الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » نار شوقي وهول يوم بعادي

عدد الابيات : 204

طباعة

نار شوقي وهول يوم بعادي

شيّبا في الهوى رضيع فؤادي

إنّ يوم البعاد يوم طويل

قصر الله عمر يوم البعاد

فريا رائد الهنا فبقلبي

لفحت حرب داحس الأنكاد

أقطع الليل والنهار كئيبا

بين شوق مبرح وسهاد

فسروري وسلوتي في انتقاض

وغرامي ووشحتي في ازدياد

لست أدري وقد جرت سحب دمعي

ما الذي شاب مزنها بمرادي

غير أني أخال إنسان عيني

جاد إذ شح دمعه لسوادي

علّ ماء الدموع تطفىء نارا

تحرق القلب أو يروي الصادي

يا عذولي في الحب لست رشيدا

لا ولا العذل في الهوى بالهادي

ليس حبي حرمته بفساد

رب حب فيه صلاح فساد

لا تلمني فلست أول حب

صار عبدا في طاعة الأسياد

إن نومي وحسن صبري فرا

إذ رويت الجوى عن ابن زياد

ليت شعري وهل لشعري علم

بفؤاد بهيم في كل وادي

يا فؤادي في تيه فرع وفرق

أبغي ضللت أم برشاد

أم بليلي فتة أم برباب

أم بسلمى شغفت أم بسعاد

يا خليلي عللاني سحيرا

بنسيمات حاجر والواد

وقفاني على الربوع قليلا

واطرحاني في ظل ذاك النادي

وابكياني فقد بكى لبكائي

باسم البرق بالغيوم الغوادي

واسعداني على السهاد فليلي

طال والله إذ حرمت رقادي

واخبراني عن الصباح فسعى

ضل فيه ولم يجد من هادي

طال ليلي وقد فقدت صباحي

آه هل للصباح من ميعاد

لو يكون الصباح حيا يرجى

ما اكتسى الجو سابغات حداد

يا نسيم الشمال سر بسلام

كم ليمناك عندنا من أيادي

واسأل البان والحمى عن حبيب

حل من مهجتي محل ودادي

يا رعى الله عهده من حبيب

شأنه الصدق في وفا الميعاد

فوق خديه جنة وجحيم

كيف يؤخذ ملتقى الصداد

لاح في ليل شعره وعجيب

مطلع الشمس في الليالي الحداد

وتجلى فمن رأى روض حسن

أثمر البدر في القنا المياد

نجم خديه في المطالع يروي

عن جميل السنا عن الوقاد

وكذا ريقه المبرد أبدى

كامل الحسين في سناه البادي

ياله شادنا سطا بجفون

كن فيها كواسر الأساد

ساحر اللحظ هاجني بفتور

ترك القلب موريا كالزناد

يا هلالا أظل عابد طرف

إنما أنت فتنة العباد

فتنة الحسن قيس خدك أضحى

من يمان الجفون تحت العباد

إتّق الله في أسير عيون

ما له من عذابها من فادي

وأكفف اللحظ والعذار فعقلي

منهما صار نهب لام وصادي

ما احتيالي وقد ظمئت لثغر

صير الصد شرعة الوراد

يا لقومي آنست في الحيّ نارا

أضرمتها لواعج الأكباد

فلعلي أرى هداي لديها

أو عسى الدهر أن يفكّ قيادي

ضقت ذرعا وما وجدت اهتداء

لسبيل يقين بالإسعاد

بلغي يا نسمية البان شوقي

لبلاد فديتها من بلاد

واحثثي للسير في الغدو وروحي

بين يمنى مسيرة ورشاد

وإذا جئت طيبة فتهادى

بسلام إلى النبي الهادي

أحمد الرسل ركن بيت المعالي

سرحة الدين كعبة العباد

مظهر الحق مظهر الحق طه

حجة الرب شمس أفق المعاد

علة الكون روح جسم المعالي

نقطة البدء سر معنى المعاد

ناظر العين زهر روض المحيا

نكتة السمع غصن دوح الفؤاد

أشبب الثغر أدعج العين أقنى

رحب الصدر أريحي الأيادي

جوهري الحسن برهمان التصافي

معدن المجد عسجد الأمجاد

روضة الجود مجمع الفضل أضحى

غاية الشم تحفة الأجواد

مرسل شافع بشير نذير

منتهى القصد غاية القصاد

مصطفى مرتضى سراج منير

هاله الرشد كوكب الإرشاد

أكمل العالمين خلقا وخلقا

فهو ملء العيون والأكباد

صاغه الله قبل كل وجود

من جمال وعزة ورشاد

طاب جسما ولم وقد صيغ مما

لم تصغ منه طينة الأجساد

فهو أصل لادم في ابتداء

وهو فرع بمقتضى الميلاد

من أضا نوره بواضح شيت

فتبدّى لحاضر ولبادي

من به إدريس قد تبوأ مرقى

أزهريّ السنا رفيع عماد

من به نوح في السفينة عوفي

إذ طمى لما على الربا والوهاد

من به صالح نجا من ثمود

وكذا هود من قبائل عاد

من به لوط قد أباد سدوما

حيث رواموا طريقه الإلحاد

من به أنقذ الخليل ووفى

كيد نمروده الشديد العادي

من به قد فدى المهيمن إسما

عيل واختاره لسكنى الوادي

من به اسحاق الغيور ويعقو

ب ولسباط أتحفوا بأيادي

من به سخر الإلاه لداو

د حبالا وطيرا وغوادي

من به الجن والوحوش أنابت

لسليمان والصبا والهوادي

من به يونس نجا حين ناجى

باعتراف وفاقة واجتهاد

من به أنقذ الإلاه شعيبا

وشفى أيوب من ضنى الأنكاد

من به أصبح الكليم موقى

كيد فرعون صاحب الأوتاد

من به الخضر والعزيز إليا

س ويحيى اكتفوا شرور الأعادي

من به إسكندر الزمان تصدى

لرشاد الورى وفتح البلاد

من به بشر المسيح وحيا

وهو في المهد بالسلام ينادي

من به بشر ابن جدل وشق

وسطيح الحمى وقش أيادي

من توالت بشرى الهواتف أن قد

ولد المصطفى الكريم الأيادي

من رأت أمه معالم بصراي

وقصور الشام في الميلاد

من حبا بالحبا حليمة لما

رامت الخصب بعد محل البوادي

من تداعى إيوان كسرى وخرّت

لسناه شوامخ الأطواد

من أزاح الظلام نور هداه

بعد ما ظل كل هاد وحاد

من به غيض ماء ساوة لما

أصبحت نار فارس كالرماد

من به الشهب أحرقت كل حن

يسرق السمع مؤذن بالفساد

من غدا الذئب مخبرا عنه لما

منع الشاة منه راعي النادي

من أتاه البعير يأنس بشرا

بعدما كان أشرس الشراد

من حمى الضب إذ شكا بأمان

وحماه من العدو العادي

من أعيدت له الغزالة لما

إن أرادت رضاعة الأولاد

من دعاها من الغروب فعادت

وكفاها حبائل الصياد

من وقاه الغمام حر هجير

وحباه بوابل مستجاد

من له البدر شق شوقا لقرب

وله الجذع حن خوف البعاد

من أعاد القضب في الكف سيفا

وبها أنبع الزلال لصادي

من بيمناه سبح الصلد جهرا

وبها فاض فاضل الأزواد

من رمى بالحصى فأسقط جيشا

لا يخافون سطوة الآساد

من بها شاد أوجها وبيوتا

قد تداعى أقواؤها للسناد

من كفى الألف بالصواع وأروى

بقليل الحليب سار وغادي

من به صدق الرضيع ونادى

أنت حقا رسول رب العباد

من دعاه الذراع وهو حنيذ

أحذر السم يا سما الأجواد

من شفى العين وامتطاهه وأغنى

يوم سلم بها ويوم جلاد

من حمى الغار بالحمامة لما

نسج العنكبوت وفق المراد

من دعا للعدق فاستجاب منيبا

واشتياقا لغدة المنادي

من أتاه قتادة يشتكى

فقد عين فردها لمعاد

من بنفث شفى لحاظ علي

وحباه بأيّما إسعاد

من بتفل أعاد شق خبيب

وبنفث كفى كف الأعادي

من كفاه الإله غورث لما

رام إطفاء نوره الوقاد

من حبته الصبا مسيرة شهر

بانتصار يبيد حزب التعادي

من له الأرض مسجدا وطهورا

حيث نادى إلى الصلاة المنادي

من رقى للعلا فحل محلا

جل مقداره عن الأنداد

من رأى الحق كيف شاء بلا كيف

ونودي أهلا بزين العباد

أنت عبدي فاشفع تشفع وقل كي

أستمعه وسل تجد إندادي

كم ظلام أزاحه وضلال

كم صباح أناره ورشاد

كم سؤال أجابه ونوال

كم مراد أناله وداد

كم ذليل أعزّه بارتقاء

كم عماد أماله باعتماد

كم سقام شفى بتفل بصاق

كم مقام كفى بطعن صعاد

كم ضرير شفى فساد بصيرا

كم بصير عمى لفرط عناد

كم طريد أوى بوسع محل

كم فقير أغنى بفاضل زاد

لو تذكرت ما يحد ويمضي

لم تعظم فعل المواضي الحداد

أو تأمّلت ما ينيل ويكفي

لم تعرج على السوار الغوادي

شرف الله بلدة حل فيها

واصطفاها على جميع البلاد

هو زين لها وليس ببدع

أن يزين الرياض صوب العهاد

شقّ جبريل قلبه وحشاه

حكمة العالم العليم الهادي

فلذا كان إن غفت مقلتاه

يقظ القلب في رضا الجواد

كرمت راحتاه في أزمات

كان فيها الغمام صفر الأيادي

في ضرام من الوغى واشتعال

أكسب الجو حمة الإرعاد

ما تجلى لظلمة الليل إلا

أطفأ الزهر نوره باتقاد

لو رأى الفيلسوف نجم علاه

ما قضى للنجوم بالمرصاد

أو درى الغيث جوده لعفاة

لا أستحي أن يجود فوق الوهاد

أو كسا الشمس من سناه شعاعا

لأضا الكون في الليالي الحداد

رب رحب أثاره بجواد

تؤذن الأرض تحته بارتعاد

ويرى خطبه المهول بسيف

أبيض الوجه صادق الميعاد

في نهار من الصفاح منير

تحت ليل من مستشار الجلاد

وخميس عرمرم قد حماه

فزها يومه على الأعياد

بأبي بكر الخليفة من جا

ء بتصديقه الكتاب الهادي

وأبي حفص المفرق الأضلا

ل بعزم وصارم واعتقاد

وبعثمان من حباه ببنتيه

الرسول الشفيع يوم التنادي

وببعل البتول ليث هشام

صاحب السيف واللوا والجواد

وبعميه والصحابة والآ

ل والأزواج ثم والأولاد

فهم ما هم وهل هم إلا

أعين الحرب ألجم الأرفاد

لا يخافون في الإله مهولا

لا ولا يرقبون غير الجواد

أيدوا دينه وعزوا حماه

بصفاح الظبا وسمر الصعاد

ورعوا عهده وشادوا علاه

ورعوا قوله وكاد الأعادي

وشروا طائعين جنة عدن

بنفوس تباع يوم الجهاد

مظهرو الدين بالسيوف المواضي

مرغم الشرك بالفنا المياد

شرف الله نورهم وحماهم

وحياهم باليمن والأنجاد

صدقوا القول والفعال ودانوا

بالتزام الخلوص في الأوراد

يا هناهم وبشرهم حيث أضحوا

أنجم الدين أصفيا الجواد

نادهم للهدى بمحكم ذكر

صيّر الصعب لين الإنقياد

املإ السمع من حلاه وحره

ما تلاه الإنشاء في الإنشاد

تجد الغيث في سماء المعالي

وترى الليث في متون الجياد

قد بلته الحروب بأسا ورايا

فأتته السعود بالإسعاد

وحباه الجهاد فتحا ونصرا

أرغما أنف كل ذي إلحاد

وسع العالمين علما وحلما

فهو غيث الندى وبحر النادي

صبح فضل قد حقق الظن فيه

أنه الصبح في علا واتقاد

تتقي بأسه الكماة فأعلى

حا لجبارها أطراح العناد

إن لله فيه سرا غريبا

أظهرته عوالم الأضداد

غرة في تواضع واقتدار

في عفاف ولينة واعتداد

أم بالرسل والأملاك جمعا

في مقام حباه بالأفراد

يا رسولا إلى هداه أوينا

فأوينا من الضلال لهادي

حاش لله أن يرى لك شبها

يا إمام العلا وخير العباد

ضل من رام حصر ما فيك مما

حزته بالحساب والأعداد

هل تحاط السماء والأرض قيسا

أن توفى البحار بالأمداد

أم يحد التراب كما وتحصى

مفردات الجود بالتعداد

حاش لله الأمر أمر عظيم

ليس قدر الألوف كالأحاد

قمت بالحق والأنام قعود

وطردت العناد يوم الطراد

ودرى الشرك كنه بأسك لما

سفه أحلامه هداك البادي

وشدا الجن بامتداحك حتى

أطرب الانس صوت ذاك الشاد

لي إليك اشتياق ضاح لظل

وقريب من ورده وهو صادي

ومن الشعر في جنابك مدح

هو ذخري وعدتي لمعادي

ما أبالي وقد وثقت بحبل

منك يمتد إن تنكر عادي

حاش لله بعدما نلت رحبا

منك في النوم أن يخيب مرادي

يا شفيع الأنام جد بقبول

يا كريم الورى أفىء برشاد

يا حبيب الإله من يعفو

يا نجي الإله فك قيادي

ليت شعري ما حيلتي واعتذاري

أم بماذا أجيب يوم التنادي

يوم لا تملك النفوس خلاصا

لنفوس تسام بالأبعاد

غير أني اتخذت مدح حبيب

نقطة الكون علة الإيجاد

من عليه الجماد صلى وحيّى

فحظى بالقبول والإسعاد

يا هناه بما حوى من فخار

ليتني كنت بعض هذا الجماد

يا ملاذي وعمتدي وغياثي

يا أماني ومنيتي وعمادي

يا مجيري ومعتقي ونصيري

يا شفيعي منقذي ورشادي

يا سراجي ومنجدي وطبيبي

يا حبيبي وكعبتي واعتقادي

ليس إلا بفضل جاهك أرجو

رجعة نحو طيبة وسعاد

بعدت بي مسافة وتمادي

أمد قد قضى بقلة زاد

وسئمت المقام حتى لقد صا

ر منامي مبدلا بسهاد

كل يوم يسومني الدهر خسفا

بفراق الأوطان والأولاد

وإذا الظلام جن رماني

بسهام الإنكال الأنكاد

يا رحيما بالمؤمنين إذا لم

يسأل الأمهات عن الأولاد

يا شفيعا في المذنبين إذا لم

يسأل الأمهات عن الأولاد

أنت غيثي إذا ظمئت لورد

أنت غوثي إذا افتقرت لزاد

أنت ذخري إذا دعيت لعرض

أنت عوني على الأمور الشداد

فأجزني من الذنوب لأني

عاجز أن أنوء بالأطواد

وأغثني من الهوان فقلبي

ليس يقوى على الزمان المعادي

يا إله الورى ومولى العطايا

يا مجيب الندا وغوث المنادي

أكشف الكرب واشف كل سقيم

واغفر الذنب واصح ليل العناد

وصن الملك بالملك أبي عمر الرضا

الأشمخ الرفيع العماد

وأعنه وانصره نصرا عزيزا

وأجره من كيد كل معادي

وأطل عمره وبارك عليه

وأدم ذكره مدى الآبادي

وأنله من كل خير جزيل

واحم علياه من يد الحساد

واعطه في الجنان خير مقام

بعد عمر ممتع بسداد

واحم بالسعد نجله خير وال

يرتضى بعده لعهد العباد

ذا المعالي المسعود كهف بني

حفص السرى الحفيل ليث الطراد

وأقم بنده بنصر وفتح

وارتقاء وعزة ورشاد

وارحم المسلمين وامنن عليهم

بقبول الإصدار والإيراد

واعف عن والدي واحسن قواهم

بجميل مواصل الإمداد

وامنح ابن الخلوف منك بطول

وسماح يمن بالإنجاد

من أنا في جناب عفوك ربي

وهل العفو غير فعل الجواد

وأدم منا سح سحب صلاة

وسلام على شفيع العباد

وعلى الآل والصحابة طرا

وعلى التابعين بالإرشاد

ما شفى بالرقى حكيم ونادى

رب سلم من أعين الحساد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة