سَلامٌ عَلى الدُنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ
رَأى في ظَلامِ القَبرِ أُنساً وَمَغنَما
فَيا قَلبُ لا تَجزَع إِذا عَضَّكَ الأَسى
فَإِنّكَ بَعدَ اليَومِ لَن تَتَأَلَّما
إِنَّ القَناعَةَ ما عَلِمتَ غِنىً
وَالحِرصُ يورِثُ ذا الغِنى فَقرا
جلالُ العزِّ في مال القَناعَهْ
وذلُّ الهُونِ في فقر الطَّماعَهْ
فتلك مع القليل النَّزْر خِصْبٌ
وتلك مع الغِنى أبدا مَحاعه
إن القناعة كنز ليس بالفاني
فاغنم هديت أخي عيشها الفاني
وعش قنوعاً بلا حرص ولا طمع
تعش حميداً رفيع القدر والشاني
هي القناعةُ فالزَمْها تعِشْ ملكاً
لو لم يكنْ منكَ إلاّ راحةُ البدنِ
وانظُرْ إلى مالكِ الدنيا بأجْمعِها
هل راحَ منها بغيرِ القُطْنِ والكفنِ
رَأيْتُ القنَاعَة َ رَأْسَ الغنَى
فصِرتُ بأَذْيَالِهَا مُمْتَسِكْ
فلا ذا يراني على بابهِ
وَلا ذا يَرَاني بهِ مُنْهمِكْ
أَفادَتني القَناعَةُ كُلَّ عِزٍّ
وَهَل عِزٌّ أَعَزُّ مِنَ القَناعَة
فَصَيِّرها لِنَفسِكَ رَأسُ مالٍ
وَصَيِّر بَعدَها التَقوى بِضاعَه
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ