الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » هزوا القدود وأرهفوا الأجفانا

عدد الابيات : 91

طباعة

هَزوا القدُودَ وَأرهفُوا الأجفَانَا

أوَ مَا رَأيْتَ البَانَ وَالغزْلاَنَا

وَاسْتَبْدَلُوا بَدَلَ السهَام لَوَاحِظاً

لما انْتَظَوْا عوض الظُّبَى أجفَانَا

وَثَنَوْا مَعَاطِفَهُمْ وَقَدْ لاَحُوا فَهَلْ

أبْصَرْتَ أقْمَاراً عَلَتْ أغْصَانَا

وَجَلَوْا بروقَ مَبَاسمٍ مَا أوْمَضَتْ

إلاَّ وَأمْطَرَ دمعيَ العِقْيَانَا

غِيدٌ نَفَرنَ وَقَدْ أمَتُّ تَوَلُّهِي

فَأعَدْنَهُ حَيَّا كَمَا قَدْ كَانَا

وَبِمُهْجَتِي منهن خُودٌ خدهَا

قَدْ شَاكَل النُّعْمَانَ وَالسُوسَانَا

حَرَسَتْ بِأسْوَدِ شَعْرِهَا أعْطَافَهَا

وَكَذَا الأسَاوِدُ تحرسُ الكُثْبَانَا

وَلَوَتْ عَقَاربَ صدغهَا فِي خدهَا

فَحَمَتْ بِمُنْذِرِ آسِهَا النُّعْمَانَا

وَجَلَتْ مَعَاطِفُهَا النُّهُودَ وَلَمْ أكُن

شَاهَدْتُ بَاناً أثمر الرمَّانَا

نَاديتُ مبسِمَهَا المنضَّدَ دُرُّهُ

يَا جَوْهَراً كَيْفَ اغْتَدَيْتَ جُمَانَا

ودعوتُ بلبلَ خَالِ وردِ خُدُودهَا

يَا عنبراً مَنْ قَدْ حَمَى مرجَانَا

يَا مُدّعي كِتْمَانَ واضِحِ خَدّهَا

أمَعَ المَدَامِعِ تَدَّعِي الكِتْمَانَا

وَتَرُومُ تَشْهَدُ كَائِنَاتِ جَمَالِهَا

أبِغَيْرِ عَيْنٍ تشهد الأكْوَانَا

لا تُنْكِرَنَّ فَإنَّ قَلْبَكَ لَمْ يَزَلْ

كَلِفاً بِذَاكَ البَانِ لَمَّا بَانَا

يَا صَاحبَيَّ قِفَا بتونس برهةً

كَيْ تُنْعِشَا الأرْوَاحَ والأبْدَانَا

وَاسْتَنْشدَا عَنْ سرْبِهِ وكنَاسه

إنْ خِلْتُمَا الركبَانَ وَالأظعَانَا

فَبِأيْمَنِ الشَاطِيّ من غَرْبِيِّهَا

ظبيٌ سبا الآسَادَ وَالغزْلاَنَا

شَاكِي السلاَحِ أقَلَّ من اعطَافهِ

رمحاً وَسَلَّ منَ اللحَاظِ سِنَانَا

بدرٌ تَحَيَّرَ فِيهِ مَنْ رَامَ الهُدَى

وَإذَا اهْتَدَى فَتَخَالُهُ الحيرَانَا

كَالشَّمْسِ وجهاً وَالقضيب مَعَاطِفاً

وَالزهْرِ ثغراً وَالمَهَى إنْسَانَا

تَجْلُو عَوَارِضُهُ لَكَ العَلَمَيْنِ إذْ

يُبْدِي لعينك خده نعمَانَا

فَبثغره شِمْتُ العُذَيْبَ وبَارقا

وَبِقَدّه خلْتُ النَّقَا وَالبَانَا

فَتَنَتْ مَحَاسِنُهُ فُؤَادَ مُحبِّه

أوْ لَيْسَ فَاتكُ لحظه فَتَّانَا

رشأ رَشِيقُ القَدّ معسُولُ اللَّمَى

فَضَحَ الربَى وَالحورَ وَالوِلْدَانَا

فِي نَارِ وجنته الجِنَانُ تزخرفت

مُسدْ صَارَ خَازنُ عَدْنِهَا رِضْوَانَا

رَامت نُجُومُ الأفْق تحكي خده

فَلِذَاكَ أكسبَ بدرَهَا النقصَانَا

وَالرْوضُ أهدَى الأقْحُوَانَ لثغرِهِ

فَحَمَتْ سَوَاسِنُ قده الأغصَانَا

أتْلُو بِهِ سُوَرَ الشجُونِ وَلَيْتَهَا

عَنْ نَافِعٍ تَرْوِي لَنَا الأشْجَانَا

دَب العِذَارُ بِوِجْنَتَيْهِ فَمَنْ رَأى

فِي النَّار ورداً أنْبَتَ الرّيحَانَا

يَا مَنْ حَكَتْ سمرَ القَنَا اعطَافُهُ

وَحَكَتْ فَواترُ طرفه الخرصَانَا

مَا كُنْت أحسب أن طرفك سَاحر

حَتَّى تَقَلَّبَ حَبْله ثعبَانَا

قسماً وَلَوْلاَ أن ريقك قَرْقَفٌ

مَا مِسْتَ يَا غُصْن النقَا نشوَانَا

أسكنتُ حبك فِي فُؤَادِي وَالحشا

فَعَمَرْتَ مني القَلْب والأجفانَا

وأنرت مصبَاح الهدى فِي غيهبي

حَتَّى أقمت لِعَاذِلِي البرهَانَا

حَيْثُ الريَاض أذَاعَ من رَيَّاهُ مَا

وَشَّى الجُيُوبَ وعَطَّر الأردَانَا

وَالقُضْبُ ماست فِي الغَلاَئِلِ عِنْدَما

صَاغَتْ أزَاهِرُهَا لَهَا تيجَانَا

وَالطَّيْرُ أعْرَبَ لَحْنَهَا فِي عُودِهِ

لِيُعَلِّمَ الإيقَاعَ والألْحَانَا

وَالصبْحُ أظْهَرَ آيَةً يمحُو بِهَا

صِبْغَ الظَّلاَمِ فَخِلْتُه السّلطَانَا

مَوْلاَيَ عُثْمَان الَّذِي بِيَمِينِهِ

نُوحُ الندَى أجرى لنا الطوفَانَا

مولىً إذَا مِلْنَا لِبَثّ صِفَاتِهِ

كَيْ نَسْتَمدَ الرَّوْحَ وَالرّيحَانَا

أمْلَى عَلَيْنَا مَجْدُهُ فَإذَا انْتهَى

هِمْنَا فلم نَدْرِ الَّذِي أملاَنَا

عَلَمٌ إذَا مَا قلتَ أقْرَانَا الغِنَى

فَلَقَدْ تَقُولُ بِعِلْمِهِ أقْرَانَا

لَوْ عَايَنَ الطَّائِي ومَالِكُ شَخْصَهُ

قَالاَ نَعَمْ هَذَا الَّذِي أغْنَانَا

فَهْوَ الفَرِيدُ ندىً وَعلماً قد رَوَى

غُرَرَ النوَالِ وَقرَّرَ التِبْيَانَا

سَحَّابُ ذيلِ سَخاً وَذيلِ سَحَابَةٍ

تلقاه أنَّى زُرْتَهُ سَحْبَانَا

وَتَرَى الوفَاء مفرَّقا وَمُجَمَّعا

يحتل مِنْهُ مُهْجَةً وَلِسَانَا

نَفَتِ التَّوَهُّمَ عَنْهُ حِدَّةُ ذهنه

فَاسْتَرْغَمَ الآنَافَ وَالأذْقَانَا

حَازَ الكَمَالَ وَلَوْ بِأيْسَرِهِ حَبَا

بدرَ الدُجَى لَمْ يَخْتَشِ النُّقْصَانَا

مُتَهَلِّلٌ طلقٌ إذَا وَعَدَ الغِنَى

بِالبِشْرِ أتْبَعَ بِرَّه الاحْسَانَا

كَالغيمِ مَا سطعتْ لوَامعُ بَرْقِهِ

إلاّ وَأهْدَتْ غيثَهُ الهَتَّانَا

سَحَّتْ سَحَائِبُ جُودِ كَفَّيْهِ فلم

يجنحْ إلَى غَرْبٍ وَلاَ أشْطَانَا

ذُو رُتْبَةٍ رَجَحَتْ بِعَيُّوقِ العُلَى

من قبلِ أنْ تَسْتَرْصِدَ المِيزَانَا

وَمَكَانَةٍ فَوْقَ السِّمَاكِ مكينة

لَمْ تُبْقِ لِلرَّاقِينَ بعدُ مكَانَا

شرف إلَيْهِ وَبيت ملك شَامخ

بعلى الكمَال بنى لَهُ إيوَانَا

يقظَانُ أبلجُ قَدْ جَلاَ بِجَبِينِهِ

وحسَامِه الظلمَاءَ والاضغَانَا

نعم الرشَاد إذَا الدجنة أطلعت

سنن الرشَاد وأوضح البرهَانَا

أمَّا نَدَاهُ وَبأسهُ فَكِلاَهُمَا

قَدْ أرْغَمَ الأفهَام وَالأذْهَانَا

ملكٌ تَشَامَخَ ملكه فَلأجْلِ ذَا

أضْحَى الملُوكُ لِعِزّهِ عُبْدَانَا

الجاعلُ الملكَ الذليلَ مُعَزَّزاً

وَالتَّاركُ الملكَ العَزِيزَ مُهَانَا

لاَ يَسْتَكِن الرعبُ بَيْنَ ضُلُوعِهِ

وَاللَّيْثُ لاَ يَتَخَوَّفُ السَّرْحَانَا

ثبتُ الجَنَانِ فَلاَ يَخَافٌ كأنمَا

جَعَلَ المَخُوفَ مِنَ المَخُوفِ أمَانَا

بطلٌ إذاً رَمَقَتْ لَوَاحظ سمره

خَرَّتْ لَهَا صُم الكُلَى عميَانَا

كَمْ ليثِ غَابٍ صَيَّرَتْهُ فَرِيسَة

أرْمَاحُهُ كَيْ تُقْرِيَ العِقْبَانَا

قَدْ ظن أنَّ السمر قندني جلا

افعَالهَا البرني والصيحَانَا

أعطتهُ مهجتَهَا السهَامُ نوَاظراً

وَأرَتْهُ انفسَهَا الظُّبَى أجْفَانَا

أمُقَتِّلَ الصّيدِ الكُمَاةِ بِرعبِهِ

لِمَنِ ادّخَرْتَ السَّيْفَ وَالمُرَّانَا

لَمْ تَكْتَسِ أعْدَاكَ إذْ حَارَبْتَهُمْ

ضَافِي الدرُوعِ بَلِ اكْتَسَوْا أكْفَانَا

غَادرتَ أوجهَهُمْ بِحَيْثُ لَقِيتَهُمْ

أقْنَاهُمُ وَعُيُونَهُمْ أذْقَانَا

يَا مُنْكِراً دعوَى خلاَفته ارْتَجِعْ

فَلَقَدْ أتيتَ الزُّورَ وَالبُهْتَانَا

لا تُنْكِرَنَّ فَإنَّ قَائِمَ سيفه

أبدَى الدَّلِيلَ وَأظْهر البُرْهَانَا

أفْضَتْ إلَيْهِ خِلاَفَةُ الفَارُوق إذْ

سَمَّتْهُ ألْسِنةُ الرّضَى عُثْمَانَا

ملكٌ بِهِ روضُ الخِلاَفَة قَدْ زَهَا

إذْ هَزَّ مِنْ أقْلاَمِهِ الأفْنَانَا

بَيْنَا يهز بِهَا الغُصُونَ لِمُجْتَنٍ

إذْ هَزَّ للجَانِي بِهَا الخُرْصَانَا

وكَأنَّ منطقَه بصفحة طِرْسِهِ

زَهْرٌ بروضٍ نَقَّطَ الغُدْرَانَا

مِنْ معشرٍ هُمْ في الندَى سُحُبٌ وَإنْ

جَنَّ الوغَى فَتَرَاهُمُ شُهْبَانَا

جَعَلُوا السرُوجَ أرَائِكاً لِنِزَالِهِمْ

وَالسُّمْرَ قُضْباً وَالظُّبى خِلْجَانَا

وَالنَّبْلَ نُوراً وَالحِمَامَ مُطَاعِماً

وَالنَّقْعَ روضاً وَالعِدَى ضِيفَانَا

صِيدٌ إذَا غاَبت جُفُونُ سيوفهم

جَعَلُوا الطُّلَى لسيوفهم أجْفَانَا

قَوْمٌ حَوَتْ أنْسَابُهُم عمر الذِي

دَحَضَ النّفَاقَ وَأظْهَرَ الإيمَانَا

نسبٌ نَدِينُ بِحُبّ فَاروُقِيِّهِ ال

مَوْلَى ونطردُ بِاسمهِ الشَّيْطانَا

شَرَفاً بَنِي الفَارُوق أنّ لكُمْ سَناً

قَدْ نَوَّرَ الآفَاقَ وَالأكوَانَا

وَلْيَهْنكُمْ فِي الدَّهْرِ أنَّ ثَنَاءكم

سَرَّ القُلُوبَ وَشَنَّفَ الآذَانَا

وَلْيَكْفِكُمْ فَخْراً يُمَجَّدُ شَأوُهُ

قَدْ أعْجَزَ الأمثَالَ والأقْرَانَا

يَا شَائِدَ البَيْتِ الذِي بَانِي عُلاَ

هُ عَلَى التُّقَى قَدْ أسَّسَ البُنْيَانَا

قَدْ شِدْتَ أرْكَانَ الندَى فَحَجِيجُهُ

لَزِمُوا الطوَافَ وَقَبَّلُوا الأرْكانَا

لَوْ تعقلُ الشجرُ الَّتِي قَابلتَهَا

ألْقَتْ إجَابَتَهَا لَكَ الأغصَانَا

أرِجَ الطرِيقُ فَمَا مَرَرْتَ بِمَوضعٍ

إلاَّ أقمتَ بِهِ الشَّذَا أزمَانَا

طَوَّقْتَنِي بِالجُودِ مِنْكَ فَأعْرَبَتْ

وَرْقَا امْتِدَاحِي فِيكُم الألحَانَا

فَانْعَمْ بِشَهْر الصَّوْمِ عَيْناً إنَّهُ

شَهْرٌ تَنَالُ بِصَوْمِهِ القربَانَا

نِعَماً مِنَ اللَّهِ ارْتضَاكَ لِنَيْلِهَا

وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَا الرضْوَانَا

فَاسعدْ بِمَغْفِرَةِ الألَهِ فَلَمْ يَزَلْ

يَمْحُو الذنُوبَ وَيَمْنَحُ الغُفْرَانَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة