الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » يا جوهر البدء ومسك الختام

عدد الابيات : 134

طباعة

يا جوهر البدء ومسك الختام

يا أشرف الرسل وخير الأنام

يا معدن الحسن وسر النهى

يا نسمة الزهر وزهر الكمام

يا مدحض المحل وغيث الندى

يا منشيء الخصب وبرء السقام

يا خير من زكى وداد العدا

ودان بالحج وصلى وصام

يا جوهرا قد عز عن قسمة

والفرد لا يعرف بالإنقسام

أنت الذي فوق البراق أرتقى

إذ قاده جبريله بالزمام

أنت الذي بالفتح والنصر قد

حلاك مولاك الكريم السلام

أنت الذي لاذت بك الأنبيا

والرسل والأملاك يوم القيام

أنت الذي أضحى بك الإقتدا

أنت الذي أمسى بك الإعتصام

أنت الذي رق عليك اللوا

وامتزت بالحوض وعز المقام

أنت الشفيع المرتضى يوم لا

تغني نفوس عن نفوس تضام

أنت الذي قمت بمعنى الورى

إذ كنت في التكوين أصل المرام

أنت الذي سدت جميع الورى

إذ كنت في حال المخرج مغني القوام

وامتزت يوم الست عم دعا

إذ كنت عقد وسط ذاك النظام

وقدمتك الرسل في موكب

مستشرق الوضع فكنت الإمام

وفقت بالاسرا ونيل المنى

ونصرة الريح وظل الغمام

والإنس والأملاك والجن قد

نادوك يا داعي بأحلى كلام

والنبت والأحجار والوحش قد

حيوه يا هادي بأزكى سلام

والبدر في نصفين قد شق إذ

رمت التحدي حيث جال الظلام

والجذع إذ فارقته حن من

شوق حنين البكر عند الفطام

وسبحت في راحتيك الحصى

وفي يديك الجدل أضحى حسام

والغار لما صرت فيه حمى

علياك من كيد العداة اللئام

وفيه حاكت عنكبوت كما

أظلّه الدوح وباض الحمام

والماء من بين إصبعيك انهمى

كيما بقي الاصحاب حر الأوام

وقد كفيت الجيش لما اشتكى

بنزر ماء وصواع طعام

وصمت في الرمضا وقمت الدجى

فقمت بالخدمة أوفى قيام

وراودتك الشم عن نفسها

فلم ترم عن عينها ما يرام

ولو أردت ألقت لك الأرض ما

في بطنها من كنز أهل الحطام

لكنك اخترك البقا لا الفنا

ولم ترم الا الخطير المرام

أطفأت نار الفرس يا مصطفى

من بعدما أوقدت ألف عام

وماء ساوة غاض لما بدت

أضواك وانزاحت دياجي الظلام

وانشق إيوان المجوسي إذ

شيّدت ركن الدين بعد انهدام

بلمسك الحائل درت كما

بالمسح قد أنبتّ شعر الغلام

وافيت والكفر له شوكة

صالت بها أيدي الطغاة الطعام

فصال حزب الدين من حينه

ومال جيل الكفر للإنهزام

وعبس الإشراك من حزبه

وأظهر التوحيد ثغر ابتسام

وجئت بالذكر الحكيم الذي

آيته قد أعجزت باحتكام

ذكر بعيد الشأو داني الهدى

مستحكم المعنى بديع النظام

أبان عما يأت أو ما مضى

وبين الحل لنا والحرام

لا تخلق الأزمان جلبابه

وكيف لا وهو القديم الكلام

أقمت في البطحا مقاما به

قد زمزم الشادي ليطيب المقام

وسرت للمعراج في موكب

مستعظم التشريف والاحتشام

وقدمتك الرسل في محفل

مستشرق الوضع فكنت الإمام

فإن أتوا من قبل لا غرو إن

رش الندى البستان قبل الغمام

أو إن غدوا للكتب عنوانه

فأنت يا مختار مسك الختام

أو صيروا كالزهر في دارة

فأنت في الدارة بدر التمام

وكلهم منك استمدوا الهدى

وعنك يرون المعاني الجسام

نصرت بالرعب فاهلكت من

ناواك من بعد بسيف انتقام

وكم كشفت الخطب يوم الوغى

لما اغتدى ليلا بضرب الحسام

وكم بطعن الرمح سمت العدا

ما نولوه عند رشق السهام

وكم هزمت الكفر في فتية

لولاك ما انقادوا لدين السلام

هم معشر في السلم سحب وفي

ليل الوغى شهب رمت بالحمام

ألباذلوا الأنفس في حب من

جازاهم فضلا بدار السلام

هم سادة صحب سراة أولي

صيد دعاة الخير نخب كرام

شوس حما شم رؤوس تقى

زهر هدى غر نجوم عظام

من مثل شيخ الصدق في هديه

أو مثل فاروق المعالي الهمام

أو مثل ذي النورين في صبره

أو مثل صدر المعلوات الإمام

أو مثل عميه وسبطيه أو

كالآل أرباب الوفا والذمام

أو مثل باقهم وهل هم سوى

زهر الدياجي أو زهور الكمام

من ذا يضاهيهم سنا أو علا

من بعد ما أمسوا بدور التمام

أو من يوفي مدحهم بعدما

حياهم المولى بآي كرام

يا كم بهم أرغمت أنفا وقد

كشفت عن ثغر تواري اللثام

وكم بتفل قد كفيت الأذى

وكم بنفث قد شفيت السقام

وكم أعدت الملح عذبا وكم

قومت معوجا قسا فاستقام

وكنت لما كنت فوق العلا

كقاب قوسين أو أدنى مقام

وحزت فخرا لم يحزه السوى

بالرؤية الغرا وإلقا الكلام

لولاك ما كانت سماء وما

لولاك ما كان الضيا الظلام

لولاك ما زان السما انجم

لولاك ما أرسى الوهاد الأكام

لولاك ما لاحت شموس الضحى

لولاك ما سارت بدور التمام

لولاك لم تسق البطاح الحيا

لولاك ما تنبت بطاح خزام

لولاك ما مالت غصون النقا

لولاك ما غنى عليها الحمام

لولاك ما افترت ثغور الربا

لولاك ما صحت جسوم البشام

لولاك ما ابيضت وجوه المها

لولاك ما اسودت عيون الريام

لولاك ما شقت فيلاة الفلا

لولاك ما قاد المطايا زمام

لولاك لم يتسخف جن ولم

يولد وليد بين حام وسام

لولاك لم يوجد وجود ولم

تبرز معاني الكون بعد انعدام

لولاك لم تنطق بتوحيد من

حيّاك يا نور الهدى بالسلام

لولاك ما صلى وزكى امرؤ

وفي بحق الفطر بعد الصيام

لولاك ما زار الورى طيبة

لولاك ما حج الورى كل عام

يا نير الأفق وكهف القرى

ومنتهى السؤل وعين المرام

أنت الذي أعطاك مولى العطا

شفاعة تشمل جمع الأنام

فكن مجيري يا مجير الورى

من موقف ضنك ألد الخصاء

وأجزل ثوابي يا جواد وجد

فضلا فإن الفضل شأن الكرام

فبامتداحي فيك لي ذمة

وأنت اوفى من وفى بالذمام

وحق عينيك وما قد حوى

القرآن من فاء وصاد ولام

لو كانت الأرضون والسحب

والأفلاك أوراقا طوالا عظام

والنبت أقلاما وما قد جرى

من كل ماء كالمحاد استقام

وكل ما قد دب أو قد مشي

أو سار كتابا بطول الدوام

لما حووا معشار عشر الذي

أوتيته عن فضل مجرى الغمام

وكيف يحصي العد نبت الثرى

والترب والحصب وجنس الهوام

أو هل يوفى الكيل بحرا طمى

أو هل يوفي القيس مسح الظلام

أو هل يوفي الحرب سر العلا

والسفل او تحصى معاني الكلام

الأمر يا من رام أن يحصه

صعب فدع بالله ما لا يرام

واجنح إلى العجز ففي طيه

سر به تكفى أليم الملام

وهل يفي بالمدح فيك امرؤ

من بعد ما انثنى عليك السلام

لكن تطفلت وشان الفتى

حفظ الطفيلي ويذل المرام

وزاحمت وراد مدح الحيا

والمنهل العذب كثير الزحام

يا مطمح الآمال يا مجتبي

والكون لم يبؤز من الأنعدام

حاشاك في اليقظة أن تخزني

من بعد ما رحبت بي في المنام

أو اشتكي حر الظما بعدما

اسقيتني ماء يروي الأوام

أو تحرق النيران جسمي وقد

أدخلتني في الصحب دار السلام

فلا تخيّب وأول ما ارتجي

من أنعم الدارين يا ابن الكرام

يا رب يا الله يا حيّ يا

قيوم يا ذا العفو والإنتقام

يا خالق الكون بلا صلة

يا دائم الملك بغير انصرام

يا باسط الأرض وباني السما

يا مجري الري ومرسي الأكام

يا محصي الأنفاس يا عالم

الأسرار يا باري البرا والنعام

يا سامع الأصوات يا من يرى

وقع دبيب النمل تحت الظلام

يا رازق الخلق بلا حيلة

يا مالك الوحش وكافي الهوام

يا منعش المرضى ومولى الجدا

يا ناشر الموتى ومحي العظام

يا من تعالى عن شريك وعن

اصل وفرع أو منى أو منام

يا من سمى عن جسم أو عن حجى

أو شرب ماء أو ذواق الطعام

يا من علا عن كيف أو كم أو

عن مشية أو جلسة أو قيام

يا من يجيب العبد مهما دعا

في الطعن يا ذا الجود أو في القيام

أمنن بعود لحطيم به

قد حطم الله الذنوب العظام

وزورة القبر الشريف الذي

فيه ثوى من حل أعلى مقام

واحفظ قواي الخمس ما دمت في الدنيا

إلى أن يعتريني الحمام

واغفر ذنوبي واوف ديني وكن

عوني إذا ما صرت تحت الرجام

وكف عني كل باغ وكد

من كادني واكف شر الخصام

إني تحصّنت بطه ومن

يأوى له يخش سوء اهتضام

وقد تمسكت بأذياله

ومن به استمسك أنى يضام

يا أمة الهادي المفدى ابشروا

بكونكم اتباع خير الأنام

وليكف أن الله سبحانه

أثنى عليكم بالخلال الوسام

إذ قال كنتم خير فيلهنكم

بالعز في الداري والاحترام

يا رب يا سلطان احم حما

ة الدين من اولاد سام وحمام

وانصروا الإسلام واحم الهدى

بالملك المولى والإمام الهمام

مولاي عثمان الولي الذي

أقام ركن الدين حتى استقام

والطف به واغفر له وأوله

منك الأماني والرضا يا سلام

واحفظ ولي العهد كهف اليتا

مى الملك المسعود كهف الأيام

واختم له بالخير واغفر له

وانحه في الدارين أسنى مرام

واغفر لأشياخي وآبائي ما

قد حملوه من ذنوب عظام

وهب لجميع المسلمين الرضا

وامنحهم منك الجد المستدام

واحسن ختام ابن الخلوف الذي

بمدح طه رام حسن الختام

وصل يا رب عل المصطفى

ما شق نحر الصبح جيب الظلام

والال والصحب وأتباعهم

ما رش برد الروض دمع الغمام

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة