(1 ) وأنتَ على ضفافِ المنفى لا تحصد غير سرابِ حلمٍ يتشظّى في مرآةِ الليل ؛ غير وجعِ الروح ، الروح التي طعنتها سهام أزمنة الفوضى والفجيعة! (2 ) وأنتَ على ضفافِ المنفى لا تحصد غير أنخابِ نبيذٍ رديء لا تهب غير ثمالةٍ منقوصةٍ ، لا تحرر الروح مِن سياجِ الغربةِ! (3 ) وأنتَ على ضفافِ المنفى لا تحصد غير زخاتِ مطرٍ تصفعُ القرميد ، وتمسح غبار النوافذ غير دمعةٍ تحفرُ خدكَ اليابس الذي جففه صقيع المنافي! (4 ) وأنتَ على ضفافِ المنفى لا تحصد غير غيابٍ معجون بملحِ الذاكرةِ غير عناكبٍ ترتّق سقف الغرفة تحت نثيث ضوء باهت! (5 ) وأنتَ على ضفافِ المنفى لا تحصد غير فخذيْ الجارة وهي تنساب إليكَ في رقصةِ فالسٍ ، عبر زجاج نافذتها الوحيدة ، بعد أن تطعنها شبق ما بعد منتصف الليل! (6 ) ها أنت على ضفافِ المنفى لا تحصد غير بردٍ يشبُّ في العظام ويمتصُّ نبيذ الروح ، غير تصلّبِ جلدٍ ، وتكلّس عظامٍ! (7 ) ها أنت على ضفافِ المنفى لا تحصد غير غبارِ كتبٍ يُثملُ الروح كتبٌ بملمسٍ خشن ، يشبه سعال جنديٍّ بعد نهاية المعركة! (8 ) ثمة إحتراقٌ لا نهائيٌّ في ليلِ المنفى ، ثمة رعبٌ ينغل في دمِ القلبِ ، وثمة إنسحاقٌ أبديٌّ للحلم ، لا شيء غير عدمٍ عظيمٍ ينبعثُ مِن عدمٍ آخر لا شيء غير يأس يتمدد ، غير دموعٍ تهطل لتهشَ غبار الحزن ولو للحظةٍ تكفي لنصفِ إبتسامةٍ! (9 ) ها أنتَ على ضفافِ المنفى شيءٌ ينبعث مِن ركامِ الماضي ليخيطَ جرح الحاضر ، الذي ينزف بإنهمارِ مطرٍ! شيءٌ ينبعث ليغسلَ نوافذ الروح المتسربلة بغبارِ الخيبةِ ويزيل طحالب الشتاء التي علقت على جدارِ الجسد!
الشاعر الشاب عبدالوهاب محمد يوسف المعروف باسمه الأدبي عبدالوهاب لاتينوس، ابن مدينة نيالا المولود في العام 1994م، درس الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم ،عضو مشروع الفكر الديموقراطى، ومجموعات القراءة من ...