الديوان » العصر العباسي » المتنبي » على قدر أهل العزم تأتي العزائم

عدد الابيات : 46

طباعة

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ

وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها

وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ

وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ

وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ

يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ

نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ

وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ

وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ

هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها

وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ

سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ

فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ

بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا

وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ

وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت

وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ

طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها

عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ

تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ

وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ

إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعاً

مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ

وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها

وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ

وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ

فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ

أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُم

سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ

إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ

ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ

خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ

وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ

تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ

فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلّا التَراجِمُ

فَلِلَّهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ

فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ

تَقَطَّعَ مالا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا

وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ

وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ

كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ

تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً

وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ

تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى

إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ

ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً

تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ

بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ

وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ

حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها

وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ

وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما

مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ

نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ

كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ

تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى

وَقَد كَثُرَت حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ

تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها

بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ

إِذا زَلِفَت مَشَّيتَها بِبِطونِها

كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ

أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ

قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ

أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ

وَقَد عَرَفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ

وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ

وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ

مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى

بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ

وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمِ

عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ

يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ

وَلَكِنَّ مَغنوماً نَجا مِنكَ غانِمُ

وَلَستَ مَليكاً هازِماً لِنَظيرِهِ

وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ

تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ

وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ

لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ

فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ

وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى

فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ

عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ

إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ

أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَداً

وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ

هَنيئاً لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلى

وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ

وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى

وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الخَضارِمُ

الخَضارِمُ، جَمع خَضْرَم: الكَثيرُ الواسِع مِن كُل شَيءٍ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


الضَراغِمُ

الضَراغِمُ، جمع ضَرغَم: وَهوَ الأسَد الضَّاري الشَديد.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


وَالقَشاعِمُ

القَشَاعِمُ، جمع قَشْعَم: وَهوَ الضَّخْمُ المُسِنُ مِن كُلِ شَيءٍ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


الحَدَثُ

الحَدَثُ: إسمُ قَلعةٍ مَعرُوفَةٍ بَناهَا سَيفُ الدَولةِ في بِلادِ الرُّوم.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


الغَمائِمُ

الغَمائِمُ، جَمعُ غَمامَةٍ: وَهيَ السَحَابةُ يَتَغَيَّرُ بِها وَجهُ السَماء.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


تَمائِمُ

التَمَائِمُ، جَمع تَمِيمَةٍ: وَهيَ ما يُعَلقُ في العُنُقِ حِمايَةً للنَفسِ مِن الحَسَدِ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


ضُبارِمُ

المُحَارِب الجَريء عَلى الأَعدَاء

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يوسف


الأُحَيدِبِ

الأحيدب : اسم جبل

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد


نَثَرتَهُمُ فَوقَ

اي نشرت جثثهم موتاهم فوق الجبل المعروف بالأحيدب كما تنثر فوق العروس الدراهم

تم اضافة هذه المساهمة من العضو محمد


مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ

مضى وهو يشكر افراد جيشه في نفسه، لأنك انشغلت بقتلهم مما سهل هروبه قبل أن تدركه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو اديب الجن ابو هدرش


الدُمُستُقُ

لقب قائد الجيش البيزنطي

تم اضافة هذه المساهمة من العضو أحمد طارق


وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ

يراد به هنا ان الطور الصغيرة في السن والكبيرة ليس لها مخالب وهي في نفس الوقت ليست متضررة لان سيف الدولة اكثر القتلة فكانت جثثهم طعاما لها فهي ليست بحاجة الي مخالب للافتراس

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


الخَوافي

الخَوافي : مؤخرة جناح الطائر ويراد به هنا مؤخرة الجيش

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


القَوادِمُ

القَوادِمُ : مقدمة جناح الطير ويراد بها هنا مقدمة الجيش

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


الرُدَينِيّاتِ

الرُدَينِيّاتِ : الرماح وسميت نسبة إِلى رُدَيْنَةَ ، وهي امرأَةٌ كانت تُقَوِّمُ الرِّماح.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


الهاماتِ

الهامة : أَعلى الرأْس

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


اللَبّاتِ

الطلبات : منطقة النحر في العنق

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احمد


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

7457

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة