الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » عادت إلى منزلها في العلى

عدد الابيات : 33

طباعة

عَادَتْ إِلى مَنْزِلِهَا فِي الْعُلَى

تَأْبَى الثُّرَيَّا منْزِلاَ

إِنْسِيَّةٌ مِنْ مَلِكَاتِ النَّدَى

كَانَتْ مِثَالَ الرَّحْمَةِ الأمْثَلاَ

أَخْلاَقُها مَن شَاءَ تَعْدَادَهَا

عَدَّ المُرُوءَاتِ بِهَا أَوَّلاَ

آدَابُها كَالنَّسَمَاتِ الَّتِي

تُحْيِي وَتُهْدِي عَبَقاً مُثَمِلا

أَلْفَاظُهَا كَالدرِّ أَوْ دُونَها

مَوَاقِعُ الدُّرِّ إِذَا سُلْسِلاَ

تَقُولُ مَا يَحْسُنُ لاَ غَيْرُهُ

تَعْمَلُ ما يَجْمُلُ أَنْ يُعْمَلاَ

إِنْ حَدَّثَتْ أَرْوَتْ ظِمَاءَ النُّهَى

مِنْ مَنْهَلٍ يَا طِيبَهُ مَنْهَلا

إِنْ بَسَطَتْ لِلْبَذْلِ كَفّاً فَقَدْ

رَأَيْتَ ثَمَّ المُعْجِبَ المُذْهِلاَ

أُنمُلَهُ مِنْ فِضَّةٍ فُجِّرَتْ

عَنْ بَرْقِ نَوْءٍ فَجَرَتْ جَدْوَلاَ

مَا كَانَ أَهْدَاهَا فؤَاداً إِلى

مَصْلَحَةِ النَّاسِ وَمَا أَمْيَلاَ

لَمْ تَلْتَمِسْ يَوْماً لَهَا شِهْرَةً

كَلاَّ وَلَمْ تَهْمُمْ بِأَنْ تَفْعَلاَ

بِرَغْمِهَا أَنْ نَوَّهُوا بِاسْمِهَا

وَرَجَّعُوا أَصْدَاءَهُ فِي المَلاَ

لَكِنَّهَا تؤْثِرُ فِي بِرِّهَا

أَدْوَمَهُ نَفْعاً أَوِ الأَشمَلاَ

أُنْظُرْ إِلى الصَّرْحِ الَّذِي شَيَّدَتْ

لِلْعِلْمِ قَدْ أَوْشَكَ أَنْ يَكْمُلاَ

أَحْوَجَ مَا كُنَّا يَدَاً مُسْعِد

بَيتٌ يَقِي الأُمَّةَ أَنْ تَجْهَلا

وَخَيْرُ مَا تَبْنِي يَدَا مُسْعِد

بَيتٌ يَقِي الأُمَّةَ أَنْ تَجْهَلاَ

مَا كَانَ لِلْبِرِّ بِهَا مَأْمل

إِلاَّ أَتَتْ مَا جَاوَزَ المَأْملاَ

فَكَيْفَ لَمْ يَرْفُقْ عَلَيْهَا الضَّنَى

حَتَّى تَمَنَّتْ لَوْ شَفَاهَا الْبِلَى

عَانَتْ مِنْ الأسْقَامِ مَا لَمْ يَكُنْ

مِنْ قَبْلُ عَانَاهُ امْرُوءٌ مُبْتَلَى

لَكِنَّ حُبَّ الأُمِّ أَبْنَاءَهَا

بِهَا إِلى أَسْمَى ذُرَاهُ عَلاَ

هَوىً وَنَاهِيكَ بِهِ مِنْ هَوىً

وَكَانَ لَهَا عَنْ نَفْسِهَا مَشْغَلاَ

حَمَّلَهَا مِنْ ثِقَلِ الْعَيْشِ فِي

تَجَلُّدِ مَا عَزَّ أَنْ يُحْمَلاَ

بِلَفْظَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ مِنْهُم

تَقْبَلُ مَا مَرَّ كَمَا لَوْ حَلاَ

وَلَوْ فدَاهُمْ مَا بِهَا أَرْخَصَتْ

دُونَهُمُ مِن عَيشِهَا مَا غلا

أَلَمْ يَكُنْ أَوْحَدَهَا مُنْتَهَى

أُمْنِيةِ النَّاجِلِ أَنْ يَنْجُلاَ

فَتّى عَلَى زَيْغِ الصِّبَا لَمْ يَكَدْ

يَنْهَجُ إِلاَّ المَنْهَجَ الأعْدَلاَ

فِي حَلْبَةِ الفَخْرِ جَرَى سَابِقاً

إِلاَّ إِذَا جَارَى أَبَاهُ تَلاَ

ظُلِمْتِ فِي دُنْيَاكِ فَانْجِي وَفِي

عَدْنٍ تَلَقَّى عِوَضاً أَعْدَلاَ

تَيَمَّمِي شَطْرَ سَلِيمٍ فَقَدْ

آنَ لِعِقْدٍ بُتَّ أَنْ يُوصَلاَ

وَحَانَ أَنْ يُشْفَى المُحِبَّانِ مِن

شَوْقٍ بِهِ قَلْبَاهُمَا أَشْعِلا

قُولِي لَهُ إِنَّا عَلَى عَهْدِهِ

كَأَنَّ عَهْداً خَالِياً مَا خَلاَ

وَإِنَّ ذِكْرَاهُ وَزِيدَتْ بِمَا

جَدَّدْتِ لَنْ تُنْسَى وَلَن تَخْمُلاَ

سَقَاكُمَا العَفْوُ نَدًى كَالَّذِي

أَغْدَقْهُمَا دَهْراً وَلَمْ تَبْخَلا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة