الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » هجم الصباح فأين يا ليل المفر

عدد الابيات : 75

طباعة

هجَمَ الصَّبَاحُ فَأيْنَ يَا لَيْلُ المَفَرْ

وَجِيَادُهُ بِالنَّصْرِ وَاضِحَةُ الغُرَرْ

أوَ مَا تَرَاهُ نَضَا لِحَربِكَ يَا دُجَى

عَضْباً صَقِيلاً كَادَ يَخْتَطِفُ البَصَرْ

وَدَعَا إلَيْكَ وَقَدْ أمَاطَ لِثَامَهُ

كَاللَّيْثِ كَشَّرَ للفَرِيسَةِ وَاكْفَهَرْ

فَالْجَأ لِذِمَّةِ فَرْعِهِ مُسْتَسْلِماً

وَدَعِ العِنَادَ فما العِيانُ كما الخَبَرْ

لا تَغْتَرِرْ وَتَرَى الهَزِيمَةَ مَغْنَماً

فَطَلاَئِعُ الإصبَاحِ خُصَّتْ بِالظَّفَرْ

وَكَحيلَةِ الأجْفَانِ لَوْلاَ لحظُهَا

لَمْ أدْرِ أنّ الغنجَ يُمْزَحُ بِالحَوَرْ

قَسَماً وَلَوْلاَ شَعْرُهَا وَجَبِينُهَا

لَمْ أدْرِ أنَّ الشَّمْسَ تَطلعُ فِي السَّحَرْ

إيهٍ وَلَوْلاَ نَبْتُ سَالِفِ خَدّهَا

لَمْ أدْرِ أنَّ الآسَ يَنْبتُ فِي الشَّرَرْ

شَمْسٌ عَلَى الأرْدَافِ أرْخَتْ شَعْرَهَا

لِتُرِيكَ أنّ المسكَ فِي الوَرْدِ انْتَشَرْ

وَلَوَتْ عَلَى الوَجَنَاتِ سَالِفَ عَنْبَرٍ

فَحَمَتْ بِعَقْرَبِ صدغِهَا وردَ الخَفَرْ

وَأرَتْ بِلاَلَ الخَالِ يرقبُ فِي دُجَى

لَيْلِ العذَارِ صبيحَ مبسمهَا الأغرْ

يَا ظبيةَ الوَعْسَاءِ يَا برءَ الأسَى

يَا مَطْمَحَ الأهوَاءِ يَا قيدَ النَّظَرْ

أظُبَى جُفُونِكِ أمْ ظِبَا عينيك قَدْ

تَركَا الفؤَاد أسِيرَ تخييل الفِكَرْ

فَإذَا نَفَرْتِ نَفَرْتِ عَنْ عَيْنِ المَهَا

وَإذَا سَفَرْتِ سَفَرْتِ عَنْ وَجْهِ القَمَرْ

وَإذَا مَحَاسِنُك انْطَوتْ فِيكِ فَعَنْ

عَلْيَا أبِي يَحْيَى الثنَاءُ قَدِ انْتَشَرْ

العَادِلُ المَلِكُ الَّذِي كُشِفَتْ بِهِ

عَنْ فِكْرَةِ الدُّنْيَا مَخَايِيلُ الغِيَرْ

والنَّيِّرُ الأعْلَى الإمَامُ المُرْتَضَى

ذُو المبسمِ الوَضَّاحِ وَالوَجْهِ الأغَرْ

بَدرٌ لَهُ وَجْهٌ تَجَلَّلَ بِالحَيَا

إذْ هَلَّ مِنْ كَفَّيْهِ مَا عَمَّ البَشَرْ

وَصَبَاحُ رشدٍ مَا اسْتَنَارَ بِرَأيِهِ

مُتَحَيِّرٌ إلاَّ وَشَاهَدَ مَا اسْتَتَرْ

وَهِزَبْرُ بأسٍ مَا تَقَلَّدَ سَيْفَهُ

إلاّ وَفَارَ دَمُ المُعَانِدِ وَانْهَمَرْ

سَاسَ الأمُورَ فَأنْجَبَتْ بِمُؤيَّد

شَاءَ الإلهُ ظُهُورَهُ فَلِذَا ظَهَرْ

وَبِنَفْسِهِ خَاضَ الحِمَامَ وَبَحْرُهُ

مُتَلاَطِمُ الأمْوَاجِ يَرْمِي بِالشَّرَرْ

وَأتَى لِتُونسَ في حِمَى العَالِي الَّذِي

هُوَ مُحْكِم الآرَا وَمِفَتاحُ الظَّفَرْ

وَسَعَى إلَيْهَا جَارِياً كَالطَّيْرِ إذْ

نَظَرَ القَنِيصَ اشْتَدَّ وَاتَّبَعَ الأثَرْ

وَسَرَى سُرَى النجمِ المُعَدّ لِرَمْيِ مَنْ

قَدْ جَاءَ مُسْتَرِقاً لِيَسْتَمِعَ الخْبَرْ

وَاسْتَعْمَلَ الأوْرَادَ فِي خَلَوَاتِهَا

وَاسْتَصْحَبَ الصلحَاءَ جَيْشاً فَانْتَصَرْ

وَبِجَفْنِهَا قَدْ حَلَّ مِنْهُ طَارِقٌ

طَرَقَتْ بِهِ الخَيْرَاتُ في وَقْتِ السحرْ

وَأتَى لأخْذِ الثأرِ فِي الوَقْتِ الَّذِي

حَكَمَ القَضَاءُ لَهُ بِمَا أجْرَى القَدَرْ

فِي فتيةٍ كَالزُّهْرِ إنْ عُدُّوا فَهُمْ

عَدَدُ الثُّرَيَّا وَهْوَ بَيْنَهُمُ قَمَرْ

فَثَنَتْ إلَيْهِ عِطفَهَا وَتَمَنَّعَتْ

بِذُيُولِهِ وَقَضَتْ بِطَلْعَتِهِ وَطَرْ

وَدَعَتْهُ أهْلاً بِالحَبِيبِ وَمَرْحَباً

أنْتَ المليكُ المُسْتَغَاثُ المُنْتَظَرْ

فَأحَاطَ حَوْزَتَهَا وَسَكَّنَ رَوْعَهَا

وَأقَرَّ نَاظِرَهَا وَأوْسَعَهَا بِدَرْ

وَدَعَا إلَيْهِ أهْلَهَا فَتَسَارَعُوا

طوعاً لما عنهُ نَهَى وَبِهِ أمَرْ

وَتَصَارَخُوا وَتَحَالَفُوا وَتَعَاقَدُوا

أَنْ لَيْسَ يتركُ نصرَهُ مِنْهُمْ بَشَرْ

فَأنَالَهُمْ مَا يرتضَوُنَ منَ العَطَا

وَكَفَاهُمُ مَا يَخْتَشُونَ مِنَ الضَّرَرْ

هَذَا هُوَ الفَتْحُ الَّذِي فُتْحَتْ لَهُ

بَابُ السَّمَا بالإنْتِصَارِ وَبِالظُّفَرْ

وَبِهِ البَسِيطَةُ مَهِّدَتْ وَاسْتَبْشَرَتْ

بوقيعةٍ هِيَ عِبْرةٌ لِمَنِ اعْتَبَرْ

آوَى لِمَرْكَزِهِ العَلِيّ فَلَن تَرَى

مِنْهُ أجَلَّ وَلاَ أعَزَّ وَلاَ أسَرّ

وَأقَام ركن الملكِ بَعْد وُقُوِعِهِ

وبَنَى أسَاس عَمُودِهِ لَمَّا دثَرْ

وأنَارَ مِنْ أفْقِ الخِلاَفَةِ مَا دَجَا

وَأبَانَ في العَلْيَا مَآثِرَ مَنْ غَبَرْ

وَأعَادَ فيضَ المَا لِمَجْرَاهُ وَلاَ

بِدْعَ لِمَاءٍ قَدْ صفَا بعدَ العَكَرْ

وَإلَيْهِ عَادَ الأمْرُ بَعْدَ ذَهَابِهِ

عَنْهُ وكَانَ العَوْدُ أحْمَدَ مُنْتَظَرْ

ورث الخِلاَفَةَ كَابراً عَنْ كَابِرٍ

وَبِقُدْرَةِ البَارِي تَعَزَّزَ وَاقْتَدَرْ

وَدَعَا بِثَأرِ وَلِيِّهَا من غَاصِبٍ

غصبَ الخِلاَفَةَ ثُمَّ خَلاَّهَا وَفَرّ

وَهَل الخِلاَفَة غَيْر ميرَاثٍ لَهُ

وَالحَقُّ لا يَخْفَى وَإنْ يُخْفَ ظَهَرْ

وَاللَّهُ يُؤْتِي ملكَهُ مَنْ شَاءَهْ

وَهْوَ المُدَبِّرُ مَنْ أقَامَ منَ الصُّوَرْ

ذَا غَرْسَةُ البَارِي القديرِ وَمَنْ يَرُمْ

قَلْعاً لما غَرَسَ الإلهُ فقَدْ كَفَرْ

مَلِكٌ يُجِيبُ سُؤَالَ كُلّ مُؤَمِّلٍ

وَيجيرُ من خَطْبِ الخطوبِ إذَا خَطَرْ

فَإلَى سنَاهُ البَدْرُ فِي اللَّيْلِ التَجَا

وَإلَى ندَاهُ الغيثُ في المَحْلِ افْتَقَرْ

مَا رَامَ صعبَ المُرْتَقَى إِلاَّ ارْتَقَى

بسُهُولَةٍ أرْقَى المَرَاقِي فَاسْتَقَرّ

مُتَيَقِّظُ العَزَمَاتِ لَكِن سَيْفه

قَدْ قَامَ في جفنِ الأمَانِ بِهِ وَقَرْ

إنْ هَبَّ فِي الهَيْجَاءِ هبَّةَ ثَائِرٍ

هَبَّتْ رِيَاحٌ لَيْسَ تُبْقِى أوْ تَذَرْ

وَإذَا عَلاَ فِي المَجْدِ أعْلَى غَايَةِ

قَالَتْ لَهُ النَّفْسُ الأبِيَّةُ لاَ وَزَرْ

قَاسُوا نَدَاهُ بِالحِسَابِ فَأخْطَأوا

أيُقَاسُ طُوفَانُ المَكَارِمِ بِالمَطَرْ

وَكَذَاك قَالُوا اللَّيْثُ يَحْكِيهِ وَهَلْ

لِلَّيْثِ فِي الهَيْجَا قُوَى العَضْبِ الذَّكَرْ

يَرْوِي عطَاءٌ عَنْ نَدَاهُ حديثَهُ

وَلْوَجهِهِ يُعْزَى ابن وضَّاح الأغَرْ

ملكٌ إذَا حَلَّ المُلُوكُ بِمَوْرِدٍ

وَنَحَاهُ لاَ يَرِدُونَ إلاَّ إنْ صَدَرْ

فَإذَا اسْتُغِيثَ غمَامُ رَاحَتِهِ سَقَى

وَإذَا انْتَصَرْتَ بِبَأسِ عزمته نَصَرْ

مَا أثْمَرَتْ بالهامِ سُمْرُ رمَاحه

إلاّ لأنَّ الغصنَ يُعْشَقُ بِالثمَرْ

كَلاَّ وَلاَ لَمَعَتْ بَوَارِقُ بِيضِهِ

إلاّ لتَحْرقَ بِالأشعَّةِ مَنْ غَدَرْ

يَا من يَرُوم لحَاقَ شَأوِ عَلاَئِهِ

أقْصِرْ فَلَيْسَ العَيْنُ تَلْحَقُ بِالأثَرْ

مَنْ ذَا يَقِيسُ البَدرَ بِالعَوَّا وَمَنْ

ذَا يَدَّعِي أن الحصى مِثْلُ الدرَرْ

أوْ مَنْ يَقُولُ الشَّمْسُ كالشِّعْرَى سَناً

أوْ مَنْ يَرَى أن الكَلاَ مِثْلُ الزَّهَرْ

قَصُرَتْ خُطَاكَ وَهَذِهِ طُرُقٌ عَلَتْ

أن تُقْتَفَى بِمَطِيّ وَهْمٍ أوْ نَظَرْ

ذَاتٌ مُكَمَّلَةٌ وَرَأيٌ مُنْجِبٌ

وَيَدٌ مُؤَيَّدَةٌ وَقَوْلٌ مُعْتَبَرْ

إنِّي أعَوّذُهُ بطَهَ والضحى

والشمس والإسرا وفاطرَ والزُّمر

مَوْلاَي يَا كَهْفَ المَلُوكِ وَمنْ حَوَى

بأساً تَذلّ لَهُ الأسُود وَتحتقَرْ

يَا كَعْبَةَ الإفضَالِ وَالفَضْل الَّذِي

أزْكَى مَسَاعِي مَنْ بِخِدْمَتِهِ اعْتَمَرْ

حُزْتَ الخِلاَفَةَ عَاصِباً لاَ غَاصِباً

وَالحَقُّ وَرَّثَكَ النفيسَ المُدَّخَرْ

وأعدتَ فِينَا سيرةً عُمَرِيَّةً

أو لَيْسَ جدكَ يَا أبَا يَحْيَى عُمَرْ

وَاشْكرْ لمَوْلاَك الكَرِيمِ فَإنَّ مَنْ

شَكَرَ لإلهَ يَزِيدُه مَهْمَا شَكَرْ

وَأجِزْ مَدِيح ابن الخلوف ووفِّه

مَا يَرْتَجِيهِ وأوْلِهِ حُسْن النَّظَرْ

واسْلَمْ ودُمْ لِلْمُسْلِمِين فَإنَّهُمْ

فِي ظِلّ عِزِّك أدْرَكُوا نَيْلَ الوَطَرْ

فَلَكَ السَّلاَمَةُ وَالكَرَامَةُ والهَنَا

وَلَكَ السَّعَادةُ وَالبَقَا وَالمُسْتقَرْ

مَا غَرَّدَ القُمْرِيُّ فِي فَنَنٍ وَمَا

جُلِيَتْ عَرُوسٌ الرَّوضِ في حُلَلِ الزَّهَرْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة