نهر من الدمع. أم نهر من الغضب؟ من أيقظ الجرح في صدري وفي كتبي مرت قوافلكم في الليل فاختلجت أوتار حزني في أعماق مغتربي غنيتكم زمناً كان الغناء به يحلو، وتشتعل الدنيا على خطبي جاد الزمان ولم يبخل بنعمته فشاب صوتي وجرحي بعد لم يشب وغاب شعري عن أعراس ساحتكم لكن ناري لم تخمد ولم تغب اليوم أرجع والاجراس ساهرة بين المقابر، والانقاض، والخرب أعود نحوكم من بعد ما عبر قوافل الحزن والالام والغضب خمسون عاماً وما زالت جراحكم تسقي الرمال بلا شكوى ولا عتب خمسون عاماً. تكاد الارض تسألكم: لقد تعبت، أما تشكون من تعب؟ هيا اقرأؤا دمكم، تعلو فصاحته على الخطابة والاشعار والادب أدعو الحجارة أن تصغي لضجته وتستفيق، فمن يسمع ومن يجب لبنان كنت لنا تصغي وتسمعنا وتعشق المطر الموعود في سحبي وكنت تعرف ان الخبز من جسدي والخمر من دمي، لا من سارق العنب لبنان أرزك محصود لعاشقه وعاشق الارز رب ثائر ونبي في القدس يصرخ: ان الصالبين أتوا ليصلبوا شعبي المعمود باللهب بالامس قالوا: غصون الارز قد رحلت لتستجير بجزار ومغتصب لبنان أرزك يأبى أن يقول: بلى للباحثين، لصلب القدس، عن خشب فالارز والنخل والزيتون عائلة مهما يكبر فيها ناكر النسب الارز والنخل والزيتون معتنق رغم العواصف والانواء و السحب والارز يعرف: لا مجد يظل له الا اذا ظل في بستانه العربي يا شعر مهلك! ها نفسي تذوب، وها أذني تحار، وأوهامي تغرر بي عن أي بستان مجد جئت تخبرني تكاد تدهشني من شدة العجب: بالامس قالوا: غصون الارز راحلة لتستجير بجزار ومغتصب واليوم قيل نخيل النيل قد ركعت قاماته السمر تحت الظلم والخطب وقيل لي: ان للباقين دورهم في رقصة العار، يا أمجادنا انتحبي كنا على الفقر تروينا كرامتنا واليوم نعطش في بئر من الذهب حاشا العروبة، في بستانها زهر يجدد الشجر المنذور للحطب في كل برعم زهر وعد عاصفة فالريح ان لامسته مرة يثب يا شعر مهلك ! هل تحتال ثانية على خيالي، كأني جاهل وغبي؟ .. أما سمعت بأن الصفقة انعقدت وأن أرضي رهن العرض والطلب؟ أما سمعت: لصوص الشعب قد سرقوا حتى التراب وما في الترب من عشب؟ أما سمعت بأن البائعين أتوا ليقبضوا ثمن الاجراس والقبب؟؟ يا قدس عفوك.. صك البيع مهزلة بلا رصيد سوى التهريج والكذب يا قدس عشاقك الاحرار ما سجدوا الا لاسمك رغم الدمع واللهب باعوا دماءهم كي يشتروا وطنا ولم يساوم لهم جرح ولم يخب هم مالك الارض لا السادات مالكها ولا سواه من الازلام واللعب فليذهبوا.. صفقة الاذلال باطلة وليرقصوا كيفما شاؤوا من الطرب حسابنا مقبل: والليل مملكة للخائفين على التيجان والرتب يأتي الصباح.. وندري كيف نقطعها يد الموقع باسم الشعب والعرب
كمال خير بك شاعر ومقاوم سوري ولد في مصياف عام 1935 تعود أصول عائلته إلى مدينة القرداحة بمحافظة اللاذقية، منتمي للحزب السوري القومي الاجتماعي،بدأ تعليمه الابتدائي في مدارس اللاذقية ونال ...