الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » سجدت لكعبة قدك الأغصان

عدد الابيات : 92

طباعة

سَجَدَتْ لكعبة قَدَك الأغْصَانُ

وَسَهَتْ لِسَاحرِ طرفكَ الغزلاَنُ

وَبَرَزْتَ فِي أفُقِ الملاَحَةِ كَامِلاً

فَلِذَا اعْتَرَى قَمَرَ الدجَى النُّقْصَانُ

أمُعَذّبِي هَلْ أنْتَ بَدرٌ مُقْمِرٌ

أمْ جُؤْذرٌ أمْ رَبْرَبٌ وَسْنَانُ

أمْ أنْتَ مِنْ حُورِ الجِنَانِ فَرَرْتَ أمْ

ملكٌ كَرِيمٌ أنْتَ أمْ إنْسَانُ

وَأسيلُ خدك أمْ رِيَاضٌ مُونِقٌ

أم ذَاكَ نُعْمَانٌ بِهِ نُعْمَانُ

أمْ رَوْضَةٌ غَنَّا تفتَّحَ وَرْدُهَا

أمْ جَنَّةٌ فَيْحَا بِهَا رِضْوَانُ

وَعِذَارُكَ المُخْضَر أمْ نَمْلٌ غَدَا

مُتَرَدّداً فِي السَّيْرِ أمْ خيلاَنُ

أمْ ظِل صُدْغٍ مَدَّ حَاشِيَةً عَلَى

شَاطِي غَدِيرِ الخَد أمْ رَيْحَانُ

أمْ هُدْبُ جفنٍ لاَحَ في مِرْآة خَدّ

كَ أمْ لَهِيبٌ قَدْ عَلاَهُ دخانُ

أمْ غَيْهَبٌ سُدِلَتْ حَوَاشِيهِ عَلَى

شَفَقٍ كَأنَّ أدِيمَهُ عِقْيَانُ

أمْ كَاتِبٌ قَدْ خَطَّ لاَمَاتٍ عَلَى

صَفَحَاتِ خَدّ صَاغَهُ الرَّحْمَانُ

وَقَوَامُكَ المَيَّاسُ أمْ هُوَ شَمْعَةٌ

أمْ غُصْنُ بَانٍ فَوْقَهُ بُسْتَانُ

أمْ ذَاكَ عَسَّاكٌ لَهُ مِنْ طرفك ال

وَسْنَانِ يَا غُصْنَ الأرَاكِ سِنَانُ

يَا جُؤذراً من لحظه وَقَوَامِهِ

تَتَعَلَّمُ الأغْصَانُ وَالغزلاَنُ

الخد روضٌ وَالعِذَارُ بَنَفْسَجٌ

وَالوَجْهُ شَمْسٌ وَالقَوَامُ البَانُ

وَهَضِيمَةِ الكَشْحَيْنِ هَزّ قَوَامُهَا

مَا لَمْ يَهُزَّ الأسْمَرُ المُرَّانُ

مَا كُنْتُ أدْرِي قَبْلَ فَتْكِ جفونِهَا

فِي مُهْجَتِي أنْ للِظُّبَى أجْفَانُ

تالله إنّ خدُودَهَا قَدْ أضْرَمَتْ

فِي القَلْبِ مَا لاَ تُضْرِمُ النِّيرَانُ

وَالدَّمْعُ يَبْسط فِي الخُدُودِ مَطارِفاً

فَتُجَر مِنْ جرائِهِ الأرْدَانُ

يَا دمعُ قِفْ عَنْ طُولِ جريك وَاتَّئِدْ

بَلْ فِضْ فَإنَّكَ هَامِلٌ هَتَّانُ

يَا رَبَّةَ الجَفْنِ المُعيرِ سقَامَهُ

جِسْمِي أمَا لِشِفَائِهِ إبَّانُ

أسَقِيمُ جَفْنِكِ أمْ صحيحُ جَفَاكِ قد

ترك الفُؤَادَ تَرُوعُهُ الأجْفَانُ

مَا عذرُ مثلي فِي هَوَاك وقَدْ دَعَا

قَلْبِي المُطِيعَ جَمَالُكِ الفَتَّانُ

تَوْرِيدُ خَدِّكِ مُورِدُ الأهْوَا كَمَا

فتاكُ طرفكِ لِلْوَرَى فَتَّاُن

فَإذَا سفرتِ فبدرُ تَمٍّ طَالٍعٌ

وَإذَا نَفَرْتِ فشادنٌ ظَمْآنُ

إنِّي لَتُعْجِبُنِي مَعَاطِفُكِ الَّتِي

فِي بَانِهَا التفاحُ وَالرمَّانُ

ويروقني وَرْدٌ بِخَدّكِ يَانِعٌ

فِي وَسْطِ جَمْرٍ حَفَّهُ سُوسَانُ

وَتَسُرّنِي النسمَاتُ مِنْكِ وَإنَّمَا

يَزْدَادُ فِي قَلْبِي بِهَا الخَفَقَانُ

وَأهُزُّ مِنْ فَرْطِ السرُور معَاطفِي

حَتَّى كَأنِّي شَاربٌ نشْوَانُ

وَأُسِرُّ حُبِّكِ وَالدمُوِعُ تُذِيعُهُ

أمَعَ المَدَامِعِ يَنْفَعُ الكِتْمَانُ

سُقْياً لأيَّامٍ مَضَيْنَ كَأنَّهَا

رُوحٌ يُرِيحُ لَهَا المُنَى جُثْمَانُ

إذْ كَانَ ظِل سُتُورِ أنْسِكِ مُورِقاً

وَالعَيْشُ عيَشُ والزَّمَانُ زَمَانُ

وَعرُوس ذَاكَ الروض قُلِّدَ جيدُهَا

عِقْداً لَهُ دُرّ السحَاب جُمَانُ

وَالقُضْبُ تَرْفُلُ في غَلاَئِلِ سندُسٍ

صِيغَتْ أزَاهِرُهَا لَهَا تِيجَاُن

وَالنَّهْرُ كَالهنديّ أوْ هُوَ مِعْصَمٌ

فِي حلة خضْرَاء أوْ ثعبَانُ

وَالفَجْرُ رَاكِبُ أشْهَبٍ يَتْلُو بِهِ

جيشَ الظَّلاَمِ كَأنَّه سُلْطَانُ

مَوْلاَي عثمانُ المليكُ المالكُ ال

عدل الحليم الكامل الإنسانُ

الأعظم الأعلى الأعزُّ الشامخ ال

مولى الكَرِيم العَادل اليقظَانُ

ملكٌ إذَا هَزَّ الحسَامَ بِكَفِّهِ

خرَّتْ لبَارق رعده الخُرْصَانُ

لَوْ فُرّقَتْ عزمَاته وهبَاته

فِي النَّاسِ لَمْ يَكُ بَاخلٌ وَجبَانُ

متيقِّظٌ عُصِمَتْ بوَادرُ أمْره

بعزَائمٍ يَقْتَادُهَا العِرْفَانُ

مُسْتَعْبِدٌ حُرَّ الأمُورِ يَقُودهَا

رأيٌ بِخَطْمِ الخَطْبِ منهُ عِنانُ

ويَرَى العَوَاقِبَ فِي صَحِيفَةِ فِكْرِهِ

فَكَأنَمَا أفْكَاره كُهَّانُ

مَلأتْ مَوَاقِفُةُ القُلُوبَ مَهَابَةً

فِيهَا اسْتَوَى الإسرَارُ وَالإعْلاَن

وكَأنَّمَا صُوَر الوُقُوفِ أمَامَهُ

صُوَر الدمَى فَمَوَاثلٌ خُرْسَانُ

وكَأنَّ رَاحَتَهُ وَأنْمُلَ كَفِّهِ

بحر تُمَدُّ لَهَا بِهِ خِلْجَان

مِنْ مَعْشرٍ هُمْ في الندَى سُحُبٌ وَفي

ليل الحُرُوب هُمُ هُمُ الشُّبْهَان

قَوْمٌ إلَى الفروق نستهم فَلاَ

بعْلُو كمَالَ فَخَارِهِمْ نُقْصَانُ

لهمُ الفِنَاءُ الرحْبُ وَالبيت الَّذِي

خَضَعَتْ لبهجة عزّهِ الأكْوَانُ

وَافَى أخِيراً بَعْدَهُمْ فَكَأنَّهُ

فِي الطِّرْسِ بَسْمَلَةٌ وَهُمْ عُنْوَانُ

قُلْ لِلَّذِي قَدْ رَاحَ يُنْكِرُهُ لَقَدْ

قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْكَ وَالبُرْهَانُ

وَرِثَ الخِلاَفَةَ عن أبي حفصٍ فلاَ

يُرْتَابُ فِيهِ لأنَّهُ عثْمَانُ

ملكٌ إذَا ضحكتْ مَبَاسمُ بِيضِهِ

فِي الحَرْبِ عَبَّسَ وَجْهَهُ المُرَّانُ

إنْ صَالَ فِي الأعدَا فَمَا مُرَّانُهُ

ذَرِبٌ وَلاَ عَسَّالُهُ مَلْسَانُ

لَمْ يَثْنِ فِي طَلَبٍ أعِنَّةَ خيله

إلاَّ اعترى مَهْزُومَهَا الخذلانٌ

ذُو رتبةٍ رَجَحَتْ بِآفَاقِ العُلَى

مِنْ قَبْلِ أنْ رُصِدَتْ لَهَا المِيزَان

وَمَكَانَةٍ فَوْقَ العَلاَءِ مكينةٍ

مَا فَوْقَهَا لِلْمُرْتَقِينَ مَكَان

وَفُتُوَّةٍ جمع التُّقَى أطْرَافَهَا

وَسَجِيَّة مِنْ شَأنِهَا الغفرَان

وَعَزِيمَةٍ لوْ أنّهَا لِمُثَقَّفٍ

مَا فَلَّ مِنْهُ فِي الدروع سنَانُ

فِيهِ الشَّجَاعَةُ وَالبَرَاعَة وَالتُّقَى

وَالعَدْل وَالمَعْرُوف والإحْسَانُ

ترتَاح أعطَافُ العباد لِذِكْرِهِ

وَتَحِس من طَرَبٍ لَهُ البُلْدَانُ

خرق العَوَائِد في الندَى فنوَاله

غيثٌ عَلَى حُكْمِ المُنَى هَتَّانُ

تُعْزَى إلَى الغَيْثِ السَّكُوبِ هباته

هَيْهَاتَ أيْنَ الغَيْثُ وَالطوفَانُ

لاَ عَيْبَ فِي نُعْمَاهُ إلاَّ أنَّهَا

لرِقَابِ أحرَارِ الْوَرَى أثْمَانُ

يصغي الزَّمَانُ لأمْرِهِ وَلِنَهْيِهِ

وَتُطِيعُ الأنسُ لحُكمه وَالجَانُ

وَافيتُ مجلسَه الشَّرِيفَ لِكَيْ أرَى ال

مجدَ الَّذِي سَارَتْ بِهِ الركبَانُ

وَدَنَوْتُ ألثم كفَّه فَرَأيْت كي

ف تفجَّرُ الخِلْجَانُ والوديَانُ

يَا رُبَّ جيشٍ نقعُه وَجيَادُه

نَارٌ عَلاَهَا بِالقَتَادِ دخانُ

نقعٌ بِهِ العِقْبَانُ آلَفَتِ الفَنَا

فَكَأنَّهَا وُرْقُ الحِمَى وَالبَانُ

وَالأرْضُ خَدٌّ بِالنجيع مُضَرَّجٌ

وَالْحَيْنُ فِيهِ كَأنَّهَا خِيلاَنُ

خيلٌ كَأمْثَالِ السهَام وَفِتْيَةٌ

كَالْبِيضِ لاَحَ لِبرْقِهَا لَمَعَانُ

زُهْرٌ إذَا اشتعلت بهم شُعَلَ الظُّبَى

هَزُّوا القَنَا فَتَسَاقَطَ الشّجعَانُ

عَجَبّا لَهَا إذْ جَاوَرَتْ بِأكُفِّهِمْ

بَحْراً وَلَمْ تُطْفَأ لَهَا نِيرَان

أُسْدٌ مخَالبُهَا الرمَاحُ يَقُودهَا

أسَدٌ يُرِيكَ الأسْدَ كيف تُهَانُ

يَغْشَى الطِّعَانَ فَلاَ يَرُدُّ حُسَامَهُ

لِجَفِيرِهِ وَمِنَ العِدَى إنْسَانُ

مَلِكٌ يَزِيُن مَدِيحُهُ مُدَّاحَهُ

وَبِذِكْرِهِ ذَاكَ المدِيح يُزَانُ

شَرَفٌ أُتِيهِ وَبَيْتُ مُلْكٍ شامخ

فَوْقَ السِّمَاكِ غَدَا لَهُ إيوَانُ

تلقَاه أنَّي حَلّ يَبْسُطُ للقِرَى

بُسُطاً يُظَلِّلُهَا القَنَا الريَّانُ

وَتَرَاهُ مَا بَيْنَ الأسنَّةِ سَافراً

كَالْبَدْرِ دَارَتْ حَوْلَهُ الشُهْبَانُ

يَابْنَ المُلُوكِ الشَّائِدينَ حِمَى الهدى

بصوَارمٍ خَرَّتْ لَهَا الأذْقَانُ

وَالرَّافعينَ مَنَارَهُ بِأسِنَّةٍ

رَكَعَتْ لكعبة زُرْقِهَا الفُرْسَانُ

وَالمُرْتَقِينَ عَلَى العُلَى بِعَزَائِمٍ

لَمْ يَحْوِهَا كِسْرَى وَلا النُّعْمَان

أنْتَ الإمَامُ وَمَنْ عَدَاكَ رَعِيَّةٌ

أنْتَ المُقَدَّمُ وَالوَرَى أعْوَانُ

بَرزَتْ جيَادُك لِلطِّرَادِ كَأنَّهَا

سِرْبُ القَطَا وَرِمَاحُكَ الأغْصَانُ

وَكَأنَّمَا تِلْكَ السرُوجُ أرَائِكٌ

وَكَأنَّمَا أصْوَاتُهَا ألْحَانُ

بِاللَّهِ شُحَّ عَلَى حَيَاتِكَ إنَّهَا

سَبَبٌ بِهِ يَحْيَا الوَرَى وَيُزَانُ

أُيِّدْتَ من فصلِ الخطَاب بحِكمةٍ

لم يُؤْتَهَا قُسٌّ وَلاَ سَحْبَانُ

فَإذَا رَمَقْتَ فَوَحْيُ أمْرِكَ مُنْزَلٌ

وَإذَا نَطَقْتَ فَإنَّهُ تِبْيَانُ

وَإذَا سَألْتَ فَلاَ لأنَّكَ مُحْوَجٌ

وَإذَا كَتَمْتَ وَشَى بِكَ الإحْسَانُ

مَا كَانَ أرْفَعَ مَوْضِعِي لَوْ أنَّ لِي

فِي بَابِ عِزِّكَ يَا هُمَامُ مَكَانُ

اللَّهُ يُولِيكَ الَّذِي لَمْ يُولِهِ

بَشَراً وَلَمْ يَبْلُغْ مَدَاهُ لِسَانُ

وَبَقِيتَ للمُدَّاِح يَا ملك الوَرَى

مَا دَامَتِ الأكْوَانُ وَالازْمَانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة