الديوان » العصر العباسي » المتنبي » حتام نحن نساري النجم في الظلم

عدد الابيات : 39

طباعة

حَتّامَ نَحنُ نُساري النَجمَ في الظُلَمِ

وَما سُراهُ عَلى خُفٍّ وَلا قَدَمِ

وَلا يُحِسُّ بِأَجفانٍ يُحِسُّ بِها

فَقدَ الرُقادِ غَريبٌ باتَ لَم يَنَمِ

تُسَوِّدُ الشَمسُ مِنّا بيضَ أَوجُهِنا

وَلا تُسَوِّدُ بيضَ العُذرِ وَاللِمَمِ

وَكانَ حالُهُما في الحُكمِ واحِدَةً

لَوِ اِحتَكَمنا مِنَ الدُنيا إِلى حَكَمِ

وَنَترُكُ الماءَ لا يَنفَكُّ مِن سَفَرٍ

ما سارَ في الغَيمِ مِنهُ سارَ في الأَدَمِ

لا أُبغِضُ العيسَ لَكِنّي وَقَيتُ بِها

قَلبي مِنَ الحُزنِ أَو جِسمي مِنَ السَقَمِ

طَرَدتُ مِن مِصرَ أَيديها بِأَرجُلِها

حَتّى مَرَقنَ بِنا مِن جَوشَ وَالعَلَمِ

تَبري لَهُنَّ نَعامُ الدَوِّ مُسرَجَةً

تُعارِضُ الجُدُلَ المُرخاةَ بِاللُجُمِ

في غِلمَةٍ أَخطَروا أَرواحَهُم وَرَضوا

بِما لَقينَ رِضا الأَيسارِ بِالزَلَمِ

تَبدو لَنا كُلَّما أَلقَوا عَمائِمَهُم

عَمائِمٌ خُلِقَت سوداً بِلا لُثُمِ

بيضُ العَوارِضِ طَعّانونَ مَن لَحِقوا

مِنَ الفَوارِسِ شَلّالونَ لِلنَعَمِ

قَد بَلَّغوا بِقَناهُم فَوقَ طاقَتِهِ

وَلَيسَ يَبلُغُ ما فيهِم مِنَ الهِمَمِ

في الجاهِلِيَّةِ إِلّا أَنَّ أَنفُسَهُم

مِن طيبِهِنَّ بِهِ في الأَشهُرِ الحُرُمِ

ناشوا الرِماحَ وَكانَت غَيرَ ناطِقَةٍ

فَعَلَّموها صِياحَ الطَيرِ في البُهَمِ

تَخدي الرِكابُ بِنا بيضاً مَشافِرُها

خُضراً فَراسِنُها في الرُغلِ وَاليَنَمِ

مَكعومَةً بِسِياطِ القَومِ نَضرِبُها

عَن مَنبِتِ العُشبِ نَبغي مَنبِتَ الكَرَمِ

وَأَينَ مَنبِتُهُ مِن بَعدِ مَنبِتِهِ

أَبي شُجاعِ قَريعِ العُربِ وَالعَجَمِ

لا فاتِكٌ آخَرٌ في مِصرَ نَقصِدُهُ

وَلا لَهُ خَلَفٌ في الناسِ كُلِّهِمِ

مَن لا تُشابِهُهُ الأَحياءُ في شِيَمِ

أَمسى تُشابِهُهُ الأَمواتُ في الرِمَمِ

عَدِمتُهُ وَكَأَنّي سِرتُ أَطلُبُهُ

فَما تَزيدُنِيَ الدُنيا عَلى العَدَمِ

ما زِلتُ أُضحِكُ إِبلي كُلَّما نَظَرَت

إِلى مَنِ اِختَضَبَت أَخفافُها بِدَمِ

أُسيرُها بَينَ أَصنامٍ أُشاهِدُها

وَلا أُشاهِدُ فيها عِفَّةَ الصَنَمِ

حَتّى رَجَعتُ وَأَقلامي قَوائِلُ لي

المَجدُ لِلسَيفِ لَيسَ المَجدُ لِلقَلَمِ

اِكتُب بِنا أَبَداً بَعدَ الكِتابِ بِهِ

فَإِنَّما نَحنُ لِلأَسيافِ كَالخَدَمِ

أَسمَعتِني وَدَوائي ما أَشَرتِ بِهِ

فَإِن غَفِلتُ فَدائي قِلَّةُ الفَهَمِ

مَنِ اِقتَضى بِسِوى الهِندِيِّ حاجَتَهُ

أَجابَ كُلَّ سُؤالٍ عَن هَلٍ بِلَمِ

تَوَهَّمَ القَومُ أَنَّ العَجزَ قَرَّبَنا

وَفي التَقَرُّبِ ما يَدعو إِلى التِهَمِ

وَلَم تَزَل قِلَّةُ الإِنصافِ قاطِعَةً

بَينَ الرِجالِ وَلَو كانوا ذَوي رَحِمِ

فَلا زِيارَةَ إِلّا أَن تَزورَهُمُ

أَيدٍ نَشَأنَ مَعَ المَصقولَةِ الخُذُمِ

مِن كُلِّ قاضِيَّةٍ بِالمَوتِ شَفرَتُهُ

ما بَينَ مُنتَقَمٍ مِنهُ وَمُنتَقِمِ

صُنّا قَوائِمَها عَنهُم فَما وَقَعَت

مَواقِعَ اللُؤمِ في الأَيدي وَلا الكَزَمِ

هَوِّن عَلى بَصَرٍ ما شَقَّ مَنظَرُهُ

فَإِنَّما يَقَظاتُ العَينِ كَالحُلُمِ

وَلا تَشَكَّ إِلى خَلقٍ فَتُشمِتَهُ

شَكوى الجَريحِ إِلى الغِربانِ وَالرَخَمِ

وَكُن عَلى حَذَرٍ لِلناسِ تَستُرُهُ

وَلا يَغُرُّكَ مِنهُم ثَغرُ مُبتَسِمُ

غاضَ الوَفاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ

وَأَعوَزَ الصِدقُ في الإِخبارِ وَالقَسَمِ

سُبحانَ خالِقِ نَفسي كَيفَ لَذَّتُها

فيما النُفوسُ تَراهُ غايَةُ الأَلَمِ

الدَهرُ يَعجَبُ مِن حَملي نَوائِبَهُ

وَصَبرِ جِسمي عَلى أَحداثِهِ الحُطُمِ

وَقتٌ يَضيعُ وَعُمرٌ لَيتَ مُدَّتَهُ

في غَيرِ أُمَّتِهِ مِن سالِفِ الأُمَمِ

أَتى الزَمانَ بَنوهُ في شَبيبَتِهِ

فَسَرَّهُم وَأَتَيناهُ عَلى الهَرَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

7457

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة