دع البكاء على ما فات مطلبه
فالدهر يأتي بأنواع من العجبِ
فالشيء بالشيء فانظر في عواقبه
مما إذا هو يوماً غاب لم يَؤُبِ
والراح ترحم كل هم طالع
بكواكب أفلاكها الراحات
قابلت بالساقي السماء فاطلعت
بدراً على كأنها مرآت
أرى الحظ يأتي صاحب الحظ وادعاً
ويعيي سواه ساعياً فيه مُتعبا
إذا كان مجرى كوكبٍ سَمْتَ هامةٍ
علاها وإلا اعتاص ذلك مطلبا
نمشي وقد طال الطريق بنا
ونود لو نمشي إلى الأبدِ
ونود لو خلت الحياة لنا
كطريقنا وغدت بلا أحدِ
ولقد تركت الدهر ينشد معلناً
كم آخر أزرى برتبة أول
فأسعد بأيام السرور وطيبها
واستقبل الدنيا بسعد مقبل
أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى
إذا جاء نصر اللضه بُتَّت يَدُ الفَقرِ
وإن جئتَهُ بالمدح يلقاك باللَّهَى
فكم مرةٍ قد قابل النظم بالنثرِ
صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ
هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً
مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي
وَسَيِّدِي وَمَولى لِي
وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ
في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَماً
قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما
فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّماً
طَرَحَ الكَآبَةَ جانِباً وَتَرَنَّما
قد كنتُ أرغَبُ أن أرى قلبي كما
أهوَى ولكن ليسَ قلبي في يَدي
والقلبُ مثل العِهنِ إنْ جارَيتَهُ
لكن إذا عاصَيتهُ كالجَلمَدِ
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ
فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ
تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ
من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ
يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ
وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
لا يَحسُنُ الحِلمُ إِلّا في مَواطِنِهِ
وَلا يَليقُ الوَفا إِلّا لِمَن شَكَرا
وَلا يَنالُ العُلى إِلّا فَتىً شَرُفَت
خِلالُهُ فَأَطاعَ الدَهرَ ما أَمَرا
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ
لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ
ما كانَ ذَنبِيَ أَن فَلَّت مَعاوِلَكُم
مِن آلِ لَأيٍ صَفاةٌ أَصلُها راسِ
أَيقِظ شُعورَكَ بِالمَحَبَّةِ إِن غَفا
لَولا الشُعورُ الناسُ كانوا كَالدُمى
أَحبِب فَيَغدو الكوخُ كَوناً نَيِّراً
وَاِبغُض فَيُمسي الكَونُ سِجناً مُظلِما
كُلٌّ يَدورُ عَلى البَقاءِ مُؤَمِّلاً
وَعَلى الفَناءِ تُديرُهُ الأَيّامُ
وَالدائِمُ المَلَكوتِ رَبٌّ لَم يَزَل
مَلِكاً تَقَطَّعُ دونَهُ الأَوهامُ
أُحاذِرُ أَن تَتَظَنّى الوُشاةُ
وَقَد يُستَدامُ الهَوى بِالحَذَر
وَأَصبِرُ مُستَيقِناً أَنَّهُ
سَيَحظى بِنَيلِ المُنى مَن صَبَر
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ