الديوان » العصر العباسي » الحسن بن أحمد الهمداني » ألا يا دار لولا تنطقينا

عدد الابيات : 603

طباعة

ألا يا دار لولا تنطقينا

فإنا سائلون ومخبرونا

بما قد غالنا من بعد هند

وماذا من هواها قد لقينا

فضفناك الغداة لتنبئينا

بها أين انتوت نبأً يقينا

وعنك فقد تَراك بليتِ حتى

لكدت من التغير تُنكَرينا

أمن فقد القطين لبست هذا

فلا فقدت مرابعك القطينا

أم الأرواح جرَّت فضلَ ذيلٍ

على الآيات منك فقد بلينا

بكل غمامة سجمت عليها

تُرَجِّعُ بعد إرزامٍ حنينا

فأبقت منك آيَكِ مثلَ سطرٍ

على مدفون رق لن يبينا

فخلت دواديَ الولدان هاء

إلى أخرى وخلت النَّوْيَ نونا

إلى شعث الذوائب ذي غلال

يبث الناظرين له شجونا

وسفع عاريات حول هابٍ

شكونَ القُرَّ إن لم يصطلينا

ترى أقفاءها بيضاً وحُمراً

وأوجهها لما صُلِّينَ جونا

وبدلك الزمان بمثل هند

لطول العهد أطلاء وعينا

وإلا ترجعن لنا جواباً

فإنا بالجواب لعارفونا

كأني بالحمول وقد ترامت

بأمثال النعاج وقد حُدِينا

وقد جعلوا مطارَ لها شمالاً

كما جعلوا لها حضناً يمينا

فخلت وقد زهاها الآلُ نخلاً

بمسلكها دوالجَ أو سفينا

فأضحت من زُبالةَ بين قومٍ

إلى عُلْيا خزيمةَ يعتزونا

وظنَّ قبيلُها أسيافَ قومي

يهبن الخِندَفينَ إذا انتضينا

لقد جهلوا جهالة عَيْرِ سوءٍ

بسفرٍ عاشَ يحملُه سنينا

لقد جعلوا طعام سيوف قومي

فما بسوى أولئك يَغتذينا

كما الجرذان للسنَّور طعمٌ

وليس بهائبٍ منها يَبينا

كما جعلت دماؤهم شراباً

لهن بكل أرض ما ظَمِينا

فلو ينطقن قلن لقد شبعنا

بلحم الخندفينَ كما روينا

وأضحكنا السباع بِمُقعصيها

وأبكينا بها منها العيونا

فصار اليأس بينهمُ رديداً

لعُدْمِهمُ مِنَ الخلق القرينا

كأكل النار منها النفس إن لم

تجد حطباً وبعضَ الموقدينا

إذا لم تسكن الغبراء خلق

من الثقلين علمي ما بقينا

سوانا يالَ قحطان بن هودٍ

لأنا للخلائق قاهرونا

ونحن طِلاعُ عامرها وإنا

عليه للثراء المضعفونا

وصرنا إذ تضايق في سواه

من العافي الخراب لها سكونا

فأصبح مَن بها من غير قومي

بها حيث انتهوا متخفِّرينا

كأنهم إذا نظروا إلينا

لذلتهم قرود خاسئونا

نذم لهم بِسَوطٍ حيث كانوا

فهم ما دام فيهم آمنونا

فإن عدموه أو عدموا مقاماً

لواحدنا فهم متخطِّفونا

ولولا نبتغي لهمُ بقاءً

لقد لاقوا ببطشتنا المنونا

أو استحيوا على ذل فكانوا

كأمثال النعال لواطئينا

ولكن الفتى أبداً تراه

بما هو مالك حدباً ضنينا

فروَّى عظم يعرب في ثراه

من الفَرْغَينِ واكفةً هتونا

أبِ الفرعين كهلانٍ أبينا

وحميرَ عمِّنا وأخي أبينا

كما نَجَلَ الملوكَ وكلَّ ليثٍ

شديد البأس ما سكن العرينا

ولكن قد ترى منه إذا ما

تعصَّى السيفَ ذا الأشبال دونا

وذاك إذا نسبنا يوم فخرٍ

ينال ببعضه العُلْيا أبونا

به صرنا لأدنى ما حبانا

من المجد الأثيل مُحَسَّدينا

تمنَّى معشرٌ أن يبلغوه

فأضحوا للسها متعاطيينا

وأهل الأرض لو طالوا وطالوا

فليسوا للكواكب لامسينا

فلما لم ينالوا ما تمنوا

وصاروا للتغيُّظ كاظمينا

أبانو الحِسْدَ والأضغان منهم

فصاروا للجهالة ساقطينا

وغرهم نباحُ الكلب منهم

وظنونا لكلب هائبينا

وإن تنبح كلاب بني نزار

فإنا للنوابح مُجحرونا

ونلقمها إذا أشَحَتْ شجاها

ليَعدِمْنَ الهريرَ إذا شجينا

ونحن لناطحيهم رعنُ طود

به فُلَّت قرونُ الناطحينا

ولو علموا بأن الجور هُلكٌ

لكانوا في القضية عادلينا

وليس بشاهد الدعوى عليها

ولا فيما يفوز الخاصمونا

ولو علموا الذي لهمُ وماذا

عليهم منه كانوا منصفينا

ولو عرفوا الصواب بما أتوه

لما كانوا بجهل ناطقينا

وكانوا للجواب بما أذاعوا

على أخوالهم متوقعينا

فكم قوم شروا خرساً بنطق

لمرغمه الجوابَ محاذرينا

فما وجدوا رعاعاً يوم حفل

ولا عند الهجاء مفحَّمينا

ولا وجدوا غداة الحرب عُزلاً

لحد سيوفهم متهيِّبينا

ولكن كل أروعَ يعربيٍّ

يهز بكفه عَضْباً سنينا

يعادل شخصه في الحرب جيشاً

وأدنى كيده فيها كمينا

ودامغة كمثل الفهر تَهوي

على بَيضٍ فتتركه طحينا

ترد الطولَ للأسديِّ عَرْضاً

وتقلب منه أظهره بطونا

فيا أبناءَ قيذرَ عُوا مقالي

أيحسن عندكم أن تشتمونا

ونحن وُكورُكُم في الشرك قدماً

وفي الإسلام نحن الناصرونا

ونحن لعِلْيَة الآباء منكم

ببعض الأمهات مشاركونا

كما شاركتمُ في حل قومي

بحور العين غير مسافحينا

فلا قربى رعيتم من قريب

ولا للعرف أنتم شاكرونا

وكلفتم كُمَيْتَكُمُ هجاءً

ليعربَ بالقصائد معتدينا

فباح بما تمنَّى إذ توارى

طرمَّاح بملحده دفينا

وكان يعز وهو أخو حياةٍ

عليه الذم للمُتَقَحْطنينا

ولستم عادمين بكل عصرٍ

لنا إن هجتمُ متخمِّطينا

وسوف نجيبه بسوى جواب

أجاب به ابن زرٍّ موجزينا

وغير جواب أعور كلب إنا

من المجد المؤثل موسعونا

وقد قَصَرا ولما يبلغا ما

أرادا من جواب الفاضلينا

وكُثِّرَ حَشْوُ ما ذَكَرَا ولمَّا

يُصيبا مقتلاً للآفكينا

وخير القول أصدقه كما إن

نَ شر القول كذب الكاذبينا

وما عطب الفتى بالصدق يوماً

ولا فات الفتى بالكذب هونا

فلا يعجبكم قول ابن زيد

فما هو قائد للشاعرينا

ولا وسطاً يعد ولا إليه

ولكن كان بعض الأزدلينا

لقد سرق ابن عابس بعض شعر

قفوا بالدار وقفة حابسينا

وما قِدَمُ الفتى إن كان فدماً

يكون به من المتقدمينا

وما تأخيره إن كان طِبّاً

يكون به من المتأخرينا

ونحن محكَّمون معاً وأنتم

بما قلنا وقلتم آخرينا

فإن حكموا لنا طلنا وإن هم

لكم حكموا فنحن الأقصرونا

ألا إنا خلقنا من تراب

ونحن معاً إليه عائدونا

وأن لستم بأنقص من رأيتم

ولا أهل العلو بكاملينا

وما افتخر الأنام بغير ملك

قديم أو بدينٍ مسلمينا

وما بسواهما فخر وإنا

لذلك دون كلٍّ جامعونا

ألسنا السابقين بكل فخرٍ

ونحن الأولون الأقدمونا

ونحن العاربون فلا تعاموا

وأنتم بعدنا المستعربونا

تكلمتم بألسننا فصرتم

بفضل القوم منا مفصحينا

ملكنا قبل خلقكم البرايا

وكنا قبلهم متأمرينا

فلما أن خلقتم لم تكونوا

لنا في أمرنا بمخالفينا

وكنتم في الذي دخل البرايا

بطوع أو بكره داخلينا

وما زلتم لنا في كل عصر

ملكنا أو ملكتم تابعينا

لِفاقتكم إلينا إذ حسرتم

وإنا عن معونتكم غنينا

أعناكم بدولتكم ولما

نُرِدْ منكم بدولتنا معينا

وإنا للذين عرفتموهم

لكم في كل هيج قاهرونا

وإنا للذين علمتموهم

لكم في كل فخر فائتنا

يراكم بين قومي من يراكم

كملح الزاد لا بل تنزرونا

ونحن أتم أجساماً ولبّاً

وأعظم بطشةً في الباطشينا

سننّا كلَّ مكرمة فأضحت

لتابعِنا من الأديان دينا

ولولا نحن لم يَعرِفْ جميلاً

ولا قبحاً جميعُ الفاعلينا

وعرَّفنا الملوك بكل عصرٍ

بأساس الملوك منعمينا

وعودنا التحية تابعيهم

وما كانوا لها بمُعَوَّدينا

وإلا فانظروا الأملاك تلقوا

جميعهم بقومي مقتدينا

وسنَّانا النشيطة والصفايا

ومرباع الغنائم غانمينا

وبحَّرنا وسيَّبنا قديماً

فما كنتم لذاك مغيِّرينا

فكنتم للَّحِيِّ كطوعِ كفٍ

وكنتم للنبي مساندينا

وأحدثنا الأسنة حين كانت

أسنة آل عدنان قرونا

وآلات الحروب معاً بدعنا

وفينا سنة المتبارزينا

وأنتم تعلمون بأن ملكنا

بساط الأرض غير مشاركينا

ونصف السقف منها غير شك

إلينا للتيمُّن تنسبونا

من الغفرين حتى الحوت طولاً

وعرضاً في الجنوب بما ولينا

وملقحة السحاب لنا ومنا

مخارجها ومنا تمطرونا

وما بحذاء ضرع الجو قومٌ

سوانا منجدين ومتهمينا

لنا مطر المقيظ بشهر آبٍ

وتموزٍ وأنتم مجدبونا

يظل بصحوة ويصوب فينا

زوال الشمس غير مقتّرينا

ونزرع بعد ذاك على ثراه

ونحصد والثرى قد حال طينا

على إن لم يصبه سوى طلال

شهوراً ثم نصبح ممطرينا

وأنفس جوهر في الأرض فينا

معادنه غنائم غانمينا

وأطيب بلدةٍ لا حر فيها

ولا قر الشتاء محاذرينا

بها إرم التي لم يخلق اللَ

هُ مشبهها بدار مفاخرينا

وإن عدت أقاليم النواحي

فأولها بزعم الحاسبينا

لنا ولنا جنان الأرض جمعاً

ونار الحكم غير مكذبينا

فأي المجد إلا قد ورثنا

وأي العز إلا قد ولينا

وأوضحنا سبيل الجود حتى

أبانت في الدجى للسالكينا

ولولا نحن ما عرفت لأنا

إلى سبل المكارم سابقونا

وما أموالنا فينا كنوزاً

إذا كنز الوفور الكانزونا

ولكن للوفود وكل جار

أرقَّ وللضيوف النازلينا

نعد لهم من الشيزى جفاناً

كأمثال القلات إذا مُلينا

فمن شق ينال الركب منها

ومن شق ينال القاعدونا

تلهَّم نصفَ كرٍّ من طعام

وكوماءَ العريكة أو شُنونا

عبيطةُ معشرٍ لما يكونوا

بأزلامٍ عليها ياسرينا

وما نزلت لنا في الدهر قِدرٌ

عن الأثفاه أجل الطارقينا

فما ليل الطهاة سوى نهار

لدينا ذابحين وطابخينا

وأكلبنا يبتن بكل ريعٍ

لِمَن وخَّا المازلَ يتلقينا

فبعض بالبصابص متحفوه

وبعض نحونا كمبشرينا

لما قد عودت وجرت عليه

لوقد عندنا لا يفقدونا

تراهم عند طلعتهم سواءً

وأملاكاً علينا منزلينا

وما كنا كمثل بني نزارٍ

لأطفال المهود بوائدينا

وما أموالنا من بعد هذا

سوى بيض الصفائح ما عشينا

وأرماح مثقفة رواءٍ

بتامور القلوب مع الكلينا

ومشطرة من الشريان زور

كسوناهن مربوعاً متينا

به عند الفراق لكل سهم

يكون بزورها يعلى الرنينا

وجرد كان فينا لا سوانا

معارقها معاً ولنا افتلينا

ومنا صرن في سلفي نزارٍ

لما كنا عليه حاملينا

ربطناها لنحملهم عليها

إذا وفدوا ونحمي ما يلينا

ولولا نحن ما عرفوا سروجاً

ولا كانوا لهن ملجِّمينا

علوناهن قبل الخلق طراً

وصيرنا مرادفها حصونا

تراث شيوخ صدق لم يزالوا

لها ممن تقدَّم وارثينا

يظل الناس من فرق إذا ما

علوناهن في شكك ثِبينا

ونمنع جارنا مما منعنا

ذوات الدل منه والبنينا

وما هم عندنا بأعز منهم

نقيهم بالنفوس ولو ردينا

وتكظم غيظنا ألا يرانا

عدوٌّ أو محبٌّ طائشينا

وعلَّ بكلِّ قلب من جواه

لذاك الغيظ ناراً تجتوينا

نصون بذاك حلماً ذا أواخي

رسا فيها حراء وطورُ سينا

نظل به إذا ما إن حضرنا

جماعة محفل متتوِّجينا

ولسنا منعمين بلا اقتدار

ونعم العفو عفو القادرينا

وإن نغضب بجبار عنيد

يصر بعد التجبر مستكينا

كعصفتنا بمن علموا قديماً

من الخلفاء لما ساورونا

ولسنا حاطمين إذا عصفنا

سوى الأملاك والمتعظِّمينا

كعصف الريح يعقر دوح أرض

وليس بعاضدٍ منها الغصونا

ونغدو باللهام المَجْر يغشى

بلمع البيض منه الناظرينا

فنترك دار من سرنا إليه

تأنُّ لدى القفول بنا أنينا

وقد عركت فساوى الحزن منها

سباسبها بكلكل فاحسينا

كما دارت رحا من فوق حَبٍّ

تداولها أكف المسغبينا

فأصبح ما بها للريح نهباً

كما انتهبت لخفته الدرينا

سوى من كان فيها من عروب

تفتر عند نظرتها الجفونا

فإنا منكحو العُزَّاب منا

بهن لأن يبيتوا معرسينا

بلا مهرٍ كتبناه علينا

وما كنا له بمحضرينا

سوى ضرب كأشداق البخاتي

من الهامات أو يرد المتونا

ترى أرجاءها مما تنأَّتْ

وأرغب كَلْمها لا يلتقينا

وطعنٍ مثل أَبْهاءِ الصياصي

وأفواه المزاد إذا كفينا

ترى منها إذا انفهقت بفيها

من الخضراء باعاً مستبينا

ولسنا للغرائب منذ كنا

بغير شبا الرماح بناكحينا

وما برزت لنا يوماً كعابٌ

فتلمحها عيون الناظرينا

ولا أيدي مخلخلها ارتياعٌ

لأنا للكواعب مانعونا

ولا ذهب العدو لنا بوتر

فأمسينا عليه مغمِّضينا

نضاعفه إذا ما تقتضيه

كإضعاف المُعَيّنةِ الديونا

وقد تأبى فتاة بني يمانٍ

على غمز العداة بأن تليا

كما تأبى الصدوع لهم صفاة

يحيط بها فؤوس القارعينا

وكبش كتيبة قد عادلته

بألف في الحديد مدججينا

أتيح له فتى منا كميٌّ

فأرداه وأركبه الجبينا

وغادره كأنَّ الصدر منه

وكفَّيه بقنديد طُلينا

تظل الطير عاكفة عليه

ينقرن البضيع وينتقينا

وأبقينا مآتم حاسرات

عليه يَنْتَرينَ ويستفينا

فكيف يكون في زعم ابن زيد

على هذا كشحمةِ مشتوينا

ونحن للطمة وجبت علينا

دخلنا النار عنها هازئينا

ونحن المرجفون لأرض نجد

بأنف قضاعة والمذحجينا

فمادت تحتنا لما وطئنا

عليها وطأة المتثاقلينا

أبلنا الخيل فيها غير يوم

وظلت في أطلتها صفونا

ورُحْنَ تظنُّ ما وطأتْهُ ماءً

تموج من الوجا في الخطو طينا

ورحنا مردفين مَها رُماحٍ

يُقعقع عيسُنا منها البَرينا

تَنَظَّرُ وفدَ معشرِها علينا

لِمَنٍّ أو نكاحٍ تمَّ فينا

فإنا منكحو العزَّاب منا

بهن لأن يبيتوا معرسينا

ونحن المُقْعِصون فتى سُليمٍ

عمارة بالغُميرِ مُصَبِّحينا

وحَمَّلنا بني العلَّاق جمعاً

بعتق أخيهمُ حِملاً رزينا

وطوَّقنا الجعافرَ فى لَبيدٍ

بطوق كان عندهم ثمينا

ولم نقصُد لِوَجٍّ إن فيها

فلا قربت محلُّ الراضعينا

وغادرنا بني أسدٍ بحُجْرٍ

وقد ثرنا حصيداً خامدينا

كمثل النخل ما انقعرت ولكن

بأرجلهم تراهم شاغرينا

تقوِّتهم سباع الأرض حولاً

طريّاً ثم مُخْتَزناً قَيينا

وزلزلنا ديارهم فمرت

تبادرنا بأسفل سافلينا

بمضمرة تَفِلُّ ليوثَ هَيجٍ

على صهواتها مُستلمميتا

تظل على كواثبها وشيجٌ

كأشطانٍ بأيدي ماتحينا

وما قتلوا أخانا يوم هَيجٍ

فنُعذِرَهم ولكن غادرينا

وما كانت بنو أسد فغرّوا

بجمرة ذي يمانٍ مصطلينا

أليسوا جيرة الطائين منا

بهم كانوا قديماً يعرفونا

وهم كانوا قديماً قبل هذا

لأرثهم لهالكهم قيونا

وحَسْبُك حلفهم عاراً عليهم

وهم كانوا لذلك طالبينا

ولو قامت على قوم بِلُؤمٍ

جوارحُهم مقام الشاهدينا

إذا قامت على أسدٍ وحتى

ثيابهم اللواتي يلبسونا

بِلؤْمٍ لا تحل به صلاةٌ

به أضحوا لهن مُدَنِّسينا

وليس بزائل عنهم إلى أن

تراهم كالأفاعي خالسينا

ولا سيما بني دودان منها

وكاهلها إذا ما يخبرونا

وهم منوا بإسلام رقيقٍ

على ربِّي وليسوا مخلصينا

وثرنا بابن أصهب وابن جون

فكنا حين ثرنا مجحفينا

فخرت جعدةٌ بسيوف قومي

وضبةُ حين ثرنا ساجدينا

وآل مُزَيْقِيا فلقد عرفتم

قراعهمُ فكروا عايدينا

ويوم أوارةَ الشنعاءِ ظِلنا

نحرِّق بابن سيدنا مئينا

ودان الأسود اللخميُّ منكم

بني دُوّان والمتربِّبينا

بيوم يترك الأطفال شيباً

وأَبكار الكواعِب منة عونا

وصار إلى النسار يدير فيكم

مُطحطحةً لما لَهِبَت طحونا

فقام بثأر بعضكمُ ببعضٍ

أحلَّ به مشرشرةً حُجونا

وأشرك طيِّئاً فيها فجارت

رماحهمُ على المتمعددينا

أداروا كأسَ فاقرةٍ عليكم

فرحتم مسكَرين ومثمَلينا

وأبروا بابن مالكٍ القُشيري

فسرَّح منكم الداء الكنينا

وهم منعوا الجراد أكف قوم

دعوها جارهم متحفظينا

وعنترة الفواس قد علمتم

بكف رهيصنا لاقى المنونا

ويسَّرنا شباة الرمح تهوي

إلى ابن مُكدّم فهوى طعينا

وأوردنا ابن ظالمٍ المنايا

ولسنا للختور مناظرينا

فذاق بنا أبو ليلى رداه

وكنّا لابن مُرَّةَ خافرينا

أجرناه مراراً ثم لما

تَكَرَّهَ ذمةَ الطائين حينا

وعباسٌ بن عامرٍ السُّلَيمي

يِ من رُعْلٍ قتيلُ الخثعمينا

فليس بمنكر فيكم وهذا

سُليكٌ قتله لا تنكرونا

وغادرنا الضباب على صُمِيل

يجرُّون النواصيَ والقرونا

وفاتِكَكم تأبَّطَ قد أسرنا

فأُلبِسَ بعدها ذلاً وهونا

وطاح ابنُ الفجاء مطاحَ سوء

تُقَسِّمُه رماح بني أبينا

وكانوا للقماقم من تميم

على زرق الأسنة شايطينا

هوى والخيل تعثر في قناها

لحُرِّ جبينه في التاعسينا

وما زلنا بكل صباح حَيفٍ

نُكِبُّ على السروج الدارعينا

ولمَّا حاسَ جوَّابٌ كلاباً

تمنَّع فَلُّهم بالحارثينا

وهم عركوهمُ من قبل هذا

كما عرك الأهابَ الخالقونا

وأَسقوا يومَ معركهم دُريداً

بعبد اللَه في كأسٍ يَرُوْنَا

وهم وردوا الجفار على تميم

لأبحُرِ كلِّ آلٍ خايضينا

فأسجر بينهم فيها وطيسٌ

فَصُلُّوها وظلوا يصطلونا

وفي يوم الكلاب فلم يذمّوا

على أن لم يكونوا الظافرينا

وقلَّدَ تَيْمَ أسرُهُمُ يغوثاً

مخازيَ ما دَرَسْنَ ولا مُحينا

لشدِّهِمُ اللسانَ بثنيِ نسعٍ

فكانوا بالشريف ممثِّلِينا

وهم منعوا القبائل من نزار

حمى نجران إلا زائرينا

ونحن المرحلون جموعَ بكرٍ

وتغلبَ من تهامة ناقلينا

وما فتكت معدُّ كما فتكنا

فتقمص بالرماح التبَّعينا

أو الأقوال إذ بذخوا عليها

بما كانوا لها مستمهنينا

وكيف وهم إذا سمعوا بجيش

يسيرٍ أصبحوا متخيّسينا

يَرودون البلادَ مرادَ طيرٍ

ترود لما تفرِّخُه وُكونا

فإن زعموا بأنهم لقاحٌ

وليسوا بالأتاوة مسمحينا

فقد كذبوا لأعطوها وكانوا

بها الأبناء دأباً يرهنونا

ولِمْ صبروا على أيام بؤس

لأهل الحيرة المتجبرينا

يسومهم بها النعمان خسفاً

وهم في كل ذلك مذعنونا

ويبعث كبشه فيهم منوطاً

به سكينه للذابحينا

فما ألقاهم بالكبش يوماً

فكيف بذي الجموع بفاتكينا

فلما مات لم يندبه خلق

سواهم بالقصيد موتبنينا

وقد كانوا له إذ كان حياً

وخادمه عصام مادحينا

ويوم قراقر لما غدرتم

بعروة لم تكونوا مفلتينا

علوناكم بهنَّ مجردات

كأمثال الكواكب يرتمينا

فما كنتم لماء قُراقريٍّ

مخافة تلك يوماً واردينا

وقد همت نزارٌ كل عصر

بأن تضحي بعقوتنا قطينا

لمَا نظروا بها حتى تولوا

وهم منه حيارى باهتونا

وقد نظروا جناناً من نخيل

ومن كرم وبينهما معينا

وأسفلها مزارع كل نبت

وأعلاها المصانع والحصونا

وحلوا دار سوء ليس تلقى

بها للطير من شظفٍ وكونا

فثرنا في وجوههمُ ببيضٍ

يُطرنَ الهامَ أمثال الكِرينا

وإن خسفت مفارقُ طار منها

فراش الهام شاردة عِزينا

وقالت تحتهنَّ قُبٍ وَقُقٍّ

وقد وردت مضاربها الشؤونا

وأظهرْنا على الأجلاد منا

لموعَ البيض والحلق الوضينا

سرابيلاً تخال الآل لما

ترقرق في الفلا منها الغصونا

بِكَدْيُونٍ وكُرٍّ أشعرته

سحيقاً في مصاونها حُلِينا

ووقاها الندى والطل حتى

أضأن فما طَبِعْنَ ولا صدينا

وطرنا فوق أكتاد المذاكي

كأنا جنةٌ متعبقرونا

فولوا حين أقبلنا عليهم

نهز البيض منا يركضونا

يود جميعهم أن لو أُمِدّوا

بأجنحة فكانوا طائرينا

بذا عرفوا إذا ما إن لقونا

لأثواب المنية مظهرينا

فلما أن أراد اللَه خيراً

بكم بعث ابنَ آمنةَ الأمينا

يعلِّمكم كتاباً لم تكونوا

له من قبل ذلك قارئينا

ويخبركم عن الرحمن ما لم

تكونوا للجهالة تعقلونا

فأظهرتم له الأضغان منكم

وكنتم من حجاه ساخرينا

ولولا خفتمُ أسياف غُنْمٍ

لكان ببعض كيدكمُ مُحِينا

فأما الحَصر والهجران منكم

له وجسيم ما قد تمهنونا

فقد أوسعتموه من أذاةٍ

فأمحلتم بدعوته سنينا

وقابله بنو ياليل منكمُ

بوجٍّ والقبائل حاضرونا

بأن قالوا تَرى ما كان خلقٌ

سوى هذا لرب العالمينا

رسولاً بالبلاغ وإن يكنه

فنحن به جميعاً كافرونا

وقلتم إن يكن هذا رسولاً

لك اللهم فينا أن ندينا

فصب من السماء سِلامَ صخرٍ

علينا اليوم غير مناضلينا

وعذبنا عذاباً ذا فنونٍ

فكنتم للردى مستفتحينا

وخبرنا الإله بما عمرتم

به وبدينه تستهزئونا

أهذا ذاكر الأصنام منا

بما يضحي له مُتَكَرِّهينا

فلما أن حكيتُم قومَ نوحٍ

دعانا فاستجبنا أجمعينا

وسار خيارنا من كل أوب

إليه مؤمنين موحدينا

فآسوه بأنفسهم وأصفوا

له ما ملَّكوه طايعينا

وكنتم مثل ما قد قال ربي

متى تُحْفَوا تكونوا باخلينا

وكان المصطفى بأبي وأمي

بأفخر مفخر للآدمينا

ولم يك في معدَّ له نظير

ولا قحطان غير مجمجمينا

فمما قد جهلتم لم تكونوا

لما أعطيتموه آخذينا

وناصره ذووا الألباب منا

فأقبلنا إليه مبادرينا

فأحرزناه دونكم وأنتم

قيام كالبهائم تنظرونا

ترون ضنينكم في كف ثاني

وذلك سوء عقبى الجاهلينا

فتمَّمنا مفاخرنا بذاكم

فزدنا إذ نرا كم تنقصونا

ولو لقِّيتم فيه رشاداً

فتتبعون دون بني أبينا

إذاً نلتم به فخراً وكانوا

على قدر الولادة تشركونا

وكان دعاءه يا رب إني

بقرية قوم سوء فاسقينا

فأبدلني بهم قوماً سواهم

فكنا هم وأنتم مبعدونا

وآويناه إذ أخرجتموه

وكنا فيه منكم ثائرينا

وأسلمتم بحد سيوف قومي

على جذع المعاطس صاغرينا

وأذعنتم وقد حَزَّت ظباها

بأيدنا عليكم كارهينا

وقال اللَه لما أن أبيتم

كرامته بنا لكم مهينا

وصيَّرَنا لما لم تقبلوا من

كرامته الجسيمة وارثينا

وكنتم حين أرمس في ثراه

له في الأهل بئس الخالفونا

غدرتم بابنه فقتلتموه

وفتياناً من المُتَهَشِّمينا

وأعليتم بجثَّتِه سناناً

إلى الآفاق ما إن ترعوونا

وكنتم لابنه كي تنظروه

أأنبتَ تقتلوه كاشفينا

وأشخصتم كرائمه اعتداء

على الأقتاب غير مساترينا

أكلتم كِبْدَ حمزة يوم أحد

وكنتم باجتداعه ماثلينا

وها أنتم إلى ذا اليوم عمَّا

يسوء المصطفى ما تُقلعونا

فطوراً تطبخون بنيه طبخاً

بزيت ثم طوراً تسمرونا

فهم في النجل للأخيار دأباً

وأنتم غير شك تحصدونا

كأن اللَه صيَّرهم هدايا

لمنسككم وأنتم تنسكونا

وأنتم قبل ذلك مسمعوه

قبيحَ المحفظات مواجهينا

وهاجوه ومَرْوُوا ذاك فيه

قيانَ ابن الأخيطل عامدينا

وقلتم أبتراً صنبورَ نخلٍ

وقلتم بابن كبشة هازئينا

وطايرتم عليه الفَرْثَ عمداً

وكنتم للثنية ثارمينا

وكنا طوعه في كل أمر

مطاوعة البرود اللابسينا

وما قلنا له كمقال قومٍ

لموسى خيفة المتعملقينا

ألا قاتل بربك إن فيها

جبابرة وإنَّا قاعدونا

وقلنا سر بنا إنا لجمع

أراد لك القتال مقاتلونا

فلو برك الغماد قصدت كنا

له من دون شخصك سائرينا

وكل مؤلف فيكم ولما

يكن في اليعربين مؤلفينا

وآتينا الزكاة وكل فرض

وأنتم إذ بخلتم مانعونا

وما حاربتم إلا عليها

ولولا تلك كنتم مؤمنينا

فأي المعشرين بذاك أولى

على ما قد ذكرنا واصدقونا

وفخركم بإبراهيم جهلاً

فإنا ذاك عنكم حائزونا

ونحن التابعون له وأولى

به منكم لعمري التابعونا

دعانا يوم أذَّن فاستجبنا

بأن لبيك لما أن دعينا

وإن تفخر ببُرديه نزارٌ

فنحن به عليكم فاخرونا

وإن كانوا بنيه فنحن أولى

لأنا التابعون العاضدونا

وقد يزهو ببُردِ مُحَرِّقٍ مِن

تميمٍ وهو منا البهدلونا

وهم نادوا رسول اللَه يوماً

من الحجرات غير موقرينا

ويفخر بالدخول على بنيه

أمية ريِّسُ المتدعمصينا

ويعلو قسُّكم بالفخر لما

رأى منا الملوك الباذخينا

وطال بكف ذي جدن عليكم

وكان من الملوك الواسطينا

فدل بإنكم لمَّا تكونوا

بكف للملوك مصافحينا

ونفخر بالردافة من تميم

رياحٌ دهرهم والدارمونا

وقد طلب ابن صخر يوم قيظٍ

إلى عبد الكلال بأن يكونا

له ردفاً فقال له ترانا

نكون لذي التجارة مُردفينا

فقال فَمُنَّ بالنعلين إني

رميضٌ قال لستم تحتذونا

حذاء ملوك ذي يمن ولكن

تفيَّا إنَّنا لك راحمونا

ونحن بناة بيت اللَه قدما

وأهل ولائه والسادنونا

وخيف منىً ملكناه وجمعاً

ومشتبكَ العتايرِ والحُجونا

ومعتلم المواقف من إلالٍ

بحيث ترى الحجيج مُعَرِّفينا

فصاهرنا قصيٌّ ثم كنا

إليه بالسدانة عاهدينا

وأصرخه رزاح في جموع

لعذرة في الحديد مقنَّعينا

فكاثر في الجميع بهم خُزاعاً

فأجذم باليسار لنا اليمينا

ولولا ذاك ما كانت بوجه

خزاعة في الجميع مكاثرينا

وما فخر لعدنان علينا

بما كنا لهم به محتفينا

وما كنا لهم من غير منٍّ

طِلاب الشكر منهم واهبيا

ونحن غداة بدر قد تركنا

قبيلاً في القليب مكبكبينا

ويوم جمعتمُ الأحزاب كيما

تكونوا للمدينة فاتحينا

فآل ابن الطفيل وُسُوق تمرٍ

يكون بها عليكم مستعينا

فقلنا رام ذاك بنو نزار

فما كانوا عليه قادرينا

وان طلبوا القرى والبيع منا

فإنا واهبون ومطعمونا

فلما أن أبوا إلا اعتسافاً

وأضحوا بالأتاوة طامعينا

فلينا هامهم بالبيض إنا

كذلك للجماجم مفتلونا

وذاك المُوعد الهادي بخيل

وفتيان عليها عامرينا

فقال المصطفى يكفيه ربي

وأبناءٌ لقيلة حاضرونا

وما إن قال يكفيه قريش

ولا أخواتها المتمضِّرونا

وأفنينا قريظة إذ أخلوا

وأجلينا النضير مطردينا

وسرنا نحو مكة يوم سرنا

بصيدٍ دارعين وحاسرينا

فأقحمنا اللواء بكفِّ ليث

فقال ضرارُكم ما تعرفونا

فآثرنا النبيَّ بكلِّ فخرٍ

وسمَّانا الإلهُ المؤثرينا

وحان بنا مسيلمةُ الحنيفي

ي إذ سرنا إليه موفضينا

وزار الأسودَ العنسيَّ قيسٌ

بجمع من غطيف مردفينا

فعمم رأسَه بذباب سيف

فطار القحف يسمعه حنينا

وهل غير ابن مكشوح همامٌ

يكون به من المتمرسينا

وطار طليحة الأسدي لما

رآنا للصوارم مصلتينا

ونحن الفاتحون لأرض كسرى

وأرض الشام غير مدافعينا

وأرض القيروان إلى فرنجا

إلى السوس القصيِّ مغربينا

وجربيُّ البلاد فقد فتحنا

وسرنا في البلاد مشرقينا

كأنا نبتغي مما وغلنا

وراء الصين في الشرقيِّ صينا

وغادرنا جبابرها جميعاً

هُموداً في الثرى ومصفَّدينا

وتابعهم يؤدي كل عام

إليكم ما فرضنا مذعنينا

ووازرنا أبا حسن علياً

على المُرَّاق بعد الناكثينا

وسار إلى العراق بنا فسرنا

كمثل السيل نحطم ما لقينا

علينا اللام ليس يبين منا

بها غير العيون لناظرينا

فأرخصنا الجماجم يوم ذاكم

وما كنا لهن بمثمنينا

وأجحفنا بضبة يوم صلنا

فصاروا من أقل الخندفينا

وطايرنا الأكف على خطام

فاشبهتها إلا القُلِينا

وعنَّانا الخيول إلى ابن هند

نطالب نفسه أو أن يدينا

وطلنا نفتل الزندين حتى

أطارا ضرمة للمضرمينا

وروَّحنا عليها بالعوالي

وبيض الهند فاستعرت زبونا

ونادينا معاويةَ اقتربنا

بجمعك أننا لك موقدونا

فصدَّ بوجهه عنا كأنا

سألناه شهادةَ مُزْوِرِينا

وحامت دونه جمرات قومي

ومن دون الوصي محافظينا

فأبهتنا نزاراً بالذي لم

يكونوا في الوقائع يعرفونا

فطار فؤادُ أحنفكم فولَّى

ببعض تميمَ عنّا مرعبينا

ويوم النهروان فأي يوم

فَلَلْنا فيه ناب المارقينا

ولاقى مصعبٌ بالدير منا

شباة مُذَلَّق بتك الوتينا

وإنا للأولى بالمرج مِلنا

على الضحاك والمُتقيِّسينا

وولى خوفنا زُفَرٌ طريداً

براهطَ والأحبة مقعصونا

وقوَّمنا أمية فاستقامت

وكانوا قبلها متأوِّدينا

فلمَّا رفَّعوا مضراً علينا

جعلنا كلهم في الأسفلينا

وقلنا الهاشمون أحق منكم

ونحن لهم عليكم مايلونا

فقام بنصرهم منا جُدَيعٌ

وكان لحربهم حصناً حصينا

وقحطبة الهمام همام طي

وما المُسْلِيُّ عامرُ منه دونا

شفا بالزاب من مروان غيظاً

وغادره ببوصيرٍ رهينا

وأثكلْنا زبيدةَ من فتاها

وغِلْناها محمدَها الأمينا

وأردينا الوليد بِقَرم قَسرٍ

ولم نك فيه ذاكم مرتضينا

ورب فتى أزرناه شَعوباً

إذا يُدعَى أمير المؤمنينا

وجدَّعنا بني مطرٍ بمعنٍ

ونحن بمثل ذلك جادعونا

سما من حضرموت له ابن عمرو

يطالب من بني مطرٍ ديونا

فحيَّره ببُستَ لهم وولَّى

وكان بها ابن زائدةٍ قمينا

وفي يوم البصيرة يوم ثارت

وفتنة مصر كنا القائدينا

وأيام الدبا لِمْ نحنُ كنا

وقزوينٍ لكل قامعينا

ونحن لكل حي منذ كنا

إذا خاف المهالكَ عاصمونا

كعصمتنا ربيعة يوم طالت

على إخوانها بالحلف فينا

وصاروا في تعاظمه لديهم

به في الشعر دأباً يفخرونا

وقد جعلت معد الصهرَ منا

لهم فخراً به يتطاولونا

بذا نطق القريضُ لِمُعظميهم

وكنا فيه منكم زاهدينا

وقد طلبت تميمٌ صهرَ جارٍ

لهم منا فأضحوا مبعدينا

وما كانوا لغسان بكفء

لربّات الحجال مقدمينا

ونحن الناكحون إلى عديٍّ

كرائمَه ونعم المنكحونا

فأمهرنا الذي جعلوه فيهم

رضىً لجميعهم مَسْكاً دهينا

ولما يجنِ جانيكم علينا

فنقصد غيرنا في المُعربينا

فمن لخم إلى غسان تجري

ومن غسان في لخمٍ لعينا

يُنَقِّلُ وُلْدَهُ كجراء كلبٍ

يُنقِّلها حذارَ الراجمينا

ونحن الواهبون الدرع قيساً

وما كنا لشيء خازنينا

فلم تعظم لدينا واستَثرتم

بها ما بينكم شراً مهينا

وعُدَّ بها الربيعُ ربيعُ عبسٍ

إذا افتخروا بها في السارقينا

ونحن الواهبو الصمصامِ يوماً

لبعض سمادعِ المتعبشمينا

فآلت حالُهُ في النسك فيهم

وكان بنا من المتمردينا

ورب خزاية فيكم كَنينا

يشق بها رؤوس السامعينا

ينبِّه سعدُ حسانٌ عليها

إذا أنشدتموه القاطنينا

وقد قال النبي له أجبهم

تجد روح الهدى فيه معينا

فقولك كالعذاب يُصبُّ صباً

عليهم مصبحين ومعتمينا

ودونك من أبي بكر هنات

ترد بها نزاراً خاملينا

فعيَّركم برايات البغايا

وما كنتم قديماً تَمهنونا

وخبَّرَ أن قوماً نسلُ قبطٍ

وأقواماً سلالةُ أسودينا

وألحق ساقطاً ونفا سواه

فألحقه بقوم أبعدينا

وأخبر باللقيط بما علمتم

ولم يك غير حق قابلينا

ومنكم ذو الخويصرة المنادي

رسول الله عدلَ القاسمينا

وسيدكم عيينة قد علمتم

يعد بحمقه في المرضعينا

وسيد منقرٍ لمَّا يَزَعْهُ

حجاه عن خلال الطامعينا

وقد نهب الزكاة وقال يهجو

أبا بكر فما أضحى مشينا

وأحبلَ بنتَه والبدعُ يُدعَى

وغادر منقراً في المرتدينا

وأقرع وابن ضمرة رَيِّساكم

فذا فدْمٌ وذا في المرتشينا

وبعض بني أبي ذبّان منكم

فكان يعد رأس الأحمقينا

وأظهرت القصائد من وليدٍ

عظيم الكفر للمتوسمينا

ووافد ضبة نحو ابن هند

فمن أعجوبة المتعجبينا

ونوكاً لست أحصيهم إليكم

وقد كذبوا بِطَيءٍ ينتمونا

وفينا الحكمة الغراء تطمو

على أفواهنا متكلمينا

وإيمانُ القلوب وكلُّ صدق

وركن البيت للمتيمِّنينا

وقد قال النبي أما رضيتم

بأن تضحي نزارٌ غانمينا

بشاء أو بعير أو عبيد

وأنتم بي الغُدَيَّةَ تذهبونا

وأنتم في الدناة أقل قوم

وفي الهيجاء علمي تكثرونا

وقال اللَه لما أن كفرتم

وكنتم عن كتابه تنفرونا

لقد وكلت بالإيمان قوماً

فكنا هم وليس بكافرينا

فخلوا الفخر يا عدنان لستم

وقد رحنا بأحمد تحسنونا

وكيف يعد مثلكم وأنتم

بقول إلَهنا المستضعفونا

سواء كنتمُ أو لم تكنوا

على الدنيا فكيف تفخَّمونا

ولستم للمسائل أهل نفعٍ

ولستم للمُبائن ضائرينا

ونحن الناحتون الصخر قدماً

مساكن فسحةً والشائدونا

كغمدان المنيف وقصر هكرٍ

وبينونِ المنيفةِ محكمينا

وصرواح وماربَ نحن شدنا

عليها بالرخام معمِّدينا

فأهلكها الإله ببثقِ سيلٍ

ونجّانا فلم نكُ مهلكينا

وأهلك من عصاه من سوانا

بأنواع البلاء مباكرينا

وقال لنا اشكروني واحمدوني

فإني غافرٌ ما تجرحونا

وقال لغيرنا كونوا على ما

زويتُ إلى سواكم صابرينا

وقصر ظفار قد شدنا قديماً

وبعد براقش شدنا مَعينا

وأنكحنا ببلقيسٍ أخانا

وما كنا سواه مُنكحينا

ولم تطلب بذي بقع بديلاً

ولو أنا بتنزيلٍ أتينا

وكان لها بقول اللَه عرش

عظيم والبرية مقتوينا

وشدنا ناعطاً في رأس نيقٍ

وكنا للخورنق شائدينا

ونصَّبنا على ياجوج ردماً

فما كانوا عليه ظاهرينا

بلبن من حديد بين قَطرٍ

ونحن الآن فيه حارسونا

وخولنا النجائب نمتطيها

فذلت بعدنا للممتطينا

ومنا سرها في آل كلب

ومهرة قصره والداعرينا

وفينا العيش راح وهو فيكم

أعز من الشفاء لمسقمينا

تظلون النهار على لَبينٍ

وطول الليل عنه مخمصينا

وقد قال ابن ظالم كم ترانا

لآثار السحائب ناجعينا

وقال لكم أبو حفص ألا قد

عرفنا طيب عيش العائشينا

لباب البر يكسوه ثريداً

صغار المعز واللبن الحقينا

وقال متمم يحكي أخاه

وينعته لبعض السائلينا

بشملته الفلوت على ثِفالٍ

فويقَ مَزادةٍ للمستقينا

وقال مُنَخِّلٌ يحكي غناه

ويحسب أنه في المالكينا

أنا ربُّ الشُوَيهةِ في بِجادِي

ورب النضوتين الظاعنينا

وأعظم سيد فيكم يُفادَى

بعُشرِ فداءِ أشعثَ تعلمونا

وأشعثُ ليس أرفع ذي يمانٍ

وما هو إن عددت من الذوينا

وما فادت يمين أبي تراب

بغيرة مخطم المتيمِّنينا

وهرول يوم صفين عجولاً

فسار العسكران مهرولينا

لإعظام الجميع له فلما

توقف وقَّفوا لا يحركونا

وكنتم بين عابدِ ما هويتم

وبين زنادق وممجَّسينا

كآل زُرارة نكحوا بجهل

بناتَهم بكسرى مُقتدينا

ونَبَّوا منهمُ أنثى وقالوا

نكون بها الذكورة مشبهينا

وضارطهم فلم يخجل ولمّا

يكن ليشيده مل ألقاطنينا

ولا تنسوا طلاب هذيل منكم

لتحليل الزنا مستجهدينا

وبكراً يوم بالوا في كتاب

أتى من عند خير المنذرينا

وكانت عامر بكتاب حق

أتى منه لدلوٍ راقعينا

وعكلٌ يوم أشبعهم تِراراً

برسل لقاحه متغبقينا

فكافوه بأن قتلوا رعاه

وشلوهن شلّاً مسرعينا

ونحن بصالح والجد هود

وذي القرنين والمتكهفينا

وفَيصَلُ مُرْسَلِي ربِّي شعيبٌ

وذي الرس بنِ حنظل فاخرونا

وبالسعدَينِ سعدٍ ثم سعدٍ

وعمار بن ياسر طائلونا

ولقمان الحكيم فكان منا

ومولى القوم في عدل البنينا

ومنا شبه جبريل ومنكم

سراقة شبه إبليس يقينا

ببدر يوم ولَّى ليس يلوي

على العقبين أولى الناكصينا

ومنا زيد المشهور باسم

من التنزيل بين العالمينا

وردف المصطفى منا ومنا

فأنصار له ومهاجروينا

ومنا ذو اليمينين الخزاعي

وذو السيفين خير المصلتينا

ومنا ذو الشمالين المحامي

وذو العينين عجب الناظرينا

وذو التمرات منا ثم حُجرٌ

وخبَّابٌ إمام الموقنينا

وذو الرأي الأصيل وكان منا

خزاعة عدل شفع الشافعينا

ومنا أقرأ القُرَّا أبيٌّ

ومنا بعد رأسُ الفارضينا

ومنا من تكلم بعد موت

فأخبر عن مصير الميتينا

وأول من بثلث المال أوصى

ليفرق بعده في المقترينا

ومن أُرِيَ الأذان وكان منا

معاذ رأسُ رسل المرسلينا

ومنا من رأى جبريل شفعاً

ومنا في النبي الغائلونا

ومنا من أبرَّ اللَه ربي

له قسماً وقل المقسمونا

ومن بسط النبي له رداء

وأوصاكم به للسيدينا

ومنا ذو المخيصرةِ ابنُ غنمٍ

ومنا للقُرَان الحافظونا

ومنا المكفنون وذاك فخر

بقمص المصطفى إذ يدفنونا

كصيفي بن ساعد وابن قيس

وعبد اللَه رأس الخزرجينا

وما ابن أبي سلولٍ ذا نفاق

فإن قلتم بلى فاستخبرونا

أليس القول يظهر كل شر

له كل الخلائق كاتمونا

ونحن نراه عاذ بما يُصالي

بجلد الهاشمي ولن يكونا

بغير حقيقة إلا شققنا

لكم عن قلبه تستيقنونا

كما قد قال أحمد لابن زيد

لقتل فتى من المستشهدينا

فلولا إذ شككت شققت عنه

فتعلم أنه في الكافرينا

وفينا مسجد التقوى وفينا

إذا استنجيتم المتطهرونا

ومنا الرائشان وذو رعين

ومن طحن البلاد لأن يدينا

وقاد الخيل للظلمات تدمى

دوابرها لكثرة ما وجينا

يُطرِّحنَ السخالَ بكل نشزٍ

حُداها لم تُعِقْ لما لَقينا

طوين الأرض طولاً بعد عرض

وهنَّ بها لعمرك قد طوينا

فهن لواحق الأقراب قُبٌّ

كأمثال القداح إذا حنينا

يطأن على نسورٍ مُفْرَجاتٍ

لِلَقطِ المروِ ما اعتلت الوجينا

فَتُحسَبُ للتوقُّمِ مُنعلاتٍ

بأعينهنَّ مما قد حفينا

تكاد إذ العضاريط اعتلتها

بلا ثمن الثرى مما ونينا

فدان الخافقان له وأضحى

ملوكهما له متضائلينا

أبو حسان أسعد ذو تَبان

وذلك مفرد عدم القرينا

ومنا الحَبْر كعب ثم منا

إذا ذكروا خيارُ التابعينا

أخو خولان ثم أبو سعيدٍ

وثالثُهم إذا ما يذكرونا

فعامر وابن سيرين وأوسٌ

وذاك نعده في الشافعينا

وبابن الثامري إذا افتخرنا

ظللنا للكواكب معقلينا

ومنا كل ذي ذربٍ خطيب

ومن الشاعرون المفلقونا

ومنا بعد ذا الكهان جمعاً

وحكّام الدماء الأولونا

ومنا القافة المبدون مهما

به شكلت عروق الناسبينا

ومنا عابروا الرؤيا بما قد

تجيء به ومنا العائفونا

ومنا راويو خبر الترايا

ومنا العالمون الناسبونا

ومنا أسقفاً نجران كانت

برأيهما النصارى يصدرونا

ونفخر بالخليل الأزد منا

وحق لهم حكيم المسلمينا

ومنا سيبويه وذو القضايا

أخو جرم رئيس الحاسبينا

ومنا كل أرورع كابن مَعدِي

وزيد الخيل مردي المُعْلِمينا

وفروة وابن مكشوح وشرح

ووعلة فارس المترسِّبينا

ومُسهرُ وابن زحرٍ ثم عمروٌ

وعبد اللَه سيف اليثربينا

وسفيان بن أبرد وابن بحر

ومنا الفتية المتهلِّبونا

ومنهم مالكوا الأرباع جمعاً

وكانوا اللخوارج شاحكينا

وما للأشتر النخعي يوماً

ولا قيس بن سعدٍ مشبهونا

ولا كعدي طيِّ وابن قيسٍ

سعيد الملك قرم الحاشدينا

وشيبان بن عامر عدلُ ألفٍ

وما مثل ابن ورقا تنجلونا

ومنا المُتَّلُون لكل فتح

ورائبُ صدعكم والراتقونا

وبالحسن بن قحطبة افتخاري

إذا ما تذكرون المطعمينا

فتى أمرت ملوك الروم لما

رأته عدلَ نصف المُعربينا

بصورته على بيع النصارى

وتمثالاً بطرق السابلينا

وما مثل ابن عُلبةَ وابن كرز

وعبد يغوث بين القاتلينا

فهذا مصلح شسعاً وهذا

يقول قصيدة في الحاذلينا

وذاك مؤمر من بعد قتل

بأنه لم يكن في الجازعينا

ومد يداك يسرى بعد يمنى

ولم يك للمنية مستكينا

وما كجوادنا فيكم جواداً

وكلا ليس فيكم باذلونا

وأين كحاتم فيكم وكعب

وطلحة للعفاة المجتدينا

وحسان بن بحدل قد تولَّى

خلافتكم وأنتم حاضرونا

ومن خفتم غوائله عليها

وكنتم منه فيها موجلينا

ومنا من كسرتم يوم أودَى

عليه من لواء أربعينا

ومن سجدت له مائتا ألوف

وأعتق أمة يتشهدونا

ومنا مدرك بن أبي صعيرة

ومُذكوا الحرب ثم المخمدونا

وقاتل صمَّة الهندي منا

ومنا بعد ذا المتصعلكونا

كمثل الشنفرَى وهمامِ نهدٍ

خزيمةَ أمردِ المتمردينا

وندمان الفراقد كان منا

وضحاك بن عدنان أخونا

ومن خدمته جنُّ الأرض طوعاً

وما كانوا لخلقٍ خادمينا

وبادرنا فلم تحصى إذا ما

عددتم أو عددنا المفردينا

ووإن قلنا قد اتبعوا لديكم

وكانوا خلف قومي تابعينا

وفينا ضعف ما قلنا ولكن

قصرنا إذ يعاب المسهبونا

ولكني كويتُ قلوب قوم

فظلوا بالمناخر راغمينا

يعضون الأنامل من خزاء

وما ذاكم بِشافِ النادمينا

فلا فرج الإله همومَ قوم

بفتح القول كانوا مبتدينا

هم ولجوا إلى قحطان نهجاً

فصادفهم به ما يحذرونا

وقد شيدت فخراً في قبيلي

يقيم مخلداً في الخالدينا

فمن ذا يضطلع بعدي بهدم

فيهدمه بإذن الشائدينا

فهدم الشيء أيسر غيركم

من البنيان عند الهادمينا

ولو أني أشاء لقلت بيتاً

تكاد له الحجارة أن تلينا

ولكني لرحمتهم عليهم

بتزكية من المتصدقينا

فكم حلم أفاد المرء عزاً

ومن جهل أفاد المرء هونا

وحسبك أن جهل المرء يضحي

عليه للعداء له معينا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الحسن بن أحمد الهمداني

avatar

الحسن بن أحمد الهمداني حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Hassan-Al-Hamdani@

12

قصيدة

259

متابعين

الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني، أبو محمد. مؤرخ، عالم بالأنساب عارف بالفلك والفلسفة والأدب، شاعر مكثر، من أهل اليمن. كان يعرف بابن الحائك، وبالنسَّابة، وبابن ذي الدُّمينة (نسبة إلى ...

المزيد عن الحسن بن أحمد الهمداني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة