قالوا لي : كيف تقيمُ هنا ؟ تترك بيتكَ عند طرابُلُسٍ ، وحقولَ الزيتونِ ، ومقبرةَ الأجدادِ ، وتسكنُ في حيٍّ من أحياءِ الفقراءِ بروما ؟ قالوا لي أيضاً : إني الأكبرُ سِــنّـاً في العائلةِ ? أعرفُ هذا ، أعرفُ أني أسكنُ في عاصمة القيصرِ أن جنود الحاميةِ الرومانيةِ في أرباضِ طرابُلُسٍ يَجْــبونَ ضرائبَ فادحةً ، ويحبّونَ الغلمانَ الليبيينَ ويغتصبون نساءً أحياناً ? أعرفُ هذا ؛ لكنْ ? إنْ كانت ليبيا مستعمَرةً للرومانِ فهل أفضلُ لي أن أسكنَ في مستعمرةٍ ؟ أن أسكنَ داخلَ ما سَـمّـاه الرومانُ بلادَ برابرةٍ ؟ أنا في حيٍّ من أحياءِ الفقراءِ بروما ? حقّـاً لكنّ العسسَ الليليّ هنا لا يزجرني لا يسألني لا يأمرني أن أخلع أثوابي ليفتشني ? والأمرُ بسيطٌ جداً ، جداً ، جداً ؛ فالعسسُ الليليّ هو العسسُ الليليُّ لعاصمةِ القيصرِ لا للمستعمرةِ ? ??????? الآنَ سـأفتحُ نافذةً كي يدخلَ ضوعُ صنوبرةٍ بعد المطرِ ؛ ???????.. ابتعدتْ عني رائحةُ البارود .
سعدي يوسف شهاب،ولد عام 1934 بالبصرة.وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954.عمل سعدي مدرساً ومستشاراً إعلامياً, ومستشارا ثقافياً, ثم رئيساً لتحرير مجلة (المدى) الدمشقية, ثم تفرغ للشعر. غادر العراق في ...