نسيت ملامح وجهي القديم ومازلت أسأل: هل من دليل؟! أحاول أن استعيد الزمان وأذكر وجهي.. وسمرة جلدي شحوبي القليل ظلال الدوائر فوق العيون وفي الرأس يعبث بعض الجنون نسيت تقاطيع هذا الزمان نسيت ملامح وجهي القديم * * * عيوني تجمد فيها البريق دمي كان بحرا تعثر كالحلم بين العروق فأصبح بئرا دمي صار بئرا وأيام عمري حطام غريق.. فمي صار صمتا.. كلامي معاد وأصبح صوتي بقايا رماد فما عدت أنطق شيئا جديدا كتذكار صوت أتى من بعيد وليس به أي معنى جديد فما عدت أسمع غير الحكايا وأشباح خوف برأسي تدور وتصرخ في الناس هل من دليل؟ نسيت ملامح وجهي القديم * * * لأن الزمان طيور جوارح تموت العصافير بين الجوانح زمان يعيش بزيف الكلام وزيف النقاء.. وزيف المدائح حطام الوجوه على كل شيء وبين القلوب تدور المذابح تعلمت في الزيف ألا أبالي تعلمت في الخوف ألا أسامح ومأساة عمري وجه قديم نسيت ملامحه من سنين * * * أطوف مع الليل وسط الشوارع وأحمل وحدي هموم الحياة أخاف فأجري.. وأجري أخاف وألمح وجهي كأني أراه وأصرخ في الناس: هل من دليل؟! نسيت ملامح وجهي القديم * * * وقالوا.. وقالوا رأيناك يوما هنا قصيدة عشق هوت.. لم تتم رأيناك حلما بكهف صغير وحلوك تجري.. بحار الألم وقالوا رأيناك خلف الزمان دموع اغتراب وذكرى ندم وقالوا رأيناك بين الضحايا رفات نبي مضى.. وابتسم وقالوا سمعناك بعد الحياة تبشر في الناس رغم العدم وقالوا وقالوا سمعت الكثير فأين الحقيقة فيما يقال؟ ويبقى السؤال نسيت ملامح وجهي القديم ومازلت أسأل.. هل من دليل؟! * * * مضيت أسائل نفسي كثيرا ترى أين وجهي..؟! وأحضرت لونا وفرشاة رسم.. ولحنا قديم وعدت أدندن مثل الصغار تذكر خطا تذكرت عينا تذكرت أنفا تذكرت فيه البريق الحزين وظل يداري شحوب الجبين تجاعيد تزحف خلف السنين تذكرت وجهي كل الملامح, كل الخطوط رسمت انحناءات وجهي شعيرات رأسي على كل باب رسمت الملامح فوق المآذن فوق المفارق.. بين التراب ولاحت عيوني وسط السحاب وأصبح وجهي على كل شيء رسوما.. رسوم وما زلت أرسم.. أرسم.. أرسم ولكن وجهي ما عاد وجهي.. وضاعت ملامح وجهي القديم
فاروق جويدة (10 فبراير 1946 - ) شاعر مصري. ولد في محافظة كفر الشيخ، وعاش طفولته في محافظة البحيرة، تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968، وبدأ حياته العملية ...