إِذا ما أَرادَ اللَّهُ ذُلَّ قَبيلَةٍ
رَماها بِتَشتيتِ الهَوى وَالتَّخاذُلِ
وَأَوَّلُ عَجزِ القَومِ عَمّا يَنوبُهُم
تَدافُعُهُم عَنهُ طولُ التَّواكُلِ
وَفي الدَّهرِ وَالأَيّامِ لِلمَرءِ عِبرَةٌ
وَفيما مَضى إِن نابَ يَوماً نَوائِبُه
إنّ ماءَ الجفونِ ينزحه الهمّ
وَتَبقى الهمومُ والأحزانُ
لَيسَ يَأسو جوى المُرزّاء ماءٌ
سَفحتهُ الشؤونُ والأجفانُ
فَنَفسَكَ أَكرِمها فَإِنَّكَ إِن تَهُن
عَلَيكَ فَلَن تُلفي لَكَ الدَهرَ مُكرِما
وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَناياَ
مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا
وَاعلَم بِأَنَّ النَفسَ إِن عُمِّرَت
يَوماً لَها مِن سَنَةٍ لاعِجُ
كَذاكَ لِلإِنسانِ في عَيشِهِ
غالِيَةٌ قامَ لَها ناشِجُ
لَيْسَ مَنْ ماتَ فاِستراحَ بِمَيْتٍ
إنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحياءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يعيشُ ذليلاً
سِيّئاً بالُهُ قليلَ الرّجاءِ
لا تَأمَنَنَّ وَلَو أَصبَحتَ في حَرَمٍ
إِنَّ المَنايا بِجَنبَي كُلِّ إِنسانِ
وَلا تَقولَنْ لِشَيءٍ سَوفَ أَفعَلُهُ
حَتّى تَبَيَّنَ ما يَمني لَكَ الماني
فَإِنّ الجَهلَ مَحمِلُهُ خَفيفٌ
وَإِنَّ الحِلمَ مَحمِلُهُ ثَقيلُ
فإذا النعيمُ وكلُّ ما يُلهى به
يوماً يَصيرُ إِلى بِلى ونفَادِ
قَد يَجمَعُ المالَ غَيرُ آكِلِهِ
وَيَأكُلُ المالَ غَيرُ مَن جَمَعَه
وَيَقطَعُ الثَوبَ غَيرُ لا بِسِهِ
وَيَلبِسُ الثَوبَ غَيرُ مَن قَطَعَه
فَاِقبَل مِنَ الدَهرِ ما أَتاكَ بِهِ
مَن قَرَّ عَيناً بَعَيشِهِ نَفَعَه
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ
وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم
وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
فَلا الحِرصُ يُغنيني وَلا اليَأسُ مانِعي
نَصيبي مِنَ الشَيءِ الَّذي أَنا نائِلُه
إذا سلكت سبيلاً أنت سالكه
فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر
لا نجعلُ الباطلَ حقَّاً ولا
نلظُّ دونَ الحقِّ بالباطِلِ
نَخافُ أن تسفَهَ أحلامُنا
فنخمُلَ الدهرَ مع الخامِلِ
وليسَ بنافعٍ ذا البُخلِ مالٌ
ولا مُزرٍ بصاحبهِ الحباءُ
غنيُّ النفس ما استغنى بشيءٍ
وفقرُ النفسِ ما عَمَرت شَقَاءُ
وَالناسُ هَمُّهُمُ الحَياةُ وَما أَرى
طولَ الحَياةِ يَزيدُ غَيرَ خَبالِ
وَإِذا اِفتَقَرتَ إِلى الذَخائِرِ لَم تَجِد
ذُخراً يَكونُ كَصالِحِ الأَعمالِ
وَالشَيبُ شَرُّ جَديدٍ أَنتَ لابِسُهُ
وَلَن تَرى خَلَقاً شَرّاً مِنَ الهَرَمِ
ما مِن أَبٍ حَمَلَتهُ الأَرضُ نَعلَمُهُ
خَيرٌ بَنينَ وَلا خَيرٌ مِنَ الحَكَمِ
وَإِصلاحُ القَليلِ يَزيدُ فيهِ
وَلا يَبقَى الكَثيرُ مَعَ الفَسادِ
بَخِلنا لِبُخلِك قَد تَعلَمينَ
فَكَيفَ يَلومُ بَخيلٌ بَخيلا