لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
بَلِ الصَّدِيقُ الَّذِي تَزْكُو شَمَائِلُهُ
إِنْ رَابَكَ الدَّهْرُ لَمْ تَفْشَلْ عَزَائِمُهُ
أَوْ نَابَكَ الْهَمُّ لَمْ تَفْتُرْ وَسَائِلُهُ
صَديقٌ لَيسَ يَنفَعُ يَومَ بُؤسِ
قَريبٌ مِن عَدوٍّ في القِياسِ
وَما يَبقى الصَديقُ بِكلِّ عَصرٍ
وَلا الإِخوانُ إِلّا لِلتَآسي
كَم صَديقٍ عَرَفتُهُ بِصَديقٍ
صارَ أَحظى مِنَ الصَديقِ العَتيقِ
وَرَفيقٍ رافَقتُهُ في طَريقٍ
صارَ بَعدَ الطَريقِ خَيرَ رَفيقِ
لي صَديقٌ عَلى الزَمانِ صَديقي
وَرَفيقٌ مَعَ الخُطوبِ رَفيقي
لَو تَراني إِذا اِستَهَلَّت دُموعي
في صَبوحٍ ذَكَرتُهُ أَو غَبوقِ
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا
يَجني الخَليلُ فَأَستَحلي جِنايَتَهُ
حَتّى أَدُلُّ عَلى عَفوي وَإِحساني
وَيُتبِعُ الذَنبَ ذَنباً حينَ يَعرِفُني
عَمداً وَأُتبِعُ غُفراناً بِغُفرانِ
نصحتُكَ لا تصحَبْ سِوى كُلِّ فاضِل
خَليقِ السّجايا بالتَّعفُّف والظَّرفِ
ولا تَعتمِدْ غيرَ الكِرامِ فواحِدٌ
منَ النّاسِ إنْ حصَّلْتَ خَيرٌ منَ الألفِ
ليس يرضى الصديقُ منك ببشر
تحت مَخْبوره دَفينُ جَفاءِ
أَخِلّاءُ الرَخاءِ هُمُ كَثيرٌ
وَلَكِن في البَلاءِ هُمُ قَليلُ
فَلا يَغرُركَ خُلَّةُ مَن تُؤاخي
فَما لَكَ عِندَ نائِبَةٍ خَليلُ
عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ
فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ
يحولُ من الطعام أو الشرابِ
وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ
وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ
يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّهرَ صَاحِبُ