءِ الصَّخَبْ..

كَم لُعَبَةٍ جَرَّبتُهَا،

بِحَمَاقَةٍ،

مِن دُونِ قَيدٍ أَو عَتَبْ..

فَعَشِقْتُ أَكْثَرَ مِن أَمَل،

وَتَكَرَّرَت قِصَصُ الْهَوَى،

لَكِنَّ طيفَكَ مَا احتَجَبْ..

فِي جَدوَلِ  الْأَعْمَاقِ حُبُّكَ قَائِمٌ،

لَا زَالَ يَلهُو دُونَمَا أَدنَى تَعَبْ..

لَا زَالَ طَيْفُكَ عَالِقَاً بِبَرِيقِ ذَاكِرَةِ الْجَسَدْ،

وَإِلَى الْأَبَدْ،
يَا أَيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

يَا نُقطَةَ الضَّعفِ،

الَّتِي مَلَكَت زِمَامَ مَشَاعِرِي،

وَبِرَغمِ أَنفِي..

يَا نُقطَةَ الضَّعفِ،

الَّتِي قَد صُغتُهَا وَرَوَيتُهَا،

مِن بَوحِ نَزفِي..

يَا نُقطَةَ الضَّعفِ،

الَّتِي مِنهَا انْتِصَارِي،
مَأمَنِي،
وَكَذَاكَ حَتفِي..

يَا نُقطَةَ الضَّعفِ،

الَّتِي سَلَّمتُهَا عُمرَ الشَّقَا،

وَتَرَكتُ كُلَّ الْكَوْنِ خَلفِي..

حَاوَلتُ بِالنِّسيَانِ قَتلَكَ،

إِنَّمَا بَاءَت جَمِيعُ تَجَارِبِي بِحَقِيقَةٍ،

تَحكِي تَقُولُ:
بَأَنَّ حُبَّكَ لَا يَمُوتُ،

وَأنَّكَ الْقَلبُ الْوَطَنْ.

يَا دَفقَةَ الْإِحسَاسِ،

تُشعِلُ لِي دَمِي،

فَأَغِيبُ عَن رُوحِي وَأَتْرُكُنِي إِلَيك..

يَا قِصَّةَ الْعُمرِ اسْتَبَاحَت رَغبَتِي،

هَل تَفتَكِر،

كَم مَرَّةً أَقسَمتُ بالذِّكرى عَلَيك؟

نَبكِي وَنَضحَكُ،

 فِي مَسَارَاتِ التسكُّع بَالْهَوَى ،

فَيَنَامُ كَالْعُصفُورِ قَلبِي فِي يَدَيك..

وَغَدَت تَفَاصَيِلُ الْغَرَامِ كَثِيرَةً،

لَكِنَّمَا بِإِرَادَتِي،

أَحْرَقتُ كُلَّ مَدَائِنِي،

فَتَرَكتَنِي وَالشَّوقُ يَشرَبُ مِن دَمَي..

وَمَرَارَةُ الذِّلِ الْكَبِيرِ عَلَى فَمِي..

يَا أيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

تَنتَابُنِي كُلُّ الْعِلَل..

تَسرِي بِأَحشَائِي قَوَانِينُ الْخَلَلْ..

فَوضَى مِنَ الْعَدَمِ الْمُرَابِطِ فَوقَ صَدرِي،

جَاثِمٌ حَدَّ المُقَلْ..

عَبَثٌ يكسِّر مُهجَتِي،

وَبِكُلِّ عُنفٍ،

فِي دمائِي يَرْتَحِلْ..

كَم غُربَةً سَكَنَت مَدَائِنَ لَهفَتِي،

وَكَأَنَّهَا نَارٌ بِرُوحِيَ تَشتَعِلْ..

بِئرٌ مِنَ الْحُزنِ الْعَمِيقِ تَضُمُّنِي،

وَبِكُلِّ أَلْوَانِ الذُّهُولِ،

وَلَستُ أَدرِي مَا العَمَلْ؟

وَسِهَامُ بَوصَلَةِ الحنينِ تَعَطَّلَتْ،

لَمَّا فَقَدتُكَ سَيِّدِي،

يَا أيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

لَمَّا تَرَكتُكَ مَرَّةً بِإِرَادَتِي،

وَزَعَمتُ أَنِّي مِن غَرَامِكَ قَد شُفِيتُ،

وَأَنَّنِي مَا عُدتُ أَحتَمِلُ الْغَرَامَ وَلَا الْهَوَى..

جَارَيتُ كِبْرَ التَّافِهِين،

وَكَم عَلَا رُوحِي أَنِين..

كَدَجَاجَةٍ مَذبُوْحَةٍ أَتَخَبَّطُ،

وَفَرَاغُ رُوحِيَ مِشرَطُ،

وَمَسَامُ صَبرِي كَم تَضِيق مَعَ النَّوَى..

يَا أَيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

 

 

حَاوَلتُ قَتلَكَ كُلَّ يَومٍ،

بِالْعَلَاقَاتِ الْكَثِيرِة.

حَاوَلتُ قَتلَكَ كُلِّ يَومٍ،

بِالتَّفَاصِيلِ الْمُفَبرَكَةِ الْمُثِيرَة.

لَكِنَّنِي حِينَ الْمَسَاء،

وَحِينَ أَنْظُرُ لِلسَّمَاء،

أَبكِي كَطِفلٍ،

ضَلَّ فِي سُوقِ الْحَنَانِ،

وَلَم يَجِد قَلبَاً يَحِنُّ عَلَي بُكَاه..

وَأَنوحُ مِن فَرطِ اشتِيَاقِي،

عَلَّهَا تَشفي جِرَاحِي،

دَمعَةٌ فِي نَوحِ آَهـ ..

أَعمَي بِلَيلِ الْفَقدِ قَلبِي قَد غَدَا،

مِن بَعدِ مَا قَد خَانَهُ عُكَّازُهُ،

وَأَضَلَّهُ الْهَادِي سَبِيلَه ..

حَاوَلتُ قَتلَكَ سَيِّدِي،

لَكِنَّنِي كُنتُ الْقَتِيلَةْ ..

أَبكِي عَلَيكَ دُمُوعَ عُمرِي كُلَّهَا،

يَا أيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

حَمقَاءُ كُنتُ غَبِيَّةً،

وَالْآَنَ أَشرَبُ عُزلَتِي فِي حَضرَةٍ لِلْإِنطِوَاء..

مَفصُولَةٌ عَن كُلِّ شَيءٍ حَولَنَا،

مَنهُوبَةُ الْأَعصَابِ يَتبَعُنِي الشَّقَاء..

وَهُنَاكَ شَيءٌ دَاخِلِي،

يَدنُو إِلَيكَ عَلَى انكِسَار..

يَا أيُّهَا الْحُبُّ الْوَطَنْ.

حَجَّت إِلَيكَ مَشَاعِرِي،

وَجَمِيعُ قُمصَانِي الْحَرِير..

وَالْعِطرُ كَانَ هِدَايَةً لِضَلَالَةِ الشَّغَفِ الضَّرِير..

لَحَظَاتُ يَأْسِي كُلُّهَا،

لَحَظَاتُ حُزنِي كُلُّهَا،

ذِكرَى انكِسَارِي فَوقَ أَوجَاعِ الضَّمِير..

دَومَاً تُسَائِلُنِي عَلَيكَ،

فَأَينَ أَنتَ؟
يَا أَيُّهَا الْقَلبُ الْوَطَنْ.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن د. عمرو فرج لطيف

د. عمرو فرج لطيف

133

قصيدة

د. عمرو فرج لطيف طبيب بشري وشاعر وعضو اتحاد كُتَّاب مصر ولي عدد ٤ دواوين شعرية مطبوعة (منحوتة اغريقية، هلاوس ايقاعية، الجسور المعلَّقة، المدائن الحمراء) مع ديوان تحت الطبع ( قمر) ولي العديد

المزيد عن د. عمرو فرج لطيف

أضف شرح او معلومة