لا تَأمَنَنَّ وَلَو أَصبَحتَ في حَرَمٍ
إِنَّ المَنايا بِجَنبَي كُلِّ إِنسانِ
وَلا تَقولَنْ لِشَيءٍ سَوفَ أَفعَلُهُ
حَتّى تَبَيَّنَ ما يَمني لَكَ الماني
فَإِنّ الجَهلَ مَحمِلُهُ خَفيفٌ
وَإِنَّ الحِلمَ مَحمِلُهُ ثَقيلُ
فإذا النعيمُ وكلُّ ما يُلهى به
يوماً يَصيرُ إِلى بِلى ونفَادِ
قَد يَجمَعُ المالَ غَيرُ آكِلِهِ
وَيَأكُلُ المالَ غَيرُ مَن جَمَعَه
وَيَقطَعُ الثَوبَ غَيرُ لا بِسِهِ
وَيَلبِسُ الثَوبَ غَيرُ مَن قَطَعَه
فَاِقبَل مِنَ الدَهرِ ما أَتاكَ بِهِ
مَن قَرَّ عَيناً بَعَيشِهِ نَفَعَه
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ
وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم
وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
فَلا الحِرصُ يُغنيني وَلا اليَأسُ مانِعي
نَصيبي مِنَ الشَيءِ الَّذي أَنا نائِلُه
إذا سلكت سبيلاً أنت سالكه
فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر
لا نجعلُ الباطلَ حقَّاً ولا
نلظُّ دونَ الحقِّ بالباطِلِ
نَخافُ أن تسفَهَ أحلامُنا
فنخمُلَ الدهرَ مع الخامِلِ
وليسَ بنافعٍ ذا البُخلِ مالٌ
ولا مُزرٍ بصاحبهِ الحباءُ
غنيُّ النفس ما استغنى بشيءٍ
وفقرُ النفسِ ما عَمَرت شَقَاءُ
وَالناسُ هَمُّهُمُ الحَياةُ وَما أَرى
طولَ الحَياةِ يَزيدُ غَيرَ خَبالِ
وَإِذا اِفتَقَرتَ إِلى الذَخائِرِ لَم تَجِد
ذُخراً يَكونُ كَصالِحِ الأَعمالِ
وَالشَيبُ شَرُّ جَديدٍ أَنتَ لابِسُهُ
وَلَن تَرى خَلَقاً شَرّاً مِنَ الهَرَمِ
ما مِن أَبٍ حَمَلَتهُ الأَرضُ نَعلَمُهُ
خَيرٌ بَنينَ وَلا خَيرٌ مِنَ الحَكَمِ
وَإِصلاحُ القَليلِ يَزيدُ فيهِ
وَلا يَبقَى الكَثيرُ مَعَ الفَسادِ
بَخِلنا لِبُخلِك قَد تَعلَمينَ
فَكَيفَ يَلومُ بَخيلٌ بَخيلا
وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ
عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ
فَإِن أَكُ مَظلوماً فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ
وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ
فَالرُفقُ يُمنٌ وَالأَناةُ سَعادَةٌ
فَتَأَنَّ في رِفقٍ تَنالُ نَجاحا
وَاليَأسُ مِمّا فاتَ يُعقِبُ راحَةً
وَلِرُبَّ مَطعَمَةٍ تَعودُ ذُباحا
وَآفةُ قلب الفَتى عَينهُ
فإِن تَرعَ قَلبك لا تنظُر
قد يعشق المرءُ من لامالَ في يده
ويكره القلبُ من في كفّه الذهب
ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم
لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب
مَن يَأمَنُ الدَهرَ أَو يَرجو الخُلودَ بِهِ
بَعدَ الَّذينَ مَضَوا في سالِفِ الأُمَمِ
لَيسَ امرُؤٌ كانَ في عَيشٍ يُسَرُّ بِهِ
يَوماً بِأَخلَدَ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ
يَبقى التُّقى والغِنى في الناسِ ما عَمِروا
وَيُفقَدانِ جَميعاً إِن هُمُ فُقِدوا
إِذا اجتَهَدتُ ليُحصي مَجدَهُم مدحي
لَم أعشُر المَجدَ مِنهُم حينَ أجتَهِدُ
فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً
فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا
عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ