الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » أجد غرامي وهو للجسم هازل

عدد الابيات : 64

طباعة

أجَدَّ غَرَامِي وَهْوَ لِلْجسمِ هَازِلُ

وَأحْيَا بِأفْكَارِي الهَوَى وَهْوَ قَاتِلُ

وَلَمْ أرَ مِثْلِي حَافِظاً سُنَنَ الهَوَى

إذَا أعرضَتْ عَنْهُ الصدُورُ المَوَائِلُ

إذَا أحْدَثَتْ عَيْنِي لِغَيْرِكَ نَظْرَةً

تُطَهِّرُهَا غُدْرَانُ دَمْعِي المُرَاسِلُ

لِنَاظركَ الفَتَّانِ بالسِّحْرِ آيَةٌ

عَلَيْهَا رَسُولُ الدَّمْعِ فِي الخدّ سائِلُ

يُعَبِّرُ عَنْ سِرّ الهَوَى وَأضِيعُهُ

فَلِلَّهِ دَمعٌ مُعْرِبٌ وَهْوَ هَامِل

وَهَلْ ذَاقَنِي دَمْعٌ من الدمعِ مُخْصبٌ

وَرَبْع اصطبَار القلبِ بعدَكَ مَاحِل

أيَا قمرَ الإصبَاحِ وَالكوْكَبَ الَّذِي

لِطَلْعَتِهِ تصْبُوا البدور الكوَامِلُ

لَئِنْ كَانَ طرفي من تَجَافِيكَ نَازِحاً

فَإنَّ فُؤَادِي من تَدَانِيكَ آهِلُ

سَهِدْتُ الدجَى حَتَّى رَثَتْ لي نجومُه

وَرَقَّتْ لِمَا ألْقَاهُ فِيهِ العَوَاذِلُ

وَمِمَّا شَجَانِي أن طرفَكَ قَاتِلٌ

بِمُوجِبِ ما قَلْبِي بِهِ الآن فَاعِلُ

فَلاَ تَتَّهمْ تَأخِيرَ وجْدِي فَإنَّنِي

أتيتُ بِمَا لمْ تَسْتَطِعْهُ الأوَائِلُ

خَلِيليَّ هَلْ عَايَنْتُمَا يوم رَامَةٍ

قواتل قد حَنَّتْ إلَيْهَا المَقَاتِلُ

غدَاةَ قدودِ البان سمرٌ عوَاملٌ

وسودُ عيُونِ البِيضِ بِيضٌ قَوَاتِلُ

وَفَيِ النَّاسِ جَهْلٌ بِالعُيُونِ إذَا رَنَتْ

يَقُولُونَ غزلاَنٌ وهن مَنَاصِلُ

وَعِنْدَهُمُ أن القدُودَ نَوَاضِرٌ

وَمَا هِيَ لِلْعُشَّاقِ إلاَّ ذَوَابِلُ

فَإنْ حَكَمُوا أنَّ العُيُونَ صَوَارِمٌ

فَشَاهِدُهَا أن الدَّلاَلَ حَمَائِلُ

وَإنْ اجمعُوا أن النُهودَ أسنَّةٌ

فَبرْهَانُهُمْ أن القدُودَ عَوَامِلُ

وَبي غَادةٌ لَوْلاَ تبسم ثغرهَا

لَمَا مُدَّ مِنْ نُورِ البُكُورِ الأصَائِلُ

إذَا ما انْثَنَتْ في الروضِ أغْصَانُ قَدّهَا

فَيَا طِيبَ مَا تُثْنِي عَلَيْهَا البلاَبلُ

وَإن أسفَرتْ عَنْ وَاضِحِ الحسنِ أوْ رنتْ

فَيَا لُطْفَ مَا تُهدِيهِ تِلْكَ الشَّمَائِلُ

أغَازِلُ مِنْهَا الظبيَ والظبْيُ نَاعس

وَأشهدُ مِنْهَا البَدْرَ وَالبَدْرُ آفلُ

وَألثمُ مِنْهَا الثغرَ وَالثغرُ بَارقٌ

وَأهْصُرُ مِنْهَا القدَّ وَالقَد عَامِلُ

فَللِشَّمْسِ مَا أخْفَاهُ فَضْلُ نِقَابِهَا

وَلِلْغُصْنِ مَا زَرَّتْ عَلَيْه الغَلاَئِلُ

أتَتْ بَغْتَةً وَالجَو يخضبُ فودَهُ

فَوَلَّتْ وَأفْقُ الفَرْقِ بِالشيبِ فَاصِلُ

عَلَى حِينِ نجمُ الصبحِ في الأفق فَارِسٌ

يَجُولُ وَنجمُ اللَّيْلِ في الغربِ رَاحِلُ

أيَا سَرْحَةَ الشَّاطِي هَلِ أخْضَرَّ بعدنَا

مَرَاتعُ طَابَتْ فِي حِمَاهَا المَنَاهِلُ

وَضَاحَكَ ثغرَ الوردِ ثغرُ أقَاحِهَا

وَغَازَلَهَا ذَاكَ الغَزَالُ المُغَازِلُ

وَهَلْ غَرَّدَ القُمْرِي فِي عَرَصَاتِهَا

كَمَا هَزَّ أعطَافَ الغُصُونِ الشَّمَائِلُ

وَهَلْ ألِفَاتُ البَانِ عُجْباً تَمَايَلَتْ

بِحَيْثُ أجَادَتْ هَمْزَهُنَّ البَلاَبِلُ

وَهَلْ قَدْ رَوَى النعمَانُ عن سَهْلِ نُعْمِهَا

أحَادِيثَ ألْقَتْهَا الصَّبَا وَالشَّمَائِلُ

وَهَلْ جَالَ فِيهَا أدْكَنُ الرَّعْدِ جَودَهُ

كَمَا جَرَّ فضلَ الذيلِ أدهمُ صَاهِلُ

وَهَلْ حَنَّتِ الأنْوَار شَرْقاً لِتُرْبِها

فَصِيغَتْ لَهَا بِالبَارِقَاتِ بَلاَبِل

وَلاَ عَجَبٌ أنْ شَاقَ قَلْبِي رُبوعَها

وَأيَّةُ نَفْسٍ لَمْ تَشُقْهَا المَنَازِلُ

وَإنْ هَيَّجَتْ نفسِي الغَدَاةَ شَمَائِلٌ

فَأيَّةٌ نَارٍ لَمْ تُهِجْهَا الشَّمَائِلُ

بنفسيَ من اخفى التَّهَجُّدَ خَدَّهَا

فَأوْحَشَ نُعْمَانٌ وَأوْنَسَ بَابِلُ

تُطَاعِنُنِي أعْطَافُهَا اللُّدْنُ إذ غدت

أسِنَّتَهَا تِلْكَ القدُودُ العَوَامِلُ

وَتَأسَرُنِي الألحَاظُ مِنْهَا كَأنَّمَا

بِسَيْفِ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ تُقَاتِلُ

أبِي عمرٍو الأعْلَى الهمامِ الذي ارْتقى

منَازِلَ عَنْهَا يَقْصُرُ المُتَطَاوِلُ

فَتىً عَمَرَتْ مِنْهُ المَعَالِي وَلم تَكُنْ

تُعَمَّرُ مِمَّنْ بَانَ إلاَّ المَنَازِلُ

سرَاجٌ لبيت المُلْكِ إذْ هُوَ مُظْلِمٌ

وَحَلْيٌ لجيد الدهْر إذْ هُوَ عَاطِلُ

وَمِنْهُ لِدِينِ اللَّهِ سَيْفٌ وَنَاصِرٌ

وَفِيهِ لبيتِ الملكِ حَامٍ وَحَامِلُ

أخُو الباس وَالنُّعْمَى فَإمَّا حماسة

وَأما حسَامٌ صَادقُ القَوْلِ فَاصِلُ

إذَا افْتَرَّ ثغرُ البِيضِ في أفْقِ كَفَّهِ

بَكَتْ سُحْبُ أهدَابِ الجرَاحِ الهَوامِلُ

من القَوْمِ حَلُّوا ذُرْوَةَ المجدِ وَالتُّقَى

فَهُمْ في سَمَا العَلْيَا البدُورُ الكَوَامِلُ

يَرُوغُونَ مِنْ تَحْتِ الدرُوع كَأنَّمَا

تَسِيرُ بِهم تَحْتَ السرُوجِ الهيَاكِلُ

ولما طَغَى حصنُ البَرَابِر واغتدت

معَاقِلُهُ تَحْمِي حِمَاهَا الجَنَادِلُ

أقَامَ صَلاَةَ الحَرْبِ قَائِمُ سَيْفهُ

فَأبْدَتْ سجُودَ الخَوْفِ تِلْكَ المعاقِلُ

وَخَاضَ بسفنِ الخَيْلِ بحرَ معَامعٍ

لَهَا البيضُ مَوْجٌ وَالرمَاحُ سَوَاحِلُ

وأوَطُأ هاَم الحَصن حاَفر طَرفه

ومن قبلِ لم يسَتأصلْ الحصَن صَائِلُ

بِحَيْثُ الحسَامُ الهُنْدَوَانِي فَاصِلٌ

يَصُولُ وَهَامَاتُ الرّجَالِ مَفَاصِلُ

وَحَيْثُ إمَاءُ الثَاكلِينَ حَرَائِرٌ

وَحَيْثُ نِسَاءُ الهَالِكِين ثَواكِلُ

رَمَاهُ وَقَدْ هَاجَ الهيَاجُ بِضَرْبَةٍ

لَهَا مِنْ يَدَيْهِ فِي المُلُوكِ أمَائِلُ

وَشَنَّ بِهِ الغَارَاتِ حَتَّى لَقَدْ غَدَا

وَعَقْلُ الَّذِي خَلفَ المَعَاقِلِ عَاقِلُ

وَمَا زَالَ حَتَّى اذعنَ الحصن عُنْوَةً

وَدَانَتْ عَلَى صِغْرٍ لَدَيْهِ القَبَائِلُ

وَحَكَّمَ فِيمَنْ لَدَّ عَنْهُ مُهَنَّدٌ

سَرِيعُ قَضَاءٍ صَادِقُ القَوْلِ فَاعِلُ

وَقَدْ يَكْبرُ الخطبُ اليسير فَيَجْتَنِي

أكَابِرُ قَوْمٍ مَا جَنَتْهُ الأسَافِلُ

كَمَا أهْلَكَتْ بكرٌ طُغَاةَ حماتِهَا

فَحَلَّ ببكرٍ مَا تَقَاضَاهُ وَائِلُ

أيَا مَالِكاً منْ طبعِهِ الجد في النُّهَى

إذَا ضَيَّعَ التَّدْبِيرَ فِي الرَّأيِ هَازِلُ

تُقَابِلُكَ الأعْيَادُ ذَا فِي قُدُومِهِ

بِحَمْدٍ وَذَا بِالشُّكْرِ إذْ هُوَ رَاحِلُ

كَأنَّ هِلاَلَ العِيدِ زَوْرَقُ قَادِمٍ

يُبَادِرُ بِالتَّسْلِيمِ ثُمَّ يُوَاصِلُ

أأجْحَدُكَ النَعْمَاءَ عندِي وَقد نَمَتْ

نُمُوَ الربَى جَادَتْ عَلَيْهَا الهَوَاطِلُ

وَاظهرتَ أمَرِي بَعْدَ أنْ كَانَ مختفٍ

وَرَفَّعْتَ قَدْرِي بَعْدَ إذْ هُوَ خَامِلُ

فَلَسْتُ أبَالِي جَادَ بِالخَيْرِ فَاضِلٌ

عَلَى سَائِلٍ أوْ ضَنّ بِالخَيْرِ بَاخِلُ

فَدُمْ أشْرَفَ العَلْيَا فسعدُكَ ظَاهِرٌ

وجدك مسعُودٌ وَمَجْدُكَ كَامِلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة