الديوان » العصر العباسي » المتنبي » أفيقا خمار الهم نغصني الخمرا

عدد الابيات : 31

طباعة

أفيقا خُمارُ الهمِّ نغَّصَني الخَمرا

وسكري من الأيامِ جنّبني السُكرا

تَسُرُّ خليلَيَّ المدامَةُ والذي

بقَلبيَ يَأبى أن أُسَرَّ كَما سُرّا

لبستُ صروفَ الدهرَ أخشَنَ ملبَسٍ

فعَرَّقنَني ناباً ومزَّقنني ظُفرا

وفي كُلِّ لحظٍ لي ومَسمَعِ نغمَةٍ

يُلاحظُني شَزراً ويوسِعني هُجرا

سدِكتُ بصَرفِ الدهرِ طفلاً ويافِعاً

فأفنَيتُهُ عزماً ولم يُفنني صبرا

أريدُ من الأيام مالا يريدُهُ

سوايَ ولا يجري بخاطرهِ فكرا

وأسألُها ما أستحقُّ قضاءَهُ

وما أنا ممّن رام حاجَتَهُ قسرا

ولي كبدٌ من رأيِ همِّتِها النوى

فتُركِبُني من عزمِها المركبَ الوعرا

تروق بني الدنيا عجائبُها ولي

فُؤادٌ ببيضِ الهند لا بيضها مغرى

أخو همَمٍ رحّالَةٌ لا تزالُ بي

نَوىً تقطع البيداءَ أو أقطعَ العُمرا

ومَن كان عزمي بين جنَبيهِ حثَّهُ

وخيَّلَ طول الأرضِ في عينه شِبرا

صحِبتُ ملوكَ الأرضِ مغتبِطاً بهم

وفارقتُهم ملآنَ من شنفٍ صدرا

ولمّا رأيتُ العبدَ للحُرِّ مالِكاً

أبيتُ إباء الحُرِّ مسترزقاً حُرّا

ومصرُ لعمري أهل كلِّ عجيبَةٍ

ولا مثل ذا المخصِيِّ أعجوبَةً نُكرا

يُعَدُّ إذا عُدَّ العجائِبُ أوّلاً

كما يُبتدى في العدِّ بالأصبَعِ الصُغرى

فيا هِرمَلَ الدنيا ويا عبرَة الورى

ويا أيُّها المخصِيُّ مَن أُمُّكَ البظرا

نُوَيبيَّةٌ لم تدرِ أن بُنَيَّها الـ

نـُوَيبيَّ بعدَ اللَه يُعبَدُ في مِصرا

ويستَخدمُ البيضَ الكواعِبَ كالدُمى

ورومَ العِبِدَّى والغطارِفَة الغُرّا

قضاءٌ من اللَه العلِيِّ أرادَهُ

ألا رُبَّما كانت إرادتُهُ شَرّا

وللَه آياتٌ ولَيسَتَ كهَذهِ

أظُنُّكَ يا كافورُ آيتَهُ الكبرى

لعَمريَ ما دهرٌ بهِ أنت طيِّبٌ

أيَحسَبُني ذا الدهرُ أحسَبُهُ دَهرا

وأكفُرُ يا كافورُ حين تلوحُ لي

ففارَقتُ مُذ فارقتُكَ الشركَ والكُفرا

عثَرت بسَيري نحو مصرَ فلا لَعاً

بها ولَعاً بالسيرِ عنها ولا عَثرا

وفارَقتُ خيرَ الناس قاصِدَ شرِّهِم

وأكرَمَهُم طُرّاً لأنذلِهِم طُرّا

فعاقَبني المَخصِيُّ بالغَدرِ جازِياً

لأنَّ رحيلي كان عن حَلَبٍ غَدرا

وما كنتُ إلا فائِلَ الرأي لم أُعَنْ

بحزمٍ ولا استصحَبتُ في وجهتي حِجرا

وقد أُرِي الخنزيرُ أنّى مدَحتُهُ

ولو علِموا قد كانَ يُهجى بما يُطرا

جسَرتُ على دهياء مصرَ ففُتُّها

ولم يَكُنِ الدهياءَ إلا من استجرا

سأجلُبُها أشباهَ ما حمَلَتْهُ من

أسنَّتِها جرداً مُقَسطلَةً غُبْرا

وأُطلِعُ بيضاً كالشموسِ مُطِلَّةً

إذا طلعَت بيضاً وإن غرَبَت حُمرا

فإن بلَغَت نفسي المُنى فبِعَزمِها

وإلا فقد أبلَغتُ في حرصِها عُذرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

7457

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة