الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » فيم احتباسك للقلم

عدد الابيات : 110

طباعة

فِيمَ احْتِبَاسُكَ لِلْقَلَمْ

وَالأَرْضُ قَدْ خُصِبَتْ بِدَمْ

سَدِّدْ قَوِيمَ سِنَانِهِ

فِي صَدْرِ مَنْ لَمْ يَسْتَقِمْ

نَبِّهْ بِهِ أُمَمَ الزَّوَا

لِ فَعَلَّهُ يُحْيي الرُّمَمْ

أَليَوْمَ يَوْمُ القِسْطِ قَدْ

قَامَ الأُولَى ظُلِمُوا فَقُمْ

بَيْنَ الَّذِينَ يُقَاتِلُو

ن وَبَيْنَنَا قُرْبَى النِّقَمْ

مَنْ يَسْتَبِحْهُ عَدُّوُّنَا

فَلَهْ بِنَا صِلَةُ الرَّحِمْ

لا أَمْنَ لِلْبَلَدِ الأمِي

نِ وَفِي غَدٍ قَدْ يُهْتَضَمْ

قُلْ يَا فَتَى الشُّعَرَاءِ قُلْ

لَبَّتْكَ أَمْ عَصَتِ الهِمَمْ

أُدْعُ المَخَامِيرَ الشِّبَا

عَ إِلَى الحَفِيظَةِ وَالذِّمَمْ

كُلٌّ يَقُومُ بِمَا عَلَيْ

هِ وَمَنْ تَثَاقَلْ فَلْيَنَمْ

نِمْنَا عَلَى جَهْلٍ وَقَدْ

عَاشَ الكِرَامُ وَنَحْنُ لَمْ

فَإِذَا انْقَضَتْ آجَالُنَا

فَمِنَ الرُّقَادِ إِلَى العَدَمْ

وَإِذَا بُعِثْنَا بَعْدَهَا

فَكَأَنَّهَا رُؤْيَا حُلُمْ

لِمَنْ الخِيَامُ فَمَا عَلَى

جَبَلٍ لِنَسْرٍ مُعْتَصَمْ

شَرُفَتْ عَلَيْهَا خَيْمَةٌ

وَتَفَرَّدَتْ بَيْنَ الخِيَمْ

بَادٍ بِهَا عَلَمٌ عَلَى

عَلَمٍ أَقَامَ بِهِ عَلَمْ

شَيْخ مِنَ الصَّوَّانِ مَنْ

يَمْسَسْهُ يَفْتَدِحِ الضَّرَمْ

مُتَعَوِّدٌ قَهْرَ العِدَى

كَالنُّورِ فِي كَشْفِ الظُّلَمْ

لانَتْ عَرِيكَتُه لِطُو

لِ مِرَاسِهِ وَقَسَا الأَدَمْ

تَتَثَلَّمُ الآفَاتُ مِنْ

هُ بِصَارِمٍ لا يَنْثَلِمْ

وَيَرِقُّ مَشْحُوذاً بِهَا

فَإِذَا أَصَابَ فَقَدْ قَصَمْ

بِمُبَارِكٍ فِي مَعْشَرٍ

كَالجَيْشِ مِنْ نَسْلٍ كَرَمْ

جَيْشٌ وَلَكِنْ لِلْمُرُو

ءةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشَّمَمْ

مَقْسُومَةٌ أَخْلاقُهُ

فِيهِمْ وَنِعْمَ المُقْتَسَمْ

هَذَا الرَّئِيسُ وَمِثْلُهُ

فِي النَّاسِ يَعْظُمُ مَنْ عَظُمْ

وَمِنَ المُلُوكِ أَعِزُّةٌ

لا يَصْلُحُونَ لَهُ حَشَمْ

لَمْ يَكْبَرُوا بِسِوَى الغِنَى

وَالكِبْرِيَاءِ عَنِ الخَدَمْ

قَدْ قَامَ يَرْتَقِبُ العِدَى

كَالزَّادِ يَرْقُبُهُ النَّهِمْ

وَتَحُفُّ أُمَّتُهُ بِهِ

كَصِغَارِ لَيْثٍ فِي الأُجُمْ

هِيَ أُمَّةٌ مُسْتَحْدثٌ

تَارِيخُهَا بَيْنَ الأُمَمْ

مَا شَيَّدُوا مِنْ هَيْكَلٍ

بِالبَأْسِ شَأْواً لَمْ يُرَمْ

ذَادُوا عَنِ اسْتِقْلالِهِمْ

وَدِيَارِهِمْ ذَوْدَ البُهَمْ

أَرْزَاقُهُمْ حِلّ لِطَا

لِبِهَا وَمَوْطِنُهُمْ حَرَمْ

شُمٌّ رَوَاسِيهِمْ وَأَنْ

فُسُهُمْ وَمَعْطَسَهُمْ أَشَمْ

يَا يَوْمَ غَارِةِ ذِي الغُرُو

رِ وَقَدْ دَهَاهُمْ مِنْ أَمَمْ

ذِئْبٌ تَوَهَّمَهُمْ نِيَا

ماً فِي الحَظِيرَةِ كَالنَّعَمْ

وَإِذَا بِهِ فِي أَسْرِهِمْ

شَاةٌ وَشِيعَتُهُ غَنَمْ

لِصٌّ تَوَهَّمَ مَغْنَماً

وَإِذَا العُقُوبَةُ مَا غَنِمْ

صَادُوا المُسِئَ وَرَهْطَهُ

صَيْدَ البَوَاسِقِ وَالرَّخَمْ

وَجَزَوْهُ بِالذَّلِّ الْعَظِي

مِ كَذَاكَ يُجْزَى مَنْ لَؤُمْ

ثُمَّ ارْتَأَوْا أَنْ يَقْتُلُو

هُ بِصَفْحِهِمْ عَمَا اجْتَرَمْ

نِعْمَ المُرُوءةُ لَوْ جَنَتْ

غَيْرَ الإِسَاءةِ وَالنَّدَمْ

مَنْ هَذِهِ الزَّلاَّءُ قَدْ

أَخْنَى بِهَا طُولُ العَقَمْ

فِي السُّحْبِ هَامَتُهَا وَوَ

طْيءُ رِجْلِهَا فَوْقَ العَلَمْ

بَرَزَتْ لَهُمْ مِنْ خِدْرِهَا

مَهْتُوكَةً لَمْ تَلْتَثِمْ

عِزْرِيلُ أَوَلَدَهَا وَمِنْ

سُفَّاحِهَا القَوْمُ الغُشُمْ

تَرْنُو لِمَنْ غَشِيَ الوَغَى

وَلَهَا بِأَكْلِهِمُ وَحَمْ

تورِي نَوَاظِرُهَا اللَّظَى

وَتَسِيلُ مِنْ فَمِهَا الحُمَمْ

وَلَهَا ذَوَائِبُ مُرْسَلا

تٌ لِلْكَرَائِهِ وَالزِّيَمْ

شِبْهُ الْعُثَانِينِ الجَوَا

رِفِ فِي العَصِيبِ المُدْلَهِمّْ

أَنَّى تَمُرُّ فَنَابِغٌ

يَصْدَى وَرَاسٍ يَنْهَدِمْ

بِئْسَتْ رَسُولُ الشَّر تِلْ

كَ وَبِئْسَ وَالِدَةُ الغُمَمْ

تِلْكُمْ هِيَ الحَرْبُ الزَّبُو

ن وَذَلِكُمْ هَتْكُ الْحُرَمْ

وَيْلَ القَوِيِّ اليَوْمَ مِنْ

ذَاكَ الضَّعِيفِ وَقَدْ هَجَمْ

أَتَرَى نُكُوصَ المُعْتَدِي

مَلأَ الْفَلا مِمَّا ضَخُمْ

مُتَقَهْقِراً وَهْوَ الَّذِي

فِي بَأْسِهِ لا يُتَّهَمْ

وَوُثُوبَ أَبْنَاءِ الدِّيَا

رِ بِهِ إِلَى حيث انْهَزَمْ

كَالطَّيْرِ إِسْفَاقاً وَكَال

حَيَّاتِ زَحْفاً فِي الأَكَمْ

كَالذئْبِ لَمْحاً فِي الدُّجى

كَالحُوْتِ خَوْضاً فِي العَرِمْ

يَمْشِي الخَمِيسُ كَوَاحِدٍ

فِي السَّيْرِ نَحْوَ المُلْتَحَمْ

بَأْسٌ بِلا يَأْسٍ وَحَزْ

مٌ فِي النزَالِ بِلا لَمَمْ

لا خَوْفَ تَهْلُكَةٍ وَلا

عَنْ ضَعْفِ نَفْسٍ أَوْ سَأَمْ

لَكِنْ لِعِزَّةِ مَنْ يَكُو

نُ بَدِيلَ أَيِّهِمُ ارْتَطَمْ

وَلْيَثْبُتُوا وَيُجَدِّدُوا

نَجَدَاتِهِمْ مِنْهُمْ بُهَمْ

هَذَا لِقَاءٌ يُوغتُوا

فِيهِ بِنَارٍ تَحْتَدِمْ

أُنْظَرْ إِلَى هَطْلِ الْجِمَا

رِ كَأَنَّهُ وَكْفُ الدِّيَمْ

وَإِلَى القَنَابِلِ تَسْتَقِي

مُهَجَ الجُيُوشِ وَتَلْتَهِمْ

عَمْيَاءُ تُبْصِرُ فِي الوَغَى

سُبُلَ العَدُو فَتَخْتَرِمْ

مَضْمُومَةُ الْفَكَّيْنِ حَتَّى

تَلْتَقِي مَا تَلْتَقِمْ

تَنْقَضُّ وَهْيَ عَوَابِسٌ

حَتَّى تُمِيتَ فَتَبْتَسِمْ

أُنْظُرْ جُمُوعَ نِسَائِهِمْ

مِيساً كَبَانَاتِ العَلَمْ

غِيدٌ يُغَازِلُهَا الرَّصَا

صُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَحْتَشِمْ

أُنْظَرْ إِلَى الأَطْفَالِ تَحْ

ذِفُ وَهْيَ تَلْعَبُ بِالرُّجُمْ

وَإِلَى الشُّيُوخِ تَخَضَّبَتْ

بِدِمَائِهَا مِنْهَا اللَّمَمْ

أُنْظَرْ إِلَى صَرْعَاهُمُ

كُلٌّ كَصَرْحٍ مُنْهَدِمْ

أُنْظَرْ إِلَى فُرْسَانِهِمْ

ثَارُوا كَأَرْيَاحٍ هُجُمْ

وَإِلَى المُشَاةِ كَأَنَّهُمْ

سُورٌ يَسِيرُ عَلَى قَدَمْ

وَالذَّاهِبينَ الآيِبِ

ينَ بِمَا بَدَا وَبِمَا رُسِمْ

وَالقَائِمِينَ الجَاثِمِينَ

وَمَنْ يَكُرُّ وَمَنْ يَهُمّْ

وَالهَابِطِينَ إِلَى الثَّرَى

وَالصَّاعِدِينَ إِلَى القِمَمْ

وَاسْمَعْ صَهِيلَ خُيُولِهِمْ

مُتَحَفِّزَاتٍ لِلقحَمْ

وَزَمَاجِرَ الخُرْسِ الضَّوَا

رِي مِنْ مُعِدَّاتِ الأُزُمْ

وَالرَّاعِدَاتِ كَأَنَّهَا

صَعَقَاتُ مُوسَى فِي القِدَمْ

وَزَئِيرَ آسَادِ الحَدِي

دِ وَزَجْرَ فِتْيَتِهَا الهُضُمْ

وَاسْمَعْ صَدَى الأَطْوَادِ تُو

شِكُ أَنْ تُصَدعَ أَوْ تُصِمّْ

وَاسْمَعْ أَنِينَ الأَرْضِ وَا

جِفَةً أَسىً مِمَّا تَجِمْ

غَلَبَ الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيِ

رِ وَعَفَّ عنَّهُ فَمَا انْتَقَمْ

لَكِنَّهُ مَهْمَا يَفُزْ

بُدْءاً يَسُؤْهُ المُخْتَتَمْ

طُفْ فِي قُرَاهُ فَمَا تَرَى

مِنْ يَأْسِ كُل أَبٍ وَأُمْ

وَمِنَ الجِيَاعِ الهَائِمِي

ينَ عَلَى الوُجُوهِ مِنَ الأَلَمْ

وَمِنَ الحَبَالَى المُجْهَضَا

تِ مِنَ التَّضوُّرِ وَالسَّقَمْ

وَمِنَ الْيَتَامَى فِي المُهُو

دِ عَلَى المَجَاعَةِ تَنْفَطِمْ

وَمِنَ الْكَوَارِثِ بَيْنَهُمْ

تَسْتَنُّ كَالوَبْلِ الرَّذَمْ

وطُفِ المَنَاجِمَ كَمْ أسىً

مِنْهَا وَكَمْ خَطْبٍ نَجَمْ

مَفْغُورَةُ الأَفْوَاهِ طَا

وِيَةُ الحَشَى بَعْدَ البَشَمْ

يَا لَيْتَهَا غُفُلٌ فَكَمْ

نِقَمٍ تَلَتْ تِلْكَ النِّعَمْ

سُخْطاً عَلَى الظُّلاّمِ أَقْ

دَرَ مَا نَكُونُ عَلَى الكَلِمْ

وَلْنَبْكِ مَنْ مَاتُوا وَمَا

مِنْهُمْ جَبَانٌ مُنْهَزِمْ

وَلْنَرْثِ لِلضُّعَفَاءِ يُفْ

نِيهِمْ قَوِيٌّ مُغْتَشِمْ

خَطْبٌ رَآهُ المُنْصِفُو

نَ كَأَنَّ أَحْيَاهُمْ صَنَمْ

رَأَوُا الذئَابَ فَحَاوَلُوا

أَنْ يَدْرَأُوهَا بِالحِكَمْ

أَيْنَ الْقَضَاءُ إِلَيْهِ أَرْ

بَابُ المَمَالِكِ تَخْتَصِمْ

أَيْنَ الْحَقِيقَةُ أَيْنَ إِنْصَ

افُ الْبَرِيءِ إِذَا ظُلمْ

مَنْ لِلضَّعِيفِ إِذَا شَكَا

وَعَلَى الْقَوْيِّ إِذَا أَتِمْ

يَا مَنْ يُدَاجُونَ ارجِعُوا

قَدْ خَابَ مَنْ بِكُمْ اعْتَصَمْ

لا تَشْغَلُوا أَذْهَانَكُمْ

بِحٌقوقِ شَعْبٍ تُهْتَضَمْ

حَلَفُوا إِذَا لَمْ يَظْفَرُوا

لا عَاشَ مِنْهُمْ مَنْ سَلِمْ

فَدَعُوهُمُ يَحْيَونَ أَوْ

يَفْنُونَ بَرا بِالْقَسَمْ

وَخُذُوا الضَّمِيرَ فَكَفِّنُو

ه بِالكَرِيمِ مِنَ الشِّيَمْ

وَاسْتَوْدِعُوهُ تُرَابَهُ

مَيْتاً وَقُولُوا لا رُحِمْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة