الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » أصبت عين المها يا موت بالرمد

عدد الابيات : 41

طباعة

أصَبْتَ عَيْنَ المهَا يَا مَوْتُ بِالرَّمَدِ

وَقَدْ أهَضْتَ جَنَاحَ المَجْد فَاتَّئِدِ

جَدَعْتَ مَارِنِيَ الأقْنَى وَعن غَرَض

رميتَ جفنِيَ بَعْدَ المَوْتِ بِالسَّهَدِ

هَدَمْتَ مَا شِيدَ منْ رُكْنِ الفخار ولم

تَتْرُكْ لَهُ أبدا بَادٍ إلَى الأبدِ

نَاجزتَ في صَرْفِ آجَالٍ قَدِ اقْتَرَبَت

إذْ لاَ تُسَلِّمهَا إلاَّ يَداً بيدِ

كَمْ زِدْتَ فِي نقصك العليا جَوَى كَبِدٍ

حَرَّى فَيَا لَيْتَ لم تُنْقِصْ وَلم تَزِدِ

وَكَمْ تَركْتَ رُبُوعاً لَيْسَ يعمرهَا

سوَى الحَدَايَةِ وَالخُطَّافِ وَالصرَدِ

وَكَمْ قَطَعْتَ غُصُوناً غَيْرَةً فَذَوَتْ

كَأنَّكَ القَلْب مجبُول على الحسدِ

وَكَمْ أخذتَ حَلِيفاً للِسَّخَاءِ وكَمْ

تَرَكْتَ زَنْدَ النَّدَى كَفَّا بِلاّ عَضُدِ

وكَمْ تَركْت أباً يَبْكِي عَلَى ولد

أذَقْتَهُ طَعْم ثُكْلِ الأمّ للولدِ

وَكَمْ لُحُودِ قُبُورٍ قد نَثَرْت بهَا

أعْضَاءَ حسنٍ كمثل الجوهر النَّضِدِ

وَكَمْ تَوَسَّدْتَهَا رأساً بِلاَ عنق

كَمَا ارْتَدَيْتَ بِهَا ثَوْباً بِلاَ جَسَدِ

وَكَمْ تَرَكْتَ أميناً غَيْرَ مُؤْتَمَنٍ

كَمَا تَرَكْتَ عِمَاداً غَيْرَ مُعْتَمَدِ

وَكَمْ ترقَّيتَ مَرْقىً عَزَّ مَدْركُهُ

وكَمْ تَخَلَّلْتَ حَتَّى غَابَةِ الأسُدِ

يَا مُرْتَدٍ بِالشَّبَابِ الغَضّ مُنْتَشياً

مِنْ كأسِهِ هَلْ أحَبَّ السكرَ ذُو رَشَدِ

لاَ تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ أنْتَ تَهْدِمُهُ

أن المنيَّة لاَ تُبْقِي عَلَى أحدِ

وَيَا أخَا الشيب لِمْ لاَ تَنْهَ نفسك عن

مَا قَدْ جَنَتْ مِنْ فَسَادٍ جَلَّ عن عَدَدِ

هَبِ الشَّبَابَ لَهُ عذر بِصَاحبِهِ

مَا عُذْرُ أشيبَ فِي العصْيَانِ مُنْفَرِدِ

لا تَحْسَبَنَّ سُرُوراً دَائِماً أبدا

مَنْ سَرَّهُ اليَوْمُ وَافَاُه اكتِئَابُ غَدِ

والعمر ميدَان سبقٍ والحِمَامُ مَدىً

وكُلُّ جَارٍ سَيَلْقَى غَايَة الأمدِ

يَا ليلة باعتلاج البرق قَدْ عَلِقَتْ

جوزَاؤُهَا كَاعتلاَق القلب بِالكَبِدِ

أبديتِ مِثْلَ الذِي أدبرتِ من قَلَقٍ

وَلَمْ يَكُنْ بِالذِي أكْمَنْتِ من كمدِ

وَكَمْ تصبرتُ حَتَّى لاَتَ مُصْطَبَرٍ

فَالآنَ أجْهُدُ حَتَّى لات مُجْتَهَدِ

عِنْدِي شوائِبُ حزن لَوْ رَمَيْتُ بِهَا

عِنْدَ التَّفَجُّعِ هَامَ الغيث لم يَجُدِ

وحسرةٌ جَادَهَا دمعِي فَأوْقَدَهَا

وَلَوْ عَدَتْ بِجَوَاهَا النجمَ لمْ يَقِدِ

عمرِي لَقَدْ غَالنا الرُّزْءُ الذي طَرَقَتْ

بِهِ اللَّيَالِي وَجَلَّ الخطبُ عَنْ جَلَدِ

هِيَ المَقَاديِر فَاقبل مَا حَبَتْكَ بِهِ

من آجِلٍ نَضِرٍ أوْ عَاجِلٍ نَكِدِ

فَلِلأمُورِ مَوَاقِيتٌ مقدَّرةٌ

مَا بَيْنَ مُنْعَكِسٍ مِنْهَا وَمُطَّرِدِ

إنْ لَجَّ شَوْقِي فَلاَ بدع لِذِي عجب

أوْ قَلَّ صَبْرِي فَلاَ لَوْم لِذِي نكدِ

عَيْن مسهدة الأجفَان أرَّقَهَا

نأيُ الحَبِيب وَقَلْتٌ نَاحل الجَسَدِ

لهفي وَهَلْ نَافِعي لهفي عَلَى وَلدٍ

إذَا لجأتُ لصبرٍ فِيهِ لمْ أَجِدِ

لهفي وَهَلَ نَافعِي لهفي عَلَى قمرٍ

رَمَاهُ بِالخَسْفِ نَحْسُ الطَّالِعِ النَّكِدِ

لهفَي ولَهف بنْي الأيَام قاَطبة

على محمدِ إذْ ولَى ولمْ يعِدِ

وَكُلُّ عَيْنٍ بِمَاءِ الدمع في غَرَقٍ

وَكُلُّ قَلْبٍ بِنَارِ الشَّوْقِ مُتَّقِدِ

لاَ أعتب الزمنَ المُودِي بسيده

يَكْفِيهِ مَا حَلَّ في أحْشَاهُ من كمدِ

وَكَمْ طَلَبْتُ اللَّيَالِي أنْ تُغَيِّبَهُ

عَنِ المنَايَا فَلَمْ تَفْعَلْ وَلَمْ تَكِدِ

آهٍ لعطفِ بَيَانٍ فِيهِ ذِي نَسَقِ

قَدْ نَازَعَ القربُ فِيهِ عامل البعدِ

بُنَىَّ لَيْتَكَ لَمْ تُخْلَقْ لِوَرْيِ بِلىً

يَا لَيْتَنِي لم أُسَمْ بالصبر عن شَهَدِ

وَلَيْتَ بدرك لم يَطْلُعْ عَلَى أفقٍ

وَلَيْتَ شمسك لمْ تشْرق عَلَى بلدِ

مَا كَانَ أقصر سَاعَات بك ارْتُصِدَتْ

فَلَيْتَنِي كُنْتُ مَوْقُوفاً عَلَى الرَّصَدِ

سَقَى الحَيَا قبرَك الزاكِي وَوَاصَلَهُ

سَحَابُ عَفْوٍ وَغُفْرَانٍ مَدَى الأبدِ

وَصَبَّرَ اللَّهُ قَلْبَ الوَالِدَيْنِ عَلَى

مَنْ حَرَّكَ الوجدُ فِيهِ ساكن الجَلَدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة