لوركا .. ملاكي الأندلسي ..

تركض كل صباح بحذاءك الأسود ..

وجواربك الطويلة إلى منتصف ساقيك الشاردتين ..

أوراقك الصفراء الباكية ..

في حقيبتك ذات المقبض الجلدي الأنيق ..

معلم الرياضيات ..

يكيل لك الصفعات :

"غبي .. أحمق .. لا تفقه المعادلات .."

عيناك السوداوان تختبئان خلف يديك ..

وقلبك الصغير يرتعش خوفا ..

كقط سكب قارورة الحليب ..

وتكور تحت كرسي هزاز ..

ينتظر من سيدة البيت العقاب ..

كنت خلف مقعدك ابكي في صمت ..

وددتُ لو لكمتُ معلم الرياضيات ..

دقت أجراس الحرية ..

انطلقت فراشات اشبيليا ..

هربنا معا يدا بيد ..

رمينا حقائبهم المشؤومة على عتبة باب أرسطو ..

طائر الإوز الأبيض حملنا إلى المروج ..

سنجاب شقي سرق فردة حذائك ..

وأرنب ابيض يقرض شريطة شعري ..

ضحكنا  وضحكنا ..

حتى وكزنا الجوع بعكازه ..

أشجار الكرز من حولنا  تمطر ..

محار يتفتح ..

كرزة تراقص خصر لؤلؤة ..

أطعمتك فاكهة البراءة بيدي 

ثم غفوتَ تحت فطر عملاق ..

زهرة يطوق خصرها تُلَ أبيض ..

تدور حول هالتك البنفسجية ..

كراقصة باليه عاشقة ..

فراشة غيورة تقف على أنفك ..

تتحداني أن أوقظك ..

قطط رومية بيضاء تطارد ستائر السماء ..

لؤلؤ يتدحرج على زحاليق قزح ..

تأملتك حتى  اليقظة ..

كفي الباردة تحتضن أصابعك ..

التي كانت تفرقع تحت مسطرة معلم الرياضيات ..

لوركا .. لوركا ..

موعد حصة اللغة الأسبانية التي رسبت فيها ..

أنغام الفلامنكو تصدح ..

ريش مروحتي يقبل أنفك الصغير ..

عطسة حب طفولية ..

وضحكة شقية ..

لوركا .. لوركا ..

أهرب .. أهرب ..

جاء سائقي المفتول الشارب ..

لن نستطيع إكمال الدرس ..

تخرج لوركا من حدائق غرناطة ..

وأبحر بأشرعة جزر مالقا ..

تابعت أخباره على شاشات العالم ..

وعلى خشبات المسارح ..

وبكل المدن التي زارها ..

وبكل الأحياء التي مشى بها ..

مع الزنوج والفقراء ..

مع الساسة والشعراء ..

قبيحة أنت يا نيويورك ..

لم تنظفي إسفلت  شوارعك

الدبقة بدموع ودماء البؤساء ..

ألا تعلمين أن ملائكة الأندلس ..

لا تعيش بين قاذوراتك ..

وحديدك وأسمنتك ونارك ..

قبيحة أنت يا نيويورك ..

زنجي عاري .. يلبس سروالا  أحمر ..

يحمل دبا مقطوع الرأس ..

بكى على صدر ملاك غرناطة ..

لوث بذلته ببقايا الطعام على شفتيه الغليظتين ..

قبيحة أنت يا نيويورك ..

لوركا..

لا تنس  الهارمونيكا بجيبك ..

اعزف أغاني الأطفال ..

وانشد أشعار الفلكلور ..

اعزف تحت كل أشجار الزيتون ..

وفوق كل المنصات والمسارح ..

لوركا .. لوركا ..

استمر في عزفك ..

إني أسمعك ..

فقد تركت شرفتك مفتوحة ..

وتفاحك وفلك وياسمينك ..

يتساقط على أرضية شرفتي كل صباح ..

سأظل أذكرك لوركا ..

فهداياك تأتيني على جناح ملاك من جنائن الخلود ..

 

 

 

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن دكتورة وفاء خنكار

دكتورة وفاء خنكار

41

قصيدة

باحثة وكاتبة

المزيد عن دكتورة وفاء خنكار

أضف شرح او معلومة