سأُرسلُ كُلَّ أسراري إليكِ حبيبتي (أنتِ )،
وأحملُ كُلَّ أشعاري وأُهديها إلى (أنتِ) ،
فعندكِ تجمُلُ الأيام ،
يشدو طيرُ أحلامي ،
ينسي غُصنَ أقلامي ،
ويترُكُني ويهجُرُني إلى دوَّامةِ الـ (أنتِ).
فحين يُقالُ يا عُمري ،
بذاك الصوتِ يا قمري ،
يشيعُ الدفءُ في بدني ،
فأُشْعِلُ شمعةَ الودِّ ،
بنارِ الشوقِ في وجدي ،
وأفرُشُ حينها خدِّي ،
بظلِّ الحبِّ والوردِ ،
وأُعلنُ حينها أنِّي ،
أخذتُ العُمرَ في كفِّي ،
وأمنحَهُ إلى (أنتِ).
وحين يشعُّ من رؤياكِ نورُ البدرِ بالليلِ ،
تضيعُ غياهب الظُلمِ ،
ويغدو الحقُّ ناموساً ،لكُلِّ الخلقِ والأُمّمِ ،
ويرقصُ حينها طرباً ،ويرمي القهرَ بالويلِ ،
ويذرفُ دمعَهُ فرحاً ،كمشتاقٍ إلى العدلِ ،
ويجري مثل طفلٍ ضَلَّ فى الدُنيا عن الأهلِ ،
أضاع العُمرَ ظمآناً ،ذليل الروحِ والعقلِ،
رآهـُ الناسُ أحياناً ،بقايا الخوفِ والجهلِ ،
وفى التاريخ قد كتبوا ، كبير القلبِ والذيلِ ،
فيا من لاحت الدنيا ،
بطيفِ خيالها حينا،
أعيدي الحقَّ للدنيا ،
كما الأطيار تلحينا ،
فإنَّ العدل قد جاء ،
إلىَّ الصبحَ يهمس لي ،
بأنَّ مبادىءَ الحُبِّ ،
كذا والحقِّ والصدقِ ،
أتت من لفحةِ الـ (أنت).
وحين تسيرى في العصرِ ،
تدوسي الأرض في فرحٍ ؛
فترقصُ كُلما تسري.
وتمتدُّ وينبتُ فوقها شِعرٌ يغازلُ كُلَّ ما فيكِ ،
فيجرى القلبُ فى قلقٍ ،
يُقبَّل تارةً خدَّاً ،
ويرشفُ تارةً شَفَةً ،
ويرجعُ لي ،
أرى نفسي ،
وما قد جدَّ في حسِّي ،
فألقى أنَّني أصبحتُ؛
عيناً ما لها شغلٌ ،
ولا وِردٌ ولا عملٌ ،
سوى التحديقِ في السرِّ ،
ومزجِ الشوقِ بالصبرِ ،
لأجلِ بدائعِ الـ ( أنتِ) .
وحين الليل يأخذُني ،
إلى عينيكِ في حُلمي ،
وتكبرُ في رُبى صدري من الأشواقِ أشياءٌ ،
تثيرُ الخوف في نفسي ،
فأجري جرى مذعورٍ لأهلِ الطبِّ في بلدي ،
فأرجعُ مثلما رُحتُ بلا هَدىٍّ ولا قبسِ ،
ويبقى الشيءُ في صدري يكبرُ كُلما أُمسي ،
وبالأسحار يوقِظُني ،
يُكسِّرُ كُلَّ أعماقي ،
ويمحوني ويشطُرُني ،
فأصحو من ضنى نومي ،
ألمُّ حُطام فِكرِ الأمسِ من رأسي ،
فأستعلى على يأسي ،
وأحبو نحو من عُرِفَوا بأهلِ العشقِ من بلدي ،
فيأخُذُني بشوقِ العاشقِ المَعْنِي ،
ويمسح نافرَ الأشواق فى صدري ،
ويذرفُ دمعةً ثكلي ،
لما قد بان من أمري ،
ويقرأُ مثلِ أذكارٍ ،
أتاك الحبُّ يا ولدي ،
فصرتَ رهين أشواقٍ ،
ببحرِ الحُبِّ أعواماً وفى صمْتِك لا تدري ،
فلمَّا قال ما قال ،
وردَّد ذِكرها عندي ،
عرفتُ بأنَّ ما كان من الأشواق في صدري ،
فيوضٌ من سنا نورٍ وفكُّ طلاسمِ الـ (أنتِ.(
فيا من لاحت الدنيا بفيض جمال ما فيها ،
حلفتُ بأنَّ قلبك لى،
وأنَّكِ أنتِ غاليتي ،
ولو خُيرتُ في عشقٍ ،
لصاح القلبُ يأخذُني لبحرٍ موجُهُ الـ ( أنت) .
ففي العينين شاديةً،
طيورُ الحبِّ تدعوني ،
وفى الأهدابِ لافتةٌ ،
عليها البعضُ من صمتي ،
ففي محيايَّ إن عشتُ ،
وفى قبري إذا مِتُّ ،
سأُعطى الحبَّ من حُبَّي ،
وأسرى في قلوبِ الناس ،
وأنقُشُها على قبرى ، شهيدُ مطالع الـ (أنتِ).
133
قصيدة