إِذا المَرءُ لَم يَجعَل غِناهُ ذَريعَةً
إِلى سُؤدُدٍ فَاِعدُد غِناهُ مِنَ العُدمِ
وَما يُعذَرُ المَوسومُ بِالشَيبِ أَن يُرى
مُعارَ لِباسٍ لِلتَصابى وَلا وَسمِ
تُخَبِّرُني أَيّامِيَ الحُدثُ أَنَّني
تَرَكتُ السُرورَ عِندَ أَيّامِيَ القُدمِ
قَد يُنَسّي الصَديقَ عَمدُ تَناسيـ
ـهِ وَيُسلى عَنِ الحَبيبِ صُدودُه
وَالفَتى مَن إِذا تَزَيَّدَ خَطبٌ
أَشرَقَت راحَتاهُ وَاِهتَزَّ عودُه
لا اللَفا رَفدُهُ وَلا خَبَرَ الغَيـ
ـبِ نَداهُ وَلا النَسيئَةُ جودُه
لا تُنكِرَن مِن جارِ بَيتِكَ أَن طَوى
أَطنابَ جانِبِ بَيتِهِ أَو قَوَّضا
فَالأَرضُ واسِعَةٌ لِنُقلَةِ راغِبٍ
عَمَّن تَنَقَّلَ عَهدُهُ وَتَنَقَّضا
رَأَيتُ الحَزمَ في صَدرٍ سَريعٍ
إِذا اِستَوبَأتُ عاقِبَةَ الوُرودِ
وَكُنتُ إِذا الصَديقُ رَأى وِصالي
مُتاجَرَةً رَجِعتُ إِلى الصُدودِ
وَإِذا صَحَّتِ الرَوِيَّةُ يَوماً
فَسَواءٌ ظَنُّ إِمرِئٍ وَعِيانُه
إِن تَغَطّى عَنكَ الأَصادِقُ تُبدي
شِدَّةُ الدَهرِ عَنهُمُ وَلِيانُه
يُعرَفُ السَيفُ بِالضَريبَةِ يَلقا
ها وَيُنبي عَنِ الصَديقِ إِمتِحانُه
وَالدَمعُ سَيلٌ مَتى عَلَّيتَ جَريَتَهُ
أَبى الرُجوعَ وَإِن صَوَّبتَهُ اِندَفَعا
تَنَكَّرَ العَيشُ حَتّى صارَ أَكدَرُهُ
يَأتي نِظاماً وَيَأتي صَفوُهُ لُمَعا
وَآنَسَت مِن خُطوبِ الدَهرِ كَثرَتُها
فَلَيسَ يُرتاعُ مِن خَطبٍ إِذا طَلَعا
خَلِّ الثَراءَ إِذا أَخزَت مَغَبَّتُهُ
وَاِختَر عَلَيهِ عَلى نُقصانِهِ العَدَما
وَمِنَ السَفاهَةِ أَن تَظَلَّ مُكَفكِفاً
دَمعاً عَلى طَلَلٍ تَأَبَّدِ مُقفِرِ
وَهَل دُموعٌ أَفاضَ النَهيُ رَيِّقَها
تُدني مِنَ البُعدِ أَو تَشفي مِنَ الكَمَدِ
فَما يَزالُ جَوىً في الصَدرِ يُضرِمُهُ
وَشكُ النَوى وَصُدودُ الأُنَّسِ الخُرُ
وَلَيسَ العُلا دُرّاعَةٌ وَرِداؤُها
وَلا جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ وَقَميصُها
وَإِلّا كَما اِستَنَّ الثَوابيُّ إِذ جَرَت
عَلى عادَةٍ أَثوابُهُ وَخُروصُها
وَلا بُدَّ مِن تَركِ إِحدى اِثنَتَيـ
ـنِ إِمّا الشَبابِ وَإِمّا العُمُر
وَحَسبُ أَخي النَعمى جَزاءً إِذا اِمتَطى
سَوائِرَ مِن شِعرٍ عَلى الدَهرِ خالِدِ
مَلَكتُ بِهِ وُدَّ العِدى وَأَجَدَّ لي
أَواصِرَ قُربى في الرِجالِ الأَباعِدِ
وَحُسنُ دَرارِيِّ الكَواكِبِ أَن تُرى
طَوالِعَ في داجٍ مِنَ اللَيلِ غَيهَبِ
وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ وَشَأوُهُ
مُتَقَدِّمٌ وَنَبا الحُسامُ القاطِعُ
لَن يَظفَرَ الأَعداءُ مِنكَ بِزَلَّةٍ
وَاللَهُ دونَكَ حاجِزٌ وَمُدافِعُ
وَما تَحسُنُ الدُنيا إِذا هِيَ لَم تُعَن
بِآخِرَةٍ حَسناءَ يَبقى نَعيمُها
بَقاؤُكَ فينا نِعمَةُ اللَهِ عِندَنا
فَنَحنُ بِأَوفى شُكرِها نَستَديمُها
وَأَرى الشَبابَ عَلى غَضارَةِ حُسنِهِ
وَجَمالِهِ عَدَداً مِنَ الأَعدادِ
أَرى الشُكرَ في بَعضِ الرِجالِ أَمانَةً
تَفاضَلُ وَالمَعروفُ فيهِم وَدائِعُ
وَلَم أَرَ مِثلِ أَتبَعَ الحَمدَ أَهلَهُ
وَجازى أَخا النُعمى بِما هُوَ صانِعُ
وَهَل يَتَكافا الناسُ شَتّى خِلالُهُم
وَما تَتَكافا في اليَدَينِ الأَصابِعُ
إِذا العَينُ راحَت وَهيَ عَينٌ عَلى الجَوى
فَلَيسَ بِسِرٍّ ما تُسِرُّ الأَضالِعُ