الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » خمسون لا تنسى من الأحوال

عدد الابيات : 35

طباعة

خَمْسُونَ لا تُنْسَى مِنَ الأحْوَالِ

مَرَّتْ وَأَنْتَ بِهَا لِسَانَ الحَالِ

دَالَتْ بِهَا دُوَلٌ وَلاَقَيْتَ الَّذِي

لاَقَيْتَ مِنْ غِيَرٍ ومِنْ أَهْوَالِ

ثَبْتاّ وَعَزْمُكَ مُسْتَزِيدٌ قُوَّةً

مِنْ طارِىءِ الإِدْبَارِ لِلإقْبَالِ

أَلسُّحْبُ تُطْبِقُ وَالنجُومُ عَوَاثِرٌ

وَهُوَ المَنَارَةُ ضَوْءُهَا مُتَلاَلِي

كَمْ فِي صَحَائِفِكَ الَّتِي أَخْرَجتَها

مِنْ جُهْدِ أَيَّامٍ وَسُهْدِ لَيَالِي

كَمْ ذُدْتَ عَنْ حَقٍ وَكَمْ سَدَّدْتَ مِنْ

رَأْيٍ وَكَمْ بدَّدْتَ شَمْلَ ضَلاَلِ

فَأَنَارَ أَهْلَ الحَزْمِ كُل حَقِيقَة

وَأَثَارَ أَهْلَ العَزْمِ كُلُّ خَيَالِ

مَا أَنْسَ لاَ أَنْسَ المُؤَازَرَةَ الَّتِي

أَوْلَيْتَنِيها فِي الزَّمَانِ الخَالِي

أَيَّامَ يَبْتَعِثُ الشَّبَابُ عَزيمَتِي

وَأَجُولُ فِي شَوْطِ البَيَانِ مَجَالِي

وَأَرَى الحَيَاةَ تَبَشُّ لِي فِيهَا المُنَى

عَنْ أَلْفِ ثَغْرٍ فِي حُرُوقِ مَقَالِي

فَرَعَيْتَنِي طِفْلاً وَأَيُّ مُهَيِّيءِ

لِتَقَدُّمٍ كَرِعَايَةِ الأطْفَالِ

وَإِلَى الحِمَى أَهْدَيْتَ كُتَّاباً بِهِمْ

يَعْتَزُّ دَعْ مَنْ كَانَ مِنْ أَشْكَالِي

عَهْدَ الخَلِيلِ سَقَتْكَ أَصْفى دَرِّهَا

دِيَمُ الضُّحَى وَغَمَائِمُ الآصَالِ

كنْتَ الطَّليعَةَ فِي الزَّمَانِ المُرْتَجَى

لِتَحَوُّلِ الأَفْكَارِ وَالأَحْوَالِ

وَأَبُو الصَّحَافَةِ فِيكَ يَدْأَبُ دَأْبَهُ

نَسْجاً بِلاَ سَأَمٍ عَلَى مِنْوَالِ

كَانَ الخَلِيلُ بِجِدِّهِ وَثَبَاتِهِ

لِلْمُقْتَدِينَ بِهِ أَجَلَّ مِثَالِ

فَلاَّلُ غَرْبِ الكَارِثَاتِ بِحَمْلِهِ

لِلحَادِثَاتِ وهُنَّ جِدُّ ثِقَالِ

يَجْنِي المُنَى كَالوَرْدِ مِنْ أَشْوَاكِهَ

وِيُهوِّنُ الآلاَمَ بِالآمَالِ

وَيَظَلُّ مَا شَاءَ الوَفَاءُ لِقَوْمِهِ

حَرْبَ العَدُوِّ وَسِلْمَ كُلِّ مُوالِ

فِي صُورَةِ الحَمَلِ الوَدِيعِ وَرُبَّمَا

أَلْفَيْتَهُ فِي صَوْلَةِ الرِّئْبَالِ

إِنِّي لأَذْكُرُ وَجْهَهُ الحُرِّ الَّذِي

زَانَ المَشِيبُ بَهَاءَهُ بِجَلاَلِ

جَمَعَ الصَّبَاحَةَ وَالسَّمَاحَةَ وَالرِّضَى

مُتَرَائِياتٍ فِي مِزَاجِ جَمَالِ

وَأَرَى وُجُوهَ ثِقَاتِهِ مِنْ حَوْلِهِ

وَكَأَنَّ سِتْرَ الغَيْبِ يَجْلُوهَا لِي

مِنْ كُلِّ مِعْوَانٍ سَوَادُ مِدَادِهِ

نُورٌ وَمَرْمَى نَاظِرَيْهِ عَالِي

مَلأُوا صَحِيفَتَهُ بِمَا تُمْلِي النُّهَى

مِنْ رَائِعِ الآرَاءِ وَالأَقْوَالِ

وسَلِيمٌ اللَّبِقُ الأَدِيبُ يُفِيضُ مِنْ

بَحْرِ ابْتِكَارِ بَاهِرَاتِ لآَلي

يَأْتِي بِكلِّ طَرِيفَةٍ بِكْرٍ لَهَا

مِنْ جِدَّةٍ ما لَمْ يَمُرَّ ببَالِ

وَيَرى كَوَرْيِ الزَّنْدِ خَاطِرُهُ بِمَا

يَجرِي عَلَى قَلَمٍ لَهُ سَيَّالِ

عهْدٌ مَضَى وَغَدا أَعِزَّتُهُ الأولَى

أَحْيَوَا بِلاَداً فِي الرَّمِيمِ البَالِي

لَكِنَّ مَنْ حَرَمَ العُيُونَ خَلِيلَهَا

سَرَّ القُلُوبَ بِأَكْرَمِ الأَنْجَالِ

يَا رَامِزَ الخَيْرَ الَّذِي آدَابُهُ

فِي عَارِفِيهِ مَضَارِبُ الأَمْثَالِ

وَخِلاَلُهُ فِي بَالِغي أَعْلَى الذُّرَى

بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ خَيْرُ خِلاَلِ

بِكَ يَسْتَدِيمُ المَجْدُ ذُخْرَ أَمَانَةٍ

هِيَ فِي يَدَيْكَ أَمَانَةٌ الأَجْيَالِ

فَاهْنَأ بِيُوبِيلِ اللِّسَانِ وَنَلْ بِهِ

مَا شِئْتَ مِنْ حُبٍ ومِنْ إِجْلاَلِ

وَاسْلَمْ لَهُ دَهْراً مَدِيداً وَلْيَدُمْ

عُنْوَانَ فَضْلٍ فِي الحِمَى وَكَمَالِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة