يا بحرُ جئتُك؛
أشتكي ظُلم الحياةِ وقسوةَ الأيام ِ .
وتركتُ صبري،
خلف ظهري بعدما زادت شجونيَ ،
ما استقرَّ منامى .
ورفعتُ في وجهِ الزمانِ قضيتي ،
فرأيتُ ذُلِّىَ بعد عِزِّ مقامي .
وجلستُ وحدي؛
كي أُعيد بفُطْرتى،
ما قد رأيتُ ،
وما الذي في جُعبتي بعد العناءِ ،
وما الذي لا زلتُ أذكرُ من لظى أحلامي .
هذا أنا،
طفلٌ على بابِ الهوى،
مرَّت سنيني ،
بعدها ما عُدتُ اذكرُ ما مضي ،
وأخافُ من غدرِ الزمانِ وأنثني ،
خجلاً لما قد ضاع من عُمريَ فى أوهامي.
قد كُنتُ أحلمُ أنَّني ،
سأصيرُ نجماً شامخاً ،
وأُروِّضُ الأفكار وحدي لأرتقي ،
وتُرفرفُ الدُنيا بوقعِ كلامي .
يا بحرُ قُل لي ،
ما الذي قد تاهـ مِنِّي؛
إنَّني ضاعت علومي في الهوى ،
وتسرَّبت منِّى مياهُ غرامي .
لا عدُتُ أعرفُ،
هل صحيحٌ ما يُقالُ بأنَّنا،
لا زال فينا بحرُ عِلمٍ دافقٌ مترامى ؟
أم يا تُري؛
كُلُّ الذي قد قيل عنَّا سابقاً ،
كذبٌ وتلفيقٌ وزيفُ أسامي .
يا بحرُ جئتُك،
والدموعُ كأنَّها موجُ الشتاء ،
قد كسَّرَتْ أحجارَ شطِّيَ ،
أشعلت قلبى مآتم للبُكاء .
وسَرَتْ بعمقٍ في سويداء القلوب ،
وذوَّبت في الصدرِ حُلماً ،
كان صلباً لا يذوب ،
وانزوي طيفي بعيداً ،
مثلِ شهقات الغروب ،
وتمزَّقت أحلامُ عُمري ،
عند أبوابِ الرجاء .
وتفرَّقت دقَّاتُ قلبي،
في الصباحِ مع الهواء .
قد عِشتُ أنتظرُ الوليدَ ،
يجيءُ ضوءاً في السماء .
ويُبدِّل الثوبَ الحزينَ ،
بناي فَرَحٍ أو غِناء .
لكنما لاقي الوليدُ رصاصةً ،
قد لوَّنت في المهدِ كُلَّ ثيابهِ لون الدماء .
يا ويح صبري ،
كيف لي الصبرُ الجميل ،
والعُمرُ يحملُ في يديهِ كُلَّ أمتعةِ الرحيل ،
وأري مآسي الصبرِ في جسدي النحيل ،
والشِعرُ من جوفي يًنادي بالمساء ،
يا ربُّ هل لي :
لخروجٍ من سبيل ؟
قد عِشتً أنتظرُ الوليدَ ،
وأعدُّ ساعاتي لأفرح باللقاء ،
لكنما ضاعت سنيني ،
وانطوى حُلمي سريعاً ،
وانتهى وجَعى هباء،
أضحى هواءً فى هواءٍ فى هواء.
د. عمرو فرج لطيف
طبيب بشري وشاعر وعضو اتحاد كُتَّاب مصر ولي عدد ٤ دواوين شعرية مطبوعة (منحوتة اغريقية، هلاوس ايقاعية، الجسور المعلَّقة، المدائن الحمراء) مع ديوان تحت الطبع ( قمر) ولي العديد