الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » شهب تبين فما تأوب

عدد الابيات : 105

طباعة

شُهُبٌ تَبِينُ فَمَا تَأُوبُ

فَكَأَنَّها حَبَبٌ يَذُوبُ

أَرَأَيْتَ فِي كَأْسِ الطِّلاَ

دُرَراً وَقَدْ صَعِدَتْ تَصُوبُ

هُوَ ذاكَ فِي لُجِِّ الدُّجَى

طَفْوُ الدَّرَارِي وَالرُّسُوبُ

لاَ فَرقَ بَيْنَ كَبِيرِهَا

وَصَغِيرِهَا فِيمَا يَنُوبُ

كُلٌّ إلى أَجَلٍ وَعُقْبَى

كُلِّ طَالِعَةٍ وُقُوبُ

أَلْيَوْمَ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ الـ

ـشِّعرِ أَدْرَكَهُ الغُرُوبُ

وَثَبَتْ بِهِ فِي أَوْجِهِ الـ

أسْنَى فَغَالَتْهُ شَعُوبُ

لَقِيَ الحَقِيقَةَ شَاعِرٌ

مَا غَرَّهُ الوَهْمُ الكَذُوبُ

أوْفَى عَلَى عَدْنٍ وَمَا

هُوَ عَنْ مَحَاسِنِها غَرِيبُ

كَمْ بَاتَ يَشْهَدُهَا وَقَدْ

شَفَّت لَهُ عَنْهَا الغُيُوبُ

يَا خَطْبَ إسْمَاعِيلَ صَبْ

رِي لَيْسَ تَبْلُغُكَ الخُطُوبُ

جَزعَ الحِمَى لِنَعِيِّهِ

وَبَكَاهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ

أَيْ صَاحِبَيَّ لَقَدْ قَضَى

أُسْتَاذُنَا البَرُّ الحَبِيبُ

فَعَرَا قِلاَدَتَنَا وَكَا

نَتْ زِينَةَ الدُّنْيَا شُحُوبُ

إنِّ لأَذْكُرُ وَالأَسَى

بَيْنَ الضُّلوعِ لَهُ شُبُوبُ

عَهْداً بِهِ ضَمَّت فُؤَا

داً وَاحِداً مِنَّا الجُنُوبُ

إذْ بَعْضُنَا مِنْ غَيْرِ مَا

نَسَبٍ إلى بَعْضٍ نَسِيْب

وَبِغَيْرِ قُرْبَى بَيْنَنَا

كُلٌّ إلى كُلٍّ قَرِيْبُ

أَلشِّعرُ أَلَّفَنَا فَمَا اخْـ

ـتَلَفَ العَرِيقُ وَلاَ الجَنِيبُ

وَالفَنُّ يَأْبَى أَنْ تُفَـ

ـرِّقَهُ المَوَاطِنُ وَالشُّعوبُ

مُسْتَشْرِفٌ لاَ السِّلمُ

طَلاَّعٌ إِلَيْهِ وَلاَ الحُرُوبُ

يَضْفِي بِهِ الضَّوْءَ الهِلاَ

لُ وَيَبْسُطُ الظِّل الصَّليبُ

لَوْ دَامَ ذَاكَ العَهْد لَـ

ـكِنْ هَلْ لِيَوْمِ رِضىً عَقِيبُ

يَامِصْرُ قَامَ العُذْرُ إِنْ

يُقْلِقْ مَضَاجِعَكِ الوَجِيبُ

وَعَلَى فَقِيدٍ كَالَّذِي

تَبْكِينَ فَلْيَكُنِ النَّحيبُ

مَاتَ الأَدِيبُ وَإِنَّهُ

فِي كُلِّ مَعْنىً لَلأَدِيبُ

مَاتَ المُحَامِي عَنْ ذِمَا

رِكِ مَاتَ قَاضِيكِ الأَرِيبُ

مَاتَ الأَبِيُّ وَتَحْتَ لَ

يِّن قَوْلِهِ الرَّأْيُ الصَّليبُ

مَاتَ الَّذِي تَدْعُوهُ دا

عِيَةُ الوَلاَءِ فَيَسْتَجِيبُ

مَاتَ الَّذِي مَا كانَ مَشْـ

ـهَدُهُ يَذَمُّ وَلاَ المَغِيبُ

مَاتَ الَّذِي مَا كَانَ فِي

أَخْلاَقِهِ شَيْءٌ يَرِيبُ

مَاتَ الَّذِي مَنْظُومُهُ

لأُلِي النُّهى سِحْرٌ خَلُوبُ

ألضَّارِبُ الأَمْثَالِ لَيْ

سَ لَهُ بِرَوعَتِهَا ضَرِيبُ

هلْ فِي الجَدِيدِ كَقَوْلِهِ الـ

ـمأْثُورِ وَالمَعْنَى جَلِيبُ

آهَانِ لَوْ عَرَفَ الشَّبا

بُ وَآهِ لَوْ قَدَرَ المَشِيبُ

شِعْرٌ عَلَى الأَيَّامِ يَرْ

وِيهِ مُرَدِّدُهُ الطَّرُوبُ

وَكَأنَّما فِي أُذْنِ قَا

رِئِهِ يُغَنِّي عَنْدَلِيبُ

كُلُّ المَعَانِي مُعْجِبٌ

مَا شاءَ وَالمَبْنَى عَجِيبُ

نَاهِيكَ بِالألْفَاظِ مِمَّ

ا تجَوَّدَ اللَّبِقُ اللَّبِيبُ

كَالدُّرِّ مُكِّن فِي العُقُو

دِ وَلِلشُّعاعِ بِهِ وُثُوبُ

دِيبَاجَةٌ كَأَدَقِّ مَا

نَسَجَتْ شَمَالٌ أوْ جَنُوبُ

فِيهَا حِلَّى جِدُّ الفَوَا

تِنِ وَشْيُهَا وَاشٍ لَعُوبُ

آيَاتُ حُسْنٍ كُلُّهَا

صَفْوٌ وَلَيسَ بِهَا مَشُوبُ

فِي رِقَّة النَّسمَاتِ بِالـ

ـعَبَقِ الذَّكِيّ لَهَا هُبُوبُ

تَسْتَافُهَا رأْدُ الضُّحى

وَيُظِلُّكَ الوَادِي الخَصِيبُ

فِي بَهْجَةِ الزَّهْراتِ بَا

كَرَهُنَّ مِدْرَارٌ سَكُوبُ

فَاللَّحْظُ يَشْرَبُ وَالنَّدَى

مَشْمُولَةٌ وَالكِمُّ كُوبُ

كَنَسِيبِهِ الأَخَّاذِ بِ

الألْبَابِ فَلْيَكُنِ النَّسِيبُ

وَكَمَدْحِهِ المَدْحُ الَّذِي

أَبَداً لَهُ ثَوبٌ قَشِيبُ

وَكَوَصْفِهِ الوَصْفُ الَّذِي

عَنْ رُؤيَةِ الرَّائِي يَنُوبُ

يَتَنَاوَلُ الغَرَضَ البَعِي

دّ إِذا البَعِيدُ هُوَ القَرِيبُ

أوْ يُبْرِزُ الخَلْقَ السَّوِيَّ

فَلِلْحَيَاةِ بِهِ دَبِيبُ

كُلٌّ يُصَادِفُ مِنْ هَوَا

هُ عِنْدَه مَا يَسْتَطِيبُ

فَكَأَنَّ مَا تَجْري خَوَا

طِرُهُ بِهِ تَجْرِي القُلُوبُ

لِلَّهِ صَبْرِي وَهْوَ لِلُّـ

ـغَةِ الَّتِي انْتُهِكَتْ غَضُوبُ

بِالرِّفْقِ يَنْقُدُ مَا يَزِيـ

ـفُ المُخْطِئُونَ وَلاَ يَعِيبُ

فِي رَأْيِهِ اللَّغَةُ البِلاَ

دُ أَجَلْ هُوَ الرَّأْيُ المُصِيْبُ

يُودِي الْفَصِيْحُ مِنَ اللُّغَا

تِ إِذَا غَفَا عَنْهُ الرَّقِيبُ

أَفْدِيكَ فَاَقْتَ الْحَيَا

ةَ وَغَيْرُكَ الْجَزِعُ الْكَئِيبُ

جَارَتْ عَلَيْكَ فَضَاقَ عَنْ

سَعَةٍ بِهَا الذَرْعُ الرَّحِيبُ

تِلْكَ الْحَيَاةُ وَمَا بِهَا

إلاَّ لأَهْلِ الْخُبْثِ طِيبُ

كَمْ بِتَّ فِي سُهْدٍ وَأَنْتَ

لِغَايَةٍ شَقَّت طَلُوبُ

جَوابُ آفَاقِ المَعَا

رِفِ وَالأَسَى فِيمَا تَجُوبُ

حَتَّى تُحَصِّل مَا تُحَصِّ

لُ مِنْ فُنُونٍ لاَ تُثِيبُ

وَجَزَاءُ كَدِّكَ ذَلِكَ الـ

ـدَّاءُ الدَّوِيُّ بِه تَثُوبُ

أَلكَاتِبُ العَرَبِيُّ مَهْ

مَا يَدْهَهُ فَلَهُ الذُّنُوبُ

إِنْ لَمْ يُصِبْ مَالاً وَكَيْـ

ـفَ وَتِلْكَ بِيْئَتُهُ يُصِيبُ

فَالْفَضْلُ مَنْقَصَةٌ لَهُ

وَخِلاَلُهُ الحُسْنَى عُيُوبُ

وَيَمُرُّ بِالْعَيْشِ الكَرِيـ

ـمِ وَمَا لَهُ مِنْهُ نَصِيبُ

فَإِذا قَنَى مَالاً كَمَا

يَقْنِي لِعُقْبَاهُ الحَسِيبُ

حَذَرَ المَهَانَاتِ الَّتي

مُتَقَدِّمُوهُ بِهَا أُصِيْبُوا

أَفْنَى بِمَجْهُودَيْهِ قُوَّ

تَهُ وَأَرْدَاهُ اللُّغُوبُ

قَتْلاً بِنَفْثِ دَمٍ قُتِلْ

تَ وَعَجَّ مَرقَدُكَ الخَصِيبُ

فَثَوَيْتَ فِي الْيَومِ المُنَـ

ـجِّي وَاسْمُهُ اليَوْمَ الْعَصِيبُ

وَبِحَقِّ مَنْ كُنْتَ المُنِي

بَ إِلَيْهِ يَا نِعْمَ المُنِيبُ

لأخَفُّ مِنْ بَعْضِ المَقَا

لَةِ ذَلِكَ المَوتُ الْحَزِيبُ

أَعْنِي مَقَالَةَ كَاشِحٍ

فِي قَدْرِكَ الْعَالِي يُرِيبُ

مِمن يَهَشُّ كَما تَثَا

ءَبَ وَهُوَ طاوِي الكشْحِ ذِيبُ

شرُّ الأَنامِ البَاسِمو

ن وفِي جَوَانِحِهِمْ لَهِيبُ

أَلمُدَّعُون الْبَحْثَ حِي

نَ الْقَصْدُ مِنْهُمْ أَنْ يَغِيبُوا

مُتنقِّصو مَحْسُودِهِمْ

وَلَهُ التَّجلَّةُ وَالرُّجُوبُ

فِئَةٌ تَنَالُ مِنَ الْفَتى

ما لَمْ تَنَلْ مِنْهُ الْكُرُوبُ

لِفَخَارِهَ تَأْسى كَـ

ـأنَّ فَخَارُهُ مِنْهَا سَلِيبُ

قَلَتْ لِتَضْلِيلِ العُقُو

لِ وَلَيسَ كَالتَّضلِيلِ حُوبُ

صَبْرِي مُقِلٌّ وَردُهُ

عَذْبٌ وَآفَتُهُ النُّضوبُ

أَخْبِثْ بِمَا أَخْفَوْا وَظَا

هِرُ قَصْدِهِمْ عَطْفٌ وَحُوبُ

مَا الشِّعرُ يا أَهْلَ النُّهَى

وَالذِّكْرُ دِيوَانٌ رَغِيبُ

مَنْ يَسْأَلِ الحُصَرِيَّ وَ ابْـ

ـنَ ذُرَيْقَ فَاسْمُهُمَا يُجِيبُ

أَزْهَى وَأَبْهى الوَرْدِ لاَ

يأْتِي بِهِ الدَّغَلُ العَشِيبُ

مَاذا أَجَادَ سِوَى القَلِيلِ

أَبُو عُبَادَةَ أَوْ حَبِيبُ

لَوْ طَبَّق السَّبعَ النَّعي

بُ أَيُطْرِبُ السَّمعَ النَّعيبُ

أَوْ لَمْ يَطُلْ شَدُوٌ وَشَا

دِيهِ الهَزَارُ أَمَا يَطِيبُ

أَلشِّعرُ تَلْبِيَةُ الْقَوَا

فِي وَالشُّعورُ بِها مُهِيبُ

وَبِهِ مِنَ الإِيقَاعِ ضَرْ

لاَ تُحَاكِيهِ الضّرُوبُ

هُوَ مَحْضُ مُوسِيقَى وَحِسَّ

اتٌ تُصَوِّرُهَا الضُّرُوبُ

هُوَ نَوْحُ سَاقِيَةٍ شَكَتْ

لا َقَدْرُ مَا يَحْوِي القَلِيبُ

هُوَ مَا بَكَاهُ الْقَلْبُ لاَ

مِعْيَارُ مَا جَرَتِ الغُرُوبُ

هُوَ أَنَّة وَتَسِيلُ مِنْ

جَرَّائِهَا نَفْسٌ صَبِيبُ

عَمَدُوا إِلَيْكَ وَأَنْتَ مَيْ

تٌ ذَاكَ بَأْسُهُمُ الغَريبُ

وَلَقَدْ تَرَاهُمْ سَخِراً

مِنْهُمْ وَأَشْجَعُهُمْ نَخِيبُ

خَالُوا رَدَاكَ إِبَاحَةٌ

خَابُوا وَمِثْلُهُمُ يَخِيبُ

فَاذْهَبْ أَبَا الشُّعراءِ فَخْـ

ـرُكَ لَيسَ ضَائِرَهُ الذُّهُوبُ

أَمَّا بَنُوكَ فَعِنْدَ ظَنِّ

الْنُبْلِ أَبْرَارٌ نُدُوبُ

نَمْ عَنْهُمُو وَمَقَامُكَ الـ

ـعَالي وَجَانِبُكَ المَهِيبُ

لَكَ فِي النُّهى بَعْدَ النَّوَى

شَفَقٌ وَلَكِنْ لاَ يَغِيبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة