حين نظرت في عينيك لاح الجرح.. والأشواق والذكرى تعانقنا.. تعاتبنا وثار الشوق في الأعماق شلالا تفجر في جوانحنا.. فأصبح شوقنا نهرا زمان ضاع من يدنا.. ولم نعرف له أثرا تباعدنا.. تشردنا فلم نعرف لنا زمنا ولم نعرف لنا وطنا * * * ترى ما بالنا نبكي.. وطيف القرب يجمعنا وما يبكيك.. يبكيني وما يضنينك.. يضنيني تحسست الجراح رأيت جرحا بقلبك عاش من زمن بعيد وآخر في عيونك ظل يدمي يلطخ وجنتيك.. ولا يريد وأثقل ما يراه المرء جرحا يعل عليه.. في أيام عيد وجرحك كل يوم كان يصحو ويكبر ثم يكبر.. في ضلوعي دماء الجرح تصرخ بين أعماقي وتنزفها.. دموعي.. * * * لأنك عشت في دمنا ولن ننساك رغم البعد.. كنت أنيس وحدتنا كنت أنيس وحدتنا وكنت زمان.. عفتنا وأعيادا تجدد في ليالي الحزن.. فرحتنا ونهرا من ظلال الغيب يروينا.. يطهرنا وكنت شموخ قامتنا نسيناك!! وكيف وأنت رغم البعد كنت غرامنا الأول وكنت العشق في زمن نسينا فيه طعم الحب.. والأشواق.. والنجوى وكنت الأمن حين نصير أغرابا بلا مأوى؟! * * * وحين نظرت في عينيك عاد اللحن في سمعي يذكرني.. يحاصرني.. ويسألني يجيب سؤاله.. دمعي تذكرنا أغانينا وقد عاشت على الطرقات مصلوبة.. تذكرنا أمانينا وقد سقطت مع الأيام.. مغلوبة تلاقينا وكل الناس قد عرفوا حكايتنا وكل الأرض قد فرحت.. بعودتنا لكن بيننا جرح.. فهذا الجرح في عينيك شيء لا تداريه وجرحي.. آه من جرحي قضيت العمر يؤلمني.. وأخفيه.. تعالي بيننا شوق طويل.. تعالي كي ألملم فيك بعضي.. أسافر ما أردت وفيك قبري.. ولا أرضي بأرض.. غير أرضي * * * وحين نظرت في عينيك صاحت بيننا القدس تعاتبنا وتسألنا.. ويصرخ خلفنا الأمس هنا حلم نسيناه.. وعهد عاش في دمنا.. طويناه وأحزان وأيتام وركب ضاع مرساه ألا والله ما بعناك يا قدس.. فلا سقطت مآذننا ولا انحرفت أمانينا ولا ضاقت عزائمنا.. ولا بخلت أيادينا فنار الجرح تجمعنا.. وثوب اليأس.. يشقينا * * * ولن ننساك يا قدس ستجمعنا صلاة الفجر في صدرك وقرآن تبسم في سنا ثغرك وقد ننسى أمانينا.. وقد ننسى.. محبينا.. وقد ننسى طلوع الشمس في غدنا وقد ننسى غروب الحلم من يدنا ولن ننسى مآذننا.. ستجمعنا.. دماء قد سكبناها وأحلام حلمناها.. وأمجاد كتبناها وأيام أضعناها ويجمعنا.. ويجمعنا.. ويجمعنا.. ولن ننساك.. لن ننساك.. يا قدس
فاروق جويدة (10 فبراير 1946 - ) شاعر مصري. ولد في محافظة كفر الشيخ، وعاش طفولته في محافظة البحيرة، تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968، وبدأ حياته العملية ...