الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » جلوت المنى أيها الموسم

عدد الابيات : 67

طباعة

جَلَوْتَ المُنَى أَيُّهَا المَوْسِمُ

وَزَانَتْ ضُحَى شَمْسِكَ الأَنْجُمُ

وزَادَتْ رِيَاضُ الحِمَى نَضْرَةً

أَمَالِيدُ عَنْ زَهَرٍ تَبْسِمُ

أَقَرَّ النَّوَاظِرُ تَهْذِيبُهَا

وَتَدْرِيبُهَا المُونِقُ المُحْكَمُ

صِغَارٌ تُقَوَّمُ أَعْطَافُهُمْ

لِيَنْمُوا صِلاباً كَمَا قُوِّمُوا

تَرَاهُمْ عَلَى دَرَجَاتِ الصِّبَا

كَمُخْتَلِفِ الدُّرِّ إِذْ يُنْظَمُ

يُعَلِّمُهُمْ مِنْ مِرَاسِ الحَيَا

ةِ أُولُو الذِّكْرِ وَالخُبْرِ مَا عُلِّمُوا

فَيَمْضَونُ فِي خَوْضِهِمْ لاعِبِي

نَ إِذَا قَوَّضُوا وَإِذَا خَيَّمُوا

وَيَضْحَكُ مِنْ خُشُبٍ شُرَّعٍ

بِأَيْدِيهِمْ الرُّمْحُ وَالمِخْذَمُ

لِيَهْنِئْهمُ اللًّهْوُ لا عَيْبَ فِي

هِ يَشُوبُ لصَفَاءَ وَلا مَأْثَمُ

يُذَكِّي وَيَشُدُّ القُوَى

وَمَا فِي عَوَاقِبِهِ مَنْدَمُ

فَتَنْمُو الجُسُومُ عَلَى صِحَّةٍ

وَتُكْفَى الخَلائِقُ مَا يُسْقِمُ

وَتُبْنَى لأوْطَانِهِمْ أُمَّةٌ

أَبَرُّ بِهَا وَلَهَا أَرْحَمُ

جُنُودٌ وَلَكِنْ لِتُرْعَى الحُقُو

قُ عَلَى يَدِهِمْ وَيُصَانَ الدَّمُ

كُفَاةٌ لأَنْفُسِهِمْ بَيِّنٌ

لَهُمْ مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ

إِذَا اسْتُنجِدُوا أَنْجَدُوا المُسْتَضَا

مَ وَلَوْ كُلِّفُوا جَلَلاً أَقْدَمُوا

وَمَهْمَا تُجَشِّمْهُمُ الوَاجِبَا

تُ مِنَ المَطْلَبِ الصَّعْبِ لا يُحْجِمُوا

فَهُمْ كَالِثُوهَا وَحُفَّاظُهَا

وَرُوَّادُهَا حَيْثُمَا يَمَّمُوا

غَداً يُسْفِرُ الدَّهْرُ عَنْ حَالَةٍ

وَهُمْ فِي رِجَالاتِهَا مَنْ هُمُ

وَيُحْمَدُ فِي الشَّوْطِ تَبْرِيزُهُمْ

إِذَا مَا جَلا نَقْعُهُ عَنْهُمُ

قُصَارَاكَ مِنْ نُخْبَةٍ فِي البَنِي

نَ تُحَبُّ وَمِنْ صَفْوَةٍ تُكْرَمُ

فَكَيْفَ بِهَا وَهْيَ مَعْرُوضَةٌ

وَ فَارُوقُ كَشَّافُهَا الأَعْظَمُ

تَسِيرُ وَأَعْلامُهَا مُومِئَاتٌ

إِلَى أَيِّهَا البَطَلُ المُعْلَمُ

إِلَى الفَرْعِ تَنْمِيهِ أَزْكَى الأُصُو

لِ وَيَنْصُرُهُ الرَّأْيُ وَاللَّهْذَمُ

فَخَارٌ لِمِصْرَ بِشِبْلِ العَرِي

نِ يَشِبُّ وَيَكْلأُهُ الضَّيْغَمُ

مَرُوضاً عَلَى الوَثَبَاتِ الكِبَا

رِ وَمُهْجَةُ مِصْرَ لَهُ تَرْأَمُ

فَأَوَّلُ مَرْقَاتِهِ ذِرْوَةٌ

وَغَيْرُ الذُّرَى مَا لَهُ سُلَّمُ

لَكَ اللهُ فِي النَّشْءِ يَا خَيْرَ مَنْ

يُطَاعُ وَيَا خَيْرَ مَنْ يُخْدَمُ

أَسَرَّكَ مِنْ قَوْمِكَ المُخْلِصِي

نَ وَلاءٌ تَبَيَّنْتَهُ مِنْهُمُ

وَهَزَّتْكَ هِزَّةُ تِلْكَ الجَوَا

نِحِ إِذْ تَتَوَلَّى وَإِذْ تُقْسِمُ

وَرَاقَتْكَ بَهْجَةُ تِلْكَ الدُّمُو

عِ بِمَرْأَى أبٍ لابْنِهِ يَلْثَمُ

سَلِمْتَ مَلاذاً لأَبْنَائِهِمْ

فَأَسْنَى الأَمَانِيِّ أَنْ تَسْلَمُوا

وَأَنْ تَظْفَرُوا فِي كِفَاحِ العُلَى

وَأَلاَّ يَفُوتَكُمُ مَغْنَمُ

تَبَوَّأْتَهُ مَنْصِباً لا يَقُو

مُ بِأَعْبَائِهِ المُبَشِّرُ المُؤْدِمُ

فَلَمْ تَسْمُ عَفْواً إِلَى أَوْجُهِ

كَمَا شَاءَ مَحْتِدُكَ الأَفْخَمُ

وَلَكِنْ دَعَاكَ إِلَيْهِ النُّبُو

غُ وَأَيَّدَهُ مَجْدُك المُلْزِمُ

كَمَالُ حِجىً فِي اقْتِبَالِ الصِّبَا

تَبَارَكَ وَاهِبُكَ الأَكْرَمُ

وَخُلْقٌ رَعَى حُسْنَ تَثْقِيفِهِ

مُثَقِّفُكَ الأَرْشَدُ الأَحْزَمُ

مَلِيكٌ عَلَى قَدَرِ الحَادِثَا

تِ إِذَا عَظُمَتْ شَأْنُهُ يَعْظُمُ

لَهُ إِنْ يَشَأْ نَقْضُ مَا أَبْرَمَتْ

وَلا يَنْقُضُ الدَّهْرُ مَا يُبْرِمُ

قَوِيُّ المَشِيئَةِ نَفَّاذُهَا

بِمَاضٍ مِنَ العَزْمِ لا يُثْلَمُ

مَتِينُ الحَصَاةِ طَوِيلُ الأَنَا

ةِ إِذَا سَئِمَ الجِدُّ لا يَسْأَمُ

نَصِيرُ العُلُومِ نَصِيرُ الفُنُو

نِ مُعَنَّى بِأَبْكَارِهَا مُغْرَمُ

يُرَى مِنْهُ فِي كُلِّ مَعْنىً طَرِي

فٍ عَلَى كُلِّ مَفْخَرَةٍ قَيِّمُ

وَيَبْغِي لأُمَّتِهِ خَيْرَ مَا

يَرُومُ الحَكِيمُ الَّذِي يَحْكُمُ

فَيَنْفَعُهَا رَأْيُهُ المُجْتَنَى

وَيَنْفَعُهَا غَرْسُهُ المُطْعِمُ

وَيَبْنِي الصُّرُوحَ لِعَليَائِهَا

بِنَاءً عَلَى الدَّهْرِ لا يَهْدَمُ

فَفِي كُلِّ مُنْتَجَعٍ لِلرُّق

يِّ لَهُ مَعْهَدٌ وَلَهُ مُعْلَمُ

تَكَادُ عَلَى مُتَوَالِي الفُصُو

لِ مِنَ العَامِ أَنْوَاؤُهُ تَثْجِمُ

لَوِ اسْتُنَّ فِي الجُودِ مَا سَنَّهُ

لَمَا كَانَ فِي بَلَدٍ مُعْدَمُ

عَوَارِفُ تَمْلأُ رَحْبَ الدِّيَا

رِ فَكَيْفَ يَعَدِّدُهَا المِرْقَمُ

يَتِيهُ البَيَانُ بِأَوْصَافِهَا

وَيُوشِكُ أَنْ يُفْصِحَ المُعْجِمُ

إِلَى خُطَطٍ فِي العُلَى لَمْ تَدَعْ

مَجَالاً يُلِمُّ بِهِ اللُّوَّمُ

وَمِنْ آيَةِ الفَضْلِ أَنَّ الأُولَى

أَبَوْهَا عَلَيْهِ بِهَا سَلَّمُوا

فَلَوْ قَدَرَ السَّلَفِ الأَمْجَدُو

نَ لَدَانَ لِمُحْدَثِهَا الأَقْدَمُ

أَمَوْلايَ هَذِي قَوَافٍ سَمَتْ

إِلَيْكَ وَلَمْ تُغْرِهَا الأَنْعُمُ

جَوَاهِرُ مِنْ مَنْجَمٍ فَاخِرٍ

تَأَتَّتْ وَأَنْتَ لَهَا المَنْجَمُ

فَمَا فِي القِلادَةِ غَيْرُ الفَرِي

دِ وَلا فِي الأَشِعَّةِ مَا يُتْهَمُ

وَمَا غي الهَدِيَّةِ عَارِيَّةٌ

بِهَا مَنْ يُقَدِّمُهَا يُوصَمُ

جَلا لَكَ شِعْرِي بِهَا صُورَةً

عَلَى الدَّهْرِ تَزْهُو وَلا تَهْرَمُ

وَمَا أَنَا مَنْ يَعْتَفِي مَانِحاً

وَبِي مِنْ غِنَى النَّفْسِ مَا يَعْصِمُ

عَلَى أَنَّهَا سَاعَةٌ لِلسُّرُو

رِ أُتِيحَتْ وَصَدْرِي بِهَا مُفْعَمُ

فَهَنَّأْتُ رَبَّ الحِمَى بِابْنِهِ

وَأَرْسَلْتَ فِكْرِي كَمَا يُلْهَمُ

وَأَنْطَقْتُ قَلْبِي بِمَا صَانَهُ

زَمَاناً فَلَمْ يَبْتَذِلهُ الفَمُ

وَلائِي وَلائِي فَأِنْ أَنْكَرَتْ

هُ أُنَاسٌ فَإِنِّي بِهِ أَعْلَمُ

وَأَدْنَى هُمُومِي أَخَّرُوا

مِنَ القَوْلِ فِيهِ وَمَا قَدَّمُوا

فَدُمْ لِلسَّمَاحَةِ يَا شَمْسَهَا

وَدُمْ لِلنَّدَى أَيُّهَا الخِضْرِمُ

وَعَاشَ ابْنُكَ المُفْتَدَى يَقْتَفِي

أَبَاهُ وَفِي ظِلِّهِ يَنْعَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة