الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » عوذت حاجبه ذا النون بالنون

عدد الابيات : 65

طباعة

عَوَّذْتُ حَاجِبَهُ ذَا النُّونِ بِالنُّونِ

وَخَدَّهُ وَعِذَارَيْهِ بِيَاسِينِ

وَعَيْنَهُ وثَنَايَاهُ وَمَبْسَمَهُ

مِنْ كُلّ عَيْنٍ بطه أو بطاسين

ظبيٌ سَبَى لحظُه لحظَ الغزالة إذ

حَلَّتْ مَحَاسِنُهُ فِي أفق تحسينِ

كَالزَّهْرِ في تَرَفٍ وَالظَّبْيِ فِي غَيَدٍ

وَالزُّهْر فِي شَرَفٍ وَالغُصْنِ فِي لِينِ

قَدْ رَاقَ مَاءُ الحَيَا فِي نَارِ وجْنَته

كَالوَرْدِ رُشَّ عَلَيْهِ مَاءُ تَشْرِينِ

وَسَيَّجَتْ وَرْدَ خَدّيْهِ عَوَارِضُهُ

كَمَا تَسَيَّجَ نُعْمَان بِنسْرِينِ

مُعَسَّلُ الجفن معسول اللَّمَى فَتَكَتْ

عُيُونُهُ بِعُيُونِ الخُرَّدِ العِينِ

مُهَفْهَفُ القدّ لَمْ تَتْرُكْ عواطفهُ ال

سُّمْرُ الرشاقُ فُؤَاداً غَيْرَ مطعونِ

سهَامُ جفنيه فِي الأحشَاءِ قد رَشَقَتْ

من قَوْسِ حَاجِبِهِ إتْلاَفَ مَقْرُونِ

مَا سَنَّ لحظاً رَأى قَتْلِي فَرِيضَتَهُ

إلاّ وَمُتُّ بِمَفْرُوضٍ وَمَسْنُونِ

أرْجُو لِقَاهُ وَأخْشَى صدّهُ أبدا

فلم أزَلْ بَيْنَ مَسْرُورٍ وَمَحْزُونِ

يَا نسْمَةً عَلَّلَتْ قَلْبِي بصِحَّتِهَا

إذ حدَّثَتْ عن ظِبَا جِيَرانِ جيُرونِ

مَا لِلَّذِي سلبتْ عقلِي مَحَاسنُهُ

أضحَى يُحَذّرُنِي منْ حَيْثُ يُغْرِينِي

وَمَا لِسَاحِرِ هَاتِيكَ الجفونِ غدا

فِي الحبّ يُرشدنِي من حيث يُغْوِينِي

وَمَا لِبَدْر سَنَا آفَاقِ وَاضِحِهِ

أضلَّنِي بِالَّذِي قَدْ كَادَ يَهْدِينِي

يَا عُذَّلِي فِيهِ كُفُّوا عَنْ ملاَمكمُ

فَلَيْسَ لوْمكمُ في حُبِّهِ دِينِي

هَبْ أنكمْ قَدْ نصحتمْ كيفَ أقبلُهُ

وَالبعدُ يَقْتُلُنِي وَالحُبُّ يُحْيِينِي

أم كيفَ أسمعُ فِيهِ لَوْمَ لاَئِمَةٍ

وَالحُب يُثْبِتُنِي وَالوجدُ يَنْفِينِي

أمْ كَيْفَ أقبَلُ مَا لاَ فِيهِ مَنْفَعَتِي

أمْ كَيْفَ أدْخُلُ فِيمَا لَيْسَ يَعْنينِي

لاَ أختشِي فِيهِ مِنْ منعِ المَلاَمِ ولي

فِي حُبِّهِ أي إخلاَص وَتمكينِ

أخلصتُ حبيَ فِيهِ بَعْدَ مِعْرِفَتِي

بِأن حَظِّيَ مِنْهُ حَظُّ مَغْبُونِ

أبْدَى هَوَاهُ وَعَفَّى بِالضنَى جسدِي

مِنْ حَيْثُ يَنْشُرُنِي طَوْراً وَيَطْوِينِي

تَظَلَّمَتْ مقلتَاهُ وَهْيَ ظَالِمَةٌ

فَطَرْفُه فَاتِنٌ فِي شَكْلِ مَفْتونِ

تَأبَّطَ العُودَ يَشْكُو عَوْدَ صَبْوَتِهِ

كَمَاجِنٍ قَدْ حَوَى حالاَتِ مَجْنونِ

تَرَاهُ يُمْهِلُهُ جَسَّا وَيُزْعِجُهُ

ضَرْباً بِأنْوَاعِ إعَراب التَّلاَحِينِ

كَأنّ مَأوَاهُ إذْ أُحْنِى عَلَيْهِ يَدِي

شَكْلٌ يَدُلُّ على أسلُوب قانُونِ

تَشْكُو إلى الصحْبِ أعْضَاهُ وَألْسُنُهُ

نشرَ المَنَاشِرِ أوْ قَطْعَ السَّكَاكِينِ

سَقَى الحَيَا تُونس الخضرا جوَانبُهَا

حَيْثُ الأسُودُ سَبَتْهَا أعْيُنُ العِينِ

وَحَيْثُ مُؤْنِسُ أزْهَار الكمَامِ حَكَى

كَافُورَ بَرْقٍ سَرَى منْ عَنْبَرِ الجُونِ

وَحَيْثُ أيدي انسيابِ النهر قدْ رَقَمَتْ

فِي صفحةِ الروض أشكَالَ الثَّعَابِينِ

وَحَيْثُ غَرّدَ قُمْرِي الحَيَا سَحَراً

عَلَى مَعَاطِفِ أغْصَانِ الرّياحِينِ

وَحَيْثُ مَرّ نَسِيمُ المَنْدَلي وَرَوَى

عن عطرِ تونِسَ لاَ عن عطرِ دارِينِ

وَحَيْثُ شَبَّبَتِ الأطْيَارُ وامْتَدَحَتْ

مَوْلاَي عُثْمَانَ سُلْطَانَ السلاَطِينِ

المَانحُ الجَارِ صَوْناً غَيْرَ مُنْتَهَك

وَالماتِحُ الجُودِ بَذْلاً غَيْرَ مَمْنُونِ

مُبَرْقِعُ الخَيْلِ بِالبِيضِ الحِدَادِ إذَا

أضْحَتْ فَوَارِسُهَا صِيدَ المَيَاديِنِ

وَمُصْدِرُ البِيضِ حُمْراً من دمائهمُ

وَجَاعلُ الهَامِ أغْمَادَ السكاكِينِ

إمَامُ بَيْتٍ يؤم المَجْدُ قِبْلَتَهُ

بِبَيْعَةِ الشَّاهِدَيْنِ العقلِ وَالدّينِ

وَنجمُ رشدٍ أزَاحَ الغيَّ إذْ سَفَرَتْ

أنْوَارُه عَنْ يَقِينٍ غَيْر مظنُونِ

وَكَهْفُ ملكٍ حَمَى الإسْلاَمَ جانبُه

فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ بِالهِنْدِيَّةِ الصّينِ

وَغَيْثُ جُودٍ أعَادَ الجدبَ صَيِّبُهُ

خِصْباً بِلاَ مِرْيَةٍ في الوَقْتِ وَالحِينِ

وَلَيْثُ غَابٍ إذَا مَا ازْوَرَّ عَنْ حَنَقٍ

أقَامَ جَيْشَ العِدَى في موْقفِ الدُّونِ

مِنْ معشرٍ في سَمَا الهَيْجَا تَخَالُهُمُ

شُهْباً تُكَف بِهَا أيدي الشَّيَاطِينِ

بيضُ الوجوه ملوكَ الخَافِقَيْنِ غَدَوْا

صِيدُ الوَرَى في الوَغَى شُمُّ العَرَانِينِ

زُهْرُ المَمَالِكِ أعْلاَمُ المُلُوكِ بَدَوْا

كالزهْرِ في الروْضِ وَالأقمَارِ في الجونِ

لاَ يُصْدِرُونَ أحِبَّاهُمْ عَلَى ظَمَإ

وَيُورِدُونَ عِدَاهُمْ مَوْرِدَ الهُونِ

يَا مَالِكاً أيَّدَتْ دَعْوَى خِلاَفَتِهِ

فِي الخَافِقَيْنِ أدِلاَّتُ البرَاهِينِ

لِتُهْنَن عِيداً أتَى بالبشر متصلا

بِألْفِ عِيدٍ مَضَى بِالسَّعْدِ مَقْرُونِ

هَلاَلُ شَوَّالِه أبْدَى لِعَيْنِكَ إذْ

وَافَى يُقَبِّلُ طَوْعاً شَكْلَ عُرْجُونِ

قَدْ عَوَّذَتْ إذْ بَدَتْ أنْوَارُ طَلْعَتِهِ

جَبِينَكَ الوَاضِحَ الدرّي بالنُونِ

كَأن أهْل العُلَى لفظ وَأنْتَ لَهُم

مَعْنىً يَدُل عَلَى إيضَاحِ تَبْيِينِ

إنْ كُنْتَ فِي الوَقْتِ قد وَافيتَ آخرَهُمْ

فإنكَ الغيثُ وَافَى بعد تَشْرِينِ

فَارْقَ المَعَالِيَ مَخْدُوماً بِأرْبَعَةٍ

نصرٍ وجَاهٍ وتَعْظِيمٍ وَتَمْكِينِ

وَقَر عَيْناً بِمَوْلاَيَ الَّذِي اتَّضَحَتْ

سُعُودُهُ فِي عُلَا عِزّ وَتَعْيِينِ

وَلِيّ عَهْدِكَ فِي مُلْكٍ وَفي شَرَفٍ

وَتِرْبِ مَجْدِك في دُنْيَا وَفي دِينِ

وَاسْتَجْلِ غَادَةً أبْكَارٍ قَد ابْتَسَمَتْ

عَنْ لُؤْلُؤٍ مِنْ نفيس الدرّ مَكْنُونِ

خرِيدةً مِنْ بَنَاتٍ الفِكْرِ ما عُرِفَتْ

فِينَا بنسبة حِلِّيٍّ وقَزْوِينِي

كَفَّتْ بَلاَغَتُهَا أيْدِي مُعَارِضِهَا

كَالشهبِ كُفَّتْ بِهَا أيدي الشياطينِ

أبَانَ عَنْ وَصْفش مَعْنَاهَا البَدِيعُ إذَا

قَدْ طَابَقَتْ بَيْنَ إعْرَابٍ وَتَلْحِينِ

إنْ لَمْ يَكُنْ صَاغَهَا العَيْنِي فَصَانِعُهَا

يَرْوِي عن ابن معين عقد تَبْيينِ

لاَ تندبُ الربْعَ إذْ أقْوَتْ مَعَالمُهُ

وَلاَ تَنُوحُ عَلَى سُكَّانِ يَبْرِينِ

خَلّ العَنَاءَ لِقَومٍ كَالجَمَادِ غُنُوا

عَنِ العرُوضِ بِنظمٍ غَيْر موزونِ

يُعْزَوْنَ للِشَّعْرِ لَكِن من جهالتهم

لم يفرقُوا بَيْنَ مخبول ومجنُونِ

من كل ألكنَ عِنْدَ البَحْثِ مُنْقَطِع

كَأنَّهُ الثغ البحاث كالسينِ

فاسلْم وَدُمْ في عُلاَ عَلْيَاكَ مُفْتخراً

يَا عَاضد الملك بَلْ يَا نَاصر الدّينِ

مَا جَر ذيلُ الحَيَا عطفَ النسيم وَمَا

شُقَّتْ غَلاَئِلُ عذرَاء البَسَاتِينِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة