وَكَلامُ الوُشاةِ لَيسَ عَلى الأَحـ
ـبابِ سُلطانُهُ عَلى الأَضدادِ
إِنَّما تُنجِحُ المَقالَةُ في المَر
ءِ إِذا صادَفَت هَوىً في الفُؤادِ
لِمَن تَطلُبُ الدُنيا إِذا لَم تُرِد بِها
سُرورَ مُحِبٍّ أَو إِساءَةَ مُجرِمِ
تَخالَفَ الناسُ حَتّى لا اِتِّفاقَ لَهُم
إِلّا عَلى شَجَبٍ وَالخُلفُ في الشَجَبِ
فَقيلَ تَخلُصُ نَفسُ المَرءِ سالِمَةً
وَقيلَ تَشرَكُ جِسمَ المَرءِ في العَطَبِ
يُعجِبُني في الخَليلِ تَكريرُهُ النَفـ
ـعَ وَخَيرُ الخُلّانِ مَن نَفَعَك
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَهٍ
عَلَلٍ شُربُهُ وَوارِدِ خِمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحمو
لاً هَواهُ مَعَ الأَخَسِّ الأَخَسِّ
وَما السَيفُ إِلّا بَزُّ غادٍ لِزينَةٍ
إِذا لَم يَكُن أَمضى مِنَ السَيفِ حامِلُه
إِذا أَنتَ لَم تُضرِب عَنِ الحِقدِ لَم تَفُز
بِذِكرٍ وَلَم تَسعَد بِتَقريظِ مادِحِ
وَلَن يُرتَجى في مالِكٍ غَيرِ مُسجِحٍ
فَلاحٌ وَلا في قادِرٍ غَيرِ صافِ
أَرى الحِلمَ بُؤسى في المَعيشَةِ لِلفَتى
وَلا عَيشَ إِلّا ما حَباكَ بِهِ الجَهلُ
عَلَيكَ أَبا العَبّاسِ بِالصَبرِ طَيِّعاً
فَإِن لَم تَجِدهُ طَيِّعاً فَتَصَبَّرِ
وَلا بُدَّ أَن يُهراقَ دَمعٌ فَإِنَّما
يُرَجّى اِرتِقاءُ الدَمعِ بَعدَ التَحَدُّرِ
إِذا أَنتَ لَم تَنضَح جَواكَ بِعِبرَةٍ
غَلا في التَمادي أَو قَضى في التَسَعُّرِ
فَلَولا البُعدُ ما طُلِبَ التَداني
وَلَولا البَينُ ما عُشِقَ التَلاقي
وَخُسرانُ المَوَدَّةِ في السَجايا
كَخُسرانِ التِجارَةِ في الوِراقِ
وَأَرى النَجابَةَ لا يَكونُ تَمامُها
لِنَجيبِ قَومٍ لَيسَ بِاِبنِ نَجيبِ
يَعشى عَنِ المَجدِ الغَبِيُّ وَلَن تَرى
في سُؤدُدٍ أَرَباً لِغَيرِ أَريبِ
لا تَغلُ في جودِ الرِجالِ فَإِنَّهُ
لَم أَرضَ جوداً غَيرَ جودِ أَديبِ
وَالبَحرُ تَمنَعُهُ مَرارَتُهُ
مِن أَن تَسوغَ لِشارِبٍ جُرَعُه
فَلَو فَهِمَ النَاسُ التَلاقِي وَحُسنَهُ
لَحُبِّبَ مِن أَجلِ التَلاقي التَفَرُّقُ
وَالعَيشُ مافارَقتَهُ فَذَكَرتَهُ
لَهَفاً وَلَيسَ العَيشُ ماتَنساهُ
وَلَوَ أَنَّني أُعطي التَجارِبَ حَقَّها
فيما أَرَت لَرَجَوتُ ما أَخشاهُ
رَأى التَواضُعُ وَالإِنصافَ مَكرُمَةً
وَإِنَّما اللُؤمُ بَينَ العُجبِ وَالتيهِ
فاضَلَ بَينَ الأَخَوانِ عُسري وَعَن
ظَلماءِ لَيلٍ تَفاضَلَت شُهُبُه
وَعُدَّتي لِلهُمومِ إِن طَرَقَت
تَوخيدُ ذاكَ المَطِيِّ أَو خَبَبُه
وَما تُنبِتُ البَطحاءُ مِن غَيرِ وابِلٍ
وَلا يَستَديمُ الشُكرَ غَيرُ جَوادِ
عَدَدٌ تَكامَلَ لِلذَهابِ مَجيئُهُ
وَإِذا مُضِيُّ الشَيءِ حانَ فَقَد مَضى
خَفِّض عَلَيكَ مِنَ الهُمومِ فَإِنَّما
يَحظى بِراحَةِ دَهرِهِ مَن خَفَّضا
وَارفُض دَنِيّاتِ المَطامِعِ إِنَّها
شَينٌ يَعُرُّ وَحَقُّها أَن تُرفَضا
وَهَل يُمكِنُ الأَعداءَ وَضعُ فَضيلَةٍ
وَقَد رُفِعَت لِلناظِرينَ مَعَ النَجمِ