يَا امْرَأَةً،
خَضْرَاَءَ الْعَيْنَيْنِ،
تُسَاْفِرُ فِيْ رُوْحِيْ عُمْرَاْ.
وَتَصُبُّ الْعِشْقَ عَلَىْ شَغَفِي،
فَتُحِيْلُ أَحَاْسِيْسِيْ جَمْرَاْ!
تَرْسُمُنِيْ خَطَّاً كُوْفِيَّاً،
تَغْزِلُنِيْ ثَوْبَاً مِنْ نَثْرٍ،
أَوْ شَاءَتْ تَلْبَسُنِيْ شِعْرَاْ.
تَسْرِي بِدِمَائِي فِيِ مَهَلٍ،
تَرْقُصُ حَافِيَةَ القَدَمَيْنِ،
تَأكُلُ مِنْسَأَةَ الأفْكَارِ؛
فَتَخِرُّ الصُّوْرَةُ سَاْجِدَةً؛
كَيْ تَسْبَح فِي مَاءِ العَينِ،
تَسْكُبُنِي خَلْفَ ضَفَائِرِهَا،
لَيْمُوْنَاً أَصْفَرَ أَوْ عِطْرَا!
تَأْخُذُنِي مِن كَفِّ حَنِيْنِي،
تَشْرَبُ فِي الرُكْنِ تَفَاْصِيْليْ،
تَمْزُجُ بِالحَبَقِ وَبِالنَّعْنَاعِ،
شَايَ الْأَشْوَاقِ عَلَى النِّيلِ،
وتَظَلُّ تُعَرْبِدُ طُولَ الْلَيلِ،
فِي كَونِ غَيَابَاتِ الضَّجَرِ،
وَتَقُصُّ حَكَايَا عَن بَغْدَادِ،
وَعَن (نِسْبِيَّةِ آينِشتَايِن)
وَوَقَاحَةِ أَوْلَادِ الغَجَرِ،
وتَمُوُجُ،
تَدُوُرُ عَلَى قَدَمِي،
تَغْسِلُهَاْ بِالْمَاءِ الدَّافيءِ،
وَتَرُشُّ عَلَيْهَا مِلحَ الصَّبرِ،
تُقَبِّلُهَا،
فَأُقَبُّلُ كَفَّ عَطَايَاهَا،
وَأُقِيْمُ لَدَيهاَ حَتَّى الْفَجْرِ،
وَتَتْرُكُنِي،
فَأُنَقِّرُ كَالْهُدْهُدِ لَيْلِي،
وَأُسَاَفِرُ فِي لَوْحِ الْقَدَرِ،
بِبُرَاقِ النَّشْوَةِ وَالذِّكْرَى.
وَأَغِيِبُ أَغِيِبُ وعَنْ نَفْسِي،
لَاْ أَدْرِيْ كَمْ لَبِثَتْ رُوُحِي،
فِيْ كَهْفِ ضَلَاْلَاْتِ الْوَجَلِ،
يَوْمَاً أَوْ بِعْضَاً أَوْ دَهْرَاْ.
لَاَ أَدْرِيْ مَاذَا فَعَلَت بِي؛
كَيْ تَسكُنَ كُلَّ مَدَارَاتِي،
وَلَاْ تَسْتَبقِي لِي شِبرَا.
وَتَعوْدُ تُغَرِّدُ عَنْ بَغْدَادِ،
وَكَيْفَ أَقَاْمَت لِلتَارِيخِ،
حَضَارَةَ مَجدٍ أَو ذِكْرَا.
وَكَيْفَ تَفِيْضُ بِدِجْلَتِهَا،
بِفُرَاتِ النُّورِ عَلَى الْكُلِّ،
قَمحَاً وَزَبِيِبَاً أَوْ تَمْرَا.
وَكَيْفَ تُدَاْوِي حُمَّى الْقَهرِ،
وَتَذْرِفُ فِي الْبَلوَى صَبْرَا.
وَكَيْفَ تُوَاجِهُ مَنْ بَاعُوا،
وَكَيْفَ تُقَاتِلُ مَنْ خَانوا،
بِالصَّدْرِ الْعَاْرِي،
تَسْتَقْبِلُ حِمَمَ الْخُذْلانِ أَوِ الْغَدرَا.
وَدِمَاءُ الْأَحْرَارِ تَمُوجُ،
وَتَرَاهَا تَحسَبُهَا نَهرَا.
فَتُغَيِّرُ أَحْدَاثَ التَّارِيخِ،
تُحَوِّلُ عُسْرَ ضَوَائِقِهَا،
نَغَمَاً بِمَقَامِ الرُّكْبَاني،
وَتَجُودُ عَلَى الْعَاْلَمِ يُسْرَا.
يَا امْرَأَةً تَعَبُرُ آفَاقَاً،
بِدَلَالِ الْخُطْوَةِ وَالْغَنَجِ،
بنُعُومَةِ رِقَّةِ ذَاكَ الصَّوتِ،
بِرَنَّةِ خُلْخَالِ الْهَزَجِ،
فَتُحِيِلُ ثَقَاْفَتَنَا صِفرَا.
يَاْ جَنَّةَ عُمْرِي فِي الدُّنْيَا،
لَا أَظْمَأُ فِيِكِ وَلَاْ أَضْحَى،
يَاْ حُسْنَكِ يَدْنُو يَتَدَلَّى،
قَابَ الْقَوْسَيْنِ وَيَتَجَلَّى،
أَتَلَحَّفُ حُضْنَكِ غَالِيَتِي؛
أَفْتَرِشُ الْجِلْدَ فَلَا أَعْرَى.
133
قصيدة