الديوان » العصر الأندلسي » ابن حريق البلنسي » ما عسى تبلغ شكرا ما عسى

عدد الابيات : 62

طباعة

ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى

مَن حَمَى الدِّينِ وأحيا الأنفُسا

فَتَحَ اللهُ لَهُ الفَتحَ الَّذِي

شَمَلَ الدُّنيا فَدَع أندَلُسا

أسبَغَ النُّعمَى فَطَابَت جَنّة

وَجلا البُشرَى فَقَامَت عُرُسَا

جَفّ ماءُ الغُصنِ مَحلاً فَهَمَى

وَتَشَكَّى الثَّغرُ شجّاً فأسى

يَربَأُ النَّجمُ لَهُ عَسكَرَهُ

وَيُغيرُ الصُّبحُ عَنهُ والمَسَا

لَم يُثر خَيلاً إِلَى نَيلِ مَدىً

فَأصَابَت دَونَهُ مَا حُبِسَا

لَو أتَت بَحراً فَعَزّت سُفُنٌ

أوجَدَت فِيهِ طَرِيقاً يَبَسا

أو سَمَا فِي السُّحبِ عنهَا مَطلَبٌ

عَلّقَت مِن كُلِّ هُدبٍ مَرَسا

ضَحِكَ الدّهرُ لنا بِشراُ بِهِ

بَعدَ مَا كَانَ عَلَينَا عَبَسَا

طَالَما كُنَّا سَواماً هَمَلاً

نُهزَةَ الذِّئبِ إذا ما افتَرَسا

فَرَعَانَا رَعيةً لا نَتّقي

مَعَها ذُعراً ولا نَطوِي أَسَى

وَبَنَى سورَ قَناً يَكنُفُنَا

أَطلَعَ الخُرسَانَ فيهِ حَرَسَا

مَلِكٌ يَحسِبُهُ مُبصِرُهُ

مَلَكاً شاكَلَ هَذَا الأنَسَا

أيُّهَا الوَفدُ ادخُلوا حَضرَتَهُ

وَتَرَاءَوا نُورَهَأ المُقتبَسَا

وَانزَعوا الأخفافَ مِن أقدَامِكُم

كَي تلاقِي تُربَهَا المُقَدَّسا

وَخُذُوا مِن تَحتِ نَعلَيهِ الثَّرَى

فاخَروا عِلقَ الشِّفاءِ المُنفِسَا

تُكحلُ العَينُ بِهِ إِن رَمِدَت

يَنطِق الطِّفلُ بِهِ أن خرِسا

تَصلُحُ الحَالُ بِهِ إِن فَسَدَت

يَنعَشُ الجَدّ بِهِ إن تَعِسا

تَنشَطُ النَّفسُ بِهِ إِن سَئِمَت

يَرطُبُ العَيشُ بِهِ إِن يَبسا

يا إمَامَ الدِّين هُنِّئتَ بِهِ

فَرَحاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا

غَزوَةٌ جاهَرتَ عَنهَا لَم تَكُن

مُلغِزاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا

شُزّباً قُدتَ صَحيحَاتِ الشَّوَى

ضُمَّرَ الخَصرِ سَلِيمَاتِ النَّسَا

حَمَلَت أنصَارَ دِينٍ كَرُمُوا

مشَهَداً فِيهِ وَطَابُوا أنفُسَا

أُسدُ حَربٍ تَحتَهَا الفُتخُ حَمَت

كُنُساً لَمّا أبَاحَت كُنُسَا

ثَبَتُوا لِلهَولِ فِي ظِلِّ القَنَا

يَتَسَاقَونَ المَنَايَا أَكُؤسَا

يَا عُيوناً حَضَرَت مَاذَا رَأت

يَا نُفوساً عَايَنَت مَا أنفَسَا

غُرَّ أَدفُونشُ بِمَا أمَلَى لَهُ

مِن أمَانِي غَبّه مَن وَسوَسَا

سَنَّهَا سُوقَ وَغيً لَكِنَّهُ

كُلّما بَايَعَ غَيّه مَن وَسوسَا

سَنَّهَا سُوقَ وَغَىً لَكِنَّهُ

كُلّما بَايَعَ فِيهَا وُكِسَا

فَأَتَى البَاطِلُ لَيلاً مُدجِناً

وَأتَى الحَقُّ نَهَاراً مُشمِسَا

فَرَأى بَدرَ العُلَى كَيفَ سَرَى

وَرَأَى طَودَ الحِجَا كَيفَ رَسَا

وبَدَا بَرقُ الظُّبَا مُختَطِفاً

فِي غَمَامِ العَبَرَاتِ الأَرؤُسَا

غَرَسَ الفِتنَةَ إِذ خَانَكُمُ

فَجَنا مُرَّ جَنَى مَا غَرَسَا

وَنَضَا عِزّتَهُ فِي حَربِكُمُ

فَاكتَسَى مِن ذلّةٍ مَا أُلبِسَا

خٍِلعَةٌ لا فَارَقَت لابسَهَا

شَرٌّ أهلِ الأرضِ فِي شَرِّ الكِسَا

صَارِ مَرءُوساً لَدَيهِم بَعدَمَا

رَشَّحُوهُ لِعَميد الرُّؤَسَا

نَبَشُوا الحَربَ فَقَامَت حَيّةً

بَعدمَا كَانَت صَدىً قَد رُمِسَا

عَرَضوا زَهواً لأطرَافِ القَنَا

خَطرَة اللِّصِّ أَثَارَ العَسَسَا

وَتَّرُوا قَوسَ مُنىً كَاذِبَةٍ

لَم توافِق سِيَةٌ مِنهَا المَعجِسا

كُلَّمَا سَدّد رَامٍ سَهمَهَا

عَادَ فِي لِبَّتِهِ مُنتَكِسَا

وَرِمَاحٍ خَالَطَت أحشَاءَهُم

عَانَقُوا مِنهَا قُدُوداً مُيَّسا

فَانثَنَوا بَعدَ مِصاعٍ صَادقٍ

كَسَّرَ الدَّرعَ وَفَضَّ القَونَسَا

غَادَرُوا بِالأركِ مِن قَتلاهُم

مَوعِظاتٍ لِسِوَاهُم وَأُسَى

وَلَقَوا فِي حِصِنِهَا مُمتَنَعاً

رَيثَمَا يَستَرجِعُونَ النَّفَسَا

مَعقلٌ قالَ لَهُ النَّصرُ ألا

كُن عِقَالاً لَهُمُ أَو مَحبِسَا

فَهَووا مِنهُ عَلَى حكم رضىً

لإمَامٍ بذَلُوا مَا التَمَسَا

وَمضَى غَاوِيهِمُ تُرهِقُهُ

خَشيَة المَوت صَعُوداً شَمِسا

طَردَتهُ رَهبَةٌ أَوجَسَ فِي

نَفسِهِ مِن أمرِهَا مَا أَوجَسَا

رَكِب ابنَ العَيرِ في فرَّتِهِ

رُبَّما استَحيَا ركُوباً فَرَسَا

لِمَ يَعلُو سَرجَهُ مَن لَم يَقُم

فِي بَدَادَيهِ ضَرُوباً مِدعَسَا

أسلَمَ القَلعَةَ وَهيَ الأَرضُ فِي

مَنعَةٍ تُعيِي النُّجُومَ الخُنّسا

لُوِيَت خُلجانُهَا أسوِرَةً

حَصَّنت مِعصَمَهَا أَن يُلمَسَا

قَلَّ أَن يُوجِفَ جَيشُ نَحوَهَا

أَو تشنّ الخَيلُ فِيهَا غَلَسَا

وَجَلا عَن كَركُويٍ أهلُه

وقتَ جُنح اللّيلِ لَمَّا عَسعَسَا

يَرهَبُون الدّجنَ إِن لاحَ بِهِ

بَارِقٌ وَالصُّبحَ إِذ مَا نَفّسَا

بُقَعٌ طَهَّرَها التَّوحِيدُ مِن

أُمَمٍ كَانَت عَلَيهَا نَجَسَا

يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرتَجَى

عَطفُهُ إِن جَارَ خَطبٌ أَو قَسَا

يَا سَلِيلَ الخُلَفَاء السَّادَة ال

مُظهِرِين العَدلَ لَمَّا طَمسا

نَشَرُوا الإِحسَانَ مِن أرمَاسِهِ

وَأبَانُوا نَهجَهُ إِذ دَرَسَا

فَاحَتِ الأَرضُ بِهِم مِمَّا زَكَت

وَتَنَدَّى الصَّخرُ حَتَّى انبَجَسا

عُمِّرت دَولَتُكُم بِالِغَةً

سمع عِيسَى يَومَ يَأتِي المَقدِسَا

وَبَقِيتم زِينَة العَالَمِ لا

تُخلِقُ الأَزمَانُ مِنهُ مَا اكتَسَى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حريق البلنسي

avatar

ابن حريق البلنسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-bin-Hariq-AlBalancy@

47

قصيدة

99

متابعين

علي بن محمد بن أحمد بن حريق المخزومي البلنسي، أبو الحسن.شاعر بلنسية المستبحر في الأدب واللغات دون شعره في مجلدين له شعر في كتاب زاد المسافر.

المزيد عن ابن حريق البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة