يَعشى عَنِ المَجدِ الغَبِيُّ وَلَن تَرى
في سُؤدُدٍ أَرَباً لِغَيرِ أَريبِ
لا تَغلُ في جودِ الرِجالِ فَإِنَّهُ
لَم أَرضَ جوداً غَيرَ جودِ أَديبِ
وَالبَحرُ تَمنَعُهُ مَرارَتُهُ
مِن أَن تَسوغَ لِشارِبٍ جُرَعُه
فَلَو فَهِمَ النَاسُ التَلاقِي وَحُسنَهُ
لَحُبِّبَ مِن أَجلِ التَلاقي التَفَرُّقُ
وَالعَيشُ مافارَقتَهُ فَذَكَرتَهُ
لَهَفاً وَلَيسَ العَيشُ ماتَنساهُ
وَلَوَ أَنَّني أُعطي التَجارِبَ حَقَّها
فيما أَرَت لَرَجَوتُ ما أَخشاهُ
رَأى التَواضُعُ وَالإِنصافَ مَكرُمَةً
وَإِنَّما اللُؤمُ بَينَ العُجبِ وَالتيهِ
فاضَلَ بَينَ الأَخَوانِ عُسري وَعَن
ظَلماءِ لَيلٍ تَفاضَلَت شُهُبُه
وَعُدَّتي لِلهُمومِ إِن طَرَقَت
تَوخيدُ ذاكَ المَطِيِّ أَو خَبَبُه
وَما تُنبِتُ البَطحاءُ مِن غَيرِ وابِلٍ
وَلا يَستَديمُ الشُكرَ غَيرُ جَوادِ
عَدَدٌ تَكامَلَ لِلذَهابِ مَجيئُهُ
وَإِذا مُضِيُّ الشَيءِ حانَ فَقَد مَضى
خَفِّض عَلَيكَ مِنَ الهُمومِ فَإِنَّما
يَحظى بِراحَةِ دَهرِهِ مَن خَفَّضا
وَارفُض دَنِيّاتِ المَطامِعِ إِنَّها
شَينٌ يَعُرُّ وَحَقُّها أَن تُرفَضا
وَهَل يُمكِنُ الأَعداءَ وَضعُ فَضيلَةٍ
وَقَد رُفِعَت لِلناظِرينَ مَعَ النَجمِ
إِذا المَرءُ لَم يَجعَل غِناهُ ذَريعَةً
إِلى سُؤدُدٍ فَاِعدُد غِناهُ مِنَ العُدمِ
وَما يُعذَرُ المَوسومُ بِالشَيبِ أَن يُرى
مُعارَ لِباسٍ لِلتَصابى وَلا وَسمِ
تُخَبِّرُني أَيّامِيَ الحُدثُ أَنَّني
تَرَكتُ السُرورَ عِندَ أَيّامِيَ القُدمِ
قَد يُنَسّي الصَديقَ عَمدُ تَناسيـ
ـهِ وَيُسلى عَنِ الحَبيبِ صُدودُه
وَالفَتى مَن إِذا تَزَيَّدَ خَطبٌ
أَشرَقَت راحَتاهُ وَاِهتَزَّ عودُه
لا اللَفا رَفدُهُ وَلا خَبَرَ الغَيـ
ـبِ نَداهُ وَلا النَسيئَةُ جودُه
لا تُنكِرَن مِن جارِ بَيتِكَ أَن طَوى
أَطنابَ جانِبِ بَيتِهِ أَو قَوَّضا
فَالأَرضُ واسِعَةٌ لِنُقلَةِ راغِبٍ
عَمَّن تَنَقَّلَ عَهدُهُ وَتَنَقَّضا
رَأَيتُ الحَزمَ في صَدرٍ سَريعٍ
إِذا اِستَوبَأتُ عاقِبَةَ الوُرودِ
وَكُنتُ إِذا الصَديقُ رَأى وِصالي
مُتاجَرَةً رَجِعتُ إِلى الصُدودِ
وَإِذا صَحَّتِ الرَوِيَّةُ يَوماً
فَسَواءٌ ظَنُّ إِمرِئٍ وَعِيانُه
إِن تَغَطّى عَنكَ الأَصادِقُ تُبدي
شِدَّةُ الدَهرِ عَنهُمُ وَلِيانُه
يُعرَفُ السَيفُ بِالضَريبَةِ يَلقا
ها وَيُنبي عَنِ الصَديقِ إِمتِحانُه
وَالدَمعُ سَيلٌ مَتى عَلَّيتَ جَريَتَهُ
أَبى الرُجوعَ وَإِن صَوَّبتَهُ اِندَفَعا
تَنَكَّرَ العَيشُ حَتّى صارَ أَكدَرُهُ
يَأتي نِظاماً وَيَأتي صَفوُهُ لُمَعا
وَآنَسَت مِن خُطوبِ الدَهرِ كَثرَتُها
فَلَيسَ يُرتاعُ مِن خَطبٍ إِذا طَلَعا
خَلِّ الثَراءَ إِذا أَخزَت مَغَبَّتُهُ
وَاِختَر عَلَيهِ عَلى نُقصانِهِ العَدَما
وَمِنَ السَفاهَةِ أَن تَظَلَّ مُكَفكِفاً
دَمعاً عَلى طَلَلٍ تَأَبَّدِ مُقفِرِ
وَهَل دُموعٌ أَفاضَ النَهيُ رَيِّقَها
تُدني مِنَ البُعدِ أَو تَشفي مِنَ الكَمَدِ
فَما يَزالُ جَوىً في الصَدرِ يُضرِمُهُ
وَشكُ النَوى وَصُدودُ الأُنَّسِ الخُرُ
وَلَيسَ العُلا دُرّاعَةٌ وَرِداؤُها
وَلا جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ وَقَميصُها
وَإِلّا كَما اِستَنَّ الثَوابيُّ إِذ جَرَت
عَلى عادَةٍ أَثوابُهُ وَخُروصُها