إِذا الحَربُ حَلَّت ساحَةَ القَومِ أَخرَجَت
عُيوبَ رِجالٍ يُعجِبونَكَ في الأَمنِ
وَلِلحَربِ أَقوامٌ يُحامونَ دونَها
وَكَم قَد تَرى مِن ذي رُواءٍ وَلا يُغني
وَمَن ظَنَّ مِمَّن يُلاقي الحُروبَ
بِأَن لا يُصابَ فَقَد ظَنَّ عَجزا
نَعِفُّ وَنَعرِفُ حَقَّ القِرى
وَنَتَّخِذُ الحَمدَ ذُخراً وَكَنزا
وَنَلبَسُ في الحَربِ نَسجَ الحَديدِ
وَنَسحَبُ في السِلمِ خَزّاً وَقَزّا
كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهُم
قَتلى وَأَسرى فَما يَهتَزَّ إِنسانُ
ماذا التَقاطعُ في الإِسلامِ بَينَكُمُ
وَأَنتُم يا عِبَادَ اللَهِ إِخوَانُ
وَما كُلُّ مَن يَغدو الى الحَربِ فارِسٌ
وَلا كُلُّ مَن قالَ المَديحَ فَصيح
أَنا في الحَربِ العَوانِ
غَيرُ مَجهولِ المَكانِ
أَينَما نادى المُنادي
في دُجى النَقعِ يَراني
دَعوني أُوَفّي السَيفَ في الحَربِ حَقَّهُ
وَأَشرَبُ مِن كاسِ المَنِيَّةِ صافِيا
وَمَن قالَ إِنّي سَيِّدٌ وَاِبنُ سَيِّدٍ
فَسَيفي وَهَذا الرُمحُ عَمّي وَخالِيا
هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ
إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي
إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ
نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ
طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً
يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ
لَقَد عَلِمَت عُليا هَوازِنَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي حَقيقَةَ جَعفَرِ
وَقَد عَلِمَ المَزنوقُ أَنّي أَكُرُّهُ
عَشِيَّةَ فَيفِ الريحِ كَرَّ المُشَهَّرِ
إِذا اِزوَرَّ مِن وَقعِ الرِماحِ زَجَرتُهُ
وَقُلتُ لَهُ اِرجِع مُقبِلاً غَيرَ مُدبِرِ
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
الحربُ أوّلٌ ما تكونُ فُتيَّةً
تسعى بزينتها لكلِّ جَهولِ
حتى إذا استَعَرَت وشَبَّ ضِرامُها
عادت عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ
بُيوتَ المَجدِ ثُمَّ نَموتُ مِنها
إِلى عَلياءَ مُشرِفَةِ القَذالِ
تَزِلُّ حِجارَةُ الرامينَ عَنها
وَتَقصُرُ دونَها نَبلُ النِصالِ
والسيفُ أبلغُ فيمن لَيسَ يَردَعُهُ
عن الغوايةِ إيعادٌ وتهديدُ
أولى له لو تراخى ساعةً لغدا
وريدُهُ وهوَ بالخطي مَورُودُ
يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ
وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ
وَلَولا الهَوى ما ذَلَّ مِثلي لِمِثلِهِم
وَلا خَضَعَت أُسدُ الفَلا لِلثَعالِبِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لَقِحَت حَربُ وائِلٍ عَن حِيالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لَيسَ قَولي يرادُ لَكِن فعالي
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
جَدَّ نَوحُ النِساءِ بِالإِعوالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
شابَ رَأسي وَأَنكَرَتني القَوالي
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لِلسُرى وَالغُدُوِّ وَالآصالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
طالَ لَيلي عَلى اللَيالي الطِوالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لِاِعتِناقِ الأَبطالِ بِالأَبطالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
وَاِعدِلا عَن مَقالَةِ الجُهّالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لَيسَ قَلبي عَنِ القِتالِ بِسالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
كُلَّما هَبَّ ريحُ ذَيلِ الشَمالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لِبَجَيرٍ مُفَكِّكِ الأَغلالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لِكَريمٍ مُتَوَّجٍ بِالجَمالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لا نَبيعُ الرِجالَ بَيعَ النِعالِ
قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي
لِبُجَيرٍ فداهُ عَمّي وَخالي
قَرِّباها لِحَيِّ تَغلِبَ شوساً
لِاِعتِناقِ الكُماةِ يَومَ القِتالِ
قَرِّباها وَقَرِّبا لَأمَتي دِر
عاً دِلاصاً تَرُدُّ حَدَّ النِبالِ
قَرِّباها بِمُرهَفاتٍ حِدادٍ
لِقِراعِ الأَبطالِ يَومَ النِزالِ
رُبَّ جَيشٍ لَقيتُهُ يَمطُرُ المَو
تَ عَلى هَيكَلٍ خَفيفِ الجِلالِ
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا
لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
وَسَلي الفَوارِسَ يُخبِروكِ بِهِمَّتي
وَمَواقِفي في الحَربِ حينَ أَطاها
وَأَزيدُها مِن نارِ حَربي شُعلَةً
وَأُثيرُها حَتّى تَدورَ رَحاها
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا
كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ
كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ